أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - وجيهة الحويدر - قمقمي أحلى بدونك














المزيد.....

قمقمي أحلى بدونك


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:53
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


اعتدلَ في جلسته على السرير وندوب القلق ظاهرة على تقاسيم وجهه. وضع الوسادة خلفه واستند عليها, ثم سحب سيجارة من مخبئها واشعلها واخذ يمتصها بعمق. بدا وكأنه للتو غَزَت مادة النيوكتين حلقه.
ظلت تنظر اليه رفيقته وهي مستلقية بجانبه. جرت اللحاف بروية وغطّت به جسدها العاري وبقيت تنتظر. منذ مدة وهي تحس ان رفيقها صار يحمل شيئا مزعجا في صدره، وان ذاك الشيئ يكبر في داخله يوم بعد يوم ككرة ثلج متدحرجة من قمة جبل جليدي. بقيت تتأمله بصمت رهيب الى ان تلاشت ملوثات السيجارة في رئتيه وتطايرت ادخنتها في ارجاء الغرفة...التفتَ اليها بهدوء مفتَعل وقال:
- صوتك عال جدا... وكابوسك طويل امده...
نظرت اليه بنفس الهدوء المفتعل الذي ارتداه قبل لحظات واجابت بنبرة سؤال
- صوتي عالٍ؟؟
اجابها بسرعة...
-نعم صوتك عالٍ وبدأ يثير قلاقل من حولي..ويقززني..
تفاجأت به ..لم تتصور ابدا انه سيأتي اليوم الذي يعلن فيه لها هزيمته بهذه البلاهة وبهذا السخف...كانت تُدرك انه بدأ بالتراجع لكن ليس بهذا التسارع..ظلت محتفظة بهدوءها ولملمت نفسها وقالت:
- صوتي عالٍ على مَن؟؟ على ذئاب المدينة وكلابهم؟؟ الستَ انتَ من قال لن نقبل ابدا ان نكون جزءا من القطعان..؟؟ اولم تقل لي ان الذئاب اصبحت ذئابا لأنها ادركت ان مَن حولها بهائم ونعاج همهم اجترار قوتهم اليومي، واشباع رغباتهم الجسدية البليدة...؟؟ اولم تعلمني ان الذئاب والكلاب تخشى النسور المحلقة في الفضاء لأنها لا تقوى على النيل منهم...؟؟ الم نتفق معا على ان نظلَ نسورا كي نحتفظ بنضارتنا ووحيويتنا بعيدا عن تلوث هذا العالم؟؟

شعرَ انه وضع نفسه في زاوية حرجة، لأنه نسيى ان ذاكرة رفيقته دائما متأهبة لتسرد التاريخ بدقة ..واحيانا بتفاصيله المملة..تداركَ نفسه بسرعة والتفت اليها مظهرا اهتماما زائفا واجاب:
- حبيبتي..نعم انا قلت كل هذا ولن انكره ابدا..لكن يا عمري كابوسك امده طويل والحياة لا تنتظر...
اعتدلت في جلستها وهي ممسكة بمفرش السرير الناعم بكلتا يديها لتواري نهديها النافرين..وردت عليه:
-كابوسي انا طويل الأمد؟؟؟ كابوسي وحدي؟؟ اليس كابوسي هو كابوس العالم بأسره..الا ترى ان من يدير دفعة العالم هم الاشرار وسارقي احلام الضعفاء من البشر؟؟ ألمس التربة في اي بقعة على هذه الأرض وستحس بالحمى التي اصابتها.. تنفس الهواء بعمق وستشعر انه بات بلا طراوة ولا رطوبة.. ارفع رأسك وحدّق في السماء وستُعلمك عن الخنجر الذي غُرس في خاصرتها وفتق طبقة الازون فيها..التفت الى البحار والمحيطات والغابات وستُدرك مدى بشاعة البشر في التعامل معها ومع مخلوقاتها..تأمل وجوه سكان العالم الثالث وستعلم كم من الحياة اُخذت منها..وكم من احلامهم وامنياتهم هُشمت..

تملل منها كثيرا ورفع نبرة صوته قائلا..
-انا لم اطلب ليلة مع شهرزاد لتعلمني وتوعظني عما يجري في هذا العالم...
وبدون تفكير اجابت:
-وانا لم اطلب ليلة مع حلاج يخشى موته...
مرّت ثواني صعبة بينهما ..احسَّ بجمود الحيطان وبلادتها.. ارادَ ان يُعالج الموقف من زاوية اخرى فقال:
- حبيبتي كل ما اطلبه منك هو ان تخففي قليلا من تعرية واقعنا المرير..قلمك حاد جدا..اصبح كمشرط تشريح بين يديي معتوه، يشقق في بدن هذه الأمة يمينا وشمالا بدون هوادة...

لم تتمالك نفسها في تلك اللحظة ضحكت بصوت مليئ بالسخرية .. ونهضت من الفراش بعد أن لفّت الغطاء حول جسدها الفتي وواصلت قهقهتها العجيبة والدموع تذرف من عينيها..ثم صمتت لبرهة..ووقفت تحدّق فيه والخيبة كست معالمها وهو جالس على السرير فأردفت قائلة:
-حبيبي...هل صرتَ كبشا؟؟ اهذا ما آلت اليه روحك؟؟ كبشا؟؟ يالا الخيبة..يالا الخيبة!! يا سيدي البهائم هي التي تخشى الأدوات الحادة خوفا على نفسها من الذبح!!!! ذكرتني بوزير الأعلام الذي قدّم لي عرضا مغريا قبل ايام ورفضته...طلب مني ان اكون جزءا من وزارته وامثلها في المحافل والمنتديات في الخارج..بشرط ان لا اكتب بحدة...يا عزيزي .. الحق صوته قوي وحاد..الأمانة صوتها صاخب ومقلق..الوطنية الصادقة صوتها حاد وعالٍ...ليس قلمي..

تعجب منها..لم تخبره قط عن ذاك العرض من قبل فاسرع بالسؤال:
-ماذا قلتِ؟؟ قدموا لك عرضا ورفضتيه!! انتِ مجنونة..هل انتِ سعيدة بقمقمك هذا؟؟ فرِحَة بهذه العزلة؟؟؟ اضعت فرصة العمر بغرورك وغطرستك...
انتفضت قليلا من اهانته المبطنة...واجابت:
- نعم انا سعيدة بعزلتي...وانت ستصير اسعد حين تنظم قريبا لقطعان بهائم المدينة، سيحتفون برجوعك اليهم..وسيفرح الذئاب والكلاب بعودة كبش كاتب سمين ومثقف مثلك ..وانا متيقنة من ان هناك نعجة حلوب ستحتضنك وسترضعك من بلاهتها وسماجتها... لاتخف..وبالمناسبة سيصبح قمقمي احلى بدونك...

بعدها انتصبت بخيلاء الثقة والشموخ ودارت وجهها ناحية النافذة واعطته ظهرها، وصارت تحدّق في الشارع وفي الانوار المضيئة وفي اللاشيئ...عرف حينها ان لا مكان له هنا..نهضَ من الفراش والتقط ملابسه المتناثرة على الأرض وصار يرتديها بسرعة وكأنه جندي مطلوب في مهمة..

غادر الغرفة مسرعا دون ان يزرر قميصه، ونزلَ من الدرج واقدامه تلتهم العتبات على عجل..خرجت وراءه ووقفت على اعلى السلم وهي ملتفة بالغطاء وقالت له بصبغة كلها تهكم...
-على طاولة "الانترَي" محفظتي يا حلو..خذ اجرتك قبل ان يجف عرقك..

التفتَ اليها بحنق وغمغم بشتائم لم يجرؤ ان يسمعها اياها..ثم صفع الباب وغرِب...

عادت الى الغرفة ووقفت امام نافذتها وقد حرَّك رفيقها سيارته متجها الى الشارع.. وتلاشى كالوَهم بين السيارات...ظلت تتمعن في المارة والبائعين المتجولين..والنساء المتشحات بالسواد حيث يعبرن الطرقات بحذر وريبة..والرجال بثايبهم البيضاء البليدة وغترهم التي تكمكم ادمغتهم..يمشون ويتلفتون كالضباع الجائعة التي تبحث عن فريسة سهلة...
بقيت تحدّق في المكان لوهلة وهي تمتم بصوت غاضب:
-ما اكثر بهائم هذا البلد...ما اكثر بهائم هذا البلد...



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغايا العرب
- لو قُدِرَ لمَن أحببت!
- أريد
- عجائب سبع من بلدان العرب
- -حُرمة-
- ذكور برخص القمامة والتراب
- آنذاك لم يعد ثمة شيء يستحق سوى الموت!
- حين يتحول الوَهم الى حقيقة مطلقة
- شــــــوق
- ربما تعود زهرة!
- أين الخمسة في المائة في مجتمعاتنا العربية؟
- الحياة لغز مؤلم جدا
- لماذا نحن شعوب لا تقرأ؟
- فضّوها سيرة!
- يا علي...
- استمطار السماء بدون صلاة استسقاء
- ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم
- لقاء بين سؤال واجابة
- سيدتان ثائرتان وبراكين تنتظر!
- خصوصية أم إرهاب مرضي عنه؟؟؟


المزيد.....




- “415 ريال عماني spf.gov.om“ كيفية التسجيل في منحة منفعة الأس ...
- -علم زائف-.. المكسيك تسعى إلى حظر علاج يتعلق بتغيير الجنس وي ...
- “لولو خلعت سنتها!!”.. تردد قناة وناسة 2024 WANASAH TV لمشاهد ...
- ملكة جمال ألمانيا من أصل إيراني تتعرّض لحملة تنمّر
- قوة روسية تنقذ امرأة وأطفالها من قصف مدفعي ومسيّرات أوكرانية ...
- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - وجيهة الحويدر - قمقمي أحلى بدونك