أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية















المزيد.....

اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5307 - 2016 / 10 / 7 - 21:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن القول إن بدايات انحسار اليسار العربي كانت منذ مطلع الربع الأخير من القرن الفائت ، لكن بلا شك ان هذا الانحسار تضاعف بعد انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع العقد الأخير من القرن ذاته ، وقد أقدمت قوى عديدة من اليسار ، وبخاصة الأحزاب الشيوعية ، بمراجعات نقدية جريئة ، وإن كان الأجرأ منها تم على أيدي رموز ومفكرين محسوبين عليها، لكن وبالرغم مما تميزت به تلك المراجعات من جرأة فإن قوى اليسار مازال حالها يراوح مكانه ، بل يسير من سئٍ إلى أسوأ ليس من حيث ضعف نفوذها في الحياة السياسية العامة فحسب ، بل وتقلصه في الأوساط الجماهيرية .
ولعل السبب يكمن في ان غالبية قوى اليسار تمكنت من وضع يدها على الداء وشخصت علل انحسارها بدقة لكنها عجزت في أن تتخطى في الممارسة العملية على أرض الواقع تلك الأمراض المزمنة واقتلاعها من سياساتها ومسلكياتها في حياتها الحزبية والسياسية بحيث ان المواريث السياسية المزمنة تحولت إلى نزعات قوية عجزت الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار عن التخلص منها ممارسةً وإن أدانتها وانتقدتها على الصعيد النظري الفكري ، وغلب الطبع التطبع .
ولنا هنا أن نأخذ على سبيل المثال عاملين من العوامل التي اللذين تناولهما أغلب الكتّاب والقادة والمفكرين اليساريين ، ألا هما العاملان الديمقراطي والديني وهما اُعتبرا من أسباب ليس تراجع اليسار العربي فقط ، بل وحتى ومن أسباب سقوط سقوط الاتحاد السوفياتي ، فهل لمسنا في هذا السياق تصحيحاً أو ترجمة لتلك المراجعات التنظيرية النقدية منذ ربع قرن إلى يومنا هذا ؟ للأسف فإننا في كلا العاملين لا نُكاد نلمس تغييراً يُذكر من هذا القبيل اللهم إلا النزر اليسير ، فلو تناولنا العامل الديمقراطي فإن تغييب الممارسة وقواعد العمل الديمقراطي في الحياة الداخلية لهذه القوى والأحزاب مازال هو الطابع الطاغي على عمل هذه الاحزاب من حيث غلبة تركز طابع التفرد في اتخاذ القرارات ، لاسيما الهامة والمصيرية قي يد الأمين العام أو والمكتب السياسي ، أو شلة محسوبة عليه من أعضاء المكتب ، زد على ذلك تغييب التقد الذاتي الجرئ ، وعدم رجوع الأمين العام إلى المكتب السياسي في المواقف التي يفترض أن يبت فيها المكتب ، أو عدم رجوع كليهما إلى منظمات الحزب القيادية الوسيطة كاللجنة المركزية ، والأهم من ذلك عدم الرجوع إلى أعلى سلطة في الحزب ممثلةً في المؤتمر العام بغية إطلاعه أو إشراكه في القرارات الهامة والمصيرية، ومن ثم إيجاد ذرائع لتعطيل انتظام عقد دوراته ، ويمكننا أن ندخل في عداد ذلك نشوء الشلليات والصراعات بين أعضاء قيادات العديد من الاحزاب الشيوعية واليسارية خارج الاُطر الحزبية على التفرد بقيادة الحزب وعدم تقيل الرأي الآخر الجرئ الصريح وتخوين صاحبه ، سواءً على صعيد الممارسة اليومية في مختلف مؤسسات وأجهزة الحزب ، أم في صحافته ومختلف وسائله الإعلامية حيث يغلب على كلا المستويين اللون الواحد والصوت الواحد الاقوى وتهميش ان لم يكن اقصاء وطرد أصحاب الصوت الثاني المخالف .
ولا يختلف الحال فيما يتعلق بتلعامل الديني، فلا زال الوضع كما كان هو عليه من طغيان وروح التعالي على الثقافة الشعبية وخاصة جوانبها الدينية لدى أوسع القواعد الجماهيرية العريضة ، وما زال تدني التواصل مع مناسباتها الدينية هي السمة الغالبة ، متناقضةً بذلك مع المبادئ والغايات التي تسعى إليها في نضالاتها ، فهي تحض من جهة أعضاءها المناضلين على التواجد في أوساط الجماهير ومشاركتهم أتراحهم وأفراحهم العامة والخاصة ، وبخاصة الطبقات الفقيرة والعمال والكادحين ، ولنشر أفكارها في صفوفها والرفع من مستوى وعيها السياسي من جهة ، وهي في نفس الوقت تتعالى على الثقافة الدينية والشعبية لهذه الشريحة العريضة من الجماهير ولا تريد التواصل معها في هذه المناسبات الجماهيرية الشعبية ، وكأنها بذلك تبتغي جماهير من طراز خاص جاهزة معبئة بتقبل الفكر اليساري و الاشتراكي بلا عناء أو صبر من جهة اخرى . ومن نماذج هذا التعالي نفورها الشديد من ذكر "البسملة " ، ونبذ الاشارة إلى الرموز الدينية الكبيرة في الدين والتاريخ الإسلامي معطوفةً بألقابها المُبجلة في مطلق الاحوال حتى لو كان والد ووالدة العضو الحزبي والبسطاء من أفراد عائلتهةو حيه أو منطقته الشعبية يفعلون ذلك على مدار ساعات اليوم مرات ومرات عديدة ، رغم ان هؤلاء الرموز الدينية كانوا ثواراً ومناضلين ورموز التغيير في عصورهم حيث لم يظهر الفكر الاشتراكي العلمي بعد ، في حين لا ينسى الإنسان اليساري أن يقرن أي رمز تاريخي مفكر أو مناضل من حزبه أو تياره الفكري بالتبجيل المعروف من نحو " الرفيق " ، المناضل العظيم " أو " المفكر الاشستثنائي " أو "الشهيد " وهلم جر .
واللافت ان الاحزاب اليسارية وبخاصة الشيوعية عجزت عن إيجاد صيغ فكرية للاشتراكية تتلائم مع الخصائص والسمات الاجتماعية والدينية والطبقية لمجتمعاتها ولو استناداً إلى مرجعياتها الماركسية ، بل أعتمدت وانساقت انسياقاً مطلقاً في أغلب الأحيان خلف التنظيرات المعُلبة و المُصممة من قِبل موظفي الجهاز البيروقراطي للدولة السوفياتية ومعاهدها ومؤسساتها التنظيرية من مُنظري الحزب الشيوعي الحاكم والمؤتمرين بقرارات قيادة الحزب والدولة حسب مصالح هذه الأخيرة على الساحة الدولية وسياساتها الخارجية ورؤاهم الضيقة لأوضاع الدول التي يناضل فيها حلفاؤهم الشيوعيون ، حتى لو جاءت في حالات عديدة متصادمة مع مصالح هذه الأحزاب كما أثبتت التجربة التاريخية طوال الحقبة السوفياتية منذ نشوئها .
ولئن كانت الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار العربي أدوارراً تاريخية مشهودة في حركة التحرر الوطني داخل أقطارها وأضحت أحزاباً جماهيرية بفضل هذه الأدوار تحديداً ، فإنها غدت منذ بضعة عقود مضت ، بعد استكمال مهام التحرر من الاحتلال والاستعمار الأجنبي في مرحلة مختلفة تماماً ، تستوجب اجراء مراجعة أكثر تأصيلاً وجذرية من سابقاتها لإعادة النظر في شعاراتها وبرامجها السابقة وبخاصة في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، بحيث تتمكن هذه المراجعات الجديدة المنشودة من وضع آليات فعلية لترجمة مراجعاتها على الأرض نحو دمقرطة الحياة السياسية داخل أحزابها ونحو التخلص من التعالي النخبوي على المعتقدات الدينية واشكال الثقافة الشعبية الجماهيرية الاخرى ، وبدون ذلك فإن حالها سيظل مرشحاً بأن يسير من سئ إلى أسوأ ، كما ذكرنا سلفاً . وستظل كما هي حالياً احزاباً نخبوية ضيقة معظم كوادرها من ذوي الخمسينيات في أعمارهم فما فوق ، ولا تمتلك سوى التغني بأمجاد أحزابها النضالية وجترار المناسبات والفعاليات الحاصة بذلك .




#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة أمريكيين عادوا لفيتنام لغسل عار جرائمهم
- معوّقات تطور العلمانية في تركيا
- الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي
- التمييز العنصري وصناعة الفقر
- ‏يوم الأرض ودور الشيوعيين في نضالات عرب 48
- التعذيب في «السي آي أيه» للتحقيق الجاد أم للانتقام؟
- نحو تأبين يليق بمقام عبدالله خليفة
- -وطار- المثقف الذي أحب كل فئات شعبه
- مناقشة هادئة في المسألة التخريبية
- هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟
- ساحة محمود درويش في باريس
- الرأسمالية تتعرى في مياه خليج المكسيك
- أسطول الحرية والأشكال النضالية المغيّبة
- التلوث بين خليج المكسيك وخليجنا
- والذين يزدرون حضارتهم
- دروس أسطول الحرية (2-2)
- دروس أسطول الحرية (1-2)
- جياع العالم.. والمقتدرون المقترون (2-2)
- حال أول بلد اشتراكي في العالم اليوم (1)
- التعددية في الأسرة الواحدة.. عبدالقدوس نموذجا


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية