أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة / غصن الزيتون














المزيد.....

قصة / غصن الزيتون


فضيلة معيرش

الحوار المتمدن-العدد: 5598 - 2017 / 8 / 1 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


دمع أمّه وحده يروي جفاف تراب بستان الحرية ، ويتسلل رويدا ليزيد من شقوق ظمئ
روحه تنهد بزفرة تفوق سنوات ألمه العشر ، وقال : ليتني أراك ولو مرة أخيرة أبي ..؟.
بصبر وإصرار اللبؤة لحظة دفاعها عن صغارها تجلس بمحاذاة بريق انتقامه بصوت يغيبه الانكسار قالت : يا ولدي نافذ والدك لم يمهلوه لأخذ دواء الضغط .
تنهد وهو ينبش التراب بغصن زيتون أخضر لم ينتبه كيف ومن اقتطعه من
أعلى شجرة بالحقل ؟ ...شجرته الوارفة المفضلة التي طالما جلس يتفيأ عطشها بعد سدّ المحتل للآبار الجوفية المحاذية بحجة قربها من مستوطناتهم الجديدة ، تخيل أنه يتسلقها لكن ساقه المبتورة جراء لغم طاله من ركن مطمور حال دون ذلك ، حلم بأن يشتري له والده ساق تكون على مقاس ساقه ، عندما يعود لعمله كبائع في إحدى المتاجر التي أفلس صاحبها ، أجاب أمّه دون النظر في ملامحها المنكسرة : سيقاوم أمّي ....
بعينيه الصغيرتين يرقب ما تبقي من حقل الزيتون المحاذي لوجعه المفتوح ، تشاركه شروده فراشات ملونة ما كان يخالها ستبقى على وفائِها وتحلق ملء الأمل رغم حر الصيف المباغت ، و الحصار الضارب حدّ الألم ...
صمتت أمّه وقد تجمد ريق الكلام بحلقها ، صمت هو أيضا وبريق النخوة يلوح بين قبضة يديه الصغيرتين وهمس : أخذوا ساقي ...أخذوا أبي أخذوا أخي الأكبر إسماعيل ... عندما رايته في المعتقل كان شاحبا يتكئ على عصا هزاله
بدا أصغر مني أماه ، يحدق بي وكأنه يملأ فضاء الضياع بعينيه دوني وهو الذي أحبني أكثر من نفسه ، أردفت أمّه : تلك النتوءات و و الندبات جعلت منه كهلا قبل أوانه ..
في مساء ذاك اليوم ارتجف باكيا منتفضا على إيقاع وجع متكرر بساقه الوحيدة لما أُخْبِر بوفاة أخيه الوحيد إسماعيل . ..
اتسع بريق الحيرة بعينيه وبرد مجهول يسري بوريده وهو يكظم غيظه حتى لا تنتبه أمّه للخبر و قال : لن أكبر يا أمّي
لا أريد أن أكبر ..هكذا عزمت ؟.أذكر قصيدة لأحمد مطر قرأتها لنا المعلمة قبل تهديمهم لمدرستنا :
يا صغيري لا تكبر. ... قلت يومها للمعلمة : ليته قال : يا صغيري ليتك لم تولد ... وإن ولدت لا تلعب حتى لا يطالك لغم يذهب ببقايا أحلامك . صمتت أمّه وجف ريق الكلام بحلقها مرة أخرى...
في صباح اليوم الموالي وهي تتجول بحقل الزيتون وأسفل شجرته المفضلة علِق بإحدى أغصانها ورقة كتب عليها : لا أريد أن أكبر يا أمّي .
سَمِعتْ بعدها انفجارا مدويا هز أركان القرية ..
وبعض الفتية يهتفون : فعلها نافد فجر قنبلة يدوية الصنع قرب دورية للعدو وتطايرت أشلاء جسده الصغير ، لحقت بساقه ، هناك قتلى من العدو أيضا ، وسط الحشود فتحت أمّه كفيها تستقبل أول
قطرات مطر دافئة ، وفي إحدى يديها غصن زيتون مبتور لا تدري كيف حملته، وسحابة شوق تمرّ فوق الحقل... تغطي ندوب جراحها وهي تزف شهديها معا .
بقلم : فضيلة معيرش



#فضيلة_معيرش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : ترميم خدوش
- قصة : تصدع
- قصة : ريح الغواية ....الجزء 2
- قصة : لقاء الملائكة
- قصة : أكف الخذلان
- ريح الغواية
- قصة : وشاح الرغبة
- الشاعر ابن الشاطئ عبقرية شعرية على امتداد سبعة عقود
- بشير خلف عطاء فكري متواصل
- قصة: التذكرة
- الشاعر الإنسان ميلود علي خيزار… وجنون الكتابة بين الصوفي وال ...
- الشاعرة زبيدة بشيرأميرة الشعر العربي المنسية ...بين تونس وال ...
- شهلاء
- شهرزاد الجزائر ...-جميلة زنير- إرث قصصي متجدد
- قصة :الخيبة
- قصة الوحيدة


المزيد.....




- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة / غصن الزيتون