باباعلي الجباري - نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوردستاني - العراق في نظرة سياسية ورؤية تحليلية


باباعلي الجباري
الحوار المتمدن - العدد: 5534 - 2017 / 5 / 28 - 23:55
المحور: مقابلات و حوارات     


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -203- سيكون مع الأستاذ باباعلي الجباري - نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني -  حول: المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوردستاني - العراق في نظرة سياسية ورؤية تحليلية .

 
اود ان اطرح بعض المحاور التي وقف عليها المؤتمر السادس لحزبنا، ومنها الاشارة الى الوضع السياسي والاقتصادي ومسالة الاستفتاء وحق الشعب الكوردستاني في تقرير مصيره وهي من القضايا الساخنة التي تتداولها الاوساط السياسية في الاقليم والعراق وفي دول المنطقة والعالم. وطرح السبل الكفيلة لنجاح هذه العملية وتجاوز التحديات التي تهددها وتهدد الاقليم وعموم العراق.


يمر اقليم كوردستان، بمرحلة انتقالية حساسة، تتراكم فيه المشاكل والازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولها اسباب متعددة وانطلقت اول بداياتها، من الاتفاقية الثنائية وهو من اسوء الاتفاقات التي ابرمت في تأريخ تجربة اقليم كوردستان بين الحزبين،الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، لتقسيم السلطة وتوزيع الصلاحيات بنسبة (50%) لكل طرف بعد الانتخابات البرلمانية التي اجريت عام 1992، ، ومنذ ذلك الحين بدأت الازمات تتراكم، واخرها هي ازمة ادارة الحكم التي تتمثل في تعطيل البرلمان بقرار حزبي وملف رئاسة الاقليم وفشل تجربة الحكومة الائتلافية من الاحزاب الخمسة في ادارة الاقتصاد بسبب عدم الشفافية في الملف النفطي والسياسة الاقتصادية المتبعة التي أساءت الى مصالح عموم الشعب وخاصة مصالح العمال والفلاحين وسائر الكادحين من شغيلة اليد والفكر.. من بين الامور التي ساعدت على تعميق الازمات هي، سوء ادارة الازمات وتفضيل خيار العودة الى المربع الاول وتسويف القضايا الاستراتيجية مما أدى الى تعميق الازمات، دون ان تعترف الاحزاب الحاكمة باخطاءها.
هناك عوامل موضوعية اخرى، تتعلق بنشر الارهاب فكرا وتنظيما، والتدخل السافر في الشؤون الداخلية من قبل الدول الاقليمية وتقديم الدعم المشروط الى بعض الاطراف التي استقوت بالدعم الخارجي، وفي المحصلة النهائية أدت هذه السياسات الى شلل العملية السياسية وزرع اليأس لدى اوساط واسعة من جماهير شعبنا وخاصة بين الشباب، ونتيجة لهذا الواقع المرير اختار مئات الالاف منهم الهجرة وترك ديارهم.
اما ما يتعلق الامر بالعراق فان الواقع ومستجدات الاوضاع الداخلية اكثر مأساوية بالمقارنة مع اقليم كوردستان، علما ان السياسات الاقتصادية متشابهة جدا. وقد أدت تلك السياسات الى تفشي الفساد المالي والاداري وعدم شفافية ملف النفط و توزيع الصلاحيات على اساس المحاصصة الطائفية ، وسيادة منطق القوة، اضافة الى هذه العوامل هناك جملة من التحديات الاخرى التي تهدد مستقبل الديمقراطية، ومن بينها، انتشار ثقافة العنف والارهاب الفكري وارتفاع نسبة البطالة والعنف الاسري وزيادة نسبة الطلاق. ومن ابرز المشاكل التي تهدد العملية السياسية هي اشكاليات الدولة والتي سببت وسوف تستمر في تعميقها. وان طرح الاستفتاء على بساط البحث هو من الحلول الجذرية لرسم سياسة واقعية واعادة بناء الدولة وفق معاير حق الاختيار لتحديد شكل العلاقة مع المركز.


السياسة الاقتصادية وتعثر عملية التنمية في الاقليم


يؤكد حزبنا بان الازمة الاقتصادية الموجودة في اقليم كوردستان وكما في العراق هي انعكاس لسياسةا لاقتصاد الرسمالي العالمي التي بدأت آخر فصولها عام 2008 وأسمته الراسمالية المعاصرة بالازمة المالية. وفي الحقيقة هي ازمة عالمية للاقتصاد الرأسمالي. وتبنت حكومةالاقليم، تطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادي وفق معاير وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين، من خلال التحول من اقتصاد الدولة القائم على التخطيط المركزي الموجه، الى اقتصاد سوق تنافسي، واعتماد السوق محورا للنشاط الاقتصادي والتوجه نحو خصخصة شاملة. دون ان تسبقها دراسة لجدواها الاقتصادي.وان اصدار قانون الاستثمار في الاقليم، والاعتماد الكلي عليه، خير مثال على فشل عملية الاصلاح الاقتصادي، كما لم يمر وقت طويل، تبينت نتائجها وثغراتها السلبية في العملية الاقتصادية حيث تفشي الفساد والبطالة وتركت آثارها السيئة على الابعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية والخدمية. اضافة الى تبني سياسة الاقتصاد الريعي، والتي لعبت وسوف تلعب الدور في نشوء قطاع خاص طفيلي من خلال توفير مستزمات تطبيق هذه السياسة،على حساب المال العام وتجاوز على الاراضي الاميرية عبر عقود المساطحة في مجال استثمار العقارات، واعفائهم من الرسومات والضرائب، اضافة الى تركيز الاستثمارات في قطاعي النفط والعقارات وتهميش القطاعات الاقتصادية الاخرى في الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة. هذا بالاضافة الى فقدان التوازن في النشاط الاقتصادي و الخلل في تقديم الخدمات، بين مراكز المحافظات والمدن الكبرى والمناطق أقل تطورا وخاصة في الاقضية والنواحي والمناطق الريفية.اضافة الى هذه العوامل الذاتية هناك عوامل موضوعية اخرى، التي سببت من تعميق الأزمة الاقتصادية وتراجع النشاط الاقتصادي في القطاعين العام والخاص وهي تخصيص ميزانية ضخمة لمواجهة الحرب ضد داعش الارهابي وانخفاض أسعار النفط في العالم وقطع ميزانية حكومة الاقليم من قبل بغداد.


الاستفتاء وعملية التحول الديمقراطي.


وقد ارتبط حق تقرير المصير والاستفتاء في الماضي بحق الشعوب المستعمرة في التحرر من الاستعمار والحصول علي الاستقلال بينما يرتبط اليوم بمطالب بعض الجماعات القومية اوالعرقية في الاستقلال وتكوين دول جديدة بسبب الخلفيات التاريخية للمسألة القومية و الصراعات الداخلية في بلدانها.
وبالتالي فان حق تقرير المصير هو الاساس والمنطق للحق في الاستقلال والسيادة وتتفرع منه الحقوق الاخرى وعلى راسها اختيار شكل النظام السياسي دون تدخل خارجي. يرى حزبنا بان الخيار الصائب هواجراء الاستفتاء العام ضمن الحدود التاريخية لاقليم كوردستان و الالتزام بنتائجها واحترام اردة الشعب الكوردستاني في بناء كيانه السياسي المتمثل في دولة وطنية كوردستانية مستقلة، مبنية على مبدأ المواطنة، وان يتمتع مكوناتها، بكامل حقوقها دون تميز.
وجاء تأكيد حزبنا تجاه هذه المسالة من مواقفه المبدئية واحتلت موقعا اساسيا في نضالها الوطني والطبقي وامتدادا لمواقفه التأريخي منذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي الذي اشار في صدر صحيفة كفاح الشعب عام 1935 الى شعار استقلال كوردستان وطور مواقفه باستمرار ارتباطا بالضروف الملموسة.
يستند حزبنا الشيوعي الكوردستاني، موقفه من حق تقرير المصير على المبدأ اللينيني الذي يشير الى ان (المقصود بحرية الأمم في تقريرمصيرها، هو الانفصال السياسي لهذه الأمم من الهياكل القومية الغريبة، وتشكيله الدولةقوميةمستقلة)،اضافة الى مقوماتها الاخرى من عدالة القضية الكوردستانية وألاسس الداعمة لها، كوجود سوق كوردستانية، وأهمية اللغة حسب تصور لينين هي "من أكثر وسائل اتصال الناس بعضهم ببعض ، كما أن وحدة اللغة وحرية تطورها هما من أهم الشروط لقيام مبادلات تجارية حرة شاملة حقا تتوافق والرأسمالية الحديثة، ولتكتل الناس تكتلا حرا واسعا داخل طبقاتها المتعددة، وأخيرا لاقامة علاقة وثيقة بين السوق وبين كل رب عمل كبير أو صغير وبين كل بائع ومشتر. ولذلك، فالسعي إلى إقامة دول قومية تستجيب على الوجه الأكمل لمتطلبات الرأسمالية الحديثة هذه هو أمر مصاحب لكل حركة قومية". أما حول نقاط القوة والضعف لعملية الاستفتاء فنشير الى بعض منها.

تتمثل نقاط قوتها في:

1- دعم الحزب الشيوعي العراقي الصادق، للقضية العادلة للشعب الكوردي، من خلال نضاله من اجل التحول الديمقراطي في العراق.
2- الاستقلال العملي لاقليم كوردستان منذ انتفاضة آذار عام 1991.
3- الانفتاح التجاري على الاسواق الدولية.
4- وجود حالة من التعايش المشترك بين المكونات الموجودة في الاقليم.
5- التاريخ النضالي للحركة التحررية الكوردستانية والتضحيات النضالية لشعب كوردستان من اجل دولته القومية.
أما ما يتعلق بنقاط الضعف فهي:
1- الازمة السياسية التي تتركز في الخلافات حول ملف رئاسة الاقليم واشكاليات الحكومة وتعطيل البرلمان والتعثر في ايجاد حل لها.
2-عدم وضوح رؤية كوردستانية مشتركة و واضحة للاحزاب الكوردستانية تجاه الاستفتاء ونتائجها والتي ادت الى فقدان الثقة بين المواطنين والاحزاب السياسية.
3- التعامل السلبي في قراءة العامل الدولي و موقف العراق والدول الاقليمية المناهض للاستفتاء، عبر التعويل عليه والتصور بان هذه المهمة لن تتحقق دون الدعم الدولي وقبول كوردستان في الامم المتحدة.
4- هشاشة ثقة المواطنين بالحكومة نتيجة العجز في الميزانية وعدم امكانية دفع رواتب الموظفين وتسريح عشرات الالاف من العمال.
5ـ عدم حسم المادة 140، لحد الآن مما يثير التساؤلات حول مدى مشاركة المواطنين في تلك المناطق في عملية الاستفتاء.


السبل الكفيلة للتحول الديمقراطي ونجاح عملية الاستفتاء.

1- العمل على اعادة ترتيب البيت الكوردستاني وتطبيع العلاقة فيما بين الأحزاب السياسية.
2- اعداد مشروع وطني كوردستاني يرصد مفردات القضايا العالقة بين الاقليم والمركز وقضية الاستفتاء وطرحها في الحوار المباشرمع بغداد.
3- استئناف العمل بمشروع مسودة الدستور لاعداد مشروع دستور مدني ، ديمقراطي علماني للاقليم.
4- مخاطبة الرأي العام العراقي ودول الجوار من خلال خطاب كوردستاني موحد مبني على التعايش السلمي واحترام سيادة الدول وارادة الشعوب في العيش المشترك.
5- العمل على مكافحة الارهاب واستتباب الأمن وتحقيق السلام من خلال الاصلاح السياسي والاقتصادي وتصفية آثار الحكم الدكتاتوري.
6- اتفاق الاحزاب الكوردستانية مع ممثلي المكونات الاخرى واعطائهم التطمينات لممارسة الشراكة الحقيقية معهم في المناطق المشمولة بمادة 140.
7- اجراء الإصلاح الاقتصادي والسياسي بعيدا عن الاقتصاد الريعي وتوسيع قاعدة اتخاذ القرار الذي يؤمن الرقابة والعدالة في المجالين.
8- تنشيط التحرك الدبلوماسي البناء نحو الاصدقاء ودول الجوار لكسب المزيد من الدعم السياسي ،لقضيتنا العادلة.
9- تجنب الانجرار الى الصراعات الاقليمية في المنطقة والتعامل مع العامل الاقليمي ضمن مبدأ حسن الجوار.
10- العمل على ايجاد آلية لتنظيم العلاقة بين التيار المدني الديمقراطي العراقي وبين القوى العلمانية في اقليم كخطوة نحو العمل المشترك.


في الختام اشكر العاملين في مؤسسة الحوار المتمدن وشكري االخاص للرفيقين (ابو نبراس ورزكار عقراوي) لاتاحة هذه الفرصة الثمينة واتمنى النجاح والديمومة للحوار المتمدن.