أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - حول موضوع التنمية ونهضة المجتمع














المزيد.....

حول موضوع التنمية ونهضة المجتمع


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5483 - 2017 / 4 / 6 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما نتحدث هنا عن التنمية نعني بها بدايةً تنمية الفرد، وتنظيم مهاراته، وتنظيم قدراته بهدف النهوض المجتمعي لاحقاً، وذلك لأن هذا الفرد هو حجر الزاوية في بناء وتطوير ومن ثم تنمية أي مجتمع أو دولة ترنو للتطور والحداثة العلمية والتقنية، حيث أنه لا يمكن لأي بلد أن ينمو ويتنامى ويتقدم على طريق الرقي الحضاري العلمي والتقني من دون تنمية أفراده ثقافياً وعلمياً ومعرفياً، وهذا شرط أساسي لازم، وكذلك العمل أيضاً على رفع مستواهم ودخولهم عبر زيادة إنتاجية الفرد من خلال تهيئة وبناء مختلف قطاعات الدولة لخدمة وإنجاز ذلك الهدف الكبير.

وحتى يشارك الفرد في اجتماعنا العربي والإسلامي في تنمية مجتمعاته، بصورة فعالة يمكن من خلالها تحقيق نتائج مثمرة على صعيد التنمية والبناء المجتمعي ككل، لا بد من وجود قناعة فكرية، وحالة رضى وقناعة ذاتية واعية في داخل نفس هذا الفرد عن طبيعة العمل الذي يريد الاضطلاع به وتنفيذه، تدفعه للعمل الطوعي بلا ضغوطات ولا قسر.. لأن الفرد الذي يعمل في ظل مناخ ثقافي ونظام معرفي يقتنع به عن معرفة ووعي وإدراك كاملين، لا بد وأنه سيصل مع باقي الأفراد المقتنعين والمتفهمين إلى إنجاز غايات تنموية صحيحة ومنتجة وفعالة. والعكس صحيح أيضاً، وهو أن الفرد الذي يعمل تحت ظل بيئة ثقافية مناقضة ومعادية –إلى حد ما- لما يختزنه في داخله من قيم وأفكار ومشاعر وتراكيب نفسية وشعورية وتطلعات وغايات (أنظمة قيم ومعنى) هو بالضرورة فرد غير قادر على العطاء والإثمار الحضاري، وغير قادر أيضاً على تحقيق أبسط شروط التنمية الحقيقة، مما ينعكس سلباً على حركة وتنمية المجتمع ككل.
إذاً، نقول وبصورة أكثر تركيزاً وضبطاً، أنه وحتى تنمو مواهب الأفراد وتنمو مقدراتهم وقابلياتهم الذاتية لابد من وجود مناخ اجتماعي وثقافي وسياسي مناسب يشكل حاضنة ملائمة لنمو وبروز واستثمار تلك الاستعدادات والقابليات الفردية، وهذا بدوره يحتم توفر فضاء سياسي قانوني دستوري يمارس الناس فيه حقوقهم في التعبير عن اتجاهاتهم وآرائهم وقناعاتهم الفكرية والسياسية والثقافية والمعتقدية بصورة صحية وبطريقة سلمية تداولية لا مكان فيها للعنف الرمزي والمادي،وبحيث يكون فيها المشترك العام هو خدمة الناس والنظام العام والصالح العام، وخدمة الأفراد تحت سقف القوانين والأنظمة النافذة التي يتفق عليها كل أفراد المجتمع ضمن آليات ديمقراطية سلمية بعيداً عن توسل واستخدام أدوات العنف الرمزي والمادي.

وحتى يحدث في أي مجتمع نوع من التشارك والاندفاع الجماعي الحقيقي المؤثر في اتجاه العمل وخدمة مقتضيات التنمية الهادفة إلى تطوير واقع الفرد والمجتمع على مستوى بناء أسس ومعايير اقتصادية صحيحة تساهم في زيادة الإنتاج والدخل الفردي والوطني، لابد من تعميم ثقافة التنمية بين جميع مكونات المجتمع، وعلى مختلف المستويات، بدءاً من أصحاب القرار، إلى مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية البشرية، حيث أن التنمية المنظمة والشاملة، التي تشارك فيها كل المؤسسات والهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويساهم فيها الجميع طوعياً لا قسرياً هي الشرط اللازم الحقيقي للنهوض الذي لا يمكن أن يتحقق فجأة، وإنما عبر سلوك طريق طويل منظم من العمل والتعب والجهد والمثابرة والكدح والإيمان بأن الوطن لا يقوم إلا بمحبة كافة أبنائه له، وبمشاركتهم الفاعلة والمنتجة في العمل الميداني المسؤول.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن عملية التنمية باتت حالياً ثقافة عمومية ومسؤولية عامة، لا تختص بفئة أو شريحة معينة، كما أنها لم تعد حصراً وحكراً على نخب اقتصادية أو غير اقتصادية بذاتها، لأنه إذا كان مطلوباً رفع وزيادة دخل الفرد، فلابد من رفع إنتاجيته وفاعليته عبر توفير المناخ السياسي والاجتماعي الأنسب والأفضل لتبلور طاقاته ومواهبه كما ذكرنا..، وهذا المناخ الصحي التداولي التشاركي هو الذي يمكن أن يسمح للفرد ذاته بالمشاركة المبدعة في عملية التنمية وعياً وثقافة وعملاً..

وفي اعتقادي أن أحد أهم أسباب الفشل الذريع الذي لحق بكل مشاريع التنمية في عالمنا العربي حتى الآن، الذي لا يزال مجرد حقل تجارب لأفكار اقتصادية تأتي من هنا وهناك من دون وجود أدنى قناعة ووعي علمي صحيح بها داخل نفوس وعقول الناس عندنا (تبيئة مفاهيم)، يكمن في ابتعاد الفرد وتغييبه قسرياً –بالرغم من كونه أساس ولب وجوهر عملية التنمية- عن المشاركة الواعية والفاعلة في العملية التنموية الفردية والمجتمعية.

وهذا يقودنا لإعادة التأكيد على أن نجاحنا في تحدي التنمية الاقتصادية للتخلص من ألبسة التخلف المهترئة التي تلف واقعنا العربي والإسلامي عموماً، لا يمكن أن يكون مضموناً وقابلاً للتحقق العملي، إلا إذا اكتسبت التنمية العربية الفردية والمجتمعية إطاراً يستطيع أن يدمج أفراد الأمة ككل ضمنه، وقامت على أساس ثقافي قيمي ينفتح عليه، ويتفاعل معها.. فحركة الأمة كلها شرط أساسي لإنجاح أي تنمية، كما كان يؤكد السيد محمد باقر الصدر أحد أبرز رموز الإسلام التنويري العقلاني... لأن حركتها تعبير عن نموها ونمو إرادتها وانطلاق مواهبها الداخلية.. فالتنمية للثروة الخارجية والنمو الداخلي للأمة يجب أن يسيرا في خط واحد.



#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاقات العربية وأسباب هجرتها
- حول واقع وآفاق التنمية العربية
- بين الوعي الساذج والنقدي - مجتمعاتنا بين الأدلجة والتنميط وأ ...
- خاطرة حول محاضرة في متحف أنيق
- نقد سياسي ضروري
- سؤال وموضوع مهم: هل الثقافة العربية الإسلامية قابلة للتطور؟
- القضية ليست شعارات ولا مصطلحات... بل أفعال نوعية ومبادرات فع ...
- الأمم الحية ومواجهة تحدياتها الوجودية
- امريكا و-دواعشها- وما بينهما من حرب على الارهاب:
- تجليات الإسلام التاريخي في عصره الداعشي الأخير
- حول الاسلام السوري والتدين الاجتماعي
- البناء المخالف والعشوائيات في مدينة اللاذقية.. أحياء مخالفة ...
- دراما رمضان وتسطيح عقل المشاهد العربي
- مخالفات البناء: واقع مرير وبدائل غير متاحة حتى الآن
- اللاذقية... سويسرا الشرق!!!
- أبو حيدر وشهادة الميلاد الجديدة .. قصة حقيقة من ضيعة -بلوطة-
- الخوف من الأصولية الإسلامية.. وهم أم حقيقة؟!
- الإسلاميون والعنف دور المثقف في تغيير الصورة النمطية عن الإس ...
- العرب وحديث المؤامرة
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...


المزيد.....




- 71 قتيلا في هجوم إسرائيل على سجن إيفين الإيراني حيث يقبع موا ...
- ترامب يدعو مجدداً لوقف محاكمة نتنياهو ويهدّد بقطع المساعدات ...
- في ظل الخروقات الأمنية.. هل يُمكن لإيران تصنيع قنبلة نووية ف ...
- -إنهاك حراري- أم -ضربة شمس- .. ما الفرق بينهما؟
- -أقوى جيش في أوروبا-..مهمة ثقيلة تنتظر حكومة ألمانيا الجديدة ...
- فرنسا تبدي استعدادها للمساهمة بتوزيع الغذاء -بشكل آمن- في غز ...
- استغراب إسرائيلي من تفاؤل ترامب بشأن غزة دون مؤشرات على وجود ...
- أول مسح مستقل للوفيات بغزة يفيد باستشهاد نحو 84 ألف شخص
- فيديو تهكّم ترامب على خامنئي بجملة -فزنا بالحرب- يثير تفاعلا ...
- الحكومة البريطانية تدين هتافات مناوئة للجيش الإسرائيلي بثتها ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل علي صالح - حول موضوع التنمية ونهضة المجتمع