أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - البحث عن السبب














المزيد.....

البحث عن السبب


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 17:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعله واحد من أكثر الإشكاليات الفكرية استعصاء، أن نجد تفسيراً علمياً، لسلوك شعوب بعكس الرؤية النظرية، التي ‏تفترض أن الإنسان الفرد والمجتمعات عموماً، تتبني الأفكار التي تتوائم مع ظروفها الحياتية، بل وتذهب تدريجياً إلى ‏إنتاج أو تبني الجديد من الأفكار، التي تتقدم بها لما هو أفضل وأرقى حضارياً.‏
ما نشهده من شعوب الشرق الأوسط هو العكس. فقد بدا اتجاهها منذ أكثر من حوالي ثلاثة أرباع قرن، يظهر بوضوح ‏اتجاهه مستقيماً نحو التراجع إلى أفكار موروثة، تتعارض مع السياق الحضاري الذي تحيا في ظله، والذي تحقق لها ‏فيما يبدو غصباً، بفضل "المرحلة الاستعمارية".‏
ثم نجدها في الثلاثة عقود الأخيرة، قد ذهبت إلى أبعد من هذا، ممثلاً فيما انتجت من تنظيمات إرهابية مثل القاعدة ‏وداعش، مصحوبة بالحجم الجماهيري الهائل للمتحمسين والمتعاطفين واللاممانعين. أسفرت عن وجه العداء الصريح ‏للحضارة والحياة بمجملها. ولم تعد رؤاها الارتدادية مجرد مقولات نظرية نظرية ترددها على سبيل التظاهر بالتقوى، دون ‏جدية حقيقية في الإيمان بها، وإنما شرعت وبنجاح مرصود تدمر أركان الحضارة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، كما ‏نشهد الآن في سوريا والعراق، علاوة ما تطوله أياديها من أوروبا، التي احتضنتهم كفارين من جحيم دولتهم الحلم.‏
أكثر ما يتردد من أسباب لظاهرة تبني الشعوب لمنظومات فكرية وحشية كهذه، هو تدني الظروف الاقتصادية ‏والاجتماعية، ثم الجهل والحكم الاستبدادي.‏
مثل هذه المقاربات فيما نرى، مجرد ترديد آلي لمقولات نظرية وأيديولوجية، لا تكلف نفسها عناء رصد الظاهرة ذاتها ‏بتفاصيلها وملامحها وتبدياتها على كامل مساحة فعالياتها، وليس التعامي عنها بالعموميات النمطية التقليدية. فنظرة ‏تفصيلية لانتماءات ونوعية القائمين بالفعاليات الإرهابية، كفيلة بأن تسقط أو تهمش واحدة فواحدة، مما اعتبرناها محاور ‏وأسباب هذه الردة الحضارية. ولا ننتوي هنا أن نعدد ما نقصد من أمثلة، للحالات التي تنفي محورية (ولا نقول تستبعد ‏تماماً) أغلب ما ذكرناه أعلاه من مسببات متوهمة.‏
بداية ينبغي أن نفرق بين "الشروط" اللازمة لحدوث أو نشوء ظاهرة، وبين العوامل "الثانوية" التي يحقق توفرها للظاهرة ‏بيئة أكثر خصوبة. فهذه الأخيرة لا يؤدي غيابها لتوقف الظاهرة، وإنما بالأكثر إبطاء سرعة سريانها، والتقليل بنسبة ما ‏من شدتها. تحت هذا التصنيف نضع مسائل مثل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الجهل والحكم الاستبدادي.‏
نزعم أن المقاربة المدققة لقضية تبني الأفراد والجماعات للأيديولوجيات الوحشية المعادية للحياة والمدمرة لحياة ذات من ‏يتبنونها، تضع جميع ما يرد إلى الذهن من أسباب تحت تصنيف "العوامل الثانوية"، ولا يتبقى تحت عنوان الأسباب ‏الرئيسية، أو "الشروط" اللازمة والكافية معاً، إلا عاملي "توطن الفكر" أو الأيديولوجيا الوحشية، وعامل "طبيعة الإنسان" ‏الذي يعتنقها ويتشبث بها حتى الموت.‏
‏"توطن الأيديولوجيا" - "طبيعة الإنسان"، شرطان ضروريان وكافيان معاً لخلق الظاهرة التي نحن بصددها. لكن:‏
إن قلنا أن الأيديولوجيا هي التي تفسد الإنسان،
عدنا لنقول وما الذي يجعل الإنسان يتشبث بمثل هذه الأيديولوجيا؟
‏(مع ملاحظة أننا وضعنا عنصر الجهل أو عدم الاستنارة ضمن تصنيف "العوامل الثانوية"، ولم يعد له هنا مجال)‏
الحلقة المفرغة التي ندور فيها، بحثاً عن أيهما السبب وأيهما النتيجة، أشبة بالتساؤل الشهير، عن أيهما الأسبق البيضة ‏أم الدجاجة.‏
هي دائرة مغلقة، تختار فيها "طبيعة الإنسان" أيديولوجيا فاسدة، لتزيده هذه الأيديولوجيا فساداً فكرياً وسيكولوجياً، ليزداد ‏تمسكه بها. . وهكذا دواليك.‏
من الأهمية هنا أن ننتبه، إلى أننا لا نتحدث عن أيديولوجيا قام الإنسان بالاقتناع بها بإرادته الحرة الواعية، بحيث يمكن ‏بيسر أن يهجرها إذا ما ثبت فشلها لأخرى، كما حدث للأيديولوجيا الماركسية. نحن إزاء أيديولوجيا متوطنة، يرضعها ‏الطفل في المهد مع لبن الأم، بحيث تصير هي هويته ذاتها، ويعتبر المقاربة النقدية لها، محاولة لهدم كيانه الشخصي ‏والاجتماعي. هذا بالإضافة إلى كونها في نظره "أيديولوجيا مقدسة". ناهيك عما يسود مثل هذه المجتمعات من سلطوية ‏وهيمنة، تجعل من العسير الخروج من على قضبانها.‏
الحل (إن كان ثمة حل) ليس تجديد وإصلاح هذا "الفكر الأيديولوجي"، لكن فتح سائر النوافذ الفكرية والحياتية على ‏جهات الدنيا الأربع، ليراها الإنسان بكل ثرائها، ولا يظل أسير رؤيتها من ثقب ضيق‎.‎‏ . هو محاولة ‏‎ ‎تخفيض نسبة ‏‏"العنصر الميتافيزيقي" في الدم إلى حدها الأدنى‎.‎



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمل غير المنظور
- مصر والمصير
- عندما يرأس أمريكا سمسار سلاح
- رؤية حالكة السواد
- تلك الليبرالية اللعينة
- مصر لن تموت
- رزكار عقراوي وأنا
- معاً لدوام التخلف
- ماذا تريد النخبة من سيادة الرئيس؟
- لماذا أصف البرادعي بالغباء
- رأيت فيما يرى النائم
- في ذكرى ثورة منكفئة
- فوبيا د. محمد البرادعي
- سفر التكوين
- على هامش إعادة هيكلة الاقتصاد المصري
- د. محمد البرادعي بين الحمرة والجمرة
- مصر وصندوق النقد الدولي
- بئس الليبرالي أنت يا هذا!!‏
- من أجل الربيع المصري القادم
- إني أختنق


المزيد.....




- ابنة بيل غيتس تكشف عن إصابة والدها بمتلازمة لا علاج لها
- برلماني أوكراني: زيلينسكي يبيع الوطن!
- الجزائر تتوعد بتقليص مساحة سفارة فرنسا بعد أزمة ركن سيارة ال ...
- مصر: الطفل ياسين يحضر للمحكمة بزي سبايدرمان والمؤبد للمعتدي ...
- السودان: المجد للبندقية أم لإطارات السيارات المحروقة؟
- تصاعد أعمدة الدخان الكثيف من الحرائق المستعرة غرب القدس
- وثائق تكشف الحلم الإيراني في سوريا: خططٌ سقطت مع رحيل الأسد ...
- عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. وإسرائيل تتوعد
- احتجاز مراسل قناة -أر تي- فور وصوله إلى العاصمة الرومانية لت ...
- تهديد جديد شديد اللهجة من وزير الدفاع الإسرائيلي للشرع دعما ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - البحث عن السبب