سمير نوري - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: افاق الصراع الطبقي في العراق في خضم المرحلة السياسية العالمية الجديدة و الاستقطابات الاقليمية!!.


سمير نوري
الحوار المتمدن - العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 01:03
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -204- سيكون مع الأستاذ سمير نوري  - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي -  حول: افاق الصراع الطبقي في العراق في خضم المرحلة السياسية العالمية الجديدة و الاستقطابات الاقليمية!!.
 


1- تنامي التيارات اليمينية المتطرفة في بلدان اوروبا و امريكا و وصول دونالد ترامب الى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية و صعود الراسيزم و الناسيوناليستية الفاشية و العداء الصارخ ضد المهاجرين و ضد المعتنقيين للاسلام و السكسيزم و معادات السود و الأدعاءات القومية و التركيز على السوق المحلية و غيرها من الأدعاءات و ضعت العالم في مرحلة سياسية عالمية جديدة. و لم تظهر هذه التيارات الالترا اليمينية اعتباطا بل هي نتيجة مباشرة للازمة الاقتصادية و الايديولوجية و السياسية للبرجوازية العالمية منذ الازمة التي بدات في 2008و انسداد افاقها و فشل بدائلها السياسية. ان تراكم الثروات بيد عدد قليل من الناس الذين يشكلون 1% فى المجتمع و بقية المجتمع يعاني من الفقر و البطالة و تدني مستوى حياتهم يشكلون 99% في المجتمع. نحن شاهدنا ظهور حركة 99% في المجتمع بعد الربيع العربي و التي برزت في امريكا و في وول استريت بالذات. و بدأ الميل الى اليسار تبرز بشكل واضح بحيث تتوازى مع الوضع الجديد و ظهور اشخاص مثل ساندرز في امريكا بغض النظر انهم لا يشكلون اليسار العمالي و لا يخرجون من دائرة اليسار البرجوازي و يحصلون على شعبية لا مثيل لها من قبل. البدائل الحكومية التقليدية للبرجوازية تواجه ازمة واضحة ، لهذا يلاقي وصول قوى قومية فاشية جديدة على مقبولية من قبل البرجوازية حتى تفرض التراجع اكثر على المجتمع كمرحلة " انتقالية" لحين افساح المجال للقوى التقليدية البرجوازية و المعتدلة و بدائلها بالرجوع. و لكن هذه القوى بدلا من خروج المجتمع من الأزمة يزيدون الطين بلة و يسببون الفقر و البطالة و التدني للوضع المعيشي اكثر و اكثر و بدلا من تخفيف الوضع يأزمون الوضع اكثر. و تفسح المجال لبروز الحركات الأشتراكية و الشيوعيىة الثورية على رأس الحركات الأعتراضية المليونية في امريكا و البلدان الغربية قبل البلدان المعروفة ب" العالم الثالث". وعلى الصعيد العالمي هناك تغييرات سياسية جدية و خاصة دور امريكا في الشرق الأوسط و العراق، و تعاملهم مع الأسلام السياسي و مع القضية الفلسطينية و دعمهم اللامحدود لاسرائيل. ان ازمة قطر مع دول الخليج ما هو الا نتيجة مباشرة لهذه السياسات.


2- منذ 1991 و منذ احتلال العراق للكويت و التحالف العالمي ضد العراق تحول العراق الى ساحة لتصفيات سياسية عل الصعيد العالمي و الاقليمي و عن طريق هذه الحرب فرضت امريكا بعنوانها سوبر باور العالم و فرض النظام العالمي الجديد و بزوغ الفجر الدموي لها على العالم كله و اعلان نهاية التاريخ و فرض السوق الحرة و بدائله. و الحروب المتتالية التي مرت على العراق منذ ذالك الحين تم تدمير العراق من الناحية الأقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و فرض على العراق ابشع السيناريوهات قتامة و سوداوية. و راح ضحيتها ملايين الناس و هجر الملايين و دمرت المدن . وفرضت الهوية القومية و الطائفية و المذهبية على جماهير العراق تحت عنوان العملية السياسية " ليبريشن" التحرير السيئة الصيت، وعلى اساسها شكلت حكومة المحاصصة و الفيدرالية القومية و فرض اكثر الدساتير والقوانين رجعية و المعادية للبشر. و فرضت المليشيات و حكومة الميليشيات على رقاب الجماهير و لحد الأن الدولة و المجتمع في العراق بعيدة كل البعد عن الدولة و المجتمع المدني. وظهر و ترعرع داعش في احشاء هذه الاوضاع والتي تشكل احد افرازات الرأسمالية البربرية المعاصرة، انها تمثل احد القوى البربرية للاسلام السياسي في المنطقة و التي حاولت ارجاع المجتمع الى ما قبل 1400 سنة، وذلك عن طريق ذبح المخالفين له و ببيع النساء كسبايا في سوق النخاسة و قتل كل من يخالفهم و اغلاق كل مظاهر الحضارة و التمدن كالجامعات و المدارس و اماكن الترفيه و ارجاع النساء الى عقر الدار و فرض غطاء اسود عليهن. وبانتهاء حرب الموصل تنتهي حياة هذا الكيان كدولة و هذا السرطان الأسلامي كقوة سياسية منظمة في العراق، و لكن الصراع و المنافسة و المواجهات بين القوى الطائفية و القومية و الميليشياتية لا تزال على قوتها و تهدد كل كيان المجتمع. و حصد الغنائم بعد انتهاء الحرب تضع كل هذه القوى الأقليمية و المحلية في اهب الأستعداد.


3- وضع العراق لا تخرج عن الأستقطابات الجديدة في المنطقة و تخضع للتغيرات التي تحدث في الاوضاع الاقليمية و لا تخرج من اطار الصراعات و تأثيرات القوى العالمية. بعد التحالف الأمريكي -ألاسلامي في الرياض و بعد التغييرات على السياسة الأمريكية تجاه المنطقة و اعتبار ايران رأس الارهاب فأن الوضع يتدهور اكثر فاكثر، وايران تعني القوى الشيعية في العراق و حزب الله و الحوثيين في اليمن و غيرها من المناطق وبالتالي تعني مواجهة شاملة. ان اعتبار ايران العدو اللدود يعني فتح صراعات و جبهات جديدة في المنطقة و مزيدا من الحروب و سفك الدماء و يؤدي الى تدهور اكثر للاوضاع. وهذه الأستقطابات تأثر على الساحة السياسية العراقية و خاصة ان القوى الموالية لايران تشكل قوة مهمة وهم في السلطة في العراق. و يؤثر هذا على تشديد الصراع بين الكتل السياسية يوما بعد يوم و ان تفسير تدهور الأوضاع الأمنية في بغداد تاتي ضمن هذا الأطار. و هذه التغيرات سوف تشدد الصراعات بين القوى الطائفية و القومية.


4- لكن بالرغم من وجود بطالة متفشية و فقر مدقع و التي حسب المتحدث في وزارة التحطيط فان نسبة الفقر تجاوزت 30%, و بالرغم من الحروب الطائفية و وجود القوة المجرمة مثل داعش و الأنفجارات و الجوع و الجرائم البشعة التي يرتكبونها الميليشيات ضد الشباب " الأيمو" و المثليين و الفئات الأخرى فان الجماهير في العراق نزلوا الى الشوارع ضد الحكومة و العملية السياسية و المحاصصة و رجال الدين و الأحزاب الدينية و طالبوا بالحكومة العلمانية و المدنية في ساحة التحرير و ساحات اخرى في بقية المدن العراقية و تشكل هذه الحركة 99% من الجماهير و تطلعاتها. المظاهرات و أعتراضات الجماهرية تختلف عن كل المظاهرات في الربيع العربي بمطالبتها بتشكيل الدولة العلمانية بشكل واضح وذلك عن طريق رفع شعارات مثل " لا شيعية و لا سنية نريد حكومة علمانية و مدنية" و " باسم الدين باكونا الحرامية" و " خرج داعش في احشاء فسادكم" و بذلك تم فضح الشخصيات الدينية الحزبية. و الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يعتبر النضال من اجل الدولة العلمانية غير دينية و غير قومية حلقة من حلقات النضال الطبقي و يناضل بشكل جدي في صفوف هذه الحركة من اجل فصل الدين عن الدولة و التربية و التعليم و مساواة المراة بالرجل و الغاء عقوبة الأعدام و المواطنة المتساوية كخطوة مهمة في اتجاه بناء الجمهورية الأشتراكية.
ولكن الأعتراضات الجماهيرية في كردستان العراق تختلف كليا عن التي تحدث في بقية انحاء العراق. العمال والجماهير في كردستان يواجهون البرجوازية القومية و يناضلون من اجل اسقاط سلطة الأحزاب القومية. و لكن البرجوازية بالاستفادة من القضية القومية تحول الصراع باتجاه بغداد.لهذا الأستفتاء و استقلال كردستان تشكل قضية مهمة لتطوير النضال الطبقي و تسحب البساط من تحت اقدام القوميين الكرد.


5- الحركة العمالية المتنامية بعد 2003، و بعد سقوط الحكومة البرجوازية القومية البعثية والذي منع من تأسيس المنظمات العمالية الجماهرية لاكثر من ثلاثين سنة، برزت الى الوجود بشكل واضح. و لكن بعد احداث الربيع العربي و بالتوازي مع الحركات الجماهيرية تطور الحركة العمالية و الثورية على الصعيد العالمي و الأقليمي، ان الحركة العمالية العراقيةايضا بدأت بنضالات وقامت بتاسيس عدة نقابات و مجالس و في شتى الاماكن بغض النظر عن بقاء قرارت الحكومة البعثية بتحويل العمال الى الموظفين و منع العمال للانضمام الى منظماتهم ، ان المنظمات العمالية استطاعت فرض قانون العمل و فرض قرارات اخرى و عقد مؤتمر توحيدي مهم بين النقابات و المجالس العمالية. و برزت الأضرابات العمالية في السنين الماضية و هي بذلك تبشر بتطور مهم في الحركة العمالية و في خضم هذه الأوضاع المأساوية تشكل املا لتدخل الطبقة العاملة في المصيرالسياسي و الأقتصادي للمجتمع.


6- ويوجد هناك نمو للحركات الشبابية و الحركات المعادية للدين و حركة الشابات و حركة مناهضة ألأعدام و بمساعدة شبكات التواصل الأجتماعي كالفيس بوك و التويتر و غيرها تطورت تطورا ملموسا. و هناك عشرات الألاف من الشبكات التواصل الأجتماعي و تؤثر بشكل يومي و مباشر على وعي الاجيال من الشباب و الشابات في العراق و هناك عشرات التنسيقيات الشبابية المناهضة للسلطة و الفساد والطغيان الديني. ادى هذا الوضع الى هستريا الشخصيات و رموز الأحزاب الدينية و الميليشياتية و قامت بتهديد و تخويف الجماهير المعترضة بالمقابل.


7- ان الحركات المتمدنة و العلمانية هي حركات مناهضة للاسلام السياسي. ان القوى القومية - الأسلامية التي تريد ربط هذه الحركات بالقوى الاسلامية كالتيار الصدري ليس فقط يضعف هذه الحركة بل يسلمها اليها من شخصيات مثل جاسم الحلفي و الاحزاب التي تساند هذا الأتجاه. ان هذا بحد ذاته هو ابطال الحركة من محتواها الثوري و النضالي. اننا نفضح هذه الحركات و التحالفات و نناضل من اجل تعميق الجانب الثوري و الراديكالي و العلماني للحركة و من اجل ازاحة كل القوى القومية و الطائفية و الدينية من السلطة في العراق.


8- ان الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يناضل من اجل تنظيم اعتراض العمال ضد الرأسمالية برمتها و يناضل من اجل وحدة الطبقة العاملة حول اهدافها و تسعى لتطوير النضال الطبقي بدلا من النضال في ذاتها لتناضل لذاتها و ان الطبقة العاملة في نضالها لخلاص نفسها تخلص كل المجتمع من النظام الرأسمالي المتعفن و البربري، و يناضل الحزب من اجل قيادة الطبقة العاملة من اجل انتزاع السلطة السياسية و الأقتصادية من البرجوازية برمتها. و الحزب طرح خطوطا عامة من اجل البلوغ الى استراتيجيته لبناء الدولة الأشتراكية. و هنا اورد المهمات التي طرحها الحزب في مؤتمره الرابع و الأخير في 20 آيار2017 و الذي عقده في بغداد ورسم مهام الحزب للدورة القادمة من نضالها :


" ا- توجيه النقد العميق للدولة والقوى الأسلامية- الطائفية- القومية، والنضال من اجل بناء دولة ومجتمع متمدن وعلماني غير ديني وغير قومي.
ب- فضح ومواجهة فعالة ضد الأقطاب الرجعية في المنطقة والقوى العالمية المساندة لهم (دول امريكا، روسيا، تركيا، الجمهورية الأسلامية في ايران، السعودية، قطر، وغيرها ....) والتدخل العسكري والسياسي لهذه القوى في العراق.
ج- رفع راية العلمانية والمدنية والتمدن وتوجيه النقد الأشتراكي والعمالي لاعمال وسياسات واستراتيجيات النظام العالمي الجديد التي حولت الدولة والمجتمع العراقي الى ساحة وميدان للقوى القرو- وسطية.
د- النضال الفعال ضد الفقر وحرمان العمال والجماهير، والسعي لتنظيم العمال والدفع باتجاه الحركة المجالسية والنضال المباشر للعمال.
ه- الدفاع عن استقلال كردستان لانه يشكل خطوة مهمة لتطور نضال العمال والجماهير في كردستان ضد البرجوازية والقوميين الكرد.
و- لعب دور قيادي داخل الحركات الأعتراضية وابراز قيادة اشتراكية ثورية ضد كل القوى البرجوازية والنضال المستمر لبناء مجتمع حرَ وانساني.
يعتبر الحزب ان النضال ضد الدولة والقوى الاسلامية- الطائفية- القومية خطوة لانتزاع السلطة من يد كل البرجوازية وتأسيس الدولة الأشتراكية في العراق ."