أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دارين هانسن - تراوما من نوع اخر














المزيد.....

تراوما من نوع اخر


دارين هانسن

الحوار المتمدن-العدد: 5666 - 2017 / 10 / 11 - 13:59
المحور: الادب والفن
    


كانت أصوات فقاعات نارية تلك التي احتلت الغرف. أمي في غرفة الجلوس وبيدها الهاتف الجديد الذي أعطاها إياه يانس ارتجفت. مسكتها من ذراعها كيلا تقع وبدآت تضحك قهقهت ببلاهة المجانين وقالت َنسيت أننا في بيروت. بينما هي تصحح وضعيتها على الصوفا وانا احمل الهاتف الجديد وانزل عليه اللغة العربية قلت لها ماما لسنا في بيروت بل في زحلة! ضحكت هي وابتسمت معها وأنا ألعن الهواتف وكيفية برمجتها إلى اللغة العربية وعيني على الكمبيوتر الذي يحول المواد المصورة إلى صيغة آخرى تفهمها لغة المونتاج! صعق الكمبيوتر وأنا في طريقي إلى البلكون لنختبر صوت الموبايل القديم{ أمي هل تسمعيني بشكل جيد؟} بيني وبينها أقل من خمسة أمتار أنا على التراس وهي في وسط غرفة الجلوس " حبيبتي كم أشتاق إليك كم أتمنى أن أضمك أن أقبل جبينك...} بدأ صوت أمي يتغير إلى بكاء لا أعرف كيف أصفه حملت الهاتف اللعين في يدي وهاتفي يصعق من طلاب المخيم وصلت أليها كانت تبكي وتقلب بين قنوات التلفاز التي لا أعرفها لأني لم أشاهده بعد. منهارة هي حقا كأني ما زلت في الدانمارك وكأنها هي مازالت في سورية. ضحكت لأني لم أصدق حجم العنف النفسي الذي تتعرض له" منكوش ما بالك أنا هنا يا مجنونة" ضممتها وقبلت راسها وانا اسحبها من يدها لترى الفيلم الذي صنعته جمانة وآخرون في المخيم واسمه بيت اللجوء!
" هل هم يعيشون حقا هكذا أم أنه فقط ديكور للفيلم؟"
" نعم ماما هذه هي حياتهم وبيتهم"
" هم سبب البلاء فليدفعوا ما وضعونا به! حتى حق الدواء ليس لدينا الان بسبب جهلهم"
ماما تبا لهذا الهراء! كانوا من أغنى الناس في سوريا وهاجروا عندما قتل الأخ اخاه "
أمي بجانبي منهارة بأحد يديها ترتكز علي الكرسي وبالأخرى تمسك بكتفي وتبكي ويعلو صراخها
" على الأقل هذه الخيمة تبدو جميلة وكأنها غرفة جلوس افضل من غرفتنا: ما هذه المواد التي تلمع؟ هل هي بلاستيك ام ماذا
" لا ماما هذه هي العوازل التي صنفت لهم من المنظمات غير الحكومية كي تقيهم البرد والثلج
أمي تبكي أكثر أزحت يدها عن كتفي ببطء كيلا تستيقظ من بكاؤها دعها تبكي الحرقة التي تحتاجها ودعها تبكي وتبكي.. تركت الفيلم يكمل بعضه وتوقف فجأة لأنه انتهى. كنت أقف خلف أمي التي حاولت تحريك شيء في برنامج المونتاج وأنا أقف خلفها وأحمل جاكيتها وقبل أن تصل يدها إلى لوحة المفاتيح كانت يدي قد اختطفتها
" ماما لم احفظ كل هذه العمل الذي كلفني أيام بلياليها، اشربي القليل من النبيذ ودعيني اغلق الكمبيوتر كي نذهب ونأكل السمك
اغلقت الفاينل كات بينما أمي تلبس جاكيتها وتشرب القليل من النبيذ وتتمتم
أربع سنوات وعشرون يوما! لا ليس عشرون خمسون يوما! لا كانت أخر مرة رايتك خمسة أشهر قبل اختفاء شعبان وشهرين بعد وفاة ايلي على ما اعتقد اليس كذلك؟
اسحب كاس النبيذ من يدها اقبلها على جبينها وأقول
" أربعة سنوات وثمانية وعشرين يوما لا اعرف قبل وفاة من وبعد اختفاء من! المهم نحن الان في زحلة والسمك ينتظرنا
«أشعر بالفراغ بالضياع وبان كل ما يحدث مجرد حلم أرى منه بقايا الخيالات اليومية»
«نعم أمي هذه هي الحقيقة ستصحين بعد قليل وتعتادين وجودي هنا وتبدآ طلبات التسوق»
« هل سندهب الى السوق بعد السمك»
تضمني اليها ونمشي وهي تحدثني عن كيف كانت زحلة في أيام الحرب



#دارين_هانسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحر و الصور الغامضة
- توضيح الفرق بين الإسلامي والمسلم يتطلب جهد جماعي
- حول مقال ( الحمرا لم تعد لبنانية)
- ممنوع
- عبرنا من هنا
- هل ننتظر قوة خارجية من الفضاء؟
- آعد التسجيل!
- حيرة واقع معفن
- كيف لي
- وطن افتراضي
- بين تلك الخيم ألاف الحكايا
- كاسك سورية من الحدود
- بحضور سرير ميت
- لا للعنف ضد المرأة
- هو الوطن
- سقط الإله
- حيث بائع القهوة بانتظارهن
- كاسك يا أيقونتي الجريحة
- موعد مع الجنون
- مساماته ميتة الأن


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دارين هانسن - تراوما من نوع اخر