أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله بير - فتاة من طينة الذهب














المزيد.....

فتاة من طينة الذهب


عبدالله بير

الحوار المتمدن-العدد: 5815 - 2018 / 3 / 14 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


فتاة من طينة الذهب
- انت فراشتي .
كان والدها هكذا يداعبها عندما كانت صغيرة . هي اصغر افراد العائلة ، وكانت تحس دائماً بانها اسعد إنسانة على وجه الارض و اكثر الناس حظاً .
كان والدها حارسها الامين ، كان كالقلعة الحصينة لها فما أن تأوي الى حضنه حتى تشعر بالأمان و الطمأنينة .
لكن الامور لم تستمر بهذه الصورة حتى النهاية ، فجأة هب اعصار قوي ، كان بالقوة اللتي دمر بها قلعتها و هز اركان عشها الهادئ ، فككه وهشمه تهشيماً . اصبحت زهرة في مهب الريح العاصفة بلا سند . تحملها الرياح بعيداً . كانت مثل عصفور صغير تلعب به الريح و تقذفه هنا و هناك ، يرتطم بهذا الغصن او يسقط من هذا الجرف إلى الاعماق . تلاشت تلك السعادة التي تنير وجهها الطفولي البريء و اصبحت هباءً منثورا . اختفت الشمس خلف تلك الغيوم السوداء التي تنذر بالطامة و كل الموجودات أصبحت كالفراش المبثوث . استفاقت زهرة من احلامها الحزينة, لا تعرف لمن تشكو بثها ، فزعة ، مرتبكة ، تتمنى ان يعود بها الزمن إلى ايام الطفولة ، حين تلعب في حضن والدها ، ولكنها مجرد احلام لا اكثر . تسودّ الدنيا كلما سمعت اخوها من زوجة ابيها وهو يقول :
- ليس لدينا بنات تعملن مع الغرباء، عملك بيتك و رضا زوجك .
كانت زهرة زهرةً في ريعان شبابها و جمالها الثلاثيني ، بيضاء البشرة ، نضرة ، شفافة الروح ، طويلة و رشيقة القوام ، كل العيون تلاحقها ، لكن عينا العجوز الثري كانت اكثر العيون حظاً عند اخوة زهرة لانهما المال و الجاه .
- زهرة تزوجي عنتر ، كلنا نرتاح ، نحن نريد مصلحتك .
كانت هذه الكلمات مثل جرس المنبه ، يدق كل ساعة ، و تسمعها زهرة من كل من جلس معها او تكلم إليها ، وكأنها تلقينٌ لشخص أصم ، كلما فتحت الباب لاحد اخوتها عند زيارتهم لها او كلما كلمتها امها . كانت زهرة تطير كفراشة الى يدي والدها ، وتقول :
- ابي ، إنهم يريدون مني أن اتزوج عنتر ، فماذا تقول انت .
تنزل دمعة صافية من مقلة الوالد وهو يبتسم و زهرة متعلقة باصبعه الوسطى ، تردد زهرة كلامها :
- ابي ، ابي ، هل تقبل ان اتزوج عنتر ، الم يكن صديق طفولتك ، ابعده عني ، ارجوك ابعده .
ترفع راسها و تحمرّ عيناها من البكاء و الحزن، حين تقول لها امها :
- يا بنيتي ، اسمعي كلام اخوتك ، لقد بلغت من العمر عتيا ، شمسي تؤول الى الغروب, و لا طاقة لي بإخوتك ، اسمعي كلامهم و تزوجي عنتر .
ثم اضافت :
- غداً ، سياتي أخوك و معه عنتر و الشيخ لعقد القِران و ستنتهي المسالة و تذهبين لحال سبيلك، وانا, ربما التحق بابيك بعد فترة قد لا تطول.
ما أن سمعت زهرة هذه الكلمات، حتى ازدادت القتامة في عينيها ، لم تكن تتصور كيف ستكون حياتها مع ذلك الشيء الذي اسمه عنتر ، أما كان في مقدور الله ان يرسل إليها شاباً بعمرها . في الصباح جاءت و قبلت وجنتا والدتها و قالت :
- امي ، سأذهب إلى الحديقة لأتمشى قليلا ، اتنفس بعض الهواء ، وإن جاء اخي اخبريه بانني هناك .
وصل اخوها ومعه عنتر و الشيخ و عدد من وجهاء الحي ، فقالت امها و نيران الحزن تأكل من جسدها :
- زهرة في الحديقة تتمشى ، سأذهب واناديها .
تأخرت الام كثيراً ثم نادت ابنها من وراء الباب و اخبرته بانها لم تجد البنت ، فخرج الاخ غاضباً يتطاير من عينيه الشرر ليتأكد من الخبر و يقول في نفسه :
- اليوم سأرتكب جريمة لا محالة .
ثم التف إلى الام وقال :
- اين كانت .
اشارت الام إلى الحديقة ، فاسرع اخوها إلى الحديقة و بدا يبحث تحت العرائش و الاشجار المزروعة في حافتها ثم نادى و ظل ينادي :
- زهرة ، زهرة ، يا بنت اللعينة ، زهرة اين انت ؟
في اقصى زاوية من الحديقة ، في المكان الذي كانت فيه زهرة تلعب عندما كانت صغيرة ، وجد شيئاً اشبه ببيضة كبيرة، ذو ملمس ناعم ، شفاف نوعاً ما ، وفي داخلها شيء يتحرك ببطيء ، فاحس بشيء من الفزع و صرخ صرخة قوية، فهرول عنتر يتبعه الشيخ، دُهشوا من ذلك الشيء ولم يعرفوا ما هو . اهتز و ارتجف هذا الشيء الغريب و بعد ثواني انفلق ، فخرجت منه فراشة كبيرة ذات الوان جميلة و زاهية ، نظرت اليهم برهة ثم طارت بعيدة نحو السماء ، فقال الشيخ وهو يتمتم :
- سبحان الله ، الم تكن هذه زهرة ؟



#عبدالله_بير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندم اللقاء
- قد لا يأتي الأمل أبداً
- الذي لي ليس لي دائماً
- الخير يأتي اولاَ
- العباءة
- افتح قلبك لتسمع روحك
- الظل
- لا تدع الديدان تقترب
- قراءة في رواية - الخيميائي - لباولو كويلو Paulo Coelho -.
- قراءة في قصيدة (كلما أنَّ الجسدُ من أسره رَفرَفت الروح) للشا ...
- ملائكة في طريق الجحيم
- ميادة
- قراءة في رواية - الجريمة والعقاب - لفيودور دوستويفسكي - .
- الهرمنيوطيقا (فلسفة التأويل).
- قراءة لديوان (نارنج) للشاعرة نارين ديركي
- ماركس وفوكو والصراع أو الحرب
- اليمن و تجسيد أزمة الإسلام


المزيد.....




- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله بير - فتاة من طينة الذهب