أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 48














المزيد.....

سيرَة أُخرى 48


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 02:01
المحور: الادب والفن
    


1
قرابة السنتين، لم أزر فيهما أوبسالا إلا نادراً. كنتُ قد أقمت في تلك المدينة السويدية حوالي عشرين عاماً، كما أن ولديّ الكبيرين يعيشان فيها. في الآونة الأخيرة، صرت أسمع من الأصدقاء شكاوى عن تصرفات الفتيان الفلسطينيين، القادمين حديثاً من قطاع غزة. اسم حيّ الأجانب، غوتسوندا، تحوّل اسمه على لسان أولئك الأصدقاء إلى " غزتسوندا " نسبة لمواطني القطاع.
خلال زيارتي الأخيرة، في عطلة نهاية الأسبوع، كنتُ شاهداً على سلوك بعض الفتية الغزاويين وخصوصاً في مركز ذلك الحيّ ( السنتر ). هناك كانوا يسيرون بشكل جماعي، يتكلمون بصوت مرتفع، يتشاتمون، يلاحقون بعضهم البعض، يصطدمون بالناس، بل ويلعبون كرة القدم. حتى لو كان هؤلاء قد قدموا إلى السويد بدون أهاليهم، فإن المفترض أن يكونوا قد نالوا قلسطاً من التربية في منازلهم ومدارسهم. خلال عودتي بالباص إلى مركز أوبسالا، لكي أستقل القطار عائداً لمدينتي، جرت هذه الحادثة المشينة وكان بطلها شاباً غزاوياً.
كان الباص قد تجاوز للتوّ المستشفى الكبير، عندما صرخ أحدهم راطناً بالسويدية: " هللو! كنتُ سأنزل في ذلك الموقف.. ". فردّت عليه الشوفير ( وهي امرأة ايرانية معروفة بلطفها )، بأنه كان عليه أن يكبس الزر الأحمر. في اللحظة التالية، توقف الباص عند إشارة المرور. وإذا بصاحب الصوت، وكان شاباً بحجم البغل، يصرخ مجدداً بالشوفير طالباً منها أن تفتح الباب. قالت له: " هذا ممنوع، وستنزل في الموقف القادم ". تقدم البغل، متبوعاً بفتى يصغره بالسنّ، لكي يجعر بوجه المرأة مهدداً: " إفتحي الباب، وإلا سأهرسك! ". لوّحت له بالموبايل، مهددة إياه بدورها أنها ستطلب البوليس. هنا تدخل شاب كان يجلس مع صديقته السويدية، فخاطب البغل بالعربية ناصحاً: " إذا حضر البوليس، لن يحصل لك خير ". تراجع ذلك الأرعن إلى الخلف وهو يحدج الركاب بوقاحة، ثم ما لبث أن نزل مع رفيقه لما وصل الباص للموقف.

2
مساءً، جلبت الخانم علبة حلويات دمشقية من محل شرقي في منطقتنا. العلبة، المحتوية على ثلاثة أنواع حلويات، كان يفوح منها عبق الطزاجة وسمنها ما يفتأ طرياً مما يدل على أنها شغل دمشقيين مقيمين بالسويد. حتى قبل عام واحد، كانت علب الحلوى تستورد من دول عربية ولم تكن مستساغة. خلال زيارتي لمدينة أوبسالا في عطلة نهاية الأسبوع، فوجئت بافتتاح محل حلويات باسم ( دمشق ) يقدم الحلاوة الحمصية وغيرها.
في الصباح، تابعت برنامج المطبخ من قناة ( الحياة ) المصرية. لمحض الصدفة، كان الشيف يشرح للمشاهدين عدة طرق لعمل حلاوة الجبن. كان ضخماً، بلحية خشنة، يرتدي مريولاً بلون برتقالي؛ مما ذكّرني بسيّاف تنظيم داعش في الموصل. حينما كان الشيف يتكلم، ظهرت على الشاشة مكونات حلاوة الجبنة؛ عجينة كنافة، جبنة، شربات سكر ( قطر ) وسمنة. فقلت في نفسي: " اللهم أجعلها كووونافة كَبنة! ". وإذاً، ظهر الشيف مع مقلاة من زمن اسماعيل ياسين، فأخذ يرص عجينة الكنافة داخلها. ثم أضاف قطعاً من جبنة صفراء ( يا لهوي! ) جاعلاً إياها على شكل أشعة الشمس. بعد ذلك عاد وأضاف كمية أخرى من عجينة الكنافة وصار يضغط عليها بكل قوته. وأخيراً، جاء بملعقة وصار ينثر السمنة المذابة على الخليط. وضع المقلاة على النار، ثم راح يدردش مع مقدمَيْ برنامج الصباح. أبعد المقلاة عن النار، ثم قلبها على وجهها في صحن كبير. أضاف إليها شربات السكر، ثم قام بتقطيعها بسكين ( ريا وسكينة ). وإذا بكونافة الكَبنة تأخذ شكل البيتزا، المحترقة.

3
ظهراً، كنت أتابع الفيلم الكلاسيكي " أمير الانتقام " عندما عادت المدام من الخدمة على استراحة الغداء. وكالعادة، بدأت بالنق فوق رأسي. بما أنني كنت قد أخرجت اللحمة الناعمة من الثلاجة لأجل اللازانيا، فإنها سألتني ما إذا كان بإمكاني البدء بالطبخ كونها تشعر بالجوع. قلت لها، أن الوقت ما يزال مبكراً للغداء وبإمكانها أن تأكل حواضر. فاتجهت هي إلى غرفة الولد، لتسأله ما إذا كان جائعاً ويرغب باللازانيا. وإذا به يطلب بيتزا الكباب. عادت لتقول لي: " ألا يمكنك إحضار البيتزا للولد من المطعم التركي؟ ". فأجبتها بأنني سأفعل ذلك، ولكن بعد انتهاء الفيلم..!
ولأنني أفقت مبكراً صباحاً، فإنني رحتُ أهوّم ثم نمت على الصوفا قبل انتهاء البطل من انتقامه. قرابة ثلاث ساعات، ثم أفقت على صوت المدام وهيَ عند باب الشقة تذكّرني بجلب البيتزا. بعد ذهابها، أقنعت الصغير باللازانيا وخصوصاً أنه يفضلها شغل يدي. لما تفقدتُ لوازم الطبخة، رأيت أن الجزر قليل كما أن علبة الحليب تكاد تكفي البشاميل. وبذلك ستعود أم الولد للنق، بما أن الحليب ضروري له مساءً وصباح الغد. حين أخذتُ بتحضير البشاميل، توكلت على الله فجعلت الحليب ثلثين والباقي ماء. ثالث مفاجأة، كانت فقدان النبيذ لديّ، ومنطقتنا لا يوجد فيها محل لبيع المشروبات الروحية. لحسن الحظ، أن علبة بيرة كانت منسية في البراد. بعدما نضجت اللازانيا، بدأنا بالأكل. وكعادته، أنتقدني ابني لأنني أضع كمية كبيرة من الوجبة في صحني. قلت له: " بطني كبير، بينما بطنك صغير ". فأجاب ابن السبعة أعوام: " لا علاقة للبطن بالموضوع، لأن قلبك هو الذي سيتضرر!!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الخاتمة
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الغين
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الظاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الضاد
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الذال
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء 3
- سيرَة أُخرى 47
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الخاء
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء الثاني الثاء


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 48