أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وجيهة الحويدر - أين الخمسة في المائة في مجتمعاتنا العربية؟















المزيد.....

أين الخمسة في المائة في مجتمعاتنا العربية؟


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1258 - 2005 / 7 / 17 - 11:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أي توزيع طبيعي لتكتلات المخلوقات المنتشرة على الأرض، لا بد أن يحتوي ذاك التوزيع على (%5 ) خمسة في المائة من أفراده يُطلق عليهم رواد أو طلائع أو نُخب، ممن لديهم نظرة ثاقبة، وبإمكانهم أن يدفعوا بالمجتمعات إلى الأمام. هذه الخاصية لا تقتصر على المجتمعات البشرية، بل تشمل "المجتمعات الأخرى" إن صح التعبير كالحيوانات، والطيور، وحتى الحشرات الصغيرة. لأن نسبة الـ %5 أو ما يعادلها هي سمة أساسية في الجماعات الصحية الطبيعية بجميع أصنافها، ولابد من تواجدها لتأخذ دورها الحقيقي بين الأفراد من اجل استمرارية كل نوع في الحياة والحفاظ عليه، من اجل التصدي للتحديات التي تواجه تلك الكتل الجماعية بين الحين والآخر، فعلى سبيل المثال ثمة فئة تعادل تلك النسبة في قطعان الحيوانات الكبيرة مثل الفيلة والثيران والغزلان والزرافات والحمير المتوحشة وغيرها، من الحيوانات التي تجوب بين السفوح وفي الغابات بصورة جماعية. نفس النسبة تتواجد بين أسراب الطيور التي أحيانا تعبر القارات في هجرة الصيف والشتاء، وبين الأسماك التي تقطع المحيطات طولا وعرضا. كذلك فئة الرواد أو الطلائع تلك تتواجد بين المخلوقات الصغيرة كمملكات النحل والنمل التي تنتشر في كل أرجاء الدنيا بانتشار الرقعة الخضراء فيها.



الخمسة في المائة أو فئة الرواد مهم جدا وجودها لجميع المخلوقات المتحركة على البسيطة. ففي حالة قطعان الحيوانات تلك الفئة هي التي تُدلهم على أماكن الماء والكلأ، ومتى شحّت بقعة أرض عليهم بخيرها، فلدى تلك الطلائع القدرة على التكهن والتنـبؤ والجرأة في اتخاذ قرارات حاسمة للقطعان، والتوجه بهم إلى أماكن أخرى للحصول على مصادر بديلة للعيش.



أما في أسراب الطيور فالنخب هم من يقودون تلك الجماعات إثناء الهجرة من مكان إلى آخر. فمثلا بعض الطيور التي تعيش على ضفاف الخليج العربي كانت وما زالت ترحل سنويا إلى أواسط روسيا، في الصيف وتعود إلى مساكنها في الشتاء. فهي تغادر الخليج مع حلول الصيف وتقطع آلاف الأميال متجهة شمالا حيث تعبر العراق ومنها إلى أوروبا الشرقية ثم روسيا. لكن تغيَرَ مسارها بسبب الحروب التي خاضت معتركها المنطقة، وبسبب التلوث الذي تعج به سماء الخليج والدول المجاورة والعراق خاصة. اُستبدلت خطة سير تلك الطيور الخليجية بأمر من روادها، لأنه لو استمروا في نفس المسار لألتهمتهم قنابل الطائرات الحربية الناسفة، وصواريخ "الباتريك" و"السكود" الفتاكة، أو لخنقتهم أدخنة آبار الزيت المدمرة كما جرى في حرب تحرير الكويت. لذلك رأت النخبة من تلك الطيور أن التغيير واجبا لابد من حدوثه، وليس خيارا يمكن إرجاءه لوقت آخر.



في حالة النحل، الرواد أو النخب منهم هم من يَدَلون النحلات العاملات على أماكن الرحيق، ويوجهونها إلى المزارع التي تحتضن اكبر عدد من الزهور الحبلى بالرحيق المصفى. أما النمل أيضا روادها مسئولون عن البحث عن مكامن جديدة للأطعمة، من اجل أن تتزود بها مملكاتهم وتكنزها النملات العاملات لفصول الشتاء القارصة.



هذا العمل الريادي النخبوي بين تلك التجمعات على قدر كبير من الأهمية من اجل البقاء. أيضا نجده بين بني البشر، فالدول المتطورة اليوم تمكنت من استثمار روادها ونخبها من مفكرين وعلماء وباحثين ومحللين وكتاب ومثقفين، لمعالجة المشاكل والحالات الطارئة التي تمر بها أوطانهم، ولتقديم حلول حقيقية وفعالة لها. لذلك دول العالم المتطور في الشرق والغرب ليس لديه هموم معلقة وقضايا غير محسومة. فمثلا اليابان لم تحتج لعقود طويلة لتصبح من الدول الثمانية العظمى اقتصاديا، بالرغم أنها كانت قبل خمسين عاما تقريبا مثخنة بجراح الحرب العالمية الثانية. السبب لأن الحكومة استثمرت كل طاقاتها في الإنسان الياباني، بأمر وبتوجيه من النخب، واليوم نرى بلدان مثل كوريا الجنوبية وماليزيا والهند والصين تتبع نفس النهج. أعطت حكوماتهم مساحة لنخبهم، في أن يُبدعوا ويُحركوا عجلة التقدم لصالح شعوبهم، فتلك البلدان الآن نخبها يسابقون عقارب الساعة، ويتزاحمون ويتنافسون على دخول معترك النهضة الصناعي ذو الجودة العالية.



اليوم التساؤلات التي تظل مقلقة للمهتمين بأمور الدول العربية هي : أين الرواد لهذه الشعوب وأين نخبهم؟ لماذا الشعوب العربية تحولت إلى قطعان ورعاع؟ أين من يوجههم ويحرك عجلة النهضة إلى الأمام؟ ماذا حل بفئة الـ %5 ؟ ولماذا لم يظهر لها دور في بلدانهم؟ لماذا لا يُمسكون بدفة التطور من اجل إخراج هذه الأمة من العتمة؟ ربما تتداخل عدة عوامل من أجل الإجابة على تلك التساؤلات، لكن أهمها أن الكثير من رواد العرب من نساء ورجال إما مطاردين في بلدانهم أو مهجّرين عنها أو مغيبين في غياهب السجون. وبعض النخب المتواجدة في أوطانها مجمدة تماما على الساحة.لذلك قضايانا المعتقة لدهور مازالت موجودة بدون معالجة، ومازالت تُطرح بشكل مبتذل في المنتديات والمؤتمرات العربية والحوارات الوطنية. هناك أمور وإشكاليات مازالت حديث الساعة، مع أنه قُدمَ لها حلول منذ عقود طويلة، ومن المفترض أنها حُسمت منذ أمد بعيد، مثل: تطبيق حقوق الإنسان، ومكافحة التمييز ضد المرأة، وتبني حقوق الطفل. أيضا محاربة البطالة والأمية والفساد الإداري والمالي، إضافة إلى تطوير التعليم، وإلغاء القوانين الشخصية المعمول بها في المحاكم الشرعية، وعزل السلطة الدينية عن السلطة السياسية، وغيرها من الأمور التي تبدو لكل مواطن عربي أنها حلم لا يقدر على تحقيقه سوى من يمتلك فانوس علاء الدين السحري.



إن ما يجري على أرضنا العربية من تخلف وجهل وانحطاط، سببه الأول هو لأن ذوي العقول المفكرة من النُخب الفطنة والطلائع النبيهة مازالت تُحَارب على جميع المستويات وعلى كل الأصعدة. والحقيقة التي يجب أن يُدركها الحكام العرب قبل فوات الأوان، وقبل أن يأتيهم طوفان شعوبهم الغاضبة، أنهم يحفرون قبورهم بأيديهم، ويوما ما ستبتلعهم تلك القبور هم وعروشهم بدون رحمة، طالما يصرّون على أن يتبعوا نهج القمع والتصفية للرواد والنخب الوطنية، وما قام به أعظم رجل في العالم "نيلسون مانديلا"، الذي قضى 28 سنة من عمره في سجون النظام التعسفي في جنوب أفريقيا، كان أكبر شاهد على أن القهر والاستبداد مهما طال باعه، وزاد بطشه، واشتد بأسه فإن عمره قصير في تاريخ الشعوب والأمم.



اليوم حركة النخب "كفاية" التي انطلقت من ارض النيل بعثت برسالة صريحة للحكام العرب جميعا بكلمة واحدة، وقد تكون هي إحدى فرص المراجعة والتصحيح لكل دولة عربية. خاصة تلك الدول التي تمتهن الحكم بالنار والحديد. يجب أن تصغي لما تحتاجه شعوبها. إن لم يعتدل حال الحكومات في كل قطر عربي، ويُسمح للطلائع والنخب بالإصلاح في جدول زمني محدد، فإن النتائج ستكون وخيمة، وحينها سيصبح لكل حَدثُ حديث...



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة لغز مؤلم جدا
- لماذا نحن شعوب لا تقرأ؟
- فضّوها سيرة!
- يا علي...
- استمطار السماء بدون صلاة استسقاء
- ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم
- لقاء بين سؤال واجابة
- سيدتان ثائرتان وبراكين تنتظر!
- خصوصية أم إرهاب مرضي عنه؟؟؟
- كفوا عن هذا الردح المبتذل..فقضايا النساء العربيات حقوقية
- متى بدأت الدائرة؟
- من أين تبدأ الدائرة؟
- ليلى في العراق مريضة ..فأين المداوي؟
- ما مدى بشاعة قهر الذكور للذكور!؟
- مَن سيكن بشجاعة هذا الرجل يا ترى؟
- مدننا -الآمنة-
- انا سوسنك يا والدي
- مناجاة بين طهران والظهران
- سُخف واستخفاف حتى الثمالة
- من اجل ذاك القنديل


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وجيهة الحويدر - أين الخمسة في المائة في مجتمعاتنا العربية؟