أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - كيف أتدبّر بعدها ؟!














المزيد.....

كيف أتدبّر بعدها ؟!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


سليمان جبران: كيف أتدبّر بعدها ؟!

قبل أكثر من ثلاث سنوات، مرضتْ منيرة، فكتبتُ لها:
"كم أنا عاجز !
لا أعرف من الحياة غير قلم وكتاب
لكنّ الحياة، كما تبيّن، أكبر
أكبر بكثير من قلم وكتاب"
مرضتْ ثمّ عادت إلى البيت
ظننتُ واهما خروجَنا دونما خسائر
لكنّ المرض اللئيم عاد إلينا
فكانت عودته إنذارا برحيل لا لقاء بعده !

نعرف كلّنا أنّ كلّ ما له بداية له نهاية
فلماذا نفاجَأ، مع ذلك، إذْ تأتينا النهاية ؟
لماذا ننساها ؟
لماذا تُغرّر بنا الحياة فننسى ؟

أكثر من أربعين سنة قضيناها معا
ركْضا وعرقا
أنا في عملي خارج البيت
وهي في البيت صاحبة البيت
الملكة المطلقة في البيت
فتحنا بيتنا معا
ربّينا أولادنا معا
وإذ حسبنا أنّا وصلنا محطّة الِاستراحة،
هاجمتْنا الأوْصاب من كلّ جانب
لماذا
لماذا ؟!

أفتح الخزانة في غرفة النوم عرَضًا
أرى ملابسها هناك كلّها
أقف مشدوها
تضربني الدهشة
تشرد بي الأفكار
ماذا أفعل بملابسها هذه كلّها ؟
بعضها لبستْه
وبعضها لم يُمهلْها حظّها
تأخذني رجفة فرهبة
أغلق الخزانة خوفا وهربا !!

كانتْ في البيت كلّ شيء
وأنا لا أعرف من البيت سوى غرفتي
دلّوني كيف أتدبّر في هذا البيت الواسع بعدها ؟!

وقعتُ قبلَها
نمتُ في المستشفى أيّاما
لماذا أسرعتْ فسبقتني في الخروج من هذا العالم
لماذا تركتْني وحيدا ؟

في الصباح الباكر أنهض كعادتي
أعدّ القهوة
أقلّ من نصف ملعقة صغيرة من السكّر
هكذا صارتْ تشربها في الفترة الأخيرة
وكانت حلوة تحبّها
أضع على الصينيّة فنجانيْن
ثمّ أفطن متأخّرا
الفنجان الثاني ليس معي من يشربه !

لماذا تركتْني، وهي تعرف أني لا أعرف من الحياة حولنا شيئا؟
حتّى غرفتي كنتُ أحتاجها إذا ضاع فيها أحدُ محتوياتها
ألستُ أكبرَ منها سنّا ؟
لماذا سبقتْني إذن في هذا الطريق
لماذا ؟

أنزل إلى السوق
إلى الدكاكين
أمرّ بها كما كانتْ ..
لا أحدَ يعرفني إلّا بالإضافة إليها
" زوج منيرة، أمّ جبران، أنا
منيرة ألله يرحمها ! "
يهزّون رؤوسهم معزّين
يعترفون بي مرغمين
راحتْ منيرة
لن تأتيهم بعد اليوم
أنا من يأتيهم بعدها
مضطرّين يعترفون بالعهد الجديد !!


سنوات عشناها لم يدخلِ الدواء بيتنا
كيف انقلبت الحال فجأة
كيف غدا بيتنا صيدليّة
حافلة بالزجاجات و والمغلّفات والعقاقير؟!

أكثر من أربعين سنة ونحن على الطريق معا
كيف لي السير وحدي الآن
لا دليل ولا رفيق ؟!
كلّ إنسان مصيرُه الموت
مغادرة هذا العالم. أعرف
لماذا إذن ضربتْني المفاجأة
فلا أعرف كيف أتدبّر بعدها ؟!

(كلمة الكاتب في أربعين زوجته منيرة يوم 3/2/2016)



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوافذ الستر
- القناعة كنز لا يفنى ؟!
- رومانسيّة مشايخ؟!
- ريتا الواقع والقناع
- لم أتغيّر.. وقفت على الرصيف !
- رفضتنا حيفا.. فاستقبلتنا تل أبيب في الأحضان !
- المنايا خبط عشواء !
- هذيك الأيّام؛ مارون عبّود أبو محمّد !
- الرحيل الافتراضي !
- وحدي ؟!
- هذيك الأيّام: ماذا سيقولون في القرية؟!
- غسلا للعار ؟!!
- هوامش للغتنا المعاصرة 2
- هل استقى شوقي حكايته من الفولكلور اللبناني ؟!
- هل المبالغة، أيضا، من عاداتنا وتقاليدنا؟!
- هكذا بالحرف !
- عبق الذكريات
- رجال حملوا السلّم بالعرض !
- “هذيك الأيّام”
- في سنة واحدة؛الثلج في موسم والعنب في موسمين!


المزيد.....




- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - كيف أتدبّر بعدها ؟!