أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - نعم، لا، ربّما














المزيد.....

نعم، لا، ربّما


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5399 - 2017 / 1 / 11 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


شعر: أديب كمال الدين

الذين يقولون: إنَّ أصلَ الحرفِ نقطة،
يفهمون في الأبجديّةِ فقط ولا يفهمون في الحُبّ.
ذلك أنّ أصلَ الحُبِّ نقطة،
أعني نقطة الباء.
*
في الكتابِ الذي أعدتُ كتابةَ مسودّته للمرّةِ الألف،
كتبتُ إهداءً قلتُ فيه الكثيرَ لكنّي نسيتُه.
النسيانُ داءٌ عظيمٌ يصيبُ العشّاقَ والمجانين والمنفيين.
أعراضُه كتابةُ الشِّعرِ وطَرْقُ بابِ الحرفِ دونَ جدوى.
أحياناً،
وهذا سرّ أرجو أنْ لا يصدّقه أحد،
يطرقون بابَ الموت .
ليسَ مُهمّاً مَن هم الذين يطرقون بابَ الموت.
المُهمّ أنّني أسمعُ طَرْقَ البابِ الآن
لكنّني لن أفتحَ الباب
إلى أنْ أنتهي من كتابةِ هذه القصيدة.
*
انتقلتُ كثيراً من مدينةٍ إلى أُخرى،
أعني من قصيدةٍ إلى أُخرى.
كنتُ أنتقلُ بالباصِ أو الطائرةِ أو الحلم
بعينين تفيضان بالدمع،
وهذه عادةٌ سيئةٌ دونَ شكّ
لمَن يعاني مِن مصاعب في النومِ أو في السرير.
مَن قال: إنَّ الحياةَ حلمٌ؟
لا أعرفُ، لكنّه لم يكنْ كذّاباً أبداً .
*
معَ أنَّ القصيدةَ غير مُرقّمة
فإنّني أحاولُ أنْ أضعَ الرقمَ الصحيحَ لها كي أتوازن
أي كي لا أتحوّل إلى حرفٍ طائر أو نقطةٍ تائهة.
*
ماتَ الشاعرُ الكُحوليّ
وكانَ يسقطُ من السريرِ أثناءَ النوم.
أنا مثلهُ أسقطُ من السريرِ أثناءَ النوم
معَ أنّني لا أشربُ الخمرَ أبداً.
هل في هذا ما يدعو إلى الضحك؟ ربّما.
*
بدأ الشاعرُ الكحوليُّ يقفزُ على السريرِ من الفرح
وأنا أقرأُ له قصيدةً عن الجمرِ والخمر
لكنّه قالَ لي
وأنا أحاولُ عبثاً تمشيطَ شَعْري أمامَ المرآة:
إبقَ هكذا يا صديقي، أنتَ تحاولُ والشَّعْر يرفض.
انتهى حوارُ الشِّعرِ والشَّعْرِ حينَ سقطتْ قذيفةٌ بيننا،
فذهبَ هو إلى أقصى النقطةِ ليموتَ وحيداً
وأنا ذهبتُ إلى أقصى الحرف
لأموتَ وحيداً أيضاً.
ولم يكنْ في موتنا فرْقٌ سوى فرْق التوقيت.
*
هذا كتابٌ عن الحُبّ
لكنّه غير مخصصٍ للعُشّاق.
العُشّاقُ الآن يشاهدون أفلاماً من الدرجةِ العاشرة
ليمارسوا فنَ القُبْلة.
في زمني كانَ الحرفُ هو السبيل إلى ذلك،
ولذا كانَ الحرفُ مُصاباً
بداءِ العاطفةِ المُلتهبةِ وبأغنياتِ السذاجة.
أنفقتُ أربعين عاماً
لأخلّصَ الحرفَ من العاطفةِ والسذاجة
حتّى تحوّلَ إلى صخر.
هل أنا صخرٌ؟ لا أظن.
*
الأنبياءُ كانوا عُشّاقاً أيضاً،
عُشّاقاً بعيونٍ زادها الكحلُ جمالاً.
كانوا يعشقون الحقيقةَ ويكتبون رسائلهم إلى الله
فيتقبّلها منهم بقبولٍ حَسَنٍ.
الآن أنا أعيشُ في زمنٍ لا أنبياء فيه.
إنّما فيه قِرَدة من كلِّ نوعٍ
تلوكُ الحروفَ والنقاط،
وترقصُ على المسارح،
وتلعبُ بالملايين،
وتطلقُ النارَ بسرعةِ البرق
على كلِّ مَن يخالفها الرأي
حتّى لو كانَ على نوعِ الرقصةِ فقط.
*
الجملُ المبتورةُ، لا القصيرة، هي عمادُ القصيدة.
القصيدةُ خرجتْ عن المسارِ حتماً.
الفقراءُ يغرقون في البحرِ فيضحكُ الأثرياءُ من الأعماق
وهم يشربون الكونياكَ بالثلجِ والليمون.
وحينَ تسقطُ القنابلُ على رؤوسِ الفقراء
يسارعُ مذيعون أغبياء
ومذيعاتٌ أشدّ غباء
لنقلِ الأخبارِ السعيدةِ في قنواتِ التلفزيون.
أنا سعيدٌ لأنّني لا أملكُ جهازَ تلفزيون
إذ بعتهُ قبلَ الحربِ بأيّام
وصرتُ أقضي الليلَ وحيداً
أتأمّلُ في بياضِ الجدارِ كأيّ فيلسوفٍ عظيم.
*
"الشتاءُ كثيرُ الغيوم"
هذا هو عنوان قصيدةٍ كتبتُها قبلَ أربعين عاماً
ونشرتُها في مجلةِ صديقي الشاعر الذي هربَ سرّاً
إلى المجهول
ونسي، بالطبع، أنْ يردَّ على رسائلي.
ثُمَّ جاءَ مَن يكتبُ ليكتب كثيراً
عن شتائي وغيومي دونَ معنى
فقد كانَ خفيفاً أو مُؤدلَجاً حدّ اللعنة.
الآن تركَ الخفّةَ والأدلجة
بعدَ أنْ غرقَ بيتُهُ بالطوفان
فلم يعدْ يُميّز ما بين الحروف
بل لم يعدْ يُميّز ما بين الشمس والغيوم.
*
كم تمنيتُ أنْ أرسمَ حروفي بالألوان
لكنّني أعيشُ في شقّةٍ ضيّقة
وقد منعي صاحبُ العمارة
مِن إدخالِ الألوانِ إلى الشقّة.
مع أنّه يعطفُ عليَّ
فيشتري نُسخاً مِن كتبي بسعرٍ رمزيّ،
ويرسلُ إليَّ كلّ إسبوع مبلغاً من المال
كي أدفعَه إليه كإيجار
أو كثمنٍ للهواءِ الذي أتنفسُّه باستمرار!
أليسَ هذا أمراً مُضحكاً؟
نعم، لا، ربّما.
*******************
www.adeebk.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرج الطويل
- ملك الحروف غير السعيد
- (أصابع)
- محمّد القبّناجيّ
- صانعُ الكراسيّ الذهبيّة
- آلن ديلون
- قِرَدة
- بمناسبة مرور أربعين عاماً على صدور مجموعتي الشعرية الأولى (ت ...
- قطعة ذهب
- البحر والحرف
- دائماً أسألُ أصابعَ يدي
- يعلّمها العطشَ ويطلبُ منها الماء
- النافذة
- مَن الواقف خلف النافذة؟
- شوبان والبحر
- سعادة الوهم
- حرف محذوف
- اللغز
- وصيّة الحلّاج
- شبح قصيدتكِ الأخيرة


المزيد.....




- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...
- مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
- فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...
- أدب إيطالي يكشف فظائع غزة: من شرف القتال إلى صمت الإبادة
- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - نعم، لا، ربّما