|
عوامل اختيارهذا الوقت من قبل تركيا لقصف سنجار
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5505 - 2017 / 4 / 28 - 17:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في صباح يوم الثلاثاء المصادف 25-4-2017، اغارت الطائرات التركية على قوات البيشمركَة و الكَريلا في سنجار في مغامرة و تهور كبير يضاف الى افعال و مغامرات اردوغان مرة اخرى . انه اختار وقت تنفيذ العملية بدقة و بعد احراجه كثيرا جراء تلقيه الضربات السياسية المتتالية في بلده و سوريا و العراق و اقليم كوردستان ايضا و باشكال و طرق مختلفة . لقد نوت تركيا تحقيق مجموعة من الاهداف المتنوعة سياسيا من خلال تنفيذها لعمليات درع الفرات و دخولها بشكل مباشر في شمال سوريا و كوردستان الغربية تمهيدا لضرب قوات حماية الشعب و تصفيتها بحجة محاربة داعش، و كلفتها تلك المغامرة كثيرا، ماديا و معنويا بعد ان تؤكد لنا كل المؤشرات على ان امركيا هي و بسياساتها الثعلبية جرتها الى ذلك لاهداف كثيرة و اقنعتها في ذلك على امل ما يفيدها من نجاحها في شمال سوريا ستراتيجيا، الا انها على الرغم مما كلفتها فانها فشلت في النهاية و اعلنت بشكل رسمي و مفاجيء و بعد ان تفهم الوضع و ما وراء مواقف امريكا و سوريا، اعلنت عن وقف تلك العملية متراجعة خائبة دون تحقيق ولو نسبة قليلة جدا مما جاءت من اجله، نتيجة ما لاقته من الطرق المغلقة و الابواب الموسدة في وجهها شرقا و غربا و جنوبا، و تصادمت قواتها مع قوات القوى الكبرى بدلا مما كانت تتوقعه من تصام مع قوات سوريا الديموقراطية التي اعتبرتها سهلة المنال و يمكن القضاء عليها . و من جانب اخر ارادت تركيا في الاشهر الستة الماضية ان تتقدم في سنجار بقواتها و بمساعدة حليفها الحزب الديموقراطي الكوردستاني بهدف اخراج الكَريلا من منطقة سنجار و الجبال المحيطة بها، الا ان تحرك امريكا و مواقف دول المنطقة مع العراق وضعت حديدا صلدا في عجلتها و لم تتقدم في مسارها بسهولة، والتي ارادت احتلال تلك المنطقة الستراتيجية الهامة عراقيا و اقليميا و حتى عالميا . و اضاف هذا خيبة اخرى لسجل خيباتها و تراجعت عن نواياها مضطرا بعد مراجعتها للحسابات التي كانت لغير صالحها . اما من من جانب موقف الاتحاد الاوربي و وضع الدولة التركية تحت طائل المراقبة، مما يضرب هذا القرار في العمق التركي من الجوانب السياسية و الاقتصادية، فانه دفع اردوغان التعجيل في خطواته و لم يتوقع هذه الظروف و ما حل بالمنطقة من التحالفات و التنسيقات التي لم تكن لصالحه قبل ما تقوم بالتحركات و تغيير المسارات، و كل ما حاول و اصر عليه هو ما يمكنه من البقاء على ما تبقى عليه من ابقاء شعرة المعاوية بينه و بين الاتحاد الاوربي من اجل تحقيق حلمه البعيد المنال . اما داخليا وما يخض الشعب التركي، بعد عملية الاستفتاء و نجاحه فيها بسعر الخسارة، نتيجة انخفاض نسبة المؤيدين له خارج توقعاته و بعد كشف الكثير من التزييف و التزوير في بطاقات الاستفتاء من جهة، و خسارته في المدن الكبيرة التي اعتبرها معقلا له طوال حياته السياسية، اصبح اردوغان كالذئب الجارح يريد ان ينتقم باي شكل دون حسابات دقيقة جدا . لقد انقسم الشعب التركي بشكل خطير على الجبهتين و هذا ما يؤدي الى كوارث سياسية كبيرة له مستقبلا . و عليه يعيد اليوم كرته من جيدي بعدما توقف عن الانتقامات لمن عارضه و ما استهل به ابان الانقلاب المشكوك فيه من ملاحقة من يعارضه بتهمة الانتماء لتنظيم فتح الله غولن و الحزب العمال الكوردستاني كتهمة معلبة حاضرة لمن يعتقد انه يسبب له احراجا و تضايقا في خطواته و تحقيق اهدافه . و ايضا بدا بتنفيذ القصف الجوي في اقليم كوردستان لجبال قندي التي توجد فيها قوات الكَريلا التابع لحزب العمال الكوردستاني كرد فعل طبيعي لما لاقاه من الفشل و الخيبات غير المتوقعة له و ما دفعه غروره على التهور و الاقدام على ما لم يكن متوقعا منه و اصطدم بجدار حديد صلد . بعد كل هذه التضايقات و حصر اردوغان في زاوية ضيقة و بعوامل داخلية و خارجية سواء كانت اقليمية او عالمية اضطر اخيرا للتحرك من اجل لفت النظر من جهة و الخروج من المازق الداخلي من جهة اخرى، اضافة الى جس نبض القوى العالمية لما يمكن ان يقدم عليه هذا القائد النرجسي من المغامرات غير المحسوبة النتائج له . فاختار الوقت الذي اعتبره مناسبا للغوص في عملية جنونية و متهورة و غير محسوبة النتائج، على الرغم من ادعاءه قيامه المشاورات التي اعلن بانه اجراها مع الدول المعنية و الحزب الديموقراطي الكوردستاني المتحالف القريب و الاول له بعد التخبطات التي ابعدت العديد عن سلم الصداقات المعترفة بها من المؤثرين في العالم دولا و قيادات و في مقدمتهم امريكا . و الدليل على عدم دقة تنفيذ مخططاته العسكرية هو قتله سواء كان خطاً او مقصودا لعدد من افراد قوات البيشمركَة التابعة للحزب الديموقراطي الكوردستاني المتحالف معه في جبل سنجار . اما اختيار سنجار باعتبارها ضرورة استراتيجية اقليميا و عالميا، فان اردوغان كان يهدف بها عدة نقاط رئيسية و منها تهمه داخليا؛ بداية هو ترضية للحزب القومي المتطرف المتحالف معه في الاستفتاء، و المعلوم عن هذا الحزب القومي المتعصب بالمواقف المبتذلة و الرجعية . و خارجيا و هي تهم ايران و اهدافها و المنطقة التي تعتبر ممرا سياسيا تجاريا لبناء الهلال الشيعي واستكماله من اجل تحقيق الاهداف الستراتيجية البعيدة المدى من جهة و التبادل الاقتصادي بين الدول الثلاث العراق و ايران و سوريا من جهة اخرى . ومن جانب اخر، يمكن ان يقصد اردوغان و يهدف من هذه العملية بشكل اخر و على اعتبار انه جزء من السباق الاقليمي و يبرز به دوره في الصراع الاقليمي القائم بمنحى مختلف الشكل في المراحل المتتالية لمسيرة المنطقة السياسية العسكرية و ان يقوي من دوره مستقبلا في هذا الاطار . اما الاهم من كل ذلك، هو نية تركيا ارسال رسالة قوية من خلال هذه العملية الى امريكا بما تصادمت تحركاتهما على الارض في المنطقة و بالاخص في سوريا، و هي تريد ان تقول بانها يمكنها التحرك ولو بعيدا عن رضاها، و ربما تعتقد رغما عنها، لكونها اختارت و فضلت قوات حماية الشعب في تحرير الرقة و استغنت عنها . و ما يؤكد هذا الراي و التوجه هو تحركات تركيا على الحدود السورية الشمالية المحاذية لكوردستان الغربية مستفزة الوضع القائم دون ان تولي اهتمام بما هو الموجود على الارض من التنسيق القوي بين امريكا و تلك القوات الكوردية رغم انف تركيا . و عليه فان تركيا ستقوم بحسابات عديدة و تبني مواقفها على ردود الافعال التي تتلقاها من هذه العملية الاستباقية المستفزة للعديد من الاطراف، و ان نجحت دون عقاب فهي تنوي ان تقوم بعملية كبرى في جبال قنديل و ربما بمساعدة الحزب الديموقراطي الكوردستان او بتحفظه و سكوته . و هذا كله يدعنا ان نعتبر الوقت الذي اختارته تركيا لم يكن اعتباطيا و انما هدفت به الكثير و تنتظر ما تخرج بعد العملية من الافرازات و الردود المنتظرة من الاطراف ذات الصلة و به يمكن ان تجمع اوراقها و تسير و تبني الكثير من المواقف والتوجهات مستقبلا على ما يحصل عليه مابعد عمليتها التجريبية الهادفة سياسيا قبل ان تكون عسكريا كي تفك معصميها من الاغلال الامريكي و حتى الروسي و الاقليمي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيصل ارهاب السعودية عن طريق بناء مئات المساجد الى بنغلادش
-
هل يتحقق التعايش الانساني في العراق ؟
-
الفرصة مؤاتية ان كانت نوايا اردوغان صادقة
-
هل الشرعية الثورية تبرر بقاء النخبة الكوردستانية في السلطة ؟
-
هل من الضروري تفعيل البرلمان الكوردستاني قبل الاستفتاء ؟
-
يتصرف و لا يعلم بانه ينكأ جرحا طريا
-
راي حول مابعد نعم تركيا في الاستفتاء
-
ضياع الشعب الكوردي بين التطبيل و التضليل
-
في ذكرى عمليات الانفال السيئة الصيت .... لماذا لا تعتذر الدو
...
-
فقدان الشعب العراقي لقائد تاريخي منذ تاسيس دولته
-
الثقافة الكوردية المتميزة من مقومات بناء الكيان الخاص به
-
من هو المراقب الرئيسي و المساعد في القضية الكوردية ؟
-
هل المفروض هو الاستناد علی الدستور العراقی ف
...
-
العراق بحاجة الى معركة ثقافية قبل العسكرية
-
كيف يمكن حل مشكلة كركوك ؟
-
هل يستمر الاسلام السياسي في حكم العراق
-
نرجسية اردوغان تفشل تركيا بعد نجاح نسبي
-
هل رفع العلم الكوردستانی مفتاح لحل القضية الكوردية ؟
-
مصلحة الشعب بين صراعات بغداد و اربيل
-
هل تعيد حلبجة القادة الكورد الى رشدهم ؟
المزيد.....
-
لحظة القبض على صبي عمره 12 عاما يتسابق مع مراهق بالسيارة.. ش
...
-
صحفيو غزة يدفعون ثمن الحقيقة
-
العراق.. السوداني يشرف على الخطط الأمنية لعقد القمتين العربي
...
-
الحوثيون يعلنون قصف هدف جنوب يافا
-
رئيسة البرلمان الألماني: لا ينبغي للكنيسة أن تتحول إلى حزب س
...
-
بسبب -تهديدات روسية- و-عودة ترامب-، مدنيون بولنديون يتوجهون
...
-
زيلينسكي يرفض وقف إطلاق النار ل3 أيام ويوجه رسالة لمن سيحضر
...
-
ترامب يُعلن كلا من 8 مايو و11 نوفمبر -يوم النصر- لأن -أميركا
...
-
بنغلادش.. مظاهرة حاشدة ضد إصلاحات قانونية تضمن المساواة بين
...
-
المغرب يطلق تحذيرا من خطر -سيبراني- كبير قد يطال المؤسسات ال
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|