أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة














المزيد.....

ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5812 - 2018 / 3 / 11 - 22:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أود في هذه المقالة أن أستكمل ما كنت قد بدأته في مقالتين سابقتين (هذه الأنظمة من هذه الشعوب) (ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي) ، حيث تحدثت فيهما عن الموضوع نفسه ، و الذي أقصد به ، العلاقة ما بين التدين و عادات المجتمع و الخضوع السياسي ...

تساءلت في المقالات السابقة عن أسباب تأييد قسم كبير من هذه الشعوب المقهورة ، للحاكم الظالم الذي يقهرها ... و حاولت أن أربط بين بعض تعاليم الدين التي تدعوا إلى الخنوع (على مبدأ أعط مال قيصر لقيصر) و بين بعض العادات أو الايديولوجيات الاجتماعية المستمدة أحياناً منه (أقصد الدين) و بين القبول و الاقتناع بواقع سياسي سيء ، لا حريات تحترم فيه و لا حقوق ، و كأنه قضاء الله و قدره ...

اليوم سأتكلم عن فكرة هامة أيضاً ، تدعم هذه النظرية من وجه نظري ... ألا و هي فكرة الفضيحة ...

حيث قد يبدو الظلم و القمع واضحاً لكثير من المثقفين و الأدباء و ذوي المكانة الاجتماعية المرموقة و المؤثرة في المجتمع ، لكنهم لا يبدون أي ردة فعل معينة ، حتى يتخلصوا من أي التزام و صلة لهم ببلدهم الأصلي ، حيث ينفجرون من الخارج نقداً و تحليلاً و محاكمة لتلك الأنظمة الغاشمة التي سكتوا عنها و عن ظلمها لفترة طويلة ...
و قد يكون السبب في كل ذلك ، هي فكرة الفضيحة التي تعززت في نفوس جميع أفراد المجتمع منذ الصغر ، كما فكرة العيب التي تحدثت عنها في المقالة السابقة ...

فالمجتمعات المتخلفة و غالباً المتدينة بشدة ، تحاكم نفسها بنفسها ، و لم تعد تحتاج لديكتاتور أو شرطة فكرية تحاسبها ، فهي أصبحت تبني حدودها و سجونها بنفسها ، و تعتمد لذلك بعض الأساليب التي ترسخت كثقافة اجتماعية يحترمها الجميع ، و الخروج عنها ، يعتبر خروجاً عن العرف و العادة ، و بالتالي شذوذاً يستحق الحساب ...

و هنا لابد من إيضاح العلاقة بين القمع السياسي و تلك الأعراف الاجتماعية ... فالأنظمة العربية أصبحت تستغل هذه الأفكار و تستعملها في قمع أي محاولة (فكرية أو عملية) للنيل من سيادتها ، و ذلك بتدمير حياة الخصم الاجتماعية تماماً ، طبعاً إذا خرج سالماً من معتقلاتها المتعددة ... فالذي لا يموت تحت التعذيب ، يموت قهراً في مجتمع لا يحترم الشجاعة بقدر ما يعيبها و يحتقرها و يعتبرها فيروساً دخيلاً على حياتهم البائسة الهادئة و الساكنة ...

هذه الأنظمة تروّج لطرق تعذيبها ، و لا تخاف من فضحها بأساليب غير مباشرة ... فذلك الأمر يعود عليها بفائدتين : الأولى : إرهاب الآخرين بالألم الجسدي ، كي لا يفكروا بالثورة عليها ... و الثانية : تخويفهم من فضيحة التعرض لأساليب التعذيب المهينة تلك ، و التي قد تتضمن الاغتصاب الجسدي فعلياً ، أو التعرض لشرف العائلة كاملة بسبب أحد أفرادها ...

إذا مبدأ الفضيحة الذي تعمق في ثقافة هذه الشعوب و ايديولوجياتها ، أصبح من أهم الأسلحة التي تستخدم بأسلوب أو بآخر ، سياسياً ، لتحقيق القمع المستمر و ترسيخ مبادئ الديكتاتورية في مجتمعات تدافع عن تخلفها و قمعها ، كما و تحاسب أفرادها إن فكروا بالثورة قبل تلك الأنظمة أنفسها ... و كثيراً ما سمعت هذه الجملة من كثير من المثقفين : (بدك يتهموني بالشذوذ أو اللواط بآخر هالعمر ، بعد الكبرة جبة حمرا)
وهكذا بتلفيق التهم الجنسية و الأخلاقية ، تستطيع هذه الأنظمة أن تنهي الخصم تماماً (سياسياً ، و اجتماعياً و دينياً و نفسياً) مستغلةً ، كما ذكرنا ، تخلف هذه المجتمعات و هشاشتها أمام أفكار بالية و عادات متأصلة في عمق الشخصية العربية يصعب مواجهتها بسهولة ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة : الظهور الأخير
- تساؤلات ضرورية (3)
- ثقافة العيب و علاقتها بالخضوع السياسي
- هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - ثقافة الفضيحة وهشاشة المجتمعات المتخلفة