|
القدرات الحضارية للعقل والشخصية
كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 5547 - 2017 / 6 / 10 - 21:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تميز الإنسان عن سائر الكائنات الحية، بنمو مخه بصورة جعلته أقدر من جميعها على تخزين المعلومات المستقاة من تجاربه الحياتية. كما صار مخه قادراً على استخلاص العلاقات والقوانين التي تحكم ما يختزنه من خبرات. ليلعب هذا العضو البيولوجي في جمجمة الإنسان دوراً محورياً، يضع الجنس البشري على قمة الكائنات. هذه واحدة من الوظائف الفسيولوجية للمخ في جسم الإنسان، والمختلفة عن وظائف فسيولوجية أخرى له. وقد أطقلنا على وظيفته هذه مسمى "العقل". أدت قدرات العقل هذه إلى ما نسميه "نمو الوعي" لديه بصورة آلية ومستمرة. وكلما نما وعيه، الذي هو نتيجة لخبراته المكتسبة، انعكس تطوره هذا على ممارسته الحياتية، تطويراً وتعقيداً لها. لتكون هناك حالة إثراء متبادل مستمر للحياة والخبرات والوعي. يعني هذا أن "التطور خاصية هيكلية" أو أساسية في تكوين البشر. لكننا "نزعم" في مقاربتنا هذه أن القدرة على التطور تختلف بين الأفراد والأجناس، نتيجة اختلاف القدرة على استيعاب الخبرات وتمثلها، والزحف بها باتجاه تحسين الإنسان لحياته. ما نشهد مؤشرات له في الفارق الحضاري الهائل، بين شعوب أفريقيا جنوب الصحراء وشعوب مثل اليمن وأفغانستان وبنجلاديش، وبين الشعوب الاسكندنافية مثلاً. الفارق الذي "نزعمه" في "القدرة على التطور" بين الأفراد والأجناس يتشكل من ثلاثة عناصر أو محاور: الأول عبارة عن فارق في سرعة ومعدل تخزين الخبرات واستيعابها وتمثلها، وهو أمر يندرج ضمن ما نطلق عليه "ذكاء فطري". الثاني قدرة العقل على استنباط العلاقات والقوانين التي تحكم الظواهر والخبرات الحياتية. وهو ما نسميه القدرة على "التجريد النظري". الثالث هو مقدرة الشخصية السيكولوجية، التي تمكن الإنسان من البعد تسامياً، عن الطبيعة الفطرية له، والتي تغلب عليها الوحشية الغرائزية. فهذه الطبيعة تسحبه دوماً إلى أسفل، باتجاه مضاد لرغبة أقل فطرية في الإنسان تنزع به للتسامي. الأمر هنا يبدو كما لو أن هناك سقفاً سيكولوجياً شخصياً، يصعب على الفرد تجاوزه علواً على الطبيعة الفطرية للإنسان. كما نزعم هنا أن ارتفاع هذا السقف يختلف من فرد إلى آخر، ومن جنس إلى آخر. قد يبدو زعمنا هذا يفتقد لدليل منطقي أو بيولوجي متفق عليه علمياً. لكنه فيما نظن لا يفتقد تماماً كما سبق وقلنا لشواهد عملية ترتبت عليه. مثل تباين مستوى مختلف الشعوب وإنجازاتها الحضارية. ومن تفوق حضاري لشعوب حديثة التكوين، على شعوب هي الأقدم في التاريخ الإنساني. علاوة على ما نشهده حالياً، من ارتدادات حضارية، لشعوب تعرضت لظروف دفعتها دفعاً لليسير من التقدم الحضاري. مثل الشعب المصري بعد نهضة أسرة محمد علي التحديثية، والشعب التركي بعد فترة علمانية كمال أتاتورك، والشعب اللبناني الذي سقط الآن بعد ارتقائه الليبرالي الحضاري في ذات الهاوية التي يرزح فيها جيرانه. هل يبدو هذا الزعم فاشياً؟. . أظنه أقرب لأن يكون كذلك. لكن توصيفه هذا لا يبرر لنا الهرب منه فزعاً. وإنما يدفعنا لوضعه محل النظر والتمحيص، تبيناً لمدى صحته أو خطأه.
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن السبب
-
الأمل غير المنظور
-
مصر والمصير
-
عندما يرأس أمريكا سمسار سلاح
-
رؤية حالكة السواد
-
تلك الليبرالية اللعينة
-
مصر لن تموت
-
رزكار عقراوي وأنا
-
معاً لدوام التخلف
-
ماذا تريد النخبة من سيادة الرئيس؟
-
لماذا أصف البرادعي بالغباء
-
رأيت فيما يرى النائم
-
في ذكرى ثورة منكفئة
-
فوبيا د. محمد البرادعي
-
سفر التكوين
-
على هامش إعادة هيكلة الاقتصاد المصري
-
د. محمد البرادعي بين الحمرة والجمرة
-
مصر وصندوق النقد الدولي
-
بئس الليبرالي أنت يا هذا!!
-
من أجل الربيع المصري القادم
المزيد.....
-
لا تزال مفعمة بالحياة.. شاهد كيف احتفلت هذه العجوز بعيد ميلا
...
-
بعد توقف دام 28 عاما.. عودة قطار تونس الجزائر للعمل (فيديو)
...
-
تقرير: إدارة بايدن دفعت حلفاءها في الشرق الأوسط لتوجيه تهديد
...
-
3 مراحل تمتد 126 يوما.. تفاصيل المقترح الإسرائيلي المقدم لح
...
-
بيسكوف يدرج تصريحات ماكرون في خانة الاستفزازية للغاية وتصعيد
...
-
بينما تتكثف جهود التوصل لهدنة.. بن غفير يدعو لـ-منع الوقود و
...
-
زيلينسكي: أوروبا لم تعد تنعم بالسلام
-
تشات جي بي تي يتحول إلى شريك افتراضي، فما القصة؟
-
نتنياهو يلقي كلمة أمام الكونغرس الأمريكي في 24 يوليو/ تموز
-
هل تغلب العلماء على معضلة عدوى مقاومة مضادات الميكروبات؟
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|