أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا لاغة - المشهد الأول - رواية ريح من داعش-















المزيد.....


المشهد الأول - رواية ريح من داعش-


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 5762 - 2018 / 1 / 19 - 14:39
المحور: الادب والفن
    


هناك على ضفاف البحر يسير وحيدا ، تراه قبل قدومه ذليلا مكسور الخاطر تكسوه غيمة من الفشل و الإحباط و الحقد.يكاد رأسه يغالبه فيدفعه إلى السقوط. و حين تلفح وجهه نسائم البحر اللعوب ، يستيقظ نقيا من رماده و يخرج من جلده فيتوثّب انفعالا هستيريا و يهجم مسارعا في خطاه مخلّفا وراءه قهقهة مقززة تفوح مكرا و عنادا. و ما أن تطأ قدماه أرض البحر الرخوة الباردة حتى يبرحه جنونه و خبثه فتأخذه سكينة تزيد عن أهل العرفان، فتحسبه بطلا صوفيا منتشيا في وجده و استغراقه كشفا و استبصارا ببواطن الأحكام وهو ينطق و لا ينطق.
كان مفتونا بمراقبة جيوش الأمواج المتلاطمة وهي تتقاتل فيستمع إلى بكاء البحر و ولولة الريح و حفيف المياه المنسابة من بين شقوق الأحجار المتراصّة في سلسلة عجيبة و كأنها جعلت حاجزا عازلا يحرم البحر شهوة ابتلاع اليابسة، جرحه المقيت الذي شاء القدر أن يكون قبالته .
كان يعشق المكوث فوق الصخور البحرية ليتأمل غروب الشمس و انبجاس الشفق الأحمر المتساقط منها على الأشياء انعكاسا شفافا كأنه نار أو ثلج...
كان يروق له أن يستمتع باستنشاق رائحة الملح العالقة بالأعشاب المتناثرة على حافة البحر و أوديته و رؤية الضباب الذي يوشّح الفضاء و خرافات جدته تملأ رأسه فيستحضر كابوس الدم الذي عتّق الأرض العطشى و بقايا المنازل المقصوفة التي تنغّص عليه خلوته فتخترق كيانه المشطور مأساة متجدّدة .
كان المشهد احتفاليا و حطام البيوت المهجورة تصلّي على أرواح الأبرياء. كانت له أذن مدهشة، جنّ الليل، أغمضت كل العيون و شكوكه المضنية تلهمه شهوة الجلوس على ساحل البحر لساعات طوال ؛ كمن يريد التعرّف على نبض الحياة في القرية قبل القصف.
غمس يديه في الماء بعصبية و نثره إلى فوق ، تساقطت على وجهه قطرات تدحرجت نافذة إلى بطنه فسرت في جسده قشعريرة حلوة لذيذة حفّزته على أن يتمادى في لعبه فتوثّب و أخذ يرقص رقصة أجداده المفضلة مقلّدا ذاك الأسد؛ فبدأ يدور حول نفسه على الساق اليمنى ثم يثنيها فيلامس براحتيه رمال البحر الرّطبة لتعود بعدها للاستواء . بدا في رقصته كمن مسّه ضرب من الهوس فأصبحت حركته مبهمة و مشوّشة فأتى على قميصه تمزيقا ثم رمى بحذائه و استدار إلى البحر وصاح بأعلى صوت: أمامك أيها البحر حيث لا تهرب اللحظات رأيت المشهد نقيّا تماما كالشمس التي تلتمع على صفحتك . رأيت أجنحة الموت زاحفة و الكل نيام عداك أنت تثور و تهتزّ و أمواجك تصدم الصخور الصّلدة علّها توقظ النّيام فتمنع الكارثة . و لكنك استسلمت فجثم الموت على الحياة و خطف رحيقها و نبضها ، خنق دفقها . كنت تستمع لأنفاسها الساخنة وهي تغادر . بكيت لأجلها و ها أنت ذا ما زلت كما كنت تبكي و تبكي. يحيّرني بكاؤك الطفولي و أنت تغوص تحت الأمواج الناتئة من ضلوعك.
استفحل هياجه و مياجه فأخذ يعدو كالريح ، ارتطمت قدمه بحجر لعين أفقده توازنه فتهاوى على بطنه مغشيّا عليه. لبث دون حراك كمن زهقت روحه. أعجبه انبطاحه ، غير أنه لم يلبث أن تضايق فانقلب على جهته اليمنى متمددا على ظهره ، ثم مرّر يده اليسرى على وجهه يتحسّس أنفه الذي ينزف دما. نفض عنه التراب ، تذكّر صور الماضي و غرق جدّه في البحر و عفريت النار الذي شبّ في القرية . انسكبت دمعة ساخنة امتزجت بالدم الذي كسا وجهه. ألقى نظرة مستحيلة كمن أدرك سرّ الوجود . استيقظ فيه إنسان جديد ، فرك عينيه محدّقا ، لم ير شيئا فالظلام كثيف و الدم يحاصره . خيّل إليه و الوحشة تملأ المكان أن كل شيء يصرخ ، ابتسم كآبة و قال: ترى من أين يجلب الوجود كل هذا الضجيج ، كل هذا الصمت؟
سمع وهو في بحر خواطره أصوات سماوية لعلها الملائكة تصلّي على أرواح الأموات. تذكّر الكنيسة المهدّمة التي يفصله عنها بضع أمتار ، اتّكأ على منكبيه محدّقا ، لم ير سوى ظلّها الباهت و قد سيّجته بعض الأشجار، تذكّر من جديد خرافات جدته عن الغول و الأشباح و العفاريت . تملّكه خوف شنيع .أراد النهوض استعدادا للعدو . تسمّر في مكانه و بدت قدماه ثقيلتان . استفحل خوفه فاستدار إلى البحر مستغيثا . التقطت أذنه أصوات آتية من جوفه تكاد تكون لهاثا. اعتقد أن أحدا يستغيث. زعق دون أن يغادر: من يناديني ؟ هيا أجبني ... تفاقم جزعه فارتمى في الماء وهو يضرب بيديه بحثا عن جسده المنفي و الغريب و المبعد ... ظنّ أن الأمواج جلبته. تساءل : كيف يعقل أن يأكل البحر ربّان السفينة و يلقي به إلى العدم ، إلى الضياع حيث التشريد و الفناء؟
كان يحبّ البحر، محتجز الأجساد . ضحك دخانا و قال: الجسد خرقة ، الجسد قبر ، الجسد حيك من نسيج الفناء . انعكش لسانه و احتبس الصوت بداخله فازداد انفعاله و عصبيّته ، فتبعثر وجهه و تقوّست أصابعه فبرزت أظافره المهملة . قبض على الماء ، يهرب منه ، يضغط بعنف ساحر على اللاشيء فينزف دما شحيحا، فيستسلم للماء ، للحياة فيموت ساعة أو دهرا. ينهض ممسكا جسده ، يسقط فينهض تكبّرا مخاطبا البحر: تريدني و أنا لا أريد. يخرج إلى اليابسة ، يهمّ بالجلوس ، يتذكّر الأصوات التي ازدادت وضوحا ، يتلفت يمنة و يسرة مبحلقا ، يكافح الظلام فتفيض هواجسه السحرية فيمتلئ شقاء. ارتسمت على شفتيه الغليظتين ابتسامة عريضة ، دنا من نفسه بجسده حتى إذا قرب المسير لاحت ظلال مركبة قادمة. حاول أن يتعرّف على ربّانها و لما استحال ، اعتنق عواطفه المتخيلة فنام خارج الوجود.
كان القمر قد نشر ضيائه لمّا أفاق و عاد إلى عالمه المتحجّر و المتشيّء . مشى قليلا إلى أن بلغ سلسلة الصخور الواقعة على الضفة الأخرى. انتبه إلى المركبة التي باتت على مشارفه. وقع بصره على اثنين من البحارة منهمكين بحل عقد الحبال و ثالث يهم بالخروج من غرفة القيادة بعد أن أوقف أزيز المحرّك فعلت سحابة من النبيذ الأسود ، و رابع يستعدّ لقذف المرساة. أغواه المشهد و سحرته حمرة الأجساد وهي تتصبّب عرقا، فعاودته الحمّى الجامحة لاحتضان البحر فدفن رأسه بين ذراعيه و أدغال الرغبة تناطحه هياما. وجم برهة لتغمره نوبة بكاء حادة تلاها صرع يهز الجبال فأرداه قتيلا وهو حي.
تابع البحارة ما يحدث باندهاش ، أيقنوا أنه هالك لا محالة . اندفعوا و خطاهم يتلاعب بها مياه البحر الفاجر ،عمقا . دندنت حركة سكرانة حذو أحد الصيادين فاستولى عليه سكون مميت تفتّقت معه موهبة الصيد الفطرية ، انكمش إصغاء وهتف انتصارا: أدركوني ، الرحل يرتجف بقوة و يهذي غموضا. تفاقم هذيانه و شهيقه و زفيره و لهاث البحارة الذين تحزّموا حوله إسعافا. قال أحدهم: هل سرقت منه شهيّة الوجود؟ قال الثاني: أذئبويّ هذا الرجل؟ قال الثالث: أخال أن الحب قد بطش به و زلزله و أفناه و ذاته تتقيّأ سمّا و شوقا إلى الأبد. اهتز جسده المنكوب فانحدفت من بركانه كلمات بذيئة تسبّح اعترافا بالقاتل . كان جازما في سبابه وحقده. حملوه نعشا باتجاه الوادي ، منشار البحر فحجبتهم ساديّة الليل العاشق.
انبجس القمر و انهمر رذاذ حلو ، فساد ليل خمري . كان ينصت إلى زخّات المطر التي تلكم الأرض لكما خفيفا. أحسّ بأوجاع ففتح عينيه كسلا و غباء. أخذ يقلّب المكان ببصره. كان قبالته مصباح عجوز يصدر ضوءا شاحبا و كومة من الحبال ركنت في الزاوية . حرّك شفتيه فأحس بلسانه قاحلا. نقل يده بيده فسرى في كتفه ألم يشبه وخز الإبر. همّ بالنهوض فلم تقوى عظامه على حمله. انتبه إلى أن المكان غريب ، رائحته غريبة فالتهمته نوازع مرعبة فانتفخ حيرة و قال: من أنا؟
لم يعد يذكر شيئا عن إغمائه و عوائه و خراب روحه. ساوره قلق فاغتاظ رحمة و قال محدّثا ذاته: كوني كما أشتهي أو موتي. تعاظم حزنه فلوّح بيديه عاليا و كأنه يناشد القدر . كان يروق له أن يقيم في الوجود و يغرس أشجار السنديان الشاهقة. دقق النظر في الضباب فنزل عليه وحي كاذب. قال علي أن أوجد. صرخ : هناك سأكون أجمع نفسي بنفسي . نهض ، بدا هادئا في ثورته. ترنّحت خواطره . قال: أنا مصاب بداء الجنون أم بداء العقل؟ جلس فغاص تحت جسمه . قال انتشاء : ما هذا النداء؟ أنفسي تناديني ؟ لبيك يا نفسي . يركض إليها وهو في جلسته يستقدمها. سألها: ما به جسدي؟ قال مستدركا: لا بدّ أن أتدبّر حالي. عجبا، ما هذا النداء؟ من المنادي؟ ينزاح نثار صوت يتنابذ مع جرأته فيجعله محاصرا: >.
قال :>.
ـــ صاحب الصوت:> .
ـــ قال ساخطا: << كفى ، أنا من سيطهرهم من هزالهم و يخلصهم من تأرجحهم بين عالمين ، بين جوهرين: روح تطلب الخلاص و جسد ينكر خلاصها ، جسد يريد أن يطلق عنانه و روح تأبى سوى أن يسجن في بوتقتها لتنعم بحرية تنفتح على اللاتحدد و تلتحم بالأزل >>.
بقي مشدوها و صدى عبارة ساحرة تشغل خاطره رغم انزياح محدثه الذي استحال إلى سراب: << كن ذاتك و لا تمقت الآخر، فهو ظلك و المرآة التي ترصدك من كل الزوايا ، تنسج حركتك ، وعيك المجنون الذي ينبذ فكرة العدم، جوهر الوجود ، فكرة الأفكار>>.
انتصب واقفا و أيقن أنه ما خاطب سوى نفسه التي ضمّها الحلم لكي ترقد في سلام. ارتدّ على نفسه بالنقد و ضرب في فكره دون وجهة، عثر فانطبق معها حتى بلغ نهايته فتحرر من أوهامه فرمى بذاته من تحت إلى فوق براحة تشبه الغفلة ، فاندحر ضجيج كان يغازله و ينكّل به.
وضع وحشته التي اخترقته على وتد كان مغروسا في الأرض، فظهرت عورته. قال:<< أمجّد جسدي أم نفسي؟ >> .ضحك خلسة فلم يقو ، فأنشد طفولة فنشأ فيه مواطنا عالميا فسرت في نوايا نفسه ضروب من النخوة ، فانساق إلى الشمول إثباتا لتوحّده. نهشه الملل فتطاول على ذاته ركلا متعجرفا فرأى في ضوئه جام غضبه. تذوقه فاستغرب مرارته . كان يعرف أنه ولد قاسيا على ذاته فقد باغتها بوعي مستحيل حطّم جوعه للحياة فكانت حكمته السفر و رفض الاحتباس داخل نفس تباشر حضورها بمعزل عن حظوة الجسد.
سار أشلاء في حضن الكون ، وهو يتأمّل قبّة السماء المرصّعة بالنجوم، فنطق بحروف ميّتة ، فأشرق وجهه بالحق . هرع متفجّعا من طائلة التحلّل و الانقراض فجلب مستطاع جسده إلى أن شرب الأرض مضاجعة و هشّم آلة الحرب فيها.
اعتقد أنه مدين لحكمته، فتطهّر من تفرّده فتوغل فيه تبدّل روحي تولّد عنه ضمير حيّ فسرى فيه ارتياح عابر. قال بنشوة الأطفال و عرقه المتقيّح يقدح كيانه المؤذي : << هناك وصية ما>>. كان يتكلّم بعقيدة الخلاص . سمع صوتا يشبه قعقعة السلاح؛ تجمّد مطاردة و ويلا و غدا جاهزا لأن يستغيث أو يحارب. ضجّ بصره فتقهقرت رعدته و ذبح خرافته السوداء مسترجعا كفاءة الوجود . تباعد هولا وهو يلتمس الأصوات الصادرة منه. قال : << السقطة مفجعة و عدم الاشتراك في الهجوم مذلة>>. طرد تقززه فتفرقعت شخصيته غليانا . صادفه وهو يخطو انزعاج امتنع معه حدوث المفاجأة . أحسّ باقتراب الكارثة. قال:<< ينبغي أن أهاجر و أؤخّر نهايتي>> . تفجّر بربرية فارتطم كالصخرة تهشيما فثرثر الباب سقوطا. سالت جراحه كالماء ، غزته حبة رمل فتخبّط ضحكا . تحرّك بحذق و القعقعة في رأسه تنضح إلحادا و قذارة . تزوّد استهزاءا بقوّته و قال: << أنا من سينتقم>>. بكى و صلّى حبّا و نقمة فتلبّست الحياة صنما على وجهه. كبرت إنسانيته المنحورة فقال: << بدايتي الإنسان و نهايتي الإنسان و شفير الموت يحشدني لتنفيذ الوصيّة>>. لم تعد التوتّرات فيه تعبّر عن نفسها تمزيقا و عداوة ، فنما في وعيه واجب أثّر في سلوكه تسوية و صلاحا. نثر نقمة من باطنه و رفع رأسه تعذيبا و قال:<< غنمت من شجرة المعرفة مذاقا أخاله مشنقة>>. هاله فتور عداوته فقلّ رضاه فوهب وعيه طيشا و شغفا مردّدا : <<ما أسخفه>>. صمت وانتدب نفسه لترتيل غفران التوبة فذاب حرية في وطن بلا أرض بلا بشر. قال قبل أن يخوض مصيره :<< أمر لا يصدّق ، الجوع فيّ غنيمة>>. سدّد نظرته سهما فرأى الطريق أمامه ينغلق و هذا الباب الضيّق يستهويه. فتنته شهوة المنازلة فتبرّع بصموده . نهض شاهرا سعادته بمظهره العابس ، أرشد قدمه مباركا فاعتصر قلبه عصيانا. قال :<< أتخذلني؟ >>
انساق فظاعة و مواجهة نافخا قوّته اقتحاما فظهر عجزه عن المنازلة . طقطق أسنانه و خاطب نفسه قائلا: <<عليّ أن أظفر بمذاق>>. جال بنظره تلصّصا حول رقبته فتوقّع تفاحة تحت بصره تلقي بنفسها إليه. تراقص لهفة حتّى أوغل في توحّشه فجرّ عظامه تمنّيا حتّى طعنها ألما. اتّصل بينابيع كينونته فكدّس استطاعته و سار مصادفة . تلمّسها فاينعت رغبته لولا أن تحصّن بزهده و تصوّفه فحضنها داخله.
يلتقي وجهه بوجهها فيعانقها عناقا مأساويا فتنفجر منه حياة رهيبة ؛ جحظت عيناه و انهال على جسده تجريحا بأظافره. يسيل دمه من جديد فيلعقه ساخنا و يصيح: <<أكان قران أمّتي قران أفول و انطمار؟ هل أصبت بداء الحسد ؟ بلى ها هي ذا نفسي تطالبني أن أنزع قطعة من ثوب الحاسد.>>
بكى تعبّدا و تزكية و اغتسل غفرانا و تحدّث بعقيدة أهل المصاب بالغمّ. ناله انفعال شديد خلخل ثورته فاستشهد يومه و اختلى بأنسه. اهتزّ غرابة وهو يعزق الأرض في ليله.قال:<< أسمع نواحا يقطر حزنا مرتدّا إلى القرية من الجبل الذي تقع فوق سفوحه>>.
تخيّل الأمر كما لو كان موكبا جنائزيّا تقوده الملائكة إعلانا عن انطفاء الكون . غمرته هواجس متضاربة ، فالرائحة يعرفها و البداية تشبه النهاية : صفّارات إنذار و انفجارت مروّعة ، بكاء متقطّع ، زغاريد و طلقات مدافع ، نباح و صهيل و مواء...
نهض عزما قويّا محتضنا الظلمة و أحلام الغرور تتخطى خياله ليبصر أمر نفسه . خرج يرتعد من ضعف قذف في عمقه . صمم أن يخلق في دعوته مرتبة أسمى لولا أنه آوى في كهف جسده. و في غفلة من عظمته أحس بدونيّته فسال عرقه محتدما . توهّج ضيقا و استخفافا بمرضه فانقدحت نفسه صحة و اعتدالا فقتل غيابه مستردّا عافيته . توقع نزاعا و ضحيّة. قال: << أمر يسير أن أكشف مواطن العدو>>. أوشك أن ينشد حماسا وطنيا متباهيا بجسارته. قال: << سأخوض صراعا مريرا حتى الموت>>. تردد ، نبش شعره بمخالبه فتناثر عقله مقتربا من الجنون وهو يعدو خلف ذاته طعنا لذيذا . نطق ويلا : <<أنا الأرض ، أنا جسد الأجساد >>. كانت تجمعه بالأرض علاقة صوفية ، إنها سبيله إلى الحق. جذب انتباهه انزعاج كافر يوصيه بالتضحية. قال: <<أودّ أن يتحرروا >>. خلع من ذاته صلفه فتمطط جسده . قال : <<من خان جوهره حلّ به وحش الخواء، أيها الإنسان
لبّي نداء إنسانيتك
أوقف عارك
انسحب من خانة ضعفك
اعمل على إسقاط القمر إن كنت تقدر
اصعد إلى تلال العزم
ادفع بنفسك إلى الجبال
أمسك بالمذلّة فيك و اغتسل بالقوّة و لا تتنفّس دخان المصانع
تزوّد برحيق الربيع
ابتكر عبقريتك و زيّن ذاتك بالعزة
لا كلام ، لا بخور ، إلا قرع للطّبول و الهتاف: الشعب يريد .
كن أقوى من يومك دون خطابة
أخلص لاندفاع ثورتك فمجدها ينقاد إلى الموت
لا تهرب
لا تخفض رأسك
لا تتنكّر لنصر الشهداء
أشنق أحزانك و أقبل
ابعث زمانك تنزيلا فالقدر هو أنت
توحّد في نسيجك و تخيّر سلاحك
كن أمينا على نفسك في قتالك
ابتكر مصيرا تستحقه و لا تتذوّق طعم العار
لا تترك باب السجن مقفلا فالسجّان هو أنت
عد إلى الصخرة و لا تستغيث
جازف قبل زفافك
صمّم و ادفع بثورتك إلى بدايتها
احتفظ بمعناها الأصيل
احتضن شجاعتك ضد الغزاة
و تعاطف معي و لا تذكرني في تراجعك و إن كان خلاص
حطّمني و امضي و لا تترك نساء القرية ينحن عليّ
احفر فالكنز بين يديك
اغتصب بصرك و اجعل عماك نجمة و ردّد معي:
رعب الحياة موت و كفّ الرعب عن الموت حياة
قاتل ضد غزاة نهارك
اصنع من موتك جدول حياة
لا تقف إلا على رائحة الإكليل
أتموت جوعا و أسرا ؟
أين عزمك؟
غنّي ولادة علّ الأرض تنبت الزّهر من ساعديك
زعزع سماء بعد انطواء الليل
مزّق طريق عودتك و تأهّب فالنّاجون من جموع أمثالك قليلون
اخلع هزالك و أنشد بطولة في قتالك
احرق كل الحانات فأنت الخمر و النّشوة و الفرح
تعدّد في أدوارك و كرّس نفسك لما عداك فأنت الثورة و أنت الحقد و أنت المحبّة و التضحية
لا تشفق على من يطلب الصّلح و السّلم
و لا تقبل التّعزية فجلدك إعلان عن براءتك
كن عظيما أيّها الإنسان
أتقدر أن تموت جبانا و الملك يلوّن وجدانك؟
صادق تهوّرك و صلفك و انسج زمن ثورتك و لا تتراخ في سيرك لتردّ خطرا آتيا من وراء الحدود>>.
جذب قدرته و تولّى أمر نفسه رغبة في الفوز ، فانقضّ لهب الحب عليه . اهتز كرها و قال: <<لا أعرفك و لكني أشتم فيك همجية القتل . أنا أبحث عن نفسي فلا تعترض سيري>> .
يهرع إلى البحر كالأعمى و السكرة تهيّج خواطره و تصونه من التبدد و الضياع. قال: <<لا أقدر أن أموت الآن . أحتاج لجسدي عند تنفيذ الوصية>>. يتصدى لغلبة الموت و يمضي سالما في سبيله. يهوي في مقبرة، يصيح و الأموات تتلهف على رؤيته: <<الضحية هو أنا>>. سمعه الحارس و هو لا يصدّق حقيقة تبدّله.قال: <<الصبح فيك سواد و نجوم الليل تختنق في ذاكرتك؟ هل تتألّم خشية وقوع المكروه فيك أم في غيرك؟>>
بكي أيمانا و كفرا و قال: <<سلّمت سقوطي إلى البحر لعل الماء يكون عوني. ما كنت هكذا، أخلصت لنفسي فأضاعني الحب>>.
الحارس:<< لا تقبل المساومة فالمقصود هو أنت. ادفع ترددك بعنايتك و ما يمنعك من إقامة الدليل. ليس أنت من يجفّ منه الوعي ، فلا تتخل>>.
راح ينظر دون شهية . قال: <<أيّ صنيع جنيت ؟ المدينة تنام و أنا أهيّجها>>.
الحارس: <<وزّع لذاتك أدوارا>>.
قال:<< دعني مع الموتى>>.
الحارس: <<انطلق و تذكر أن تبلغ تمامك>>.
قال:<< غريب أمرك. تستثيرني و تقعد نفسك>>.
الحارس: <<غزاني الهرم، و الفعل سفر و صدمة و قهر للموت و أنا كما ترى في قبضة الفناء. ارحل فالحياة تؤمن بك>>.
قال:<<أجل ، سأزاحم قدري و أفضح عمالتهم في مطلع كل سنة>>.
خطى همسا و ملامسة لمصير عاجل و وجهه الصارم يتعالى قصدا لإيقاف المهزلة. قال:
<<حظّي سواد فأنا الليل عزمي بياض فأنا النهار>>
يصيح الحارس مناديا: <<الوعد منك ديانة فلا تخلف>>. تألّق في ضحكه و قال:<< سأوطّد الفخر في الأمة . ذاك هو وعدي ، و سأبرم حربا " من سجيل " على كل المرتدّين>>.
اندفع بفكره إلى نصر لم يحرزه بعد ، يمضي دورانا بعبقريته المفترسة مخترقا حدود قدرته الغلابة و متغلغلا في تفاصيل الزمان المحسوس إخفاقا في تركيبه التأملي . انزاحت انجراحاته فلم يجد سوى العراء . ابتكر جرأة لاختراق خجله الممنوع . و حين غادر تحسس قوته فقال: <<لا يحق لي تطويق فرديتي>>.
وفد عليه غمام نحس وهو في غفلة تامة فانتزعه بازدراء. توهّم ابتعاده فتحقق فيه معاودة. تهلل وجهه غرابة و قال: << ويحك أنتزعك فتخترعني>>. يلطمه الهواء فيسعل سعالا اجتاح كامل أنحاء جسده. قال : <<ستخاض معارك طاحنة>>. لبست ملامحه تمثّلات غامضة. قال: <<إن عدم استباق الفعل خطأ قاتل و الواجب أن أمنع جلب الضرر>>. قطع منعرجا ملتصقا بقوّته ، تريّث و اللذة ترهقه. قال:<< لن أجرّ ذاتي إلا حيث تترعرع قوتي. سأكون متجذّرا في الرفض و لن أتردد في مقارعة كل مظاهر العداء حيث لا أحد يقدر على زعزعتي>>.
تساقطت من عينيه حواجز الطريق و احتوى في ذهوله رؤية ثمينة وقرت في قلبه. قال: <<لي رغبة في الضحك>>. انساق في ضحكه و متى وجم صار جمادا . ازدادت مودّته و تكلّم و قوامه اللولبيّ يعابثه النسيم : <<أنا أبحث عن شيء لا أجده على الإطلاق فأترك وراء وشم الكتابة غمغمة تقع على صورة مهشّمة>>.انجرف به شوق إلى أزقّة الحجارة في المدينة و رائحة أحبّة زرعوا لديه أمل اللقاء. قال: <<الجنون فاجعة و العزلة نكبة و ما كنت قط ممن زيّنت له نفسه وسامة الانبهار بضحكات البحر في ساعات ليلية تتلاشى فيها القيم الرفيعة، فأنشد منتشيا:
أذود عن بلدي بعزم و بصلد أحرر وطني من أسر مغتصب
لا شرف لمنتسب إليك يا بلدي لا يحمل رشاشا على زند
فداك يا وطني دنا أم بعد مدى الأمد>>.
تردد إلى سمعه هشيم أصوات جلبتها رياح البحر الضاحك. أيقن أنه بات على شفى مبتدى المدينة . قال ممتشقا وسامة حلوة: <<أأنا عاشق عتمة؟>>.
ظهرت عليه أعتا علامات الانفعال حين ضرب بذاكرته بعيدا و الأيام الدامية تمرق من أمام. قال و هو ينتقل بين ربوضها: <<من أراد أن ينتفع بالعودة في الباقية؟>>. تراءت له وجوه لامعة من ذوي المروءة : مصعب و يزيد و حسان .. قال : <<أستعين على النكبة بالمقاومة>>.أضحت الأصوات حادّة و سيلها يتدفّق بجذرية . قال وقد أطبقت عليه أضواء المدينة: <<هكذا يكون الجنون مقززا أشد مما كان و لربما تبدأ الحياة من هنا>>. صعد الفرح قمّته و هو يقتفي أثره بين مشارب المدينة . تسقط عليه نظرات حائرة و همهمات طائشة. قال: <<ما هذه الأنفاس التي تضيّق عليّ الوثاق؟>> .اجتذبته مجلات معلقة على واجهة كشك أيقظت لديه لعبة القراءة. هالته صورة جسورة لامرأة محمومة بالقبلات . قال: <<ها هي الرغبة تشق منفذا >>. وقف و قد بدا أكثر عرضة للفضول. يحبس أنفاسه وهو يتابع حركة المارة التي تقذفه بقسمات مربكة. احتل مكانا بارزا عند مدرج الطريق . قال : <<غريب أمر هذه الحياة، تحتجزنا بمذاقها الطفولي>>. استلقى في الشهوة مستمتعا و الفضول يفضحه. يستيقظ على ابتسامة رقيقة من غريب ألقى بلفافة مبهمة بين يديه و انعطف بخفّة يمتنع فيها تلمّس أثره. يبرحه ذهوله ، و باستعجال يتدحرج مرتدا إليه. قال وهو يشقّ لنفسه منفذا بين المارة: <<ها هو ذا الزمان يوزع لي أنصبة>>. اجتهد متلهّفا ليخلع ما احتوته. قال: <<قبسها غزير و حرارتها أعظم>>. ظلّت عيناه للحظات معلّقة على حزمة من الأوراق النقدية . قال : <<ما هذا الشوق لتطهير ملمحي و أصداء الفرح تنبسط فيّ اكتساحا؟>>. قرّر أن يزيل ألسنة الضياع الكثيفة التي أسدلها الزمان على كينونته. يدلف إلى ثلم تسرّبت منه روائح علوية فتحطمت عجرفته . فكّر في ما ناله من الهزء فبهرته عفّة التوبة . قال وقد أطبقت عليه رغبة نقيّة: <<ذاكرتك مهطالة في تفاصيل أناقتك>>. يمتصّ عنقه سعال في الداخل، يصوّب نظره و موجة الذعر تكاد تطير أعماق كيانه. و بمحاذاته ظهر رجل فضح حضوره المربك ، امتد شعاع نظرته ليستبيحه. تقهقر تحت رمادها فولّى مدبرا. يقف الرجل إلى جواره قائلا: <<مرحبا ، تبدو منهكا يا سيدي >>، يواصل النظر إليه و بكلمات موجزة مبطّنة بسخرية متستّرة قال: <<الغرف عندنا تكاليفها ليست باهظة ؟>>.
قال:<< بكم الليلة؟>>.
صاحب النزل: <<إنها خمسون دينارا لا غير>>.
قال:<<ليكن، سأمكث ليلتين>>.
يمرّ من أمامه مغادرا البهو . يتبعه باتجاه سرداب مقبب ذا هندسة غريبة بلا طول و لا عرض. يصعد المدرج الذي بدا محصّنا بأعمدة من الحجر السّمّاق التي ضربتها ثقوب خطيرة. لاحظ أنه كلما رمى بقدمه إلى الأعلى إلا وبدا في وضع يدفعه إلى ما يشبه السقوط. لم ينبس بكلمة وهو يحدق في الشقة التي تبدو ظاهرة التلف. سدد نظرته إلى الأرائك البالية وهي مكبلة على الحائط و قد حجبت نافذة صغيرة تتعرى بين الفينة و الأخرى حتى أطرافها فيظهر قوامها عبر ترددات الضوء المشع من فانوس يتدلّى من موضع عال من الغرفة ثم يخبو ببطء مستحيل. ظلّ مرارا عدة ينقل بصره داخل هذا السجن الضيق. و لم يزل هكذا بوعيه المترنّح حتى توطّد الاطمئنان في خلده حين وجد الماء ساخنا. قال لنفسه: <<لعلك تواقة لكي تسبحي في ماء دافئ . ما كنت لأترك الأذى يلحق بك لو لا صروف الدهر. أعدك أن تنقدح فيك البهجة و العزة >>. كان أكثر ما يشغله أن يخلع هيئته المهملة و مظاهر الخسة التي تؤذيه. انسكبت المياه الساخنة منهمرة على جسده فانكشف قبس شعاع أزاح النقاب عن معالم لطيفة. طمحت نفسه في ثياب جديدة، خرج يشقّ أسواق المدينة ، بسط يده بحسّ متلاحم إلى بدلة سوداء فغدت ضروب الحفاوة و التكريم البالغة تنثر على مسامعه فتمنحه طابع الكمال.






خدمة جديدة - مهم جدا
لتجديد معلومات موقعكم الفرعي ( الصورة، النبذة وألوان ) بشكل أوتوماتيكي
نرجو استخدام الرابط التالي, يعتذر الحوار المتمدن على تلبية طلبات التجديد المرسلة بالبريد الالكتروني
http://www.ahewar.org/guest/SendMsg.asp?id=



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مئوية عبد الناصر، هل الناصرية ماض نبكي على أطلاله أم مشرو ...
- ديمقراطية في عصر الكوسموبوليتيكا
- العولمة و انشطار مفهوم السيادة
- مكانة عصمت سيف الدولة في بلورة فهم تقدمي للفكر القومي
- حين تكون قوميا تقدميا
- استقالة محسن مرزوق : صناعة التحولات و كسر النموذج المقفل لحز ...
- رمال القحط
- معقولية خطاب غير خلاّق
- رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية
- القمع الفتّاك للفكر
- صرخة في مشهد
- ناخب فطن يبوح بأسرار عميقة
- صراعات مكشوفة
- عقاب مكرور
- تقادمية حالة حرب
- في مكان ما خارج حزب ما
- فقدان الاتجاه أم واقع سياسي جديد في تونس؟
- تونس ما بعد أزمة النداء
- أحزاب تونسية مفخّمة و مفتولة العضلات، تهوي و تنال دفنا جميلا
- النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا لاغة - المشهد الأول - رواية ريح من داعش-