أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - ماعون إمي














المزيد.....

ماعون إمي


غازي صابر

الحوار المتمدن-العدد: 5707 - 2017 / 11 / 23 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


ماعون إمي
كان أبي مثل الديك وهو يتجول في باحة دارنا وكأن عينيه تبحث عن شيئاً مفقوداً في الدار وكثيراً ما يزعق بأمي أو أختي أو يجمعنا نحن أطفاله الثلاث لننجز عمل أوتصليح في الدار، وكنا مثل كتاكيت صغار ما أن تضع إمنا الدجاجة الحبات لنا في ماعونها حتى نتزاحم حد الصراع على ما فيه من طعام ولن يوقف صراعنا وتزاحمنا الا رؤية أبي هذا الديك الذي كنت أراه طويلاً وكبيراً وشامخاً نعم كنت أراه وأضنه هو عمود بيتنا وإذا غاب عنا يتهاوى سقف البيت علينا .
وعندما يدخل غرفة الجلوس أو يخرج منها يخفض عرفة رأسه حتى لايصطدم بحافة الباب العليا وكنا لاندخل أمامه ولانجلس حتى يجلس وكنا نشعر بالخوف من عقابه مع أننا لم نرتكب أي ذنب .
وكم إنتظرنا البدء بتناول الطعام حتى ينهي صلاته ونحن نجلس حول سفرة الطعام على الأرض وعندما تسكب الأم الطعام في صحنها الكبير كانت رائحة الطعام تجذبنا اليه لكننا نخشى مد أيدينا حتى يحضر الأب وهو أول من يبدا بمد يده الى الصحن وكانت أختي تقف الى جانب أمي وتساعدها بأعداد الطعام ولاتأكل حتى تأمرها إمي .
كان أبي يراقب طريقة تناولنا للطعام وكنا ننظر اليه وكأننا ننتظر ما يقول لكنه كان بعينيه يعلن رضاه أوغضبه على أي منا وعندما لاننتبه لعينيه كان يتعصب ويأمر أي منا بترك المائدة لأنه تمادى بالإسائة لتناول الطعام وكم عوقب أحدنا بعدم تناول الطعام لقيامه بفعل منافي لتوجيهاته .
ومع كل هذا كان هناك مذاق ونكهة لماعون أمي وطعامها لازال يدور في فمي ورائحته تنساب في أنفي ورغم وجود أبي والذي كنا نخافه لكننا نرتبط به وكم هي جميلة تلك اللحظات التي يلعب معنا أو يضمنا الى حضنه وكنا ندور حوله في لحظات صفائه وكل منا يريده لنفسه فقط .
نحزن عندما يتأخرأبي في عمله أوحين نشعر أن هناك خلافاً بينه وبين أمي فيتعكر الجو ويتغيرحتى مذاق طعامنا وتتشنج الأوضاع في بيتنا الصغير وتسود العصبية وفي كل شئ .
وأصاب المرض أبي وشعرنا وكأن ماعون أمي وطعامها بلا ملح أو هناك أتربة تدخل الى بيتنا وتتلف كل شئ فيه وكثيراً ما تركنا تناول الطعام معاً مع أننا بلا مراقب ولامحاسب لأن الطعام لامذاق ولاطعم له .
ومات أبي وتوشحت أمي وأختي بالسواد والحزن وماتت الإبتسامة في الشفاه والفرحة في القلوب لأن مرارة الحزن غرزت عميقاً في مخيلتنا الطفولية وإختفى ماعون أمي الذي كان يجمعنا سوية وكم كنا نشعر بهيبته وننتظره ونتلهف اللقاء به وأصبحنا نأكل متى نشاء وأي شئ نجده في المطبخ وتفرقنا وكل منا له أصحابه وله وقته الذي يعود به للبيت وكم عنفتنا إمنا لتأخرنا أو لتقصيرنا في المدرسة لكن الأعذار دائماً كانت حججنا ومع أنها لاتقتنع بأغلب الحجج لكنها كانت تسامح وتغض النظر .
وكبرنا وذهب كل منا مع إمرأة عشقها أو إختيرت له وتفرقت سكك الحياة بنا وبقيت أمي في بيتها القديم تأكل مع إختي في ماعونها الذي أصابه الضعف والهزال كدجاجة لاتبيض ولاتملك كتاكيت تخاف عليهم وتهتم بهم وهي سعيدة بما يفعلون ولم يكن بيتها كما كان زمن أبي وجلسته بيننا وهو الأطول وهو الأكبر وهو الأقوى ..



#غازي_صابر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقاء
- الشؤم
- جاسم والحب
- الإجتثاث في الإسلام
- إيران وزمن الثورات
- البطالة وفساد العقول
- في القلب جمرة والقمع العربي
- بين الحاكم العشائري والسياسي
- مشنقة العقيده
- زنوبه
- حكم الزمن
- جدي وجده
- السياسي وملابس النساء
- بصاق الديكه
- ماذا يحصل لو إنفصل الأكراد :
- الشيطان الأكبر والماركسيه
- أوديب والعراق
- الجهاد الكفائي والنفير العام
- الأنكليز والحسين
- نجيب محفوظ وصدام حسين


المزيد.....




- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - ماعون إمي