أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - عشرون عاماً على رحيل الجواهري














المزيد.....

عشرون عاماً على رحيل الجواهري


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5592 - 2017 / 7 / 26 - 15:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشعر ديوان العرب " مقولة جرت على ألسن أجيال متعاقبة من الأدباء والمثقفين والمؤرخين العرب ، بمعنى أن أشعارهم تمثل سجلاً صادقاً لأرثهم الثقافي ولتاريخهم الاجتماعي والسياسي وعلى الأخص خلال العصر "الجاهلي " الذي لم يشهد التدوين ، ثم اُطلق " الديوان " في تاريخنا الحديث على مجموعة من قصائد شاعر أو كل ما نظمه من شعر طوال حياته . ويمكننا القول في هذا الصدد أن قصائد الشاعر العراقي الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري الذي تمر غداً الخميس الذكرى العشرون لوفاته هي بوجه من الوجوه أصدق ديوان شعري لتاريخ العراق على امتداد القرن العشرين تقريباً حيث كانت قصائده ، وعلى الأخص السياسية منها ، شاهدةً على هذا القرن الحافل بالأحداث الكبرى لبلاده فضلاً عن العالم ، هو الذي وُلد في مدينة النجف الأشرف مطلع القرن العام 1901 (وقيل 1899) وتُوفي خلال عهد الدكتاتور المقبور صدام حُسين في منفاه بدمشق في أواخر القرن العام 1997 ودُفن في نفس المدينة بإحدى مقابر السيدة زينب .
وإذا كان الشئ بالشئ يُذكر فإنه ستمر بعد شهور قليلة ( وتحديداً في يناير / كانون الثاني المُقبل ) الذكرى السبعون للهبة الجماهيرية العراقية التي شارك فيها مختلف فئات وطوائف الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث الإنجليزية - العراقية التي اُبرمت في إبان العهد الملكي العراقي على البارجة البريطانية " فكتوريا " الراسية عند ميناء بورتسموث ببريطانيا ، وهي المعاهدة التي تجبر العراق بأن يسخّر أراضيه ويقدم كل الامتيازات والتسهيلات المنصوص عليها في الاتفاقية ذاتها تحت خدمة القوات البريطانية في أي حرب تخوضها في الشرق الأوسط ، وقد وقّعها عن الجانب العراقي رئيس الوزراء صالح جبر ، الأمر الذي أثار عاصفة من الاحتجاجات السياسية والشعية العارمة عُرفت لاحقاً ب " هبة كانون الثاني " ، ورغم سلميتها إلا ان السلطات العراقية لم تتورع عن اللجوء إلى إخمادها بالرصاص الحي ببغداد في يوم 27 يناير / كانون الثاني 1948 والذي مزّق صدور المتظاهرين العُزّل ، وكان من بينهم الشهيد الشاب جعفر أخو الشاعر الجواهري والذي كان يوم تشييعه -كما أجمع المؤرخون العراقيون - يوماً مشهوداً غير مسبوق في تاريخ بغداد الحديث استنكاراً وحِداداً على دماء الشباب المسفوحة التي اُريقت ، وقد رثاه شاعرنا الجواهري المفجوع بقتل شقيقه ظلماً وعدواناً بقصيدة عصماء عُدت من عيون أشعاره تحت عنوان " أخي جعفر " وكان قد ألقاها في مثل 14 فبراير / شباط من نفس العام في جامع "الحيدر خانة " ببغداد وسط حشد جماهيري كبير من مختلف فئات الشعب ، وفيها يقول :
أتعلمُ أم أنت لا تعلمُ
بأن جراحَ الضحايا فمُ
فمٌ ليس كالمدّعي قولةً
يصيحُ على المُدقعين الجياع
أريقوا دماءكمُ تُطعموا
ويهتفُ بالنفر المُهطِعين
أهينوا لئامكمُ تُكرموا
أتعلمُ أنّ جراح الشهيد
تظلُ عن الثأثر تستفهم
لكن ثمة قصائد عديدة اخرى لا تقل شأناً في تعبيرها الإبداعي العميق عن صدق مشاعره الجيّاشة تجاه أحداث وطنه الجسام التي كان شاهداً عليها وألقاها في مناسبات وطنية تاريخية وسياسية اخرى ، علماً بأن الجواهري قد عاصر أحداث ثورة العشرين الوطنية الكبرى ضد الغزو الانجليزي للعراق وهو شاب يافع عشريني العمر ، وبخاصة إن مدينته النجف الي كانت المعقل الرئيسي لتلك الثورة أو من أهم معاقلها ، ونظِم في ذلك طائفة من قصائده الأولى . والجواهري الذي يُعد واحداً من عمالقة شعراء القرن العشرين العرب عاصر أيضاً في شبابه الشاعرين المصريين الكبيرين أمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وقد خص كلاً منهما على حدة بقصيدة رثاه بها غداة وفاته العام 1932، ويمكن القول ان شاعرنا وبما راكمه من درر من أشعاره اللاحقة بعد رحيل شوقي وخلال عقدين فقط هو من ورث إمارة الشعر العربي بلا منازع في الشعر التقليدي أو ما يُعرف بقصيدة القافية وظل متربعاً على هذا العرش حتى مماته .
والحال إن الجواهري لم يكن بأشعاره شاهداً على أحداث القرن العشرين لبلاده فحسب ، بل كان واحداً من أبرز فحول الشعراء العرب النادرين في تاريخنا العربي الحديث في تحليه بإنسانيته المرهفة وتساميه فوق التعصب القومي ، حيث لم تجعل منه فصاحته وبراعته المُدهشة في امتلاك ناصية اللغة العربية الفصحى -بكل خواصها وأسرارها البلاغية - بأن يقع في محذور الشوفينية البغيضة ، فقد كانت قصائده -كما أفكاره - صدى لصوت الشعب العراقي كله بمختلف مكوناته ، هوالذي اشتهر بقلنسوته التي نُقش عليها إسم "كردستان " لمحبته العميقة لهذا المكون الإثني وتعاطفه معه لما مر به من محن واقصاء وتهميش وإبادة وقمع وحشي مع سائر المكونات العراقية في عصور الدكتاتورية ، ولاسيما العصر الصدامي ، وإن بدرجات متقاوتة ، كما كان الجواهري صدى الضمير الحي لشعبه في مخاضه المؤلم نحو الانعتاق الشامل سياسياً وحضارياً من الاستعمار "الكولونيالي " وفي انحيازه لكل قضايا شعبه بمختلف دياناته وطوائفه وقومياته .
ومن أسفٍ إن قامة شاعرية عربية كبرى بحجم الجواهري ملأ الدنيا وشغل العالم ورغم أنه معروف لدى أوساط النخبتين السياسية والادبية في عالمنا العربي إلا أنه مازال مُغيّباً مُجّهّلاً في مناهج التعليم ومعظم وسائل الإعلام العربية ، أقول ذلك ولا أعلم حقيقةً عما إذا رُد الاعتبار إليه بعد سقوط الطاغية في مختلف مراحل التعليم العام وصولاً الى التعليم العالي .


‏‫



#رضي_السماك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس وتخاذل الأنظمة العربية .. مالجديد في الأمر ؟!
- المثقفون العرب والأزمة الخليجية
- نكسة 67 .. كيف تم إصطياد -الديك الرومي -
- قراءة في البيان الأخير للتيار الديمقراطي البحريني
- بعد حل - وعد - مامصير المعارضة المشروعة في البحرين ؟
- الدول الرأسمالية بين المهاجرين وحقوق الإنسان
- أنجيلا ديفيس تعري الأزمة الاخلاقية للرأسمالية الاميركية
- جدلية المقاطعة والمشاركة في الانتخابات بين اليسارين البحريني ...
- اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية
- قصة أمريكيين عادوا لفيتنام لغسل عار جرائمهم
- معوّقات تطور العلمانية في تركيا
- الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي
- التمييز العنصري وصناعة الفقر
- ‏يوم الأرض ودور الشيوعيين في نضالات عرب 48
- التعذيب في «السي آي أيه» للتحقيق الجاد أم للانتقام؟
- نحو تأبين يليق بمقام عبدالله خليفة
- -وطار- المثقف الذي أحب كل فئات شعبه
- مناقشة هادئة في المسألة التخريبية
- هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟
- ساحة محمود درويش في باريس


المزيد.....




- بطلّة ملكية ساحرة.. الملكة رانيا تتألّق في حفل زفاف بيزوس وس ...
- المعارضة التركية تطلب من ألمانيا دعمها في مواجهة أردوغان
- تفاعل الأوساط السياسية والإعلامية داخل إسرائيل مع تصريحات تر ...
- إيران تشيّع قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في الحرب مع إسر ...
- مقتل 16 جنديا في هجوم بباكستان
- -تكتيكات أمنية- إسرائيلية جديدة خلال اقتحام الضفة الغربية
- -مصائد الموت-.. أبرز مجازر إسرائيل بحق المجوّعين بغزة
- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - عشرون عاماً على رحيل الجواهري