أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قطٌّ شريد/ قصة














المزيد.....

قطٌّ شريد/ قصة


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 5572 - 2017 / 7 / 5 - 14:06
المحور: الادب والفن
    


يبتعد الضجيج المقفّى، يبتعد المترو حاملاً وجوه الخلق الذين لا يتقنون سوى الصمت والتحديق في الكتب السميكة وصحف المساء، والرجل الذي انزلق الآن إلى عراء البنايات الشاهقة لا يجد ما يفعله سوى مزيد من التسكع، ومحاولات ركيكة لاغتصاب اللغة الغريبة. يسعفه في الوقت المواتي، القطُّ المشرد والعجوز الصماء، التي انحنت على القط تتحسس فروه المغبر بحنان.
والرجل الذي لا شيء لديه يفعله، يقف متأملاً العجوز في حياء، غير أنها تبتدره بجملة طولها فرسخ أو فرسخان، فلا يفهم شيئاً ولا يحير جواباً. كلّ الذي قاله بعض مفردات شوهاء، والعجوز تستمر في الرغاء، والرجل الذي أيقن أن القط هو موضوع الكلام، يحمل القط في حضنه تعبيراً عن التفهم ويرسم على وجهه ابتسامة خرساء، والعجوز تفضي إليه بكل لواعجها دون أن يعي شيئاً مما يقال.
تقترب المرأة التي يطفح جسدها ويفيض من فوق البنطال. تشارك العجوز الصمّاء في الحوار، يأتي رجل آخر وامرأة أخرى، وأخرى. ينعقد على الرصيف وسط صمت البنايات، اجتماع عاجل مكرس لخدمة القط الشريد، والرجل الذي أعياه التشرد بعيداً عن وطنه يصغي، ويعتقد أنه يفهم ما يقال.
تلوح على وجه المرأة الطافح لحمها ابتسامة مشفقة وهي ترنو الى القط الشريد في الحضن الشريد، والرجل يلتقط المبادرة، فيدعو المرأة بمفردات مكسرة إلى كأس من البيرة التي تصلح دواء للأبدان، والمرأة الجسيمة التي هالتها الدعوة بمثل هذا الاستعجال، تتجهم، تعتذر، ثم تلقي تحية الوداع على المجتمعين، وتمضي إلى شأنها تاركة في الفضاء رائحة لحمها الذي يفيض من فوق البنطال.
والرجل الذي أحسّ بغتة أنه ريشة تذروها الرياح أو كلب ضال، ألقى القط من بين يديه دون انتباه. ماء القط مرة أو مرتين ثم انطلق إلى حيث لا يعلم أحد، أو لعله لحق المرأة الجسيمة لأمر ما. والعجوز الصماء انطلقت وفي عينيها حزن على القط الذي غاب، والآخرون تفرقوا شذر مذر، والوحيد الذي ظلّ مسمراً في العراء، تحت صمت البنايات وبرودة الزجاج في النوافذ الكثيفة، هو الرجل الذي مات هذا اليوم، بعد المساء.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياء شاحب/ قصة
- لا مكان للقطة/ قصة
- مارتا التي تشبه العصفورة/ قصة
- خوف متبادل/ قصة
- في الغابة ومعنا الطفل/ قصة
- عادات أسرية/ قصة
- رحيل متكرر/ قصة
- امرأة من بلادي/ قصة
- تحت الشمس/ قصة
- قلب الأم/ قصة قصيرة جدًّا
- استقبال/ قصة قصيرة جدًّا
- كنبة قديمة/ قصة قصيرة جدًّا
- سوق اللحامين/ قصة قصيرة جدًّا
- فراق/ قصة قصيرة جدًّا
- عناق/ قصة قصيرة جدا
- حلم/ قصة قصيرة جدًّا
- سائل فاتر/ قصة قصيرة جدًّا
- اشتباه/ قصة قصيرة جدًّا
- هي المدينة/ قصة قصيرة جدًّا
- رغبة/ قصة قصيرة جدًّا


المزيد.....




- الكوميدي هشام ماجد: أنا ضد البطل الأوحد وهذا دور والدتي في ح ...
- فنان هندي يصنع تمثالًا لبابا نويل باستخدام 1.5 طنًا من التفا ...
- مكتبة الحكمة في بغداد.. جوهرة ثقافية في قبو بشارع المتنبي
- وفاة الممثل الفلسطيني المعروف محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- قرار ترامب باستدعاء سفراء واشنطن يفاقم أزمة التمثيل الدبلوما ...
- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...
- اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري ...
- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - قطٌّ شريد/ قصة