|
راي حول مابعد نعم تركيا في الاستفتاء
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5494 - 2017 / 4 / 17 - 01:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على العكس من المتشائمين حول نتيجة الاستفتاء الشعب التركي حول تغيير دستور الدولة و ما ورائه، انني يمكن ان اقول بان الايجابيات لما خرج به الاستفتاء ان لم تكن مساوية لسلبياته فانها اكثر منها لعوامل و اسباب كثيرة سواء للشعب التركي بشكل عام او على ما ينعكس على الشعب الكوردي في نهاية الامر . من الناحية الخارجية لدولة تركيا، يمكن ان نقول بانه سوف يطوف الى السطح نتيجة ما حصل من هذا الجانب وهو ما يمكن ان يضخم في اكثر الاحتمالات من عراقيل ماوراء الاستفتاء و ما تواجهه تركيا بهدوء، و تمنع ملاحتها السياسية و الاقتصادية من الغوص في اعماق البحار المتلاطمة، و ايضا لما يامله اردوغان من الجوانب العديدة سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و تاريخيا، و ما يهمه من تمجيد نفسه قبل اي شيء اخر . و في وقت لاحق، ان ابعدنا كليا ما يكنه اردوغان من التوجهات الخبيثة لما تفرضه نرجسيته و تمنعه الظروف الموضوعية التي تحيط بدولته من مغامرات كثيرة و تعيقه من تحقيق مرامه الشخصي ايضا و تمنعه من تحقيق اهدافه مهما حاول، فانه لن يقطف الثمرة في نهاية الامر بما يتوقع، و وضع تركيا على مطب الموجات الكبيرة . و ان كان هذا هو العامل الخارجي الذي يمنعه من اللعب على الساحة المغايرة لما يبنيها بعد النجاح الخجول في الاستفتاء وما يتجدد في المنطقة من جهة، و ما يبديه الاتحاد الاوربي بشكل خاص من مواقف مختلفة جدا لما ابداه قبل الاستفتاء من جهة اخرى . اي تعتبر المرحلة مابعد الاستفتاء هي الفاصلة و انعطافة كبيرة في تاريخ تركيا و علاقاتها الخارجية من جوانب عديدة و في مقدمتها ضرب شروط الاتحاد الاوربي لانضمامها اليه عرض الحائط و بشكل قاطع و رسمي، نتيجة لما تكن المواد التي استفتيت عليها من العوامل الدافعة الى الدكتاتورية و الابتعاد عن الحريات العامة و الديموقراطية الحقيقية، و هذا ما يدع تركيا في عالم و واقع اخر غير ما نراه اليوم، و ان تركيا مابعد الاستفتاء ستبني ارضية ربما لم يتوقعها اردوغان و سوف تدفعه بالضرورة الى ان تصبح في حضن الشرق و مائلة اليهم اكثر من الغرب، و هذا لا يلائم مع ما تفكر فيه اوربا بشكل خاص، و حتى ما تنظر اليه امريكا حول موقع تركيا المستقبلي . و من جانب اخر، يعتقد الكثيرون بان هذه المستجدات لن تقع لصالح شعبه من الناحية الاقتصادية على الاقل ان لم تكن من الناحية السياسية ايضا، و في حال ابتعادها عن امريكا و اوربا وهي لم تجد نفسها الا و خلقت لها اي للسلطة التركية ما لا تفكر به من المشاكل و ابعدها من تحقيق هدفها الاهم عندها، و هو الوقوف ضد امال و اهداف الكورد في اجزاء كوردستان الاربعة . اما من الناحية الداخلية، فان النتيجة سوف تزيد من عوامل الانشقاقات الكثيرة بعدما كانت و استمرت على اسس اثنية و دينية و مذهبية، فانها ستزيد من الناحية الايديولوجية بين بني عرقه و حتى اعضاء حزبه و قياداتهم . ان ما شاهدناه من الاستفتاء في المحافظات و النتائج الجزئية ليست لصالح اروغان بنفسه، لكونها بدت على حال اضعفت قاعدة اردوغان الطبيعية التي كانت تستند عليها من قبل في انتخاباته العديدة ،و قد خسر اكبر مسندين له و هي على الاكثر في محافظتي انقرة و اسطنبول، اللتان ساندتا اردوغان في السراء و الضراء من كافة الجوانب و بالاخص السياسية . اي، و ان فاز اردوغان في الاستفتاء الا انه خسر في جزئيات ما يهمه داخليا اكثر من الاستفتاء بذاته . ومن جانب اخر، هذا يشكل له خطرا خلال السنين القليلة القادمة على الاقل لحين وصوله الى الانتخابات الرئاسية، و يمكن ان يفوز اي منافس قوي له في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ان تشكلت تحالفات قوية لمنافسه البارز . اما ما يخص الشعب الكوردي، فان النتيجة تدلنا على انه ربما الريح باتجاه توجه شراع المسيرة، و المنتظر من الربح ان لم يكن مساوية للخسارة فانه اكثر منها بالنسبة للقضية الكوردية و مستقبلهم و ما يمس الشعب الكوردي في المنطقة بشكل عام و في تركيا بالاخص ، كيف ؟ ان النتيجة و ان فاز اروغان في رئاسة الدولة المقبلة بالذات، فان البلاد ستتجه نحو الدكتاتورية اكثر مما هي عليها اليوم، لما يفتح الدستور المعدل يدي اردوغان ليخطوا نحو تضيق كافة الحريات و تضع العراقيل امام الديموقراطية، و عليه تضيق الاوضاع و لا يمكن ان تنتهي التضيقات الا بالفرج كما هو حال و ما يفرضه الواقع و كل بديهية لما يفيدنا به التاريخ، و كما شاهدنا العراق و بلدان الربيع العربي من هذه الناحية . و هذا يدعنا ان نعتقد بان احتمال التغييرات الكبيرة المتعددة الجوانب في تركيا الدكتاتورية اكبر و اوسع من البلدان الاخرى في المنطقة . اي كلما ازدادت منحنيات السلطة الدكتاتورية الدموية القمعية المتسلطة سيكون احتمال التغييرات الجذرية في بلد الدكتاتور اكثر قربا و نسبة لغيرها . و هذا يمكن ان يفيد الاستراتيجية الكوردية من تحقيق اهدافه و مصيره النهائي . هذا من جانب، اما من جانب اخر فان التغيير لم يُبقي على الهيبة المعنوية لدولة اتاتورك العلمانية المدعية للديموقراطية و الحرية من نواحي عديدة، و هذا يؤثر على الوحدة القومية التركية بشكل و اخر، و من جانب ثالث فان طموحات اردوغان في اعادة العصر العثماني لما يفيده شخصيا، فانه يمكن ان يعيد به العمل بسلطة الولايات التي تشبه من حيث المضمون الفدرالية الادارية التي تدفع المكونات و بالاخص الكورد من حيث وحدة جغرافيتهم و ديمغرافيتهم من الناحية الادارية، و ان يتقدم خطوات وفق متطلبات العصر، و يمكن الكورد ان يتعامل مع ما يمكن ان يستجد كفدرالية، و بالاخص لو زادت التغييرات المحتملة على ارض الواقع من همته و ان وضع اردوغان في زاوية لا يحسد عليها، و يمكن ان يفرض عليه التنازلات المختلفة من اجل نفسه من جهة، و يمكن ان يعود الى المصالحة التي ادعاه من قبل دون اعاقة او عراقيل المتعصبين القوميين كما حصل من قبل من جهة اخرى، ان كان صادق النوايا في هذه الناحية، او اعتقد بان المصالحة تكون لصالحه، و هذا من واجب الكورد ان يثبتوا له ذلك و لم يدعوا ان يختار غير المصالحة باي شكل كان . و عليه، ليس من الضروري ان يتشائم الكورد كثيرا من نتائج الاستفتاء،و الاحتمال الوارد يمكن ان نقول به رب ضارة نافعة، و ما يمكن ان تفرضه المعادلات والظروف الموضوعية و متطلبات مابعد الاستفتاء من امور مختلفة بان تقع لصالح الكورد و مستقبلهم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضياع الشعب الكوردي بين التطبيل و التضليل
-
في ذكرى عمليات الانفال السيئة الصيت .... لماذا لا تعتذر الدو
...
-
فقدان الشعب العراقي لقائد تاريخي منذ تاسيس دولته
-
الثقافة الكوردية المتميزة من مقومات بناء الكيان الخاص به
-
من هو المراقب الرئيسي و المساعد في القضية الكوردية ؟
-
هل المفروض هو الاستناد علی الدستور العراقی ف
...
-
العراق بحاجة الى معركة ثقافية قبل العسكرية
-
كيف يمكن حل مشكلة كركوك ؟
-
هل يستمر الاسلام السياسي في حكم العراق
-
نرجسية اردوغان تفشل تركيا بعد نجاح نسبي
-
هل رفع العلم الكوردستانی مفتاح لحل القضية الكوردية ؟
-
مصلحة الشعب بين صراعات بغداد و اربيل
-
هل تعيد حلبجة القادة الكورد الى رشدهم ؟
-
تشويش اردوغان في المرحلة الانتقالية للمنطقة
-
اردوغان و البارزاني يريدان ان يعيشا المستقبل في الماضي
-
فشلت ذنبا لأوربا تريد راسا لآسيا
-
التخبط في الوعي الفلسفي العراقي لما بعد السقوط
-
لماذا كل هذا الغضب ؟
-
المراة ضحية نفسها اولا
-
المراة في كوردستان مالها و ما عليها
المزيد.....
-
ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي
...
-
-كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم
...
-
وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55
...
-
السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
-
ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست
...
-
بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا
...
-
دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م
...
-
غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
-
كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا
...
-
ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|