أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وجيهة الحويدر - ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم














المزيد.....

ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 11:02
المحور: حقوق الانسان
    


منذ أكثر من نصف عام وصلني نداء إغاثة لمريضة العراق ليلى اليتيمة التي كانت تعاني من عطب في القلب، وكانت في حاجة ماسة لعملية معقدة لا يمكن أن تُجرى لها في العراق. قامت والدتها وعمها بالمستحيل، وقدما كل ما كان في وسعهما، من اجل إنقاذ ليلى العليلة من براثن الموت، لكن محاولاتهما لم تسعفها سوى أن تحيى لبضع شهور. ليلى ابنة أغنى ارض في العالم وأعرقها قاطبة، عاشت مثل حياة معدمي هذه الدنيا، وماتت وهي فقيرة مسلوبة من ابسط حقوقها في أن تحصل على رعاية صحية وعلاج شاف.



طوال تلك الشهور الصعبة التي كنت أحاول فيها مع عمها إيجاد منفذا لإخراج ليلى من ارض القتل المقنن، ونقلها إلى أي مكان تتلقى فيه علاجا مناسبا، وجدت أني كلما طرقت بابا، هزوني الفقراء بنبلهم وكرمهم، وفجعوني الأغنياء بجشعهم ورذالتهم، لكن الطامة الكبرى التي خلخلت هذا الوجود من تحت أقدامي، هي حين بعثت بندائي لبعض الكتاب والمثقفين الذين يتباكون ليل نهار على العراق بأقلامهم الملونة، تلك الأقلام التي يسيل لعابها بأمر رؤساء تحرير مرتزقة، جميعهم.. لم يرق فيهم قلب، ولم يرف لهم جفن على حالة ليلى، بل لفوا بوجوههم بعيدا عن القضية، وصمّوا أذانهم، وتحسسوا جيوبهم الملوثة بالنفاق، ليطمأنوا أن لا يُصرف قرش واحد من أموالهم العفنة، لفتاة ليس لديها ظهر يُستند عليه، ولن يجنوا من وراءها منفعة تُذكر.



ثمة ألف وليلى وليلى في طول بلدان العرب وعرضها، يمتن كل يوم حتى في الدول النفطية، ليس بسبب الفاقة وقلة المال، وإنما بسبب شح الضمير وتصحر الإنسانية في هذه الأمة. لأن الفتيات اللاتي من صنف ليلى لا يلتفت إليهن احد. فهن لا يمتلكن أجسادا رخيصة للعبث، ولا ثغورا للمص، ولا نهودا للعق، ولا أفخاذا ليفترشها كل زان نتن من أثرياء العرب ويتلذذ بها في فندق فاخر في إحدى مدن البغاء..ليلى مثل كل فقيرات هذا العالم اللاتي لا يحق لهن العيش الكريم.. فهي لم تُولد وفي فمها ملعقة من ذهب، وليست ابنة لص متمرس في سرق أموال الشعب يتبوأ منصبا كبيرا في الدولة، فتنحني له الهامات البخسة، وتلتف حوله النفوس المتملقة، وتتمسح بنعاله الأيدي القذرة...ليلى لم تكن سوى فتاة نقية غدر الزمن بها، وعبث بقلبها المرض، فخطفها الموت وهي مازالت على عتبة الواحد والعشرين من عمرها.



ماتت ليلى ..فهنيئا لكم يا عرب بإنسانيتكم. هيا يا أثرياء الأمة أكملوا سرقاتكم لثروات بلدانكم ومدوا إرهابي العالم ومرتزقته بأموالكم، ولا تنسوا بين الحين والحين أن تجيّشوا القتلة والمجرمين بفتاوى شيوخكم، لإزهاق أرواح الأبرياء، والفتك بأسرهم، ونهب ممتلكاتهم وتدمير مدنهم. وانتم يا كتاب الطفرات النفطية اذهبوا إلى القصور والحسوا أقدام الحكام الدكتاتوريين الذين لا يتوانون لوهلة واحدة في قمع وسجن واعدام والتنكيل بالشرفاء والمطالبين بحقوق الإنسان، هيا يا انصاف المثقفين والكتبة جَمّلوا وزهرّوا أفعالهم البشعة في وسائل الإعلام واقبضوا ثمن نفاقكم.



حقا..لا خير يُرتجى من امة أصبح فيها اعز أهلها أذلة، وتُرك مترفيها يعيثون في أرضها فسادا، حتى صار أفرادها من كبير وصغير يقيسون آدمية المرء بتخمة جيبه واتساع سلطته...

............................................................................................................................................................
تحية من القلب إلى السيدة أميرة الخنيزي والسيد محمد الجشي والشاعرة عبير زكي والكاتب منصور النقيدان لدعمهم لليلى ماديا لتوفير أدويتها حتى فارقتها الحياة.



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء بين سؤال واجابة
- سيدتان ثائرتان وبراكين تنتظر!
- خصوصية أم إرهاب مرضي عنه؟؟؟
- كفوا عن هذا الردح المبتذل..فقضايا النساء العربيات حقوقية
- متى بدأت الدائرة؟
- من أين تبدأ الدائرة؟
- ليلى في العراق مريضة ..فأين المداوي؟
- ما مدى بشاعة قهر الذكور للذكور!؟
- مَن سيكن بشجاعة هذا الرجل يا ترى؟
- مدننا -الآمنة-
- انا سوسنك يا والدي
- مناجاة بين طهران والظهران
- سُخف واستخفاف حتى الثمالة
- من اجل ذاك القنديل
- العالم يقطر انسانية
- رغد وعائشة ورانيا..حالات عَرَضية أم عاهات مستديمة؟
- إن كيدهم أعظم
- الى متى سيظل تاريخ الحضارة الإنسانية يُلقن مبتورا؟
- هل توجد هناك علاقة بين تناسق الجوارب وإزهاق الروح؟
- قذارة امرأة وازدواجية عالم ذكوري


المزيد.....




- وزير المهجرين اللبناني: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النا ...
- تقرير حقوقي يرسم صورة قاتمة لوضع الأسرى الفلسطينيين بسجون ال ...
- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وجيهة الحويدر - ماتت ليلى العراق...فهنيئا لكم ياعرب بإنسانيتكم