أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - كاتب عصري !














المزيد.....

كاتب عصري !


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 5670 - 2017 / 10 / 15 - 15:14
المحور: الادب والفن
    


كاتب عصري !

بروفسور: سليمان جبران

الدكتور سعيد كاتب وناقد. كاتب مشهور. لا أحد يعرف كيف صار فجأة دكتورا. حاسدوه، الحاقدون عليه يعني، يزعمون أنّه اشترى الدكتوراه، كما يشتري المرء بدلة جديدة من السوق، يلبسها في المناسبات العامّة، فتبيّض وجهه. الحسّاد كثيرون، والغيارى أكثر. يقسمون الأيمان الغليظة أنّه اشترى شهادته، كما يشتري الناس التحف من الدكّان. بل يحدّدون سعرها. بالدولار طبعا. شهادته، يقولون، سرّ من أسرار الدولة. لا يعرفه أحد، ولا يجرؤ أحد على السؤال عنه !
لا يمكن لمن يراه إلّا تكذيب الأخبار المغرضة هذه كلّها. فهو لا يشارك في أمسية أدبيّة إلّا ومعه كوكبة من المثقّفين والكتّاب. يتقدّمهم جميعا في دخول المحفل، فيدخل مرافقوه وراءه. تكاد الثقافة تتدفّق من كلّ كلمة يتفوه بها في القعدة.
في نهاية كلّ أسبوع، ينشر الأستاذ مقالة نقديّة. كلّ أسبوعيّة تفتحها تجد مقالته وصورتة تزيّنان إحدى صفحاتها. الخبثاء طبعا يزعمون أنّه لا يعرف قواعد اللغة، فيعمد إلى من يراجع له المقالة لغويّا. وكثيرون يشترون من الدكّان حاجاتهم ملفوفة بجريدة. جاهلين أنّ الخضار تلك تحتضن صورة كاتب عظيم في نقد أحد الكتب.
الكتاب المنقود قد يكون مجموعة شعريّة، وقد يكون رواية أيضا. ناقد كبير فعلا. ملمّ بالأدب شعرا ونثرا. في مقالته الناقدة، يجد القارئ اسماء ومقولات كثيرة. من الأدب العربي، ومن الأدب الأجنبي أيضا. والأعلام الأجنبيّة غالبا ما تظهر بين قوسين، بأحرف لاتينيّة؛ بكابتل لاتر. ما يشهد بسعة اطّلاعه، في الأدب الغربي، كما في الأدب العربي !
غالبا ما يكون صاحب المؤلَّف المنقود من أصدقائه، أو معارفه. يحرص على تعرّفه عن كثب. لا بدّ له قبل نقد الإبداع من معرفة المبدع طبعا. تلك معلومة ضروريّة لنقده الواقعي الموضوعي. لا يؤمن بنظريّة موت المؤلّف. كلّ أدب ينتجه الكاتب لا بدّ أن تجد فيه انعكاسا للبيئة من حوله. وإلّا فهو أدبّ منبتّ عن الواقع. يتناول القضايا المجرّدة، بعيدا عن الواقع. والدكتور سعيد ناقد واقعي، كما يسمّي هو نفسه، ويصفه أصدقاؤه.
بل هو يحرص غالبا على زيارة صاحب الكتاب في بيته. يتعرّف الكاتب وبيئته عن كثب. في زيارته الأدبيّة تلك، قلّما يذهب وحيدا. يرافقه كثيرون من الجنسين. سهرة أدبيّة، واجتماعيّة أيضا. يجلس الأستاذ في صدر الديوان، ومن حوله مريدوه، يتلقّفون كلّ كلمة، أو مقتبس يسمعونه من الأستاذ. يشربون كلماته ماء زلالا، فيوسّعون معارفهم مشافهة.
يجلس في وسط القعدة، محاطا بالأصدقاء، هواة الأدب والنقد. لن تراه في السهرة إلّا ببدلة غامقة، وربطة تتدلّى من عنقه، فتغطّي بعض صدره واقفا، ومعظمه جالسا. من طبعه التواضع وحبّ الناس. لكنْ لكلّ مقام لباس. هل يشارك في الأمسيات العامرة هذه بقميص وبنطلون فحسب ؟ هل يمكن للمركز أن يكون غفلا من السمات الفارقة ؟
تخطّى الستّين من زمان، لكنّ معارفه كلّهم لا يصدّقون إذ يصرّح بعمره. شعره يملأ رأسه. بل يتعدّى حدوده، فيضيّق من جبهته حتّى. لذا يظنّه من يراه أوّل مرّة أصغر بعشر سنوات من عمره. الشباب زهرة العمر طبعا. لكنّ الوقار في سنّه مطلوب. الشباب في رأيه إلى حين، أمّا الوقار فلا موسم له. في كلّ حين.
سيّارته فتيّة، ومن أحسن الأنواع. لكنّه لا يسوقها غالبا إلى اللقاءات الأدبيّة البعيدة، في الليل. يسوقها أحد المريدين الشباب، ويجلس هو إلى جانبه، غارقا في تفكيره طول الطريق. بل غالبا ما يجلس بجانب أحد مرافقيه هؤلاء، ويترك سيّارته هو في البيت.
ما إن يصل موكب السيّارات إلى غايته في إحدى القرى، حتّى يصفّوا السيّارات، أمام بيت المضيف، أو المضيفة، ويدخلوا جميعا مسلّمين. يجلسون من حوله، صامتين مشرئبين. يشربون كلامه شربا. وهو يورد في كلّ فرصة تسنح حكاية من تاريخ العرب، أو من نوادر الكتّاب العالميّين. الأستاذ مدرسة على قدمين، وكلامه فيض حكمة وثقافة.
بعض مرافقيه يرون أنّ صحبة الأستاذ خير من المطالعة في الكتب. الكلام على لسانه يسيل كالنبع المتدفّق. وهم من حوله يشربونه عسلا مصفّى. كلّ مسألة تشغل بالهم يسألونه عنها، فيسمعون الجواب الشافي الوافي.
وآخرون من مريديه لا يكتفون بما يسمعون من الأستاذ لتوسيع آفاق تفكيرهم. يؤمنون أنّ المرء موكّل أيضا بتثقيف نفسه، كما سمعوها من الأستاذ غير مرّة. لا يسألون الأستاذ إلّا في قضايا المفاضلة، والقضايا المستعصية. سأله أحدهم مثلا ذات مرّة:
لماذا، يا أستاذ، يعتبر النقّاد المتنبّي أكثر الشعراء حكمة ؟
لأنّ الحكمة تتخلّل شعره كلّه. تأثّر المتنبّي بكلّ الفلسفات التي شاعت في عصره. قرأ كلّ الفلسفة اليونانيّة، وحفظها غيبا. يكفيه قوله :
خُلق الناس للبقاء فضلّتْ / أمّة يحسبونهم للنفادِ
إنّما ينقلون من دار أعمالٍ إلى دار شقوة أو رشادِ
[email protected]



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفتّشة اليهوديّة !
- سالم لأنّه ظلّ.. سالما !
- ضحايا -أبو عمر-!
- كيف أتدبّر بعدها ؟!
- نوافذ الستر
- القناعة كنز لا يفنى ؟!
- رومانسيّة مشايخ؟!
- ريتا الواقع والقناع
- لم أتغيّر.. وقفت على الرصيف !
- رفضتنا حيفا.. فاستقبلتنا تل أبيب في الأحضان !
- المنايا خبط عشواء !
- هذيك الأيّام؛ مارون عبّود أبو محمّد !
- الرحيل الافتراضي !
- وحدي ؟!
- هذيك الأيّام: ماذا سيقولون في القرية؟!
- غسلا للعار ؟!!
- هوامش للغتنا المعاصرة 2
- هل استقى شوقي حكايته من الفولكلور اللبناني ؟!
- هل المبالغة، أيضا، من عاداتنا وتقاليدنا؟!
- هكذا بالحرف !


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - كاتب عصري !