أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - القناعة كنز لا يفنى ؟!














المزيد.....

القناعة كنز لا يفنى ؟!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 13:20
المحور: الادب والفن
    


سليمان جبران: القناعة كنز لا يفنى ؟!
الأمثال والحِكم انعكاس للبيئة التي تنشأ فيها. لذا نجد في أمثالنا وحِكمنا الشعبيّة ما لا يستحقّ حفظه وترديده. ماذا نتوقّع من شعب عانى الفقر والجهل قرونا طويلة ؟ يكفيه ما لاقاه تحت حكم بني عثمان الجاهل الجائر. أربع مئة سنة حكمنا بنو عثمان، باسم الدين، فأشاعوا فينا كلّ العيوب: الفقر والجهل والسلبيّة بتسليم أمورنا للأيّام.
وإلّا فما معنى " اليد التي لا يمكنك كسرها قبّلْها " ؟ هل يرضى اليوم من في رأسه ذرّة عقل بهذا القول الخانع المتخاذل ؟! ومثله كثير طبعا. كلّ "حكمة" ورثناها عن السلف لا بدّ فيها من إعمال المنطق المعاصر. نقبلها إذا لاءمت ظروفنا اليوم، ونرفضها إذا حملت قيمًا قديمة بالية.
ثمّ إنّ الحكمة المقبولة أيضا قد تلائم ظرفّا ولا تلائم غيره. ليست هناك حكمة مطلقة، تصلح لكلّ زمان ومكان. لا ننسَ أنّ الحكايات تحكمها عادة المبالغات و"النهاية السعيدة". حكايات "كرم حاتم الطائي" من هذه المبالغات طبعا. و"ضيافة بدوية" للحطيئة مثلها، وأكثر تطرّفا. إذا زارني أحدهم، وفي بيتي الطعام، استقبلته على الرحب والسعة. وإلّا فإنّي أقدّم عذري، ولا بدّ له من قبوله مقدّرا شاكرا.
والقناعة ؟ قيمة حميدة، لكنّها لا تصحّ في كلّ زمان ومكان. إذا كان جاري اغتنى على حسابي، نتيجة استغلالي، فهل أقبل ظلمه واستغلاله متلفّعا بحكمة السلف- "القناعة كنز لا يفنى" ؟ حتّى "أطيعوا أولي الأمر منكم" لا أقبلها إلّا إذا كان "أولو الأمر" هؤلاء يعملون لما فيه مصلحتي ومصلحة جاري !
قرأت في أحد المواقع مؤخّرا مقالة طويلة عريضة خلاصتها الحثّ على التزام "القناعة والقبول" ! تذكّرت نصّا، كان في كتاب القراءة للصفوف الإعداديّة. عن الصيّاد شبه العاري يدخل قصر غنيّ، يبيعه سمكة وحيدة كان اصطادها في شبكته طوال الصباح، معربا عن سعادته القصوى بالفقر والعري والقناعة. بل يغبطه الغنيّ على حياته تلك !
ليست هناك قيمة مطلقة إذن. الكرم سجيّة رائعة، والقناعة مثله. لكن ما يصلح في ظرف لا يصلح في كلّ ظرف. في رائعة الجواهري "أبو العلاء المعرّي" يعرض النجفيّ الثائر للقيم، فيبيّن لنا أنْ ليست هناك قيمة مطلقة. ليست القناعة ولا الصبر ولا غيرها من المثل العليا، أو "المثل الدنيا"، بأسلوبه، التي يشيعها الأدباء أعوان الحاكم الجائر، فيتبنّاها كثيرون من أبناء الشعب – ليست تلك قيمًا لا يجوز رفضها في أيّ ظرف، أو مناقشتها حتّى:

وإن صدقتُ فما في الناس مرتكبا / مثلُ الأديب أعان الجورَ فارتكبا
هذا اليراعٌ، شواظُ الحقّ أرهفه / سيفًا، وخانعُ رأيٍ ردّه خشبا
وربّ راضٍ من الحرمان قسمتَه / فبرّر الصبرَ والحرمان والسغَبا
أرضى، وإنْ لم يشأ، أطماعَ طاغيةٍ / وحالَ دون سوادِ الشعب أن يثِبا
وعوّضَ الناسَ عن ذلٍّ ومَتربةٍ / من القناعة، كنزًا مائجًا ذهبا !
جيشٌ من المُثُل الدنيا يمدّ بهِ / ذوو المواهب جيشَ القوّةِ اللجِبا

[email protected]



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رومانسيّة مشايخ؟!
- ريتا الواقع والقناع
- لم أتغيّر.. وقفت على الرصيف !
- رفضتنا حيفا.. فاستقبلتنا تل أبيب في الأحضان !
- المنايا خبط عشواء !
- هذيك الأيّام؛ مارون عبّود أبو محمّد !
- الرحيل الافتراضي !
- وحدي ؟!
- هذيك الأيّام: ماذا سيقولون في القرية؟!
- غسلا للعار ؟!!
- هوامش للغتنا المعاصرة 2
- هل استقى شوقي حكايته من الفولكلور اللبناني ؟!
- هل المبالغة، أيضا، من عاداتنا وتقاليدنا؟!
- هكذا بالحرف !
- عبق الذكريات
- رجال حملوا السلّم بالعرض !
- “هذيك الأيّام”
- في سنة واحدة؛الثلج في موسم والعنب في موسمين!
- ألسنا خير أمّة في النحو أيضا ؟!
- ندماء الباذنجان !!


المزيد.....




- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - القناعة كنز لا يفنى ؟!