من -غيفارا- إلى -حماس-

ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 1449 - 2006 / 2 / 2 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من "غيفارا" إلى "حماس"
استطاع آرنستو تشي غيفارا الثائر الأرجنتيني "المتمرد" أن يمدّ جذوره عميقاً في تربة قلوب عشاق الحرية والثورة أينما وجدوا في العالم فارضاً نفسه بضحكته التي تميز صوره، وهو يدخن سيجاره الكوبي الفاخر..
لم يكن الطبيب الأرجنتيني عاشقاً عادياً للحرية، بل كان حبه لها يصل حد الهيام ما دفعه لأن يحلق بجناحين نورانيين عالياً، باحثا عنها وساعياً لجعلها تغمر العالم كله، قبل أن ترديه طلقات قاتل أرسلته المخابرات الأميركية...
حين دخل غيفارا مع كاسترو هافانا ليحررا كوبا من "ديكتاتورية" أمبريالية كانت تحكمها، استطاعا مع مجموعة من الثوار ذوي الشعور الطويلة، وبذلات الكاكي "المتسخة" أن يجعلا العالم بأسره ينظر إليهما بمحبة، وصارا رموزاً للبطولة، فيما بعد تخلى كاسترو عن دوره ليصير "حاكماً".
أما "تشي" فقد ضاقت عليه حقيبة وزارة الصناعة التي ألبسه إياها صديقه كاسترو، وفضّل أن يتخلى عن الحقيبة ويحلق من جديد إلى بوليفيا في رحلة جديدة للبحث عن الحرية، لم يكتب لها سوى أن تؤرخ باسمه الحرية، فيصير رمزاً لها...
والآن أسأل... لو أن "تشي" ظل وزيراً للصناعة، فهل كان سيصير "غيفارا"؟
لا أدري كيف تداعت صورة "غيفارا" الرائع أمام عيني وأنا أرى أبطال حماس يلوحون بأيديهم محتفلين بانتصارهم الساحق في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ثم وأنا أصغي بتمعّن لكل كلمة قالها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحفي عقده عقب إعلان النتائج...
فحماس التي "أخافت" إسرائيل تتحول الآن لتصير نظاماً سياسياً يستمد سلطته وقوته من محبة الشعب الذي انتخبها ديمقراطياً ليسلمها زمام أمره، وتستمد إرثها في الحكم مما يزيد على ألف وأربعمائة سنة هي عمر تجربة الحكم الإسلامي بعد وفاة الرسول محمد، فبأي اجتهاد ستأتي مجموعة المناضلين لتدير المفاوضات مع العدو، وتحاول إنقاذ الشعب الذي يقبع تحت ظل ضائقة اقتصادية وسط تهديدات عالمية بقطع الإمدادات والمساعدات التي كانت تتلقاها الدولة المحتلة؟.
لا شك بأن المناضلين لهم ترتيبهم الخاص لما سيأتي، على الرغم من أنهم أعلنوا أن نتائج الانتخابات فاجأتهم، هم كانوا يتوقعون أن يفوزوا لكن ليس بهذه النتيجة المذهلة...
فهل نرى الأبطال "الملثمين" وزراء ومسؤولين؟ مع كل ما تحمله كلمة "مسؤولين" من دلالات في ثقافتنا السياسية.
[email protected]

#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل