أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - تلك الليبرالية اللعينة














المزيد.....

تلك الليبرالية اللعينة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم أفهم الليبرالية يوماً على أنها لاأدرية، أو حياد بين جميع الآراء والمواقف، كمساواة عمياء بين صناديق مغلقة، بغض ‏النظر عما بداخلها، إن كانت تحوي جواهر أم متفجرات. كما لو كانت طفلاً يعجز عن التفرقة بين "الحمرا والجمرة".‏
لا أستحب عموماً تصنيفي وقولبتي في دائرة فكرية أو أيديولوجية، لكن على وجه الخصوص لو كانت هذه هي الليبرالية ‏حقاً،‎ ‎فهو الطلاق النهائي بيني وبينها‎.‎
لم أفهم أبداً الليبرالية مباراة كرة، دون تحديد للملعب، ودون حكام وقواعد للعبة، ليصير الأمر فوضى عارمة، إلى حد ‏تبادل اللاعبين قذف الأحجار، بدلاً من تداول الكرة.‏
الجريمة التي ارتكبتها الشعوب الأوروبية في حق نفسها، وحق المهاجرين إليها، كانت باسم الليبرالية، التي صورت ‏إمكان استيعابهم في مجتمعاتها، مع محافظتهم على هوياتهم وثقافاتهم الأصلية. فعلوا هذا باسم حقوق الإنسان، وباسم ‏ثراء التعددية.‏
اللاأدرية الليبرالية هكذا لم تفرق بين هويات وثقافات يشكل تعددها ثراء حضارياً، وبين تلك التي من صالح أصحابها ‏الاغتسال والتطهر والبراء منها. هويات وثقافات مضادة ومعادية للحضارة، أشبه بالسموم تضاف إلى وجبة طعام. بل ‏وصرنا الآن نشهدها متفجرات حقيقية وليست مجازية، تفجر الإنسان والحضارة الإنسانية.‏
كيف تتركونهم بذات ثقافاتهم، من لجأوا من بلادهم إليكم، هرباً من فشل هذه الثقافات، التي حولت بلادها لجحيم؟
هل قبول واستيراد سموم الفشل والتخلف هو ليبراليتكم؟
تحلل واندثار الحضارات يكون بعوامل ذاتية في صميم بنيانها‎.‎‏ حملت الحضارة الفرعونية بذور موتها، بالانكفاء على ‏تشييد المقابر والمعابد‎.‎‏ وتحمل الحضارة الغربية المعاصرة بذور دمارها، بالليبرالية التي صارت لاأدرية، تساوي بين ‏الطبيعي والشاذ، وبين الثائر من أجل الحياة وعدو الحياة. تساوي بين الحرية الإبداع وحرية الانكفاء عودة للتوحش ‏البدائي‎.‎
موقف الليبرالية من قضية المثلية الجنسية، واحد من المواقف اللاأدرية، وهو التعبير الذي نستخدمه لوصف هذه النوعية ‏من الليبرالية تأدباً، بدلاً من استخدام تعبير "استعباط ليبرالي".‏
الموقف من هذه القضية ليس موضوع حرية رأي، كي نفتقد معياراً للصواب والخطأ، ويكون افتراض معيار هو من قبيل ‏فرض وجهات نظر خاصة، يشكل هيمنة وطغياناً على الحرية الإنسانية، التي ترفع الليبرالية لواءها.‏
فالليبرالية لا تقوم على أساس ادعاء جهل أو تجاهل، أو نزعة تسامح أخلاقية متسامية، وإنما تتأسس على حالات ‏غياب المرجعية التي تحدد الرأي الصواب والآخر الخطأ. أما في المجالات التي تتوفر فيها مرجعية مادية علمية ثابتة، ‏يكون التأرجح حولها بين الشك واليقين غيبوبة تحتاج لعلاج فيزيائي أو سيكولوجي. ‏
موضوع "المثلية الجنسية" يختص بالوظائف الطبيعية لأعضاء الإنسان التناسلية، والطبيعة هنا هي مرجعية الطبيعي ‏من ”الاستثناء“. . المثلية ”استثناء“ من حق أصحابه الحياة وفق ما يمليه عليهم تكوينهم الذي وجدوا عليه أنفسهم. وهم ‏أحرار في أجسادهم، التي تملي عليهم في الحقيقة سلوكهم وعلاقاتهم ”الاستثنائية“. لكن اعتبار ارتباطاتهم زواجاً كأي ‏زواج طبيعي، هو خلط للطبيعي بغير الطبيعي (الاستثناء). إذا أراد الثنائي المثلي عقداً قانونياً بين طرفيه، فليكن عقد ‏شراكة مادية قانونية، ولا يطلق عليه عقد زواج. ولابأس من الكف عن استخدام كلمة "شذوذ" لوصف العلاقات المثلية ‏الجنسية، ولنستخدم بدلاً منها من قبيل الاحترام كلمة "استثناء". فهي بالفعل علاقات "استثنائية" يمارسها أصحاب ‏طبيعة "استثنائية"، مقارنة بالأصل الطبيعي للتركيب البيولوجي والفسيولوجي للإنسان. . هكذا نرى أن التقنين بعقود ‏زواج "اعتيادية" لهذه العلاقات "الاستثنائية" يعد جريمة في حق مفهوم "الأسرة" الذي تتأسس عليه المجتمعات الإنسانية. ‏هذا مع غيره من العوامل يعد ضرباً للأسرة نواة المجتمع في مقتل، ما نرى بوادره الآن في ضآلة النمو السكاني للدول ‏الأوروبية، مما يضطرهم لاستيراد بشر، سيتولى قطاع منهم أيضاً بما يحملون من ثقافات مأفونة تقويض الحضارة ‏الإنسانية.‏
ما أريد أن أخلص إليه، أن الليبرالية التي أفهمها ليست غيبوبة في عالم من الفوضى العارمة المتحللة من أي نوع من ‏القواعد المنظمة لحياتنا ومجتمعاتنا.‏
وإن كان لابد لليبرالية أن تكون كما يفهمونها الآن في العالم الغربي،
فليس لدي ما أقوله سوى "عليها اللعنة".‏



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر لن تموت
- رزكار عقراوي وأنا
- معاً لدوام التخلف
- ماذا تريد النخبة من سيادة الرئيس؟
- لماذا أصف البرادعي بالغباء
- رأيت فيما يرى النائم
- في ذكرى ثورة منكفئة
- فوبيا د. محمد البرادعي
- سفر التكوين
- على هامش إعادة هيكلة الاقتصاد المصري
- د. محمد البرادعي بين الحمرة والجمرة
- مصر وصندوق النقد الدولي
- بئس الليبرالي أنت يا هذا!!‏
- من أجل الربيع المصري القادم
- إني أختنق
- التعثر في دنيا التابوهات
- صهيونية إسرائيل
- مصر وريادة السلام
- مع مفهوم -أمن الدولة-‏
- خربشات على جدار الوطن


المزيد.....




- فيديو لحظة سرقة معدات قناة سعودية في لندن خلال تقرير عن السر ...
- مصر.. إعادة فيديو حماس المحذوف من يوتيوب بعد شكوى وساويرس يع ...
- محمد بن زايد يهنئ أرمينيا وأذربيجان باتفاق السلام
- لندن وباريس تتعهدان بدعم زيلينسكي وتحقيق سلام عادل بأوكرانيا ...
- الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية
- إعلام إسرائيلي: الجيش سيقدم خطة جديدة للسيطرة على غزة
- اتساع هوة الخلاف بين دمشق و-قسد-..توتر كبير واتهامات متبادلة ...
- فرنسا.. إنقاذ مهاجرين اختبأوا في شاحنة مبردة متجهة لبريطانيا ...
- علي باقري: محاولة إخراج حزب الله من المعادلة بلبنان لن تنجح ...
- زعماء أوروبيون يدعون لممارسة مزيد من -الضغط- على روسيا


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - تلك الليبرالية اللعينة