أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - بهجت عباس - من الماضي البعيد














المزيد.....

من الماضي البعيد


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 17:33
المحور: سيرة ذاتية
    


(ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ)
-المتنبٌي-
بعد انتهاء الزمالة الألمانية بانتهاء دورة البكتريولوجي في جامعة برلين الحرّة (برلين الغربية حينذاك) في نيسان عام 1964. رغبتُ في البقاء في برلين ذاتها ولكنّ هذا لنْ يتمّ إلّا بالحصول على تمديد الزمالة التي لم تُمدّدْ أو العمل. ولكنْ كيف أعمل وليس لديّ موافقة بالعمل. بقيت حائراً. وكنتُ أجلس أحياناً في مقهى كرانْـتْـسْلَـر Kranzler الواقعة على الشارع الرئيس في المدينة المسمّى كُرفُـورْسْـتِـنْدام Kurfürstendamm . وفي أحد الأيام دخلتها وأخذتُ أبحث عن مقعد فقد كانتْ مكتظّة فوجدت سيدة عجوزاً جالسة عند طاولة وحولها مقاعد ثلاثة خالية. سألتها إنْ كانت تلك المقاعد شاغرة فأجابت: واحد فقط محجوز. فجلستُ على أحد المقعدين الآخريْن وطلبتُ كوباً من القهوة وأخذتُ أفكّر. لاحظتُ أنّ السيّدة كانتْ تنظر إلى الخارج وإلى ساعتها ففهمتُ أنّها تنتظر أحداً أبطأ في الميعاد. أردت ملاطفتها والحديث معها لقضاء الوقت والتسلية فقلتُ لها : سوف لن يأتي Er wird nicht kommen فانتفضت وأجابت بسرعة: هي، وليس هو، ستأتي حتماً! إنّها صديقتي! اعتذرتُ وقلتُ لها إنني أمزح. فسألتني قائلة: يظهر أنّك شاطر، فماذا تعمل هنا؟ إنني صيدليّ عاطل! هكذا كان جوابي. فقهقهتْ وقالت إنّها صيدلانية أيضاً ولها صيدلية في هذا الشارع، فلمَ لا تعملُ عندي؟ إنني أحتاج إلى مساعد. فوجئتُ بقولها وسُررتُ وقلتُ لها إنّ شهادتي العراقية ليس مُعترفاً بها في ألمانيا، فقالت لا بأس ستعمل مساعداً لي ولكن يجب أن أختبر معلوماتك أوّلاً، فلِمَ لا تأتي غداً إلى صيدليتي المسمّاة Apotheke am Damm وسأرى. ذهبت إليها طبعاً فاستقبلتني ببشاشة وأعطتني وصفتين طبّيتين لأقرأهما ففعلتُ . وجدتْـني أستطيع عمل الحبوب والفتائل وغيرها، فسألتني عن مقدار المبلغ الذي كنتُ أقبضه من لجنة الزمالات، فقلتُ لها: إنّه 500 مارك ألماني شهرياً، فقالت إنّها ستُعطيني مبلغ 700 مارك ألماني شهريّاً. سررت ووافقتُ فوراً ، وكيف لا؟ وأنا التائه في هذه المهامه! ولكنْ ماذا عن الموافقة بالعمل؟ سأذهب إلى وزارة الصحّة وسأقدم طلباً للموافقة وسأخبرك غداً، هكذا قالت. ولكنّها لمْ تأتِ بما يسرّ، فوزارة الصحة في إقليم برلين الغربية رفضت الطلب، والسبب أنّ للعراق تمثيلاً دبلوماسيّاً مع ألمانيا الشرقية وهذا ضدّ مبادئ ألمانيا الغربية. اعتذرتْ عن عدم قبولي ورجتْ لي حظّاً سعيداً، ولكن من أين يأتيني الحظّ كما أتى (طارق) زميلي في الدراسة الثانويّة الذي لم يحصل في امتحان البكالوريا على درجة جيدة تؤهّله للقبول في كلية الطب في بغداد فأرسله أهله إلى تركيا ليتخرّج طبيباً فيأتي إلى برلين ويُستقبَـلَ بالتَّـرحاب ويحصل على إقامة ووظيفة ودراسة مجّانية للغة الألمانية ويُعتَرف بشهادته في الطبّ، لأنه حصل عليها من تركيا التي لها اتفاق ثقافيّ مع ألمانيا الغربيّة. و أبي الذي تقاعد عن عمر 49 سنة يكتب ويطلب من أخواتي أن يكتبن لي للعودة إلى بغداد للمساهمة في تدبيرمعيشتهم، فراتبه التقاعدي البالغ 30 ديناراً لا يكفي وبعضهنَّ على أهبة الدخول إلى الجامعات، فأخذت الأغنية الألمانية التي اشتهرتْ في عام 1963 ترنّ في أذنيَّ:
Junge, Komm bald wieder, bald wieder nach Haus!
يا فتى، عدْ فوراً، عد فوراً إلى البيت! والحقيقة إننّي لمْ أكنْ جادّاً في البقاء لهذا السبب، ولكوني، من ناحية أخرى، مرتبطاً بكفالة قدرها ألف (1000) دينار مع الحكومة العراقيّة أدفعها إن لم أعدْ بعد انتهاء الزمالة أو أو أفشل في الدراسة. وهكذا عدتُ في اليوم الأول من تمّوز من ذلك العام إلى بغداد وفي يدي راديو تراتسيستر صغير وفي جيبي عشرون ماركاً ألمانيّاً وقلتُ في نفسي: سأعود إلى برلين فوراً ولكنْ مع مال ولنْ أحتاج إلى مساعدة أحد. وبعد مرور سبعة عشر شهراً قضيتها في بغداد بين بطَالة وعمل في صيدلية أهليّة وموظف (كيميائي) في وزارة الصّناعة وصيدلي في المؤسسة العامة للأدوية، أصبحتُ مدير المكتب العلمي في بغداد لشركة إي ميرك الألمانية للأدوية في شباط 1966، فكان التحوّل الذي شدّد عليه الشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه في سونيتاته إلى أورفيوس. ولكنْ كيف كان؟ وماذا حدث؟ وهلْ خلت تلك الفترةُ الزمنيّة من تعبٍ ومشاكلَ وهمومٍ؟

أعلّلُ النفسَ بالآمالِ أرقبُها... ما أضْيَقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأملِ
(الطغرائي -لاميّة العجم)



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادّتان كيميائيّتان تتحكّمان في حياة الإنسان
- پروستات Prostate - قصّة علميّة ولا خيالَ
- مرض السكّر - غذاء أم دواء؟
- ترجمتان، إنگليزية وألمانية، لقصيدة (المجنون) للشاعر العراقي ...
- الحظُّ والإنسان
- الغلوّ والنرجسيّة والمحاباة في عصر الإنترنت
- ورودُ بيضاء من أثينا
- أغنية - للشاعر الألماني هاينريش هاينه
- ترجمتان: ألمانية وإنگليزية لقصيدة الشاعر يحيى السّماوي
- لون الظلمة - نصّ بثلاث لغات
- رباعيتان
- رباعيّات
- الشمسُ تغربُ - ترجمة شعرية لقصيدة فريدريش نيتشه
- ماذا في مرض السكّر من جديد؟
- الحرامي المعمّم - خماسيّة بثلاث لغات
- استراحة شِعريّة - للشاعر الألماني هاينريش هاينه (1797-1856)
- لو كانت أسماك القَرَش بشراً - بَرتُولْتْ بْرَيشْتْ
- أغنية أيّار - للشاعر الألماني الكبير يوهان فولفغانغ غوته (17 ...
- من حكايات الأساطير القديمة – للشاعر الألماني هاينريش هاينه ( ...
- ثلاث قصائد - راينر ماريا ريلكه –


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - بهجت عباس - من الماضي البعيد