أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - محنة المغردين في العالم العربي















المزيد.....

محنة المغردين في العالم العربي


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5640 - 2017 / 9 / 15 - 15:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


محنة المغردين في العالم العربي / رضي السماك
- إلى كل ضحايا التغريد القابعين في السجون العربية ، وإلى كل المغردين المقطوعة ألسنتهم عن التغريد في سماء عالمنا العربي الكئيب أهدي السطور المتواضعة التالية -
في أواسط العقد المنصرم ، وتحديداً مارس / آذار من عام 2006 ، اُعلن في مدينة سان فرانسيسكو الاميركية عن تأسيس شركة " تويتر " ، لينطلق بعدئذ في خريف نفس العام واحد من أعظم اختراعات العصر ووسائل التواصل الاجتماعي الكونية والمعروف عالميا أيضاً ب " تويتر " أو "المُغرّد" حسب الترجمة العربية .
ومع أن المؤسسين قد توخوا من هذا الابتكار تحقيق منافع اقتصادية وتجارية في المقام الأول واجتماعية وثقافية عالمية جمة متعددة الأغراض ، إلا أن الشهرة السياسية غدت تطغي عليه بعد أن تحوّل إلى منبر إعلامي عالمي للتعبير عن الآراء والمواقف السياسية المختلفة للمقموعين من الكتّاب ونشطاء حقوق الإنسان والشخصيات والرموز السياسية الذين لا يجدون أي منبر إعلامي يحتضن آرائهم داخل أوطانهم فيلجأون إلى تدوين تغريدات قصيرة تُطلق في الحال لتصل خلال بضع ثوانٍ إلى المتلقين في شتى أرجاء المعمورة بكلمات محدودة ذات حروف معدودة للتغريدة الواحدة بحيث لا تزيد عن 140 حرفاً . وبذا فقد بات " تويتر " يلعب اليوم دوراً سياسياً متعاظماً فائق الأهمية والخطورة كمنبر إعلامي عالمي دولي حر يُعرّي تفسخ أخلاق الأنظمة الدكتاتورية وعلى الأخص استبدادها وفسادها وأكاذيب دعايتها ، ومكمن الخطورة التي بات يشكلها تويتر على الانظمة الشمولية يتمثل في عدم وجود رقيب للسلطة على نص تغريدة المغرّد المختصر جداً في كلمات مكثفة معدودة بما يسهل قراءته -لبساطته وقصره - في أوساط أوسع شرائح الشعب بمختلف مستوياته السياسية والثقافية ، بل وانتشاره أيضاً على الساحة الدولية في لمحة خاطفة وبسرعة قياسية أشبه بسرعة الضوء . وبذا يكاد يكون "تويتر " المتنفس الوحيد للمغردين المُكممة أفواههم أو لنقل المقطوعة ألسنتهم مجازاً من قِبل السلطة الدكتاتورية العربية لما هو معروف عن ديدنها في الارتعاب من الكلمة الحرة الناقدة وحيثُ ما زالت إلى يومنا هذا تعيش في أوهام جدوى التمسك بالستار الحديدي لاخفاء ما يدور خلفه من انتهاكات وجرائم بحق شعبها في الداخل ، وعلى الأخص في المنطقة الخليجية حيث طفقت تتصدى للمغردين بكل ما اُوتيت من قوة وبطش وذلك بعد أن تجس أنفاس تغريداتهم وتحصيها ، حتى إذا ما شمت منها من قريب أو من بعيد ما يوحي بتنديد أو أي درجة دُنيا من درجات النقد لمظاهر القمع والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان أومُطالبة بالديمقراطية والإصلاحات السياسية . وقد جن جنون هذه الأنظمة العربية من تغريدات من هذا القبيل بوجه خاص إثر انطلاقة هبات وثورات الربيع العربي العام 2011 ، فلم تتوانَ من حينها إلى يومنا هذا عن الزج بمئات أو آلاف الرموز السياسية والشباب المغردين في غياهب السجون وإخضاعهم للتعذيب والحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة إما بتهمة تلك التغريدات نفسها تحت ذريعة الافتئات على الدولة وترويج الأكاذيب ، أو من خلال إضافة تُهم اُخرى مُعلّبة جاهزة ، كالتخطيط إلى قلب أنظمة الحُكم وتلقي دعم من جهات خارجية معادية للدولة ، إلى آخره من تلك الإسطوانة أو المعزوفة الرتيبة المتقادمة ، بل لا تتوانى عن تلفيق للمغرّدين تهم مختلقة لا أساس لها من الصحة للإنتقام من تغريداته والمهم أن تصل رسالة الى المغرد ليفهم ضمنياً بينه وبين نفسه الاسباب الحقيقية غير المُعلنة وراء اختلاق السلطة هذه التُهمة له من العدم وذلك إذا ما أستعصى إيجاد تبرير لمحاكمته بسببها أمام الرأي العام الدولي .
وعلى ضوء هذه المحنة المريرة التي مرّ وعانى منها آلاف المغردين العرب أيما معاناة لسنوات منذ مطلع العقد الحالي فقد بات هذا المنبر الإعلامي العالمي الحر عملياً عديم الفائدة في تلك الدول الشمولية العربية بعد أن جعلت منه خطراً داهماً على كل من تسوٰل له نفسه "التغريد " بكلمات تنتقدها ، وجعلت من مصير من سبقوه عبرةً لمن لا يعتبر ، هذا في الوقت الذي أضحى فيه هذا المنبر الاليكتروني العالمي يكاد يكون حكراً على حكومات تلك الدول الخليجية ممثلةً في وزرائها وكتّابها يصولون ويجولون فيه بتغريداتهم كما يحلو لهم إما لتخوين قوى المعارضة وإما للسخرية والازدراء من هذا الرمز المعارض أو ذاك واطلاق أقذع الشتائم المُعبّرة عن الحُقد والكراهية ناهيك عن بث النعرات الطائفية بين مكونات شعوبهم والتي لطالما ألصقوها زوراً وبُهتاناً بتغريدات رموز المعارضة ، يحدث ذلك كله دون حسيب أو رقيب قضائي أو برلماني على الصعيد المحلي في دول لا تعترف عملياً بمبدأ الفصل بين السلطات الا كما جاء حبراً على ورق دساتيرها ، ودون أي تشريعات دولية جامعة مانعة تنظّم وتكفل هذا الحق الإنساني في التعبير عن الرأي الحر من على منصة اليكترونية دولية .
وإذا افترضنا ان الدولة الشمولية العربية قد أعتادت تعسفياً أن تبرر على الساحة الدولية مصادرة حرية التعبير لمواطنيها في شتى وسائل الإعلام المحلية بإسم الحق " السيادي " في حين لطالما أعطت لنفسها الحق خلال زمان مضى في التشويش على الاذاعات الاجنبية غير المرغوبة فيها ، ثم في فترة لاحقة على المحطات التلفزيونية قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا : هل يحق لقلة من دول العالم أن تصادر حق مواطنيها في استخدام منبر اليكتروني دولي عام هو ثمرة إنجاز حضاري ثقافي عالمي ما كان في الأصل ليتحقق لولا نشوء مخترعيه في بيئة علمية ديمقراطية صحية تطلق حرية التعبير وحرية البحث العلمي والحصول على المعلومات ؟ لكن الدولة الشمولية العربية لم تكتفِ بذلك بل سبق أن أعطت لنفسها الحق أيضاً في التطاول على أي موقع اليكتروني خارجي فتمتد يدها بحظره برمته ، سواء أكان إعلامياً أو ثقافياً أو حتى تاريخياً ما دام لا يتماشى مع هواها السياسي الاستبدادي حارمةً بذلك مواطنيها من حق الإطلاع والاستفادة على الأقل من مواده الاخرى التي لا تمس سياساتها .
وهكذا فمنذ عقد ونيف على ذيوع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي في العالم ، والذي يعود فضل ابتكارها للغرب وعلى الأخص الولايات المتحدة ، ظلت هذه الوسائل عرضةً لعبث الرقابة البوليسية من قِبل الدول الشمولية العربية بهدف الحيلولة دون استفادة مواطنيها منها استفادةً كاملة وظلت ومازالت بمنأى عن أي ضغوط دولية تضع حداً لهذا الأستهتار الاستبدادي المتخلف الأرعن بمنجز حضاري ديمقراطي عالمي ، وبالتالي فلا ضغوط أو مواقف حازمة نلمسها من قِبل الدول الديمقراطية الغربية المتشدقة بنشر حقوق الإنسان في العالم ، وعلى رأسها الولايات المتحدة البلد الذي ظهرت منه تلك الاختراعات وشركاتها ، ولاضغوط كافية من قِبل مجلس حقوق الإنسان بالامم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية .
واذا كانت الشركات الأميركية الأربع الاحتكارية لوسائل التواصل الاجتماعي : فيسبوك ومايكروسوفت وتويتر ويوتيوب قد أطلقت في أواخر يونيو / حزيران الماضي بمدينة سان فرانسيسكو منتدى لتدارس سُبل التصدي للجماعات الارهابية لمنع توظيفها وسائل التواصل الاجتماعي ، ثمرة الحضارة الديمقراطية الغربية ، لنشر فكرها الارهابي المتحجر المتخلف وخطط عملياتها الارهابية فقد كان الأجدر بالولايات المتحدة - كدولة عظمى تدعي رعاية حقوق الإنسان في العالم - أن تجبر شركاتها الأربع الآنفة الذكر بأن تدرج ضمن هذه المهام أيضاً وضع ضوابط قانونية حازمة وتقنية آلية مُحكمة صارمة تحول دون حرمان شعوب الأنظمة الشمولية من هذا المنبر الإعلامي العالمي " تويتر " من خلال تطاولها عليه ومصادرة حق مواطنيها ونشطائها السياسيين والحقوقيين في الاستفادة منه ذلك بأن الارهاب لا يتفقس إلا في بيئات المجتمعات غير الديمقراطية التي تحكمها تلك الأنظمة .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا جرى لبطرس غالي في غرفة نوم عيدي أمين ؟
- العبارة الانجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه !
- عشرون عاماً على رحيل الجواهري
- القدس وتخاذل الأنظمة العربية .. مالجديد في الأمر ؟!
- المثقفون العرب والأزمة الخليجية
- نكسة 67 .. كيف تم إصطياد -الديك الرومي -
- قراءة في البيان الأخير للتيار الديمقراطي البحريني
- بعد حل - وعد - مامصير المعارضة المشروعة في البحرين ؟
- الدول الرأسمالية بين المهاجرين وحقوق الإنسان
- أنجيلا ديفيس تعري الأزمة الاخلاقية للرأسمالية الاميركية
- جدلية المقاطعة والمشاركة في الانتخابات بين اليسارين البحريني ...
- اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية
- قصة أمريكيين عادوا لفيتنام لغسل عار جرائمهم
- معوّقات تطور العلمانية في تركيا
- الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي
- التمييز العنصري وصناعة الفقر
- ‏يوم الأرض ودور الشيوعيين في نضالات عرب 48
- التعذيب في «السي آي أيه» للتحقيق الجاد أم للانتقام؟
- نحو تأبين يليق بمقام عبدالله خليفة
- -وطار- المثقف الذي أحب كل فئات شعبه


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - محنة المغردين في العالم العربي