أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟














المزيد.....

على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 19:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"من هو يسوع؟" سألت نفسي وأنا أستلقي على فراشي. لم يكن تعليمه للجموع على الجبل يشبه ما تعلمناه على أيدي الفريسيين ورجال الدين. الناس في مجامعنا يتسابقون على تقديم الصدقات. كان الأغنياء يعطون كثيرا (حسب ما كن نظن) وكانوا يحصدون التبجيل والتعظيم بالإضافة لدعاء الناس لهم بالتوفيق والصحة. من الناحية الأخرى، كان رجال الدين يعدونهم بالسماء لأن لله يحب المعطي بوفرة. إزاء هذا الموقف، كان الفقير بيننا يقف مهانا، منسيا، ذليلا، لا يملك ما يعطيه ظانّا ان السماء نسيته لأن السماء تحب الذين يعطون كثيرا. لكن ها هوذا يسوع اليوم، على الجبل، يقلب المقاييس، فيعلّم "احترزوا من أن تصنعوا صدقتك قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة، لا تصوّت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع والأزقة، لكي يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت متى صنعت صدقة، فلا تعرّف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية."

علّمنا رجال الدين أن الله يحب الذين يعطون، وبالتالي الأغنياء، إذ من يستطيع العطاء سوى الميسور؟ لكن ها هوذا يسوع يقول لنا ان الله يحب الذي يعطي في الخفاء وليس من يحمل البوق أمامه صادحا "أنظروا إليّ يا أهل الأرض. مجدّوني، عظّموني، فأنا صاحب الإحسان وأنا محبوب الله." من هو يسوع هذا؟ لقد تجرأ اليوم على نقد رجال الدين علانية: "وأما أنت فمتى صليت، فلا تكن كالمرائين. فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع. لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت، فادخل الى مخدعك وأغلق بابك، وصلّ الى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية."

عندما كان يسوع يعلّم، كان الفريسيون والكتبة ينظرون إليه بعيون تقدح شررا. كانوا يعرفون أنه يصفهم أدق الوصف. كانوا يمشون بكبرياء مرتدين ثيابهم الفضفاضة فيما الناس يتسابقون لنيل رضاهم وبركتهم. كانوا يقفون في المجامع والشوارع مصلين بغية استحصال المجد من الناس. كانوا يكثرون الكلام ويطيلون الصلوات، فيما يسوع يوصينا ألا نتشبه بهم، لأن أبانا يعلم ما نحتاج إليه قبل أن نسأله. تململ بعض الفريسيون وهم يستمعون ليسوع، لكنهم لم يجرؤوا على مواجهته. فالجموع كانت ترى فيه نبيا من الأنبياء العظام. استمر يسوع بتعليمه غير آبه بالمعترضين. علمنا أن السماء تقف على مسافة واحدة من الغني والفقير، رجل الدين ورجل الشارع، البار والخاطئ. السماء لا تفتح ذراعيها لفئة من الناس دون أخرى. بل قد تكون السماء أقرب الى أولئك المساكين الذين يعطون قليلا حسب قدرتهم ويصلون في الخفاء من أولئك الذين وإن هم قد أعطوا أكثر نتيجة يسرهم المادي أو أطالوا الصلوات أكثر رغبة في مدح الناس لهم، إلا أنهم في الحقيقة كانوا قليلي العطاء سطحيين في صلواتهم. فجّر يسوع بركانا عندما علّمنا أن الله أبانا، أب الجميع، أب الكبير والصغير، أب الرجل والمرأة، أب الفقير والغني، أب المجرم ورجل الدين.

لم يرق خطاب يسوع لبعضهم. فهو بتعليمه كان يهدم جدارا قد بنوه ليفصل بين النخبة والعامة. كان يهدم هرما تربع القلة على رأسه فيما قبع الغالبية في أسفله. مزّق أقنعة كانت تظهر بعض الناس على غير حقيقتهم، إذ لم يكن العطاء الذي كانوا يعطونه رغبة منهم بالإحسان بقدر ما كانت الرغبة به حب الظهور أمام الناس. رسم يسوع واقعا جديدا ساوى بين الناس أمام الله. فليس أولئك الذين يرتدون الثياب الفضفاضة أكثر قربا منه ولا أولئك الذين يرتدون الثياب الرثة أكثر بعدا عنه. حتى الصلاة تغير معناها لديه. كنا نظن أولئك الذين يجلسون على كراسي المجمع ويطيلون الصلوات أكثر برا من غيرهم وأقربهم لله، لكن ها هو يسوع يقول أن المصلي الحقيقي هو الذي يدخل الى غرفته ويصلي لأبيه السماوي في الخفاء، وأبوه السماوي يستجيب له.

كانت الأفكار تتسارع وتتسابق وتتصارع في رأسي عندما غلبني النعاس وأنا أردد ما علمنا إياه يسوع " فصلوا أنتم هكذا: أباننا الذي في السماء، ليتقدس إسمك..."



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وكما كان في الميلاد الأول كذلك يكون في الميلاد الثاني
- على خطى يسوع 2- موعظة على الجبل
- على خطى يسوع 1- في البدء كان الكلمة
- إنها الحياة-12- شكر في عيد الشكر
- إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي
- إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري
- العهد القديم والعهد الجديد-20- الخاتمة
- عهد قديم وعهد جديد-19- لا يكن لك آلهة غيري
- لا لزواج القاصرات
- أترانا شعبا أصيب بالانفصام الثقافي والديني؟
- عهد قديم وعهد جديد-18- أنطق ايها التمثال
- إنها الحياة-9- الجدّ والجدّة والحفيد
- عهد قديم وعهد جديد-17- لماذا العهد القديم؟
- إنها الحياة-8- ومن قال ان الاغتصاب رذيلة؟
- عهد قديم وعهد جديد-16- أنا الدولة والدولة أنا
- أصحاب الفخامة والجلالة والمعالي
- حكاية إيمان
- عهد قديم وعهد جديد-15- فجر جديد
- عهد قديم وعهد جديد-14- أصنامهم فضة وذهب
- عهد قديم وعهد جديد-13- إيل تحت المجهر


المزيد.....




- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟