أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - اختفاء/ قصة














المزيد.....

اختفاء/ قصة


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 5726 - 2017 / 12 / 13 - 13:08
المحور: الادب والفن
    


تجلس في الناحية اليمنى من المقعد الخلفي للسيارة الفارهة، يرسل السائق المتمرس بين الحين والآخر نظرات خفيّة صوبها عبر المرآة، فلا تعيره انتباهاً، غير أنها تعجب من جرأته ولا تسقطه في النهاية من حسابها، فقد تحتاجه ذات يوم، تتفحّصه خفْية، فلا تنفر من هيئته، ولا تفكر فيه الآن.
تجلس في مهابة واتزان، عليها جاكيتة حمراء تنفتح على تنورة سوداء مشقوقة من كلا الجانبين، فهي حريصة على أن يبدو شيء من بياض فخذيها كلما مشت أو جلست، لأنهما متعة للناظرين وفق شهادة صديق زوجها الموظف الكبير في إحدى السفارات، الذي باح بهذا الأمر بعد أن تعتعه السكر في إحدى السهرات.
ترنو عبر زجاج السيارة الملون إلى الخلق الذين يتكاثرون في طرقات الحي القميء الذي لا بد لها من اجتيازه، كلما غادرت بيتها الريفي الأنيق، إلى قلب المدينة لزيارة أرقى محلات الأزياء، أو للمشاركة في حفل خيري تقيمه سيدات المجتمع بين الحين والحين، للظهور على شاشة التلفاز، ولاستعراض أجسادهن أمام أعين الفضوليين والفضوليات.
ها هي ذي الآن تتأفّف من روائح الحي، والسائق يشاركها التأفف، فكأنه كان ينتظر الفرصة السانحة للدخول معها في حديث، غير أنها تصدّه، تأمره بأن يسرع قليلاً قبل أن يبدأ الاحتفال، ثم تنهمك في التفكير: غداً صباحاً ستدعو سائقها القديم، طبيب المستشفى الأهلي، ومراسل المجلة المصورة للمثول بين يديها في الحال، فقد أصبح في حكم المؤكد أن يتبوأ زوجها منصباً مرموقاً سيعلن عنه هذا المساء. الموظف الكبير في إحدى السفارات طمأن الزوج منذ أيام حول هذا الأمر بالذات، لذلك ستخبر سائقها القديم بأنها ستقطع لسانه إن هو باح بشيء مما يعرفه عنها فيما مضى من أيام، ستأمر طبيب المستشفى الأهلي أن يطوي إلى الأبد أمر قضائها ليلتين في مستشفاه قبل عام، حينما كان زوجها في بعثة طويلة خارج البلاد، فلم تسافر معه لأمر ما، أما مراسل المجلة المصورة، فسوف تغدق عليه مالاً لكي ينشر تحت صورتها أحلى كلام، كلّ أسبوع أو أسبوعين، أو كلما دعا إلى ذلك داع.
تصغي إلى نشرة الأخبار قبيل بدء الاحتفال، فلا يظفر زوجها بالمنصب الموعود، تبكي وتبكي معها الصديقات، تغادر الاحتفال بعد بدئه بلحظات، تجلس في المقعد الأمامي للسيارة، تمعن في البكاء وقتاً، ثم تميل على كتف السائق، تريح رأسها هناك لعلها تنسى بؤس العالم وشروره، والسائق المذهول أمام ارتعاشات الجسد، يرتبك، يركض مبتعداً عن المرأة، ويختفي دون أن يعرف أحد عنه شيئاً حتى الآن.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرصة ضائعة/ قصة
- فوزية وأمّ الشال/ قصة
- غلالة وردية/ قصة
- عن القدس والسينما/ مقالة
- أحد عشر قطًّا/ قصة
- بيت الأخت/ قصة
- عائد من الحرب/ قصة
- له قلب طفل/ قصة
- الوالدة العزيزة/ قصة
- خاصرة العروس/ قصة
- تحت ضوء الثريّات/ قصة
- ثدي الأم/ قصة
- مطر متأخر/ قصة
- قماش ملون/ قصة
- قحط/ قصة
- قطٌّ شريد/ قصة
- ضياء شاحب/ قصة
- لا مكان للقطة/ قصة
- مارتا التي تشبه العصفورة/ قصة
- خوف متبادل/ قصة


المزيد.....




- نجم مسلسل -General Hospital-.. رحيل الممثل أنتوني جيري عن عم ...
- تعليق ترامب على مقتل المخرج روب راينر يثير الغضب
- تجسد الشخصيات للمرة التانية على التوالي .. هل فيلم الست حقق ...
- صور مذهلة تكشف عن العوالم الخفية داخل الآلات الموسيقية
- الوقف السني يدين الشاعر علي نعيم: أي إساءة تُطال الصحابة تسه ...
- مقتل المخرج الأمريكي روب راينر وزوجته بلوس أنجلس واتهام الاب ...
- اعتقال ابن الممثل والمخرج الناقد لترامب روب راينر بتهمة قتل ...
- - سقوط الأفكار- يزجّ بشاعرة شابة إلى الساحة الأدبية الموصلية ...
- جامعة حلب تحتفل باليوم العالمي لعائلة اللغة التركية
- فيلم وثائقي فرنسي-ألماني يقدم قراءة نقدية حادة للواقع المصري ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - اختفاء/ قصة