أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام (2)















المزيد.....

الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام (2)


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 07:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يسع الانسان الذي لم يطمس التزمت المزمن عقله، ولم ينتزع احاسيسه كإنسان تنفيذ ما جاء في الادبيات الابراهيمية من قتل ورجم وبتر للأطراف ومشروعية سرقة ما لدى الاخرين واحتقار كل ما عدى عقيدته من عقائد، سوى ان يتعجب من مقولة الوحي ويتساءل: هل يُعقل أن خالق الكون إقتبس من الاساطير والشعراء ونظريات الفلسفة، ورحلة زرادشت وغيره إلى السماء، ونظرية الخلود والعقاب والثواب الفرعونية، وفكرة اللوغوس (العقل الكلي أو الكلمة عند المسيحيين) ليوحي أو يُملي ما ورد في كُتب "اللوح المحفوظ"؟
لابد ان يهمس العقل للإنسان في لحظة ما: من المستحيل أن يقتبس الله ممن خلقهم ولا يأتي بأي جديد أو يتنبىء بشيء مما نعرفه اليوم عن الكون والخلق بعد 1438 سنة من آخر رسالة له. هل يُعقل ان تأتي سطور موحى بها بأخطاء علمية وتاريخية وجغرافية وإملائية من إله خلق الكون وهو العليم بكل ذرة فيه؟
الاقتباسات لا يمكن انكارها بدءا من سفر التكوين حتى أول وآخر سورة في القرآن التي إختلف عليها الجميع واجتهد كل منهم، ما يعني أن الذي جمع القرآن بهذا السرد والتسلسل لم يكن الرسول، بل شخص آخر له منظور مختلف، وأراد من ترتيب السور والفصول بهذه الطريقة أمر يخدم مصالح شخصية لا شأن لها بالايمان، فقراءة التاريخ تعلمنا ان الايمان والتهجد والتعبد وخشية الله للفقراء والجموع، وتجييش الناس بواسطة النصوص وقيادة الجيوش وبناء الامبراطوريات للأقوياء وأصحاب الطموح السياسي.
هؤلاء هم من يحرقون الكتب "الموحى بها" التي لا تناسب مصالحهم في سردها الاصلي من أجل طموحاتهم وليس غيرة على الدين. لكن الصلافة في مواجهة الوقائع تدفع بعض "العلماء" إلى تجهيل من يقول ذلك بقولهم أنه لا يفهم الحكمة وراء كل هذه الامور، التي أنتجت المصائب والدماء عبر العصور. وإذا سألتهم لماذا لم تُحرف تعاليم بوذا وراما كريشنا؟ يردوا: لم تكن الحكمة الإلهية وراء ما قالوا.
مربط الفرس
هنا بيت القصيد عند اليهود والمسيحيين والمسلمين، وسبب تجاهلهم كل قصور وأخطاء وإقتباسات في أدبياتهم ممن سبقهم وألصقوها عنوة بالسماء، بل واستعداد بعضهم لقذف تهمة الكفر وإهانة الذات الإلهية على من يشيرون لتلك الامور، رغم انها واضحة كل الوضوح في عقائد بلاد النهرين، ومصر الفرعونية التي اخترعت فكرة حقول السلام (الجنة) ومقر العذاب (جهنم) والسراط المستقيم للعبور من الحياة الحالية للظهور في حياة أخرى بعد الوفاة، وتسامت الفرعونية بجعلها أعمال الانسان عند وزن قلبه في كفة والريشة في الاخرى، شرط دخول حقول السلام وليس الإله الذي يؤمن به.
نصح المتنور بوذا اتباعه بطرق عديدة للتغلب على الالم. طرق يؤديها الجسد بقيادة العقل فيسكن الألم، ثم جاءت الادبيات الابراهيمية فجعلت الألم امتحان من الله يجب أن يصبر الانسان عليه ليدخل الجنة. كما أوصى قورش العظيم بحرية العقيدة التي اقتبسها المسيح لأن "مملكته في السماء"، ورفضها محمد تماما لأنه بواسطتها لن يستطيع تجييش الناس حوله في بيئة كانت تؤمن بحرية العقيدة وتقبل كل دين وملة، وكان الامر واضحا في الكعبة التي كانت تحتوي تماثيل آلهة كثيرة وصورة المسيح والعذراء جنبا إلى جنب.
غير مبرر إطلاقا أن يقتبس وينتقي الاسلام من كل ما سبقه، ويرفض ما لا يريد ولا يأتي بأي جديد إطلاقا، ثم يقول أن الدين عند الله الاسلام، علما بأن كل المصاحف حتى الخليفة عثمان بن عفان كانت تقول أن الدين عند الله الحنيفية.
ليس غريبا من ثمة أن يطلق الفرس صفة "الاجلاف" على من تغلبوا عليهم عسكريا ونشروا دينهم في بلادهم بالترهيب والترغيب وحاولوا طمس اللغة الفارسية.
معروف أن طمس اللغة المحلية وإحلال العربية إسلوب رافق الاسلام اينما إنتشر، ولم تزل بعض الحضارات تحاربه ومنها إيران، التي يقول معظم مفكريها نحن إيرانيون قبل ان نكون مسلمين، إضافة إلى الامازيغيين الذين يرفضون فرض اللغة العربية عليهم حتى اليوم، وكانت لتركيا تجربة لم تكتمل قبل ان يفرض كمال أناتورك الحرف اللاتيني على اللغة التركية.
الحياة الاخرى
هل صحيح أن هناك حياة أخرى كما قال الفراعنة وتبنت الادبيات الابراهيمة هذا الاختراع منهم؟ إذا نحينا الايمان جانبا هناك واقعة تاريخية هي إقامة المسيح للموتى وأهمهم لعازر الذي مكث في القبر عدة ايام. لم يكتب لعازر أي رسالة إلى المسيحيين، كما كتب رسل كثيرون، يتحدث فيها عما رآه في ايامه التي توفي فيها. أليس غريبا أن يجادل بولس الرسول وبطرس وغيرهما عن العقيدة المسيحية لاهوتيا وفلسفيا، ولا يكتب لعازر عن واقعة حسية ملموسة تعرض لها؟ واقعة هي هدف المسيحية الاخير.
المؤكد أن الرد من المسيحيين جاهز وهو أن الله اراد أن يبعدنا عن التفكير في هذا الشأن لحكمة لا نعرفها. وهذه الحكمة نفسها يقولها المسلمون واليهود لأتباعهم. هنا بيت القصيد مرة ثانية، الاتفاق على حكمة غيبية وتجاهل الحياة الواقعية والتناقضات كافة الموجودة في الادبيات الابراهيمية.
الثالوث الدموي
من لا حول لهم يرددون "حكمة الله غير المدركَة" والاقوياء يحشدون من لا حول لهم، وقد أصبح الحشد خطيرا اليوم لأن سكان العالم يناهزون سبعة مليارات، والدماء التي ستجري لفرض أدبيات أي دين اليوم على الاخرين ستكون كثيرة، واشاراتها واضحة في الاعمال الفردية التي بدأ اوروبيون عاديون يقومون بها ضد المسلمين، لأنهم ببساطة بدأوا يشعرون ان الحكومات لا تقدم لهم الامن، وأن ما يتم سيدمر ثقافاتهم.
اطماع إردوغان في البلقان لإتخاذها قاعدة للزحف على أوروبا العلمانية واضحة لأي قارىء اخبار، والحكومات الاوروبية ترى هذا الامر ليس خطيرا، لأن مصالحم فوق كل إعتبار. وهذه المصالح ستتضارب قريبا مع سياسة الاعتداء على الثقافات.
أمّا الامر غير المفسر فهو الحكومات العربية والاعلام والكُتاب الذين يرفضون الاسلام السياسي، وعلى رأسهم السعودية رغم أن حكمها قمة الاسلام السياسي، وفي الوقت نفسه تدعم هذه الدول نشره في دول الغرب بتمويل جمعيات ومؤسسات دينية تبشر بكراهية الآخر وتحث على عدم التأقلم مع ثقافاته. هل يرفضون أسلمة دولهم المسلمة اساسا ويقبلون أسلمة دول الاخرين؟ ولماذا تحارب هذه الدول الاسلامية الثالوث الدموي المتمثل في الاسلام السياسي والافكار الظلامية والارهاب، ويهاجمون دول أوروبا عندما تتصدى لهذا الثالوث؟
حوار الطرشان
الادبيات الابراهيمة ليست اليوم في حاجة إلى أتباع جدد ولا مخطط زيادة المواليد التي يستعلمها المسلمون، بل يحتاجون إلى النوعية، في عالم يعاني تخمة سكانية ستؤدي إلى كارثة بيئية تهدد كوكبنا قريبا، وملايين تتضور جوعا وملايين تموت بسبب قلة العلاج وملايين جاهلة. ما قيمة 1.6 مليار مسلم بينهم حوالي مليار أمّي، منهم نصف مليار جائع وبدون مأوى؟ ما قيمة أوروبا التي يريد أن يؤسلمها الوهابيون والخليفة إردوغان* بدون إنفتاحها وقبولها الآخر؟ ما قيمة 2.2 مليار مسيحي بدون إيديولوجية واضحة تواجه النفوس المفخخة؟ ما قيمة 1.2 مليار كاثوليكي معظمهم لا يريد تحمل مسؤولية الزواج وبناء أسرة، ودولهم واحدة تلو الاخرى تعترف بزواج المثليين وعلى رأسها بابا "يجاهد" لوضع مشاكل المثليين ضمن أجندة "الاسرة الكاثوليكية"؟ ما قيمة السلفيين كافة وهم يعيشون على المنتجات الصينية والتايوانية ويكفّرون سواهم ويريدون أسلمة الصين وتايوان ليتأملوا عذاب القبر ونعيم الاخرة ويتركوا الانتاج؟
حوارات من يمثلون الادبيات الابراهيمة كافة مجرد علاقات عامة لا قيمة من ورائها؟ الحوار الداخلي ومع الاخر يجب أن يكون اليوم: ما قيمة أدبياتنا للإنسانية والسلم الاهلي والتقدم العلمي ومكافحة الامراض ومشاكل البيئة وشح الموارد والسلام العالمي؟
كل ما عدا ذلك مجرد تجارة أوهام لقيادة الجموع في كون يخلق نفسه بنفسه حتى اليوم كما يُثبت العلم، لأن الله استوى على العرش كما يقول المسلمون، أو إستراح كما يقول سفر التكوين. وفي الحالتين لم يعد يخلق وتفرغ لمتابعة البشر وهم يقتلون بعضهم بعضا من أجله. ويبقى الايمان أو عدمه مسألة خاصة جدا في قلب الانسان يجب ألاّ تُتخذ ذريعة لفتوحات أخرى، لأن الناس يمكن أن يعيشوا بدون إيمان، لكن يستحيل ان يعيشوا بدون دول وجيش وشرطة وقضاء.
الفوضى الايمانية ونزول أي أمير متشدد إلى الشارع ليأخذ البيعة ويحكم حارة بالشريعة أمر مرفوض، لكنهم يحاولون فعلا بدء هذا المخطط عن طريق التمكين في الدول العربية واستراليا وبعض دول أوروبا خصوصا ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ويحاولون ايضا في اميركا لكن أتت الرياح في الانتخابات الاخيرة بمفاجأة غير متوقعة لهم. يحاولون حشر الشريعة للمواطنين المسلمين جنبا إلى جنب مع القانون العلماني لباقي المواطنين، ما يعني انهم يريدون خلق مجتمعات مغلقة بمدارسها وقضاتها وزيها وأكلها وثقافتها وتحكمها الشريعة، حتى يقضي الله امرا كان مفعولا خطوة بخطوة.

*حسب رأيي الشخصي رجب إردوغان قد يعلن نفسه خليفة المسلمين القادم، وسط لامبالاة دولية مريبة ومعارضة إسلامية لن تقدم أو تؤخر، قبل مئوية إلغاء الخلافة العثمانية سنة 2024، لأنه بدأ فعلا خطواته العملية لوأد العلمانية التركية، ويعتقد انه الممثل الحقيقي للخلافة العثمانية، وامتداد الخلفاء الذين نشروا الاسلام في البلقان (البلقان كلمة تركية تعني جبل) ومنهم السلطان مراد الاول الذي قُتل في كوسوفو سنة 1389، إضافة إلى دعمه غير المشروط للإخوان المسلمين لأن المبدأ واحد وهو إحياء الخلافة.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام
- التحايل على القانون والشريعة حلالٌ عند المتزمتين
- نفاق المسجد الكبير وورطة دول العالم
- منع النقاب حمايةً للشخصية القومية
- بناء المدارس أفضل من الجوامع في البلاد المتزمتة
- الخليفة الحالم بعضوية الاتحاد الصليبي
- إذا كان الدين تنمّرا فالمجد للعلمانية
- المفعول السادس الذي أضافه المتزمتون للنحو
- عقائد الدول وطقوس الغيبيات
- الظلامية أخطر من يافطة الخلافة
- الحب قيمة غربية والعلم نورن
- ديموقراطيات غيورة على سلامة الإرهابيين
- سجود الشكر في الملاعب استفزاز وجهل
- ما العلاقة بين المهاجرين غير الشرعيين والمسيحية؟
- في ذكرى اعدام شعباني الذي شنّ حربا ضد الله
- الحشاشون يظهرون مرة اخرى في التاريخ الاسلامي
- نوعية الحجاب الذي خلعته راضية سليمان
- الجن حقيقة دينية ومشكلة قانونية
- السرقة والاقتباس الادبي والفني
- -الجمهور- بين عصر انفتاح وزمن توَّحد


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام (2)