أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة بلوش - رثاء رفيقة درب














المزيد.....

رثاء رفيقة درب


خديجة بلوش

الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 04:25
المحور: الادب والفن
    


لروحها قبل أن تلتحق بأسراب الحمام هناك... لـ فتيحة بوهيتي
المجاز أن نزيف الحقائق بما يتناسب مع واقع لا نستطيع أن نقف له بالمرصاد، الموت أيضا حين نشاء مجاز..
أستحضر منذ بعض الوقت كل من مروا بفضاء تترهل فيه الحياة من شدة الوجع، ويؤلمني أنني لم اعد أتذكر إلا القليل من الأسماء والملامح دفنها النسيان، ويؤلمني أكثر أن من يستعدون للرحيل ليسوا كلهم من عابري الأروقة التي تخشاها خطواتنا بل من خارج أسوار ذلك الجحيم.
لن أقول كان أسمها فلانة، فما زالت قيد الحياة وإن كانت لا تدرك ما يحدث من تقلبات في الجو، مازال اسمها التي تغمض عينيها في مواجهة الفصول التي تركض في دائرة مغلقة.
كنت أقول: " لم لا ازور عالمها أنا التي أقول أن الموت يلاحقني لأتفاجأ بأني من تلاحقه دون هوادة، لم لا احمل لها بعض ما اعرف عن ذلك الفصل المتلبس بالسواد."
لم أتوقع أن يحملني وجعي لأبعد من تصوراتي البغيضة، كنت أتخيل من يقتحم عوالم تختلف عن عالمه بكامل رونقهم بكامل تعنتهم وغرورهم، لكن لم أتخيلها هي تحديدا بما صارت عليه.
لم أرها يوما مستلقية، كانت تحارب الوقت بكل ما أوتيت من أناقة، لم تكن شفتاها إلا مبتسمتان. وكانت نظرتها تسخر من أي غيمة تحاول اقتحام مجالها الجوي، لم تكن تبكي حتى في أصعب لحظاتها. كانت تطلق ضحكة صاخبة وكانت تعتقل أيا كان بين ذراعيها القويتين في عناق تفض به اشتباك الدمع بالضحك.
كنت أسأل: ـ "هل حقا تحتضر؟"
جسدها المسجى على شراشف ملونة كانت تخفف من شحوبها، شحوب اعرفه كما يعرفني، والبياض الذي يطل من عينيها أيضا أدركه، ورعشة يديها وهلوسات تسقط بها الغشاوة بين عالمين يتجاذبانها..
هل ستموت؟
الموت ليس ما اعرفه أنا بل ما تختبره هي في صمت، ليس تلك الصرخة التي يطلقها الراغبون في الإنعتاق من هذا الوجود الضيق لرحابة الوجود المطلق الخالد ، ليس ما ندعيه نحن العالقون بين طيات هذه التفاصيل المفبركة للحياة، ليس ما نرجوه نحن من نتعلق بأسمال رغبة بالية. إنه الموت الذي لا ندركه بعد، ولا نتجرأ على الاقتراب منه مهما اجتهدنا ومهما مللنا من أنفسنا...
لكن هل ستموت حقا ؟؟
لم أظن يوما أني قد انهار أمام قوة شخص تغيبه كل ظروفه عن استكمال ما بدأ به على طريق الحياة، هي ما زال اسمها يفرض نفسه في مجالس الأصدقاء، لن نقول أبدا كانت، بل نقول ما زالت، وستظل رغم أن رعشة تسللت من يدها المتعرقة إلى أناملي وأنا أقرر أن أودعها في صمت، لا قوة لي على إدعاء أني أستطيع أن أزورها ثانية دون أن تنهمر تلك الغيمة فوق جبينها.
الموت ليس ما نظنه دائما، ليس سيئا جدا وليس بريئا وليس ظالما ولا متحيزا. لكنه راحة لمن ترهقهم ترهات الواقفين على أسرتهم في انتظار نهاية تليق بما يتوقعون، لنترك المجاز يسطر تلك التفاصيل الدقيقة دون أن يجرحنا ويجرح من سبقونا ...
ورحلت فتيحة.. هو ذاك الاسم الذي كنت أخفيه مجازا كي لا يختفي في يوم قائظ قررت أن تترجل عن صهوة الحياة، قررت أن تترك لنا مكانا آخر فارغ، قررت أن تمنح للغيمة حرية الهطول، أن تمنحنا أخر متعة للبكاء، لكنني لم ابكي، لم أجد في جيوب القلب ما يكفي من مطر كي أغسل غبار الحزن الذي سيحفر عميقا عميقا حتى يخمد آخر زفرة في الصدر ...



#خديجة_بلوش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة ركض
- من الذاكرة...
- احتراق
- شوق عاصف
- على رصيف محايد
- حين أفكر فيك
- حوار بين جبلين
- متوحدة
- سخرية الأحلام
- إرهاصات
- غيرة
- بين جدران الهواء
- افتراض.
- همسات
- من مذكرات يائسة
- خيال جانح
- -جميعة-
- من أنا
- أضغاث أحلام
- حصة جنون واشتياق


المزيد.....




- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة بلوش - رثاء رفيقة درب