أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - أشعّ بالأحمر














المزيد.....

أشعّ بالأحمر


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5750 - 2018 / 1 / 7 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


ثيابي المرقّعة تحترق، تلامس جسدي، أُطفئني، أخلعها، أمرّغها بالتّراب، ويظهر من ثقوبها إشعاعات لا تنطفئ.
أمشي عارية في شارع مزدحم في مدينة سحريّة، ينحني أحدهم أمامي، يلبسني حذاء كي لا أتعثّر بالأحجار ، وأسقطن اسير على خطّ مستقيم باتّجاه الهاوية الممتلئة بالنّار.
أقف أمام مرآة أراني أشّع بالأحمر، أصرخ: لا. توقّف أيّها اللهب عن الإشعاع، لست شعلة على طريق، إنّي من الجّياع. إن استمرّت الشّعلة تستنزف طاقتي سوف أكون يوماً كومة رماد.
لا يظهر جسدي من بين اللهب، باتت كلّ أثوابي مصنوعة من نار.
لغة الصّمت التي كبّلتني أحرقتني كي تقول لا نيابة عنّي، تحرقني كي أقول الآه في العلن، ويصمت البشر عندما يرون الكلمات تتطاير مرصّعة بكل ألوان الأحمر، تشرح للعالم قضيتي يوم ولدت ويوم متّ ويوم بعثت حيّة، يهرب البشر من الحقيقة، أجلس على زاوية باردة في كانون أدفئ شجرة عارية، تبتسم لي، أقترب منها، أحميها من اللهب بيديّ، أبادلها حديث الليل القارص في الشّتاء، تبوح لي عن مأساتها ونستند إلى بعضنا البعض، وفي لحظة عشق ننسى من نحن، نضمّ بعضنا البعض، نغفو، يطول الليل، فليل الشتاء دافئ عندما يضمّ عاشقان بعضهما البعض. أُورق ، وتورق الشّجرة. أوراقنا متوسّطة الاحمرار، وفيها بعض الاخضرار.
من أنا؟
أبحث عنّي في غياهب الكون، ويقودني تاريخي إلى مغارة في المجاهل فيها جماجم أبي، وأجدادي، وجميع سلالتي، وأملاً الجمجمة كي أتعرّف على أصلي، وفصلي، فيظهر لي إنساناً آكلاً للّحوم. أهرب من نسبي وحسبي، أسجّل اسمي في بحث عنّي، فأظهر كطفرة لا علاقة لها بتاريخ آكلي اللحوم.
من أنا؟
لا أعرف أيّها السّائل عنّي. أجهلني، فما ذقت طعم المعرفة يوماً كي أفهمني، ويستقرّ بي ذلك العصف المجنون. في مرّة تسابقت مع الرّيح العاصفة فزت في السباق, عاتبتني الرّيح: بذلت جهداً كي أسبقك فاحترقت من الاحتكاك. أطفئيني لو سمحت، وتعالي نكتب عهداً نوقّع عليه، يعمّنا السّلام.
من أنا؟
أنا لست أنت. لست الرّيح، ولست أنا التي كانت قبل قليل تشّع بالأحمر. أنا الآن بحر تجمّد في ليل صقيع مات فيه بعض الجياع، وجلب البعض أدواتهم ليتزلّجوا على سطح بحر من الجليد.
من أنا؟
مجهولة الهوية. أحمل الأسماء والألوان في حقيبة مخفيّة. لا أعرف تاريخي. أسعى إلى تحويل الحلم إلى حقيقة، أغيّر ما يسميه النّاس الأمل في اللغة، وأضيف له صفات واقعيّة، فأحلام اليقظة قد تكون مفيدة عندما يعقبها نوم ثم صحوة، وضارّة عندما تتقلّب بين النوم واليقظة، فلا تغفو ولا تستيقظ. عند هذا يسمى الأمل اضطراباً في الشخصية.
من أنا؟
أنا تلك الإنسانة الحالمة ، يتناوب الليل على حماية أحلامي، وعندما يظهر قوس قزح يرسمها بين الألوان، ويكتب حروفها، ويشرح عن طول لياليّ، وأيّامي. إن رأيتم قوس قزح يوماً ستقرؤون سيرتي هناك.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1968 دغدغة الحياة الجنسية للنساء
- لاحبّ أسمى من حبّي
- خلقت من نجم محترق
- ظاهرة -العرصة الخلوق-
- رسالة من حيوانه
- إلى العام الجديد
- عذراً من عام مضى
- ثلاثة رسائل
- يحدّق في وجهي
- النّزل
- ولدن وفي أيديهن مكنسة
- هويات نفتقدها
- حان الوقت كي نضع نهاية لتقديس عيد الميلاد مرة واحدة وإلى الأ ...
- عندما عرفت حلب عن قرب
- الأشياء التي تلمع
- الحبّ في قصص الحبّ
- سهرة مع الذّكريات
- بيع الجسد، أم بيع العقل
- حكاية قلب حزين
- الرّجل الذي حاز على كراهية العالم


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - أشعّ بالأحمر