أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضي السماك - الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي














المزيد.....

الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 11:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على مدى تاريخ الديانات التي انقسم أتباعها إلى فرق أو مذاهب وطوائف أستفاد الحكّام وحلفاؤهم من أرباب المصالح الطبقية أيما استفادة من هذا الإنقسام لتشطير شعوبهم ، بل لعبوا دواراً في منتهى البراعة والخُبث في تغذيته ووأد أي محاولات للتقارب أو لرأب الصدع ، لكن هذه البراعة في تلك الأزمنة لا تُقارن البتة ببراعة حكّام وأنظمة عصرنا الراهن بما هو متاح لهم اليوم من توظيف كل وسائل الاتصال الحديثة البالغة السرعة والتطور لإذكاء وإثارة النعرات المذهبية ،دع عنك وسائل الإعلام البالغة التطور هي الاخرى ، فاليوم فإن فن توظيف السلاح الطائفي لدق اسفين في وحدة أي شعب عبر دغدغة المشاعر الدينية المذهبية بين طوائفه يكاد لا يضاهيه أي سلاح آخر ، ليس على صعيد الصراعات الاجتماعية الداخلية فحسب ، بل وعلى مستوى النزاعات الاقليمية ، فالإنظمة الشمولية باتت تُدرك من خبرتها دور هذا السلاح وأهميته الفائقة في تفتيت شعوبها والهائها بهذه الصراعات المدمرة عن خوض معركتها الحقيقية موحدةً من أجل انتزاع حقوقها السياسية والاجتماعية والمعيشية المشتركة .
ومما لاشك فيه ان درجة وعي الشعوب المزجاة في اتون تلك الصراعات تُسهم في تسهيل او عدم تسهيل مهمة أعدائها الحكام الشموليين ، فكلما تمتعت الشعوب أوغالبية قئاتها بوعي وطني معمق صلد عابر للطوائف والهويات الفرعية كلما كانت دسائس أنظمتها التوتاليتارية لتمزيقها شاقة وعسيرة ، والعكس صحيح فكلما كان وعيها هشاً وعوطفها الدينية المذهبية قابلة للإستثارة والحساسية كلما أمكن تزييف وعيها وحرف مسار نضالاتها المصيرية إلى معارك وهمية طاحنة والتي غالباً ما يكون وقودها المستضعفون والمهمشون من طرفي الصراع .
الأخطر من ذلك حينما يقع ذوو الوعي الطائفي الهش في ظل نظام استبدادي يجيد اللعب على الوتر الطائفي لإستمالة طرف دون آخر وايهامه بأن الخطر الماحق الذي يحيط بوجود وحقوقه المذهبية انما يأتي من طائفة دون سواها من شركائهم في الوطن ويطربون لأي انتصار وهمي مزعوم بأنه لصالح تثبيت وجودهم وحقوقهم الدينية - الطائفية ، بل ولربما توهموا بأن هذا النظام الشمولي او ذاك في خضم لعبته الطائفية البارعة القذرة انما يُمثّل ويذوذ عن مصالحهم ويخصهم بالمحاباة ، وكلما أمعن في التنكيل بخصمهم الطائفي شعروا بالنشوة باعتباره إضعافاً وتحجيماً من خطره ، لكن بعد جولات من هذا الصراع العبثي المدمر تطير سكرة الوعي المزيّف وتأتي الفكرة ليشعرون تدريجياً أي منقلب هم فيه منقلبون ، فلا حقوقهم هي مصونة ولا أوضاعهم المعيشية تطورت بل وتراجعت من سئ الى أسوأ، ووظائفهم باتت مهددة مع تدهور الاوضاع الاقتصادية و في ظل اتساع في حجم البطالة . والمستفيد الأكبر بطبيعة الحال من صراع الأخوة الأعداء هي نفسها الأنظمة التي استدرجتهم إلى فخ ذلك الصراع المدمر ، فباتوا يسشعرون ان أحوالهم لا تختلف شيئاً عن أوضاع شركائهم في الوطن الواحد ، وهؤلاء الأخيرون بدورهم إنما يخطأون إن ظنوا ان مشكلتهم مع الأنظمة هي محصورة في تمييزها الطائفي ضدهم وان حلها إنمايكمن في الاحتجاج على مظلوميتهم كمظلومية دينية تاريخية ، وكأنهم بذلك يخوضون صراع أجيال ممتداً متصلاً منذ عصر انقسام الاسلام إلى طوائف ، وينغمس كلا الطرفين في صراع من الجدل الديني التاريخي ويستحضرونه في صراعهم ويتم تلبيسه على قضايا معاصرة . وهكذا يغدو كلا الطرفين المتصارعين وقوداً لمعارك وعي طائفي " مايأكل خبز " على حد تعبيرنا الشعبي ، لكن ومع ذلك فإن الخروج من دوّامة هذا الوعي الطائفي المدمر ليست بالمهمة اليسيرة حتى مع استفاقة ضحاياه النسبية المتأخرة من سكرته ، ذلك بأن الانظمة تمتلك من الحيّل الماكرة والبدائل الرهيبة والخبرة المديدة ما يجعلها تنجح في حبك الدسائس الطائفية بغرض إعادة انتاج وتمظهرالوعي الطائفي بين صفوف شعوبها وإرجاعه إلى سكرته الأولى ، وهنا تقع على عاتق القوى الساسية المتمتعة بوعي وطني وديني مستنير معمق مسؤولية جسيمة للحيلولة دون وقوع شعوبها مجدداً في أسر ذلك الوعي المريض المزيّف وتوحيد صفوفها داخلياً لخوض معركتها الحقيقية مع أعداء التغيير والإصلاح المستفيدين من الحفاظ على ابقاء الأوضاع على ماهي عليه .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمييز العنصري وصناعة الفقر
- ‏يوم الأرض ودور الشيوعيين في نضالات عرب 48
- التعذيب في «السي آي أيه» للتحقيق الجاد أم للانتقام؟
- نحو تأبين يليق بمقام عبدالله خليفة
- -وطار- المثقف الذي أحب كل فئات شعبه
- مناقشة هادئة في المسألة التخريبية
- هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟
- ساحة محمود درويش في باريس
- الرأسمالية تتعرى في مياه خليج المكسيك
- أسطول الحرية والأشكال النضالية المغيّبة
- التلوث بين خليج المكسيك وخليجنا
- والذين يزدرون حضارتهم
- دروس أسطول الحرية (2-2)
- دروس أسطول الحرية (1-2)
- جياع العالم.. والمقتدرون المقترون (2-2)
- حال أول بلد اشتراكي في العالم اليوم (1)
- التعددية في الأسرة الواحدة.. عبدالقدوس نموذجا
- مغزى الاحتفال الروسي بالانتصار على النازية (1)
- الطبقة العاملة.. همومها وعيدها
- كيف مر يوم المرأة العالمي؟


المزيد.....




- أويس مخللاتي يتحوّل إلى المسيحية و-بيست لاند- في موسم الرياض ...
- بن غفير يتفاخر بمنع الأذان ويطالب باعتقال أبو مازن
- 198 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى
- 198 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى الاثنين
- الاحتلال ينصب بوابتين حديديتين جديدتين غرب سلفيت
- الجهاد الاسلامي: مشروع أميركا يؤسس لاحتلال مُقنّن بغطاء أممي ...
- الهيئة الإسلامية المسيحية: محاكمة الشيخ صبري استهداف خطير لم ...
- الهيئة الإسلامية المسيحية: محاكمة الشيخ صبري استهداف خطير لم ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال ...
- بمناسبة اليوبيل المقدس بالفاتيكان.. عرض نسخة مزخرفة نادرة من ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضي السماك - الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي