أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - رضي السماك - هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟















المزيد.....

هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 21:33
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الديمقراطية الأمريكية ــ كما هو معلوم ــ هي من أقدم الديمقراطيات الغربية ومن أكثرها فيما يشوبها من عيوب جوهرية إن لم تكن هي الأكثر في ذلك على الاطلاق. وكان واحدا من أبرز هذه العيوب التي استمرت طويلا غياب المساواة في الحقوق المدنية بين مكونات الشعب العرقية وعلى وجه الخصوص بين البيض والسود أحفاد العبيد الذين تم أسرهم واسترقاقهم في القارة الافريقية ومن ثم شحنهم للبيع في الولايات المتحدة قبل استقلالها عن التاج البريطاني.
فعلى الرغم من انهاء العبودية وحظرها في البلاد في أعقاب الاستقلال، فإن الزنوج الامريكيين ظلوا محرومين من الاستمتاع بكامل حقوقهم المدنية، كما ظلوا يعانون سياسات التمييز العنصري في المجتمع والدولة عقودا طويلة حتى بعد اعلان الرئيس ابراهام لنكولن تحرير العبيد في ستينيات القرن الـ 19م. ومازال الحال مستمرا الى يومنا هذا بأشكال متعددة في الممارسة العملية حتى بعد تصديق الرئيس جونسون عام 1964م على قانون الحقوق المدنية الذي يحظر ممارسة التمييز العنصري على أساس اللون أو العرق وهو القانون الذي لم يأت إلا بفضل ضغط النضال العارم الذي خاضه السود وزعماء الحقوق المدنية خلال الخمسينيات واوائل الستينيات.
ان الممارسات العنصرية في المجتمع والدولة تجاه السود غير مقطوعة الصلة عن ثقافة وسياسة الطبقة الحاكمة في رأس هرم النظام الامريكي التي كما نعلم جلها من البيض الانجلوسكسون، فهذه الطبقة لم تتخل البتة عن نزعتي الكراهية والاحتقار اللتين تكنهما تجاه السود، وحيث ظلت تتوارث هاتين النزعتين عن أجدادها الاوائل كتوارث الجينات جيلا بعد جيل طوال ما يقرب من قرن ونصف القرن على اعلان لنكولن تحرير العبيد من الاسترقاق بصرف النظر عن الحزب الحاكم.
وفي العشرين سنة الماضية، أي منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وهيمنة أمريكا على النظام الدولي بعد انتهاء النظام الدولي الثنائي القطبية وتزايد تشدقها بنشر الديمقراطية في العالم وحماية حقوق الانسان حاولت الولايات المتحدة ان تخفي وجهها العنصري القبيح من خلال اضفاء لمسات شكلية لعلها تدلل على تسامح وعدم عنصرية الطبقة الحاكمة وذلك من خلال السماح بايصال أو وصول بعض الوجوه السوداء الى الادارة الامريكية ومن ذلك تعيين كولن باول وزيرا للدفاع في ادارة الرئيس الجمهوري بوش الابن ثم تعيين كونداليزا رايس خلال ولايته الثانية في منصب وزير الخارجية.
لكن الطبقة الحاكمة قطعت شوطا أكبر في ممارسة اللعبة والسياسة الديماغوجية، فلئن كان الحزب الجمهوري بز غريمه الحزب الديمقراطي الشريك معه في تمثيل الطبقة الحاكمة بتعيين وزيرين من أصل افريقي في الادارة الامريكية، فان هذا الاخير ــ الحزب الديمقراطي - أراد ان يثبت انه يستطيع ان يتفوق عليه بمنافسته في الانتخابات الرئاسية الاخيرة بمرشح أسود ممثلا في الرئيس باراك أوباما وهذا ما حدث.
وهكذا أفرز فوز أوباما في الانتخابات الامريكية وهما داخليا وخارجيا واسع النطاق لدى التواقين إلى إحداث نقلة مهمة معقولة للتغيير السياسي والاجتماعي نحو الافضل وذلك بعد السنوات الثماني العجاف من حكم اليمين الجمهوري المتطرف، ورأى فيه كثيرون انه مؤشر على انتفاء وتقلص النزعة العنصرية داخل الولايات المتحدة مجتمعا ودولة، وتوسم البعض الآخر في الرئيس الجديد بأن يكون رسولا جديدا لنصرة السود والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وحقوق ومصالح عامة الطبقات الشعبية والفقيرة. أما على الصعيد الخارجي، ولاسيما في عالمنا العربي فقد داعبتهم آمال وأحلام التغيير متعشمين في ذلك من أصله العرقي المنحدر من افريقيا والانبهار بخطاباته ووعوده السياسية التي أطلقها نحو العرب بعد شهور قليلة من وصوله الى البيت الابيض وخاصة خطابه في جامعة القاهرة العام الماضي.
لكن هل تنتفي النزعات والممارسات العنصرية في المجتمع والدولة لمجرد وصول رجل أسمر الى سدة الحكم في البيت الابيض؟ وهل يملك هذا الرجل حقا القدرة والتفويض الكاملين لاستئصال النزعات والممارسات العنصرية في الولايات المتحدة بطولها وعرضها؟
وبعبارة أدق للسؤال: هل يملك الرئيس أوباما ارادة حقيقية ورغبة جادة لتحقيق أكبر قدر ممكن من اجتثاث السياسات والممارسات العنصرية داخل بلاده ويقف على الضد من ارادة ورغبة الطبقة البيضاء المدين لها في وصوله الى الحكم وما يمثلها في قمة الهرم من مؤسسات وجماعات ضغط؟


هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟ (2-2)
خلصنا يوم أمس في ضوء تحليلنا لجذور النزعات العنصرية ضد الامريكيين السود من أصل افريقي في المجتمع والدولة داخل الولايات المتحدة إلى التساؤل عما إذا يملك الرئيس الامريكي ذو الاصل الافريقي ارادة حقيقية ورغبة جادة في ان يقطع شوطا أكبر من اجتثاث السياسات والممارسات العنصرية ازاء المواطنين السود ويقف بذلك على الضد من توجهات المؤسسة الطبقية البيضاء الحاكمة التي أوصلته الى سدة الحكم في البيت الابيض ويدين لها بهذا الوصول؟
في الواقع ان الرئيس أوباما نفسه يعي جيداً محدودية قدراته في احداث هذا التغيير ولا تعتريه أي أوهام بخلاف ذلك، ففي كثير من المواقف لم يتردد في القول "انه من السذاجة ان يتخيل احد ان انتخاب اول رئيس امريكي من اصول افريقية يكفي لجعل البلاد فردوس الانسجام العرقي".
لكن هذا التوضيح لتبرير استمرار الممارسات العنصرية ينطوي على قدر من التهرب عن مواجهة الاستحقاق في مواجهة السياسات والممارسات العنصرية في المجتمع والدولة فما لا يدرك جله لا يترك كله، فأوباما يعلم جيداً ان لا أحد من سواد الشعب الامريكي الذي يمقت العنصرية بين مكوناته يطالبه بأن يقوم بقفزة جذرية لتحويل المجتمع الامريكي بزاوية 180 درجة بين عشية وضحاها الى فردوس من الانسجام العرقي على حد تعبيره، لكن بامكانه لو تملك شيئاً من الشجاعة وعدم التردد ان يحقق انجازاً افضل من اسلافه في وضع حد للممارسات العنصرية، فلا يعقل ان تكون انجازات بعض اسلافه من الرؤساء البيض في هذا المجال أفضل منه وهو الرئيس الاسود الذي يفترض الاكثر وعياً واختباراً ومعاناة في الممارسات العنصرية.
ولنتذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ان اعلان تحرير العبيد الذي يمنح الحرية للعبيد في المناطق الخاضعة لسلطة الاتحاد الفيدرالي جرى على يد الرئيس الابيض ابراهام لنكولن عام 1862م، وان توقيع قانون الحقوق المدنية الذي يحظر التمييز في الاماكن العامة على أساس العنصر او اللون جرى على يد الرئيس جونسون عام 1964م.
ومع ان الخطوات التي تم احرازها على أيدي عدد من الرؤساء البيض لاجتثاث وتطهير النزعات العنصرية من المجتمع الامريكي انما يعود الفضل الأساسي فيها لنضالات السود وكفاحهم من أجل المساواة التامة في المواطنة مع مواطنيهم البيض وبمشاركة سائر الديمقراطيين البيض الا ان تصديق هؤلاء الرؤساء وتسهيلهم تمرير الخطوات المتحققة رسميا يحسبان لهم ويعدان علامة من العلامات المضيئة في عهودهم، وهذا ما يتعشم كل السود والقوى الديمقراطية في اول رئيس اسود تحقيقه اذا ما تحلى بقليل من الارادة والتصميم الجاد على تحقيق تطلعات مواطنيه السود وسائر المواطنين الديمقراطيين من مختلف الفئات والعرقيات.
لكن للأسف فإن أي تقييم موضوعي لأداء ومواقف الرئيس اوباما في هذا الملف بعد مرور اكثر من عام ونصف العام على توليه الحكم لا يصب في صالحه وذلك بالنظر الى ما يطغى على سياساته ومواقفه من تذبذب وتردد يعكسان ضعف شخصيته القيادية، وهو الضعف الذي يحاول أوباما تجميله بالعبارات المعسولة الطنانة وبخطاباته المفوهة البليغة ذات الشعارات الرنانة الخاوية المضمون.
وقد تجلى هذا الفشل في مواقف عديدة منذ تسلمه السلطة في البيت الابيض، ومن ذلك ما حدث خلال شهر يوليو الماضي على اثر قيام وزير الزراعة توم فيلساك بفصل موظفة سوداء تدعى شيرلي شيرود صرحت بأنها كانت تتعمد عدم صرف تعويضات مستحقة لعائلة بيضاء انتقاما لتجارة الرقيق واضطهاد السود لكنها سرعان ما تداركت خطأها لاحقاً ولم تعد تفرق بين البيض والسود، لكن وسائل الاعلام اليمينية استغلت تصريحها لتبرز ما اكدته عن نياتها الانتقامية واخفت ما ذكرته عن تراجعها عن هذه السياسة، وتبين ان اوباما انطلت عليه الاكذوبة الاعلامية اليمينية البيضاء فحض وزير الزراعة على فصلها ثم اعتذر إليها بعدما ادرك تشويه تصريحها وطلب إلى وزيره الاعتذار إليها أيضاً.
اما الموقف الآخر الذي يعكس زئبقية وتذبذب اوباما من اتخاذ مواقف حازمة ازاء الممارسات العنصرية تجاه مواطنيه من بني عرقه الاسود فقد تجلى خلال العام الماضي بعد شهور قليلة من وصوله الى البيت الابيض عندما اكتفى في رد فعله على اعتقال شرطة كامبريدج بولاية ماساتشوستس صديقه الاسود الاستاذ الجامعي هنري لويس تحت دوافع عنصرية "ان الشرطة تصرفت بغباء"، هذا بخلاف مواقف اخرى عديدة شبيهة.
وبسبب هذه المواقف غير الحازمة او الخجول التي ابداها الرئيس اوباما ازاء الممارسات العنصرية تجاه بني عرقه لم يتوان العديد من رموز السود وممثليهم عن اتهامه بأنه يتودد للبيض ليضمن ترشيحه إلى ولاية ثانية قادمة ليضمن حصوله على اصواتهم.
والحال ان هوية المرء العرقية لم تكن ولن تكون بأي حال من الاحوال كافية في حد ذاتها لتحصينه ضد نزواته ومصالحه السياسية والطبقية فلطالما خان ابناء الاعراق حقوق ومصالح اعراقهم وابناء القوميات قومياتهم وابناء الطبقات طبقاتهم تحت تأثير إغراء المال أو الجاه أو السلطة.



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساحة محمود درويش في باريس
- الرأسمالية تتعرى في مياه خليج المكسيك
- أسطول الحرية والأشكال النضالية المغيّبة
- التلوث بين خليج المكسيك وخليجنا
- والذين يزدرون حضارتهم
- دروس أسطول الحرية (2-2)
- دروس أسطول الحرية (1-2)
- جياع العالم.. والمقتدرون المقترون (2-2)
- حال أول بلد اشتراكي في العالم اليوم (1)
- التعددية في الأسرة الواحدة.. عبدالقدوس نموذجا
- مغزى الاحتفال الروسي بالانتصار على النازية (1)
- الطبقة العاملة.. همومها وعيدها
- كيف مر يوم المرأة العالمي؟
- الإرهاب بين روسيا والعراق
- المرأة والتجربة الديمقراطية الهندية
- من دروس الانتخابات العراقية
- هكذا أصبح حال الشعب الفلسطيني اليوم
- مجلس التعاون ودروس اغتيال المبحوح
- تلازم الإصلاحين السياسي والاقتصادي
- حقوق الإنسان العربي والإفلات من العقاب


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - رضي السماك - هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟