أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراق .. إعادة تكوين














المزيد.....

العراق .. إعادة تكوين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 21:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في البداية لم يكن الأمر على هذه الدرجة من السوء. صحيح أن حركة التمرد أو الثورة الكردية كانت بمثابة حالة من الإستنزاف الإقتصادي والبشري, لكنها لم تكن تشترط طيلة قيامها في سنوات القرن الماضي ان يتم عبورها إلى ضفة تأسيس دولتها المستقلة متلازما أو متأسساً على حالة مٌستبِقة من التقسيم الذي يضع العراق جميعه في مواجهة حتمية التشرذم والتفكك.
لقد مضى الزمن الذي كنا قد غفلنا عن هذه الحقيقة. بعد عقد ونصف من عمر الدولة التي أقامها الإحتلال حدث تغيير أكيد على الخطاب الثقافي السياسي المضاد أو المتحفظ على تطلع الأكراد العراقيين لإقامة دولتهم المستقلة. لم تبقَ هناك مشكلة, حتى أولئك العراقيين الذين كان تحفظهم أو رفضهم قد تأسس على رؤى وطنية غير معادية للحق الكردي, لا على نكران هذا الحق, إنتهوا إلى حقيقة ان نهاية الصداع العراقي صار مرتهنا بخروج المناطق الكردية من جغرافيته. وفي النهاية لم تعد هناك ضرورة لمناقشة حق تشكيل الدولة الكردية من عدمِه, وبغض النظر عن إلإختلاف في أساسيات بناء الموقف فإن الأغلبية كانت قد إنتهت إلى الموقف نفسه, التقدميون والمحافظون, القوميون والماركسيون.
لم تعد هناك مشكلة حقيقية في إقناع العراقيين بإستحالة بقاء الكرد واللاكرد تحت سقف واحد. إن جميع العراقيين, من غير المتفعين من نظام المحاصصة اللعين, باتوا على ثقة أن الحل الأمثل هو أن يمضي كل منهما إلى سبيل.
وفي الحقيقة فإن عدد الذين يؤمنون بوجود أخوة عراقية كردية ظل يتناقص بشكل خطير. وقد يتصدى بعض الأكراد للتأكيد على أن تراجع وتدهور العلاقات الأخوية كان حدث بسبب سوء علاقة الحكم الإتحادي في بغداد مع الإدارة الفدرالية, لكن من السهولة تفنيد هذا الراي من خلال التوقف أمام العديد من الخروقات التي إرتكبتها الإدارات والأحزاب الكردية للخروج بنتيجة نقيضة. وفي الحالتين لم يعد هناك شك بأن بقاء الطرفين تحت سقف واحد بات متعذرا, وإن المبارزة بالأخطاء لم يعد نافعا لأن القضية الكبرى المتعلقة باساسيات بناء الوطن الواحد لم تعد موجودة, وهي هنا متعلقة إلى حد كبير بغياب الثقة وتسيد الخطاب الكردي الإنفصالي وطغيانه على الخطاب الوطني الواحد وسيادة روح الغربة بين الطرفين.
إن من السهولة رؤية الأشياء حتى بعيون مغمضة. في المحافظات الكردية الثلاثة التي تتشكل منها الفدرالية الكردية, المواطنون العراقيون من غير الأكراد, هم ضيوف على أهلها, أما على صعيد الوافدين إليها من المناطق العراقية الأخرى فيعاملون معاملة الأجانب. كل المعطيات, السياسية والثقافية والإقتصادية والعسكرية تشير إلى وجود دولة داخل دولة. حتى في حدود الإعتراف بهذا الوضع غير العادل مطلقا فإن من السهولة تلمس الخطاب الإنفصالي الذي راح يفرض ذاته على المجتمع الكردي الذي وصل إلى حد التثقيف على أن العراق هو هو في حقيقته بلد مستعمر للأكراد وإن لا سبيل أمام الأكراد غير حصولهم على الإستقلال. وللعراقيين الذين يعيشون خارج العراق, وهم بالملايين, فإن الكردي بات يرى العراقي منهم بمثابة العدو الذي وجبت كراهيته.
هكذا تحولت الأخوة العربية الكردية إلى مجرد كذبة كبيرة بعد أن كانت تؤلف مادتها ثقافة وطنية يتغني بها المطربون والشعراء, أما العربي الذي كان ينظر إلى الكردي كمَثَل للصدق والنقاء والطيبة فقد عمل السياسيون الكرد على نزع مشاعره الصادقة هذه من جذورها وبات من المتعذر على العراقيين أن يظلوا خارج مرمى هذه الكراهيات الجديدة.
واليوم فإن أي حديث عن وجود عراق واحد يجب أن يراعي توفير مقومات الوحدة الثقافية والإجتماعية والنفسية بشكل أساسي ولا يسمح لوجود تشكيلات سياسية لا علاقة بنيوية لها مع العناوين الوطنية.
ولا بد لذلك أن يمر من خلال إعادة كتابة الدستور الذي أسس لنظام المكونات وإستبداله بآخر يؤسس لنظام المواطنة بعيدا عن الفكر الديني الطائفي المتخلف والقومي المتعنصر, وهو نظام يشترط وجود مؤسسات مركزية لا تعطي فرصة لوجود أي نوع من التشكيلات الإدارية وخاصة تلك التي تشيع لثقافة الفدراليات التفكيكية, ولا يمنح الفرصة لهيمنة العناوين الخادعة التي ترتب أية ثقافة إنسانية بشكل يتناقض أو يتصادم مع الحاجات الوطنية الأساسية لبناء البلد الواحد الذي يتساوى فيه الجميع أمام القانون دون النظر إلى الدين أو العرق أو الطائفة.
.





#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الزمان والمكان
- البارزاني .. الزعامة القبلية في مواجهة الضاغط الديمقراطي
- من العنصري فينا يا أخوتي الأكراد
- أصل القرد .. إنسان
- إسرائيل وكردستان العراق
- براز الشيطان
- طشاري .. ما بعد الدولة الكردية
- عين على الدولة الكردية أم على الدولة السنية
- كيف أضاع صدام العراق وضيَعّه .. الأثرة والجزع
- هل إحتل العراق الأكراد كما يدعي دعاة الدولة الكردية
- الأكراد .. عرب !
- العراقيون وإسرائيل
- مسعود لن يشق لكم البحر بل سيغرقكم فيه
- بيت بلا أسوار
- الإستفتاء وإعلان الدولة الكوردية المستقلة هل سيكونا كويت الب ...
- علي الأديب وفقه التبعية والعمالة
- الحرب العراقية الإيرانية .. من كان البادئ لها (2)
- الحرب العراقية الإيرانية .. من كان البادئ لها
- تجارة الدولة المدنية وسوق الأغلبيات السياسية في العراق
- أغلبية المالكي السياسية


المزيد.....




- إعلام إيراني: إسرائيل تهاجم مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الر ...
- زيلينسكي يعول على حزمة أسلحة أمريكية موعودة لأوكرانيا
- مصر تحذر من استمرار التصعيد الإسرائيلي الإيراني على أمن المن ...
- لحظة استهداف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (فيديوها ...
- لقطات من داخل مستشفى الفارابي بمدينة كرمنشاه غربي إيران عقب ...
- ترامب: الأمر مؤلم لكلا الطرفين.. إيران لن تنتصر بالحرب على ا ...
- هل مقعد 11a هو الأكثر أماناً على الطائرات؟
- نتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدين ...
- -سي إن إن-: ترامب يتجنب المواجهة مع إيران لكن الجمهوريين يحث ...
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراق .. إعادة تكوين