أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر المكان في قصيدة -الساعة والقدس- راشد حسين














المزيد.....

أثر المكان في قصيدة -الساعة والقدس- راشد حسين


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5735 - 2017 / 12 / 22 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


أثر المكان في قصيدة
"الساعة والقدس"
راشد حسين
العناصر التي تخفف عن الشاعر تكمن في المرأة، الطبيعة، الكتابة، الثورة، لكن لأول مرة نجد شاعر يستخدم أثر المكان بهذا الشكل، فهو من خلال "القدس" يتحول من حالة الاحتضار إلى حالة الصحة والعمل، ومن السواد إلى البياض، ومن اليأس إلى الأمل، يبدأ الشاعر قصيدته بهذا المقطع:
"كانت الساعة في القدس: قتيلا
جريحا
ودقيقة
كانت الساعة: طفلا
سرق النابالم رجليه
ولما ظل يمشي
سرقوا حتى طريقه"
مشهد سوداوي يوحي بالقتامة والألم، فالحديث يدور حول طفل بريء، وليس عن مقاتل، ومع هذا نجد هذه التشويهات.
في العقد السابع من القرن الماضي كان الرمز يعد احد أهم المدارس الأدبية، خاصة في الساحة الفلسطينية، وذلك بسب المضايقات الأمنية التي استخدمها المحتل، الحد من ظهور حركة أدبية فاعلة ومؤثرة في المجتمع، الشاعر "راشد حسين" لم يخرج عن هذا الأمر، فنجده يستخدم هذا الرمز:
" كانت الساعة صفرا عربيا
كانت الساعة ميلاد الحقيقة
كانت الساعة أصفار كبارا
كانت الساعة ميلاد الحقيقة"
فالشاعر يبدي امتعاضه من الواقع الرسمي العربي من خلال استخدامه الفاظ "أصفار، كبار" فالمعنى واضح والمقصود معروف.
يحدثنا الشاعر عن ساعة المخاض، فيقول:
"كانت الساعة ...أن تنبت
للأشجار
للأحجار
والأزهار
والماء
أظافر
كانت الساعة أن يحبل مليون رجل
علنا نرزق فكرة
علنا نرزق ثورة
كانت الساعة ... كانت
كانت الساعة: عاقر" نجد حالة القتامة بكل وضوح، فخاتمة المقطع أعطتنا صورة اليأس من الواقع من خلال كلمة "عاقر"
إذا توقفنا عن كل ما سبق سنجد اليأس والسواد سيد الموقف، لكن النقلة النوعية جاءت فيما تلى هذه المقاطع، وكأن الشاعر يكتب قصيدة جديدة، بألفاظ وأفكار ومعاني تتناقض تماما مع ما سبقها، يقول:
"صارت الساعة في القدس .. عذارى
في ثوان حبلت
في ثوان ولدت
في ثوان ..صارت الساعة في القدس
نضالا ودقيقة" مشاهد سريالي لكنه واقعي، وهو يعبر عن الاستشراق عند الشاعر، وقدرته على تقديم الرؤية المستقبلة والتنبؤ بما سيكون عليه الحال عندما يتعلق الأمر بالقدس، عندما تحضر القدس ينقلب السواد إلى بياض، واليأس إلى أمل، وهذا ما فعلته القدس في الواقع وفي الشاعر.
"دقت الساعة .. دقت
بكت الساعة حبا .. وعذابا وتمنت
وإذا الطفل الذي من دون رجلين
على كفيه يمشي
وعلى عينيه يمشي
حاملا حلما وخبزا وسلاما ـ لمقاوم
: هامسا أبسط ما صلاه طفل
قتلوا رجلي واغتالوا طريقي" نتذكر مشهد استشهاد "إبراهيم أبو ثريا" المقعد على يد المحتل، وهنا تختفي الفروقات بين ما رسمه لنا الشاعر وبين ما حدث مع "إبراهيم" ، فرغم البعد الزمني الذي تجاوز أكثر من أربعين عاما بين ما كتبه الشاعر وبين ما نشاهد الآن، إلا أن المقطع يكاد يتطابق تماما مع ما شاهدناه، وهذا يؤكد مقدرة الشعراء على استكشاف المستقبل، وكأنهم منجمون أو أنبياء يخبروننا عما سيكون عليه الحال في المستقبل.
"... ولهذا
لم يعدد لي غير أن أبقى هنا
"حتى ولو قبرا ... يقاوم
دقت الساعة .. دقت
ثم دقت
ثم دقت
دقت الساعة دقات أخيرة
ثم ماتت" الأثر الذي أحدثته "القدس" في الآخرين انعكست إيجابيا على الشاعر، لهذا نجده يحدثنا عن ثباته على الأرض وعدم هجرته لها، ورغم الإشارة السوداء التي يحملها لفظ "القبر" إلا أنه جاء هنا ليعطي معنى إيجابي، يتمثل في البقاء والصمود، وهذا الامر ينطبق أيضا على الساعة، فلم يعد لها حاجة، وهذا ما أكده لنا عندما قال:
"لم تعد بالقدس للساعة حاجة
حطمت ساعاتهم بنت صغيرة
عمرها مائة مليون معذب
أمه رغما عن
التخدير
والأفيون
يوما سوف تنهض" يتحول الشاعر ايجابيا من حالته السابقة التي جاءت في فاتحة القصيدة إلى هذه الحالة الجديدة البيضاء، فقد أحدثت "القدس" ثورة في الآخرين، وانعكست عليه، لهذا أخذ يشعر بالهدوء والأمل.

يختم لنا الشاعر قصيدته بهذا المقطع:
"...
هذه البنت الصغيرة
ولدت في القدس
والمولود في القدس
سيضحي قنبلة
صدقوا .. المولود في ظل القنابل
"سوف يضحى قنبلة"
حتمية وثقة مطلقة بما سيكون عليه الحال في المستقبل، فهو يحمل الأمل والبشرى بالخلاص من العذاب والقهر والاحتلال، وعندما استخدم الشاعر "الطفلة" أرادنا أن نتأكد بأن الأمل معقود على هؤلاء الأطفال، وليس على "الأصفار الكبار" كل هذا يشير إلى القراءة المستقبلية للشاعر، وعلى قدرته على إحداث الفارق بين واقع بائس وبين واقع يحمل الأمل.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنثى في قصيدة -أشك بأنك امرأة- عمار خليل
- سارة الّتي قفزت من الصّورة
- مناقشة رواية -وجع بلا قرار- للكاتب الأسير -كميل أبو حنيش- وذ ...
- نحن والاتراك في رواية -وردة أريحا- أسامة العيسة
- تجاوز المألوف في كتاب -ملامح من السّرد المعاصر- قراءات في ال ...
- الأمة في قصيدة -الحمامة والعنكبوت- تميم البرغوثي
- مناقشة ديوان -خروج من ربيع الروح- للشاعرة ابتسام أبو شرار
- مناقشة ديوان -خروج من ربيع الروح-
- الثقافة الدينية في ديوان - خروج من ربيع الروح- ابتسام أبو شر ...
- الاتجاهات في قصيدة -مصرع انكيدو- عبد الجبار الفياض
- إسرائيل المصنوعة في رواية -قط بئر السبع- أسامة العيسة
- الشاعرة والإنسانة في كتاب -الرحلة الأصعب- فدوى طوقان
- بيضة التمساح مرة أخرى
- الفاتحة السوداء في قصيدة - يا موتنا مت مثلنا- يوسف عمر خليفة
- مناقشة مجموعة قصائد للمرحوم الشاعر الفلسطيني التشكيلي توفيق ...
- البحر والمرأة والثورة في ديوان -العبور إلى الضفة الأخرى- توف ...
- بدايات أدب السجون -تحت أعواد المشانق- يوليوس فوتشيك
- القصيدة العابر للشخصيات -قم حين موتك- عمار خليل
- الأسطورة في قصيدة -تموز والشيء الآخر- فدوى طوقان
- الفاتحة البيضاء في قصيدة -شهداء الانتفاضة- فدوى طوقان


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر المكان في قصيدة -الساعة والقدس- راشد حسين