دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5685 - 2017 / 11 / 1 - 22:13
المحور:
الادب والفن
رأيتني عند موقف الحافلات في مركز مدينةٍ غريبة، وفي آن واحد، مألوفة التفاصيل.
أشار ابني الصغير إلى الحافلة الكبيرة، التي كانت تقترب حثيثاً: " إنه الباص السياحي "، قالها بالسويدية. لما أصبحنا داخل الحافلة، كان أحدهم يجلس في مقعد مخصص لذوي الإحتياجات. كان شاباً، فارع الطول، ذا وجه متعجرف. طلبت منه أن يتزحزح قليلاً كي يجلس الصبي. فعل الشاب ما طلبته منه، ولكن ليس بدون دمدمة مستاءة. بعد قليل، نهض أبني من مكانه قائلاً أنه يود الجلوس في الخلف. تركته يمضي وجلست بمكانه، ثم تابعت تأمل مشاهد المدينة. وإذا بي ألحظ مرور الحافلة من أمام المول، فقمت بدوري متهيئاً للنزول. ولكن الشاب تثاقل في إخلاء سبيلي، مما جعلني أدفع ركبتي يرجله وأنا في غاية الغيظ. لما رحتُ أتفقد ولدي، لحظت أن الركاب ينظرون إليّ شزراً. في الأثناء، توهمت أن ابني كان من بين الذين نزلوا من الحافلة. فما كان أشد ارتياعي، حين لم أجد الصبي. تحركت الحافلة، ثم ما لبثت أن توقفت بسبب الإشارة الحمراء. عندئذٍ لمحت ابني وهو يلوح لي باكياً من وراء زجاج نافذة الحافلة. أسرعت نحو الباب الأمامي للحافلة مشيراً للسائق أن يفتح لي. إلا أنه أشار بدوره نحو الضوء الأحمر، بمعنى أنه لا يستطيع فتح الباب. جن جنوني، فتناولت حجراً وأردت رميه باتجاه السائق. ولكنني ترددت، قائلاً في نفسي أنهم سيظنونني ( إرهابياً! ). خلعت حذائي من قدمي ورميته في الإتجاه الموصوف، وإذا بالسائق ينزل من الباص وهو يتهددني بالبوليس. لم أعبأ به، بل اندفعت أصعد إلى الحافلة. ثمة تلقاني ابني وهو يبكي بشدة: " لِمَ تركتني وحيداً، يا أبي؟ ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟