أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - وجيهة الحويدر - مناجاة بين طهران والظهران















المزيد.....

مناجاة بين طهران والظهران


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 989 - 2004 / 10 / 17 - 11:46
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


" العيش في ظل (الجمهورية الاسلامية) يشبه مضاجعة بالإكراه مع شخص تمقتيه. تلك الفعلة تجعل ذهنكِ فارغا. توهمكِ نفسكِِ بأنكِ في مكان ما. تنسين جسدكِ وتكرهيه.."عبارات صريحة من كتاب "قراءة لوليتا في طهران" للكاتبة الإيرانية "آزار نفيسي"، حيث صوّرت للقاريء مدى بشاعة الحياة تحت اي نظام شمولي متعنت كالنظام القائم في ايران. فالحكومات التي تعتمد الصبغة الواحدة والصوت الواحد بالتأكيد لا تبدي اهتماما لأي شكل من اشكال الحياة الحقيقية، ولا تعنى بمشاعر الانسان. "لوليتا" كانت الرمز الذي عبّرت به الكاتبة الاكاديمية "نفيسي" خلال الصفحات، وعند السطور وبين الكلمات، وشرحت بصورة ذكية مآسي المرأة في المجتمع الايراني من خلال قراءة عدة روايات عالمية. "لوليتا" للكاتب الروسي "فلاديمر نابوكوف"، واحدة من تلك الروايات التي طوّعتها "نفيسي" لهدفها. تلك الرواية اثارت جدلا واسعا في الساحة الادبية حين نُشرت في الخمسينات، واشعلت الجمر الخامد لسنين تحت الهشيم. "لوليتا" هي انموذج الطفلة الصغيرة التي تُمثل حلم شائك، او ربما عارض صعب الشفاء منه، يُصاب به بعض الذكور وتظهر عليهم اعراضه واضحة، فكلما تقدم بهم السن، كلما زاد هاجس "لوليتا" في داخلهم وتفاقم صديده وفاحة رائحته. ذاك الحلم قد يتجسد في دنيا "اليقظة"، "فيصحو" الذكر فجأة من سباته وبياته الشتوي، وهو يترنح في خريف العمر، ويهرع كثور مسّه جنون البقر، يسيل لعابه، وتضيع مداركه من شدة هوس محموم ينتابه. تندلق عواطفه برخص ورزالة من اجل مضاجعة طفلة في نعومة الورد، لم تلج ربيع عمرها ولم تقترب منه بعد. فيلتهمها بشراهة الوعول البرية المتوحشة دون ان يرف له جفن او يرّق له قلب. في المجتمعات التي تُمارس الكبت على افرادها بكل أصنافه، وتنزع منهم غرائزهم الطبيعية، وحقوقهم الشرعية، وحرياتهم الشخصية، هذا ما نسمع به ونراه يحدث للطفلات هناك. مرات كثيرة يحصل بسرية، وتارات اكثر يحدث علنية. تذكر "نفيسي" في كتابها ان سن الزواج للفتاة في ايران صار بإمرة الملالي واصحاب العمائم تسع سنوات، بعدما كان في زمن الشاه 18 سنة. في بلدان عربية كثيرة وبوجه خاص في الارياف، مازلن الفتيات يُزوجن وهن مادون سن التاسعة، لأنه لا يوجد قانون يحمي الصغيرات من تلك الجرائم التي تُرتكب في حقهن.

"اهو عمرُك؟ أهي تجاعيدك وشيب شعرك؟ أم هي المرحلة حين تريد عمل بعض التغيير؟..كنت متيما بنطقها، بنورها في حياتك، مهووسا بالنار في عضوك، بحلاوتها التي تـُوقد اللهيب في قلبك.."تساؤلات حائرة من قصيدة "في داخلك لوليتا" من **ديوان "شذا الشعر" للشاعرة العذبة عبير زكي. عبير زكي شاعرة من السعودية، تكاد تناجي "آزار نفيسي" بسطورها الناعمة التي تجسّدت في 148 قصيدة، حكت فيها قليل من حلو الحياة، وكثير من مُرها. من الظهران الى طهران، سواد في سواد، ومليون لوليتا ولوليتا يُقدمن كل عام كقرابين وإضحيات، لإرضاء "شموخ" مرتبك ينخر في نفوس فحولية مأزومة رثة. عبير و"آزار" امرأتان استطاعتا ان تصورا حالة واحدة بطرح مختلف. "آزار" اختارت مراجعات لروائع ادبية، وعبير سطّرته في قصائد شعرية. الاثنتان أكاديميتان، تتشابهان كثيرا، وتعتنقان حُلما بنفس النقاء والشفافية. "آزار" ابنة عمدة طهران في عهد الشاه، عاشت أكثر من 18 عاما تحت زمهرير سلطة الجمهورية الاسلامية الايرانية وذاقت لهيبها. التي اجُبرت انذاك على العيش في جسد آخر، بذهن محاصر، وبرئتين عاجزتين عن التنفس بحرية. تقول آزار " جدتي رفضت ان تُغادر دارها لمدة ثلاثة شهور بعد أن فُرض عليها نزع الحجاب، وها انا اعيش التجربة بصورة معاكسة." آزار طُردت من جامعة طهران حين رفضت تلبية مطالب حرس الثورة والتقيد بإملاءاتهم. على الضفة الاخرى عبير زكي ابنة دبلوماسي سابق، استطعمت الحياة من منابعها في بلدان مختلفة، حتى عاد بها القدر الى ارضها، فولجت كهوف ظلماء، بظلمة اوشحتها السوداء. في قصيدتها "المرأة داخل الحجاب" تكادُ تحس بألم "آزار" فتهمس لها "الخداع والظلمة، الريبة والخوف والكراهية...يتواصلون معها عبر لهيب الجحيم، وعند أول لمحة، لم يدركوا قط وهم يرتدون أقنعة التقاليد، العادات والإيمانات، كل ما يبصرونه، الحجاب ليضللهم ويطمئنهم..."

عبير زكي و"آزار نفيسي" عبّرتا عن غربتهما بصورة مثيرة ومؤثرة، كتبتا مرارتهما على الورق باللغة الانجليزية. ربما لأن لديهما وميض امل ان يوجد شخص ما، في مكان ما، لديه مهارات الإصغاء للنبضات النازفة، والقلوب المنهكة، والارواح التي اعياها ثـُقل الانكسار. عبير لم تلتقِ قط بآزار ولم تقرأ لها حين كتبت تلك السطور، لكنها امتلكت روح انثوية حميمة لا تعرف حدود ولا تعترف بمسافات ولا تؤمن بهوية. عبير مثل "آزار" القانون في ديارها، جعلها ضمن مقتيات ذكر واحدى ممتلكاته. شرّع له الحق في ان يتتبع خطواتها، ويراقب تحركاتها، ويرسم لها الطريق الذي يريد منها ان تسير فيه، والويل والثبور وعظائم الأمور للمرأة التي تعيث اقدامها خارج ذاك المسار. فكما تقول "آزار" "نحن نعيش احلامهم ونحقق لهم مايرونه فيها". واذا جرى اي خلل وفلتَ الامر من زمام الذكر، فإن هناك من سيتولى امر هؤلاء النسوة المتعثرات، حرس الثورة في حالة "آزار"، وجماعة "الحسبة" في ديار عبير، و"سيصلحونهن" بطريقتهم الخاصة، وعلى حسب ما تمليه عليهم ذواتهم، وعادة يستخدمون كل سُبل "الاقناع" عدا لغة الحوار.

"نفيسي" تتساءل "كم واحد من البشر حصلَ على فرصة جعلته يطلي احلامه بالصبغة التي يريدها؟" الجواب ليس بالصعب ولا بالسهل بالنسبة للنساء. عبير زكي في قصيدة "يقضتها" تُلمّح ببعض من الإجابة "اخيرا، مثلما يهدأ طفل في واحدة من لحظات صفائه، أومضت رموشي لدموعي الصامتة، وشاهدتُ العالم، عبر عينيّ الجديدتين محدقة نحو يقظتي.." ربما تمكنت الشاعرة هنا من ان تُسدل بعض الالوان الخاصة بها على احلامها حين "داهمتها" الصحوة ودفعتها الى الاستيقاظ، وتلك هي الفرصة المتاحة لجميع البشر، نساء ورجال. فالمرء حين ينادي ذهنه ويوقظه من سباته، يجب ان لا ينتظر من احد فرصة ولا منّة. يشرع في الغوص في بحور الذات وتأجيجها. تماما كما فعلت كل من "آزار" وعبير. كلتاهما ادركتا ان الأذهان كالمياه اذا ركدت أسِنَت. كذلك من قبلهما بقرون قامت الانثى الاسطورية شهرزاد بعمل مشابه، حيث كانت في احلك الظروف واخطرها. شهرزاد فتتت جبروت مَلكا سفاحا، اجاز لنفسه ان يعربد على اجساد العذارى في الليل، ويسفك دمائهن الفتية ويـُزهق ارواحهن الطرية عند مطلع الفجر.. تلك المرأة الفذة لم تُـشهر سيفاً، ولم ترمِ رمحاً، ولم تُصوب سهماً لايقاف القهر والاستبداد الذي حلَّ بها وبالنساء من حولها.. استعانت بإسلوب الحوار، وبراعة الإرتجال، فحازت على اجلّ إنتصار..انقذت بنات جنسها البريئات، وظلت نبراس مشع يُضيء عتمة موحشة للنساء في اماكن عدة من هذا العالم..


شذا الشعر للشاعرة عبير زكي ترجم بعض قصائدها الكاتب السعودي Poetry Aroma ديوان **
د. عبد الرحمن الحبيب



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سُخف واستخفاف حتى الثمالة
- من اجل ذاك القنديل
- العالم يقطر انسانية
- رغد وعائشة ورانيا..حالات عَرَضية أم عاهات مستديمة؟
- إن كيدهم أعظم
- الى متى سيظل تاريخ الحضارة الإنسانية يُلقن مبتورا؟
- هل توجد هناك علاقة بين تناسق الجوارب وإزهاق الروح؟
- قذارة امرأة وازدواجية عالم ذكوري
- لاستاذ حيّان نيّوف.. الاحتضار هو حين تسكن روحك جسد انثى عربي ...
- خرافة سندريلا المسكينة تمتهن الأنثى ومادونا تعيد إليها الروح
- وجيهة الحويدر تتلقى تهديداً بالإعتداء - إن يدنا تطول امثالك ...
- العنوسة خير ألف مرة من الزواج من رجل في هذا الشرق البائس
- لا يكفي أن يسترد النساء العربيات حقوقهن! أيها الفحول: دماء ا ...


المزيد.....




- قوة روسية تنقذ امرأة وأطفالها من قصف مدفعي ومسيّرات أوكرانية ...
- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - وجيهة الحويدر - مناجاة بين طهران والظهران