أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - حنانيك أيها المطر














المزيد.....

حنانيك أيها المطر


عبدالرازق مختار محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 13:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ونحن صغار كنا نتسابق عندما نري السحب وقد أصبحت حٌبلي بالأمطار، نرقبها ونتابعها ونجري خلفها حتي تداعبنا بحركتها، مرة على عجل وأخرى على مهل، وكأنها تدير معنا حوارات اللهو والتمني، كانت أيادينا تتطاير تختطفها، وتتمني عليها ألا تنزل على الأرض، نسعد عندما تبتل شعورنا، ونمرح وملابسنا علاها الماء، نقفز بكل قوانا كي نمسك بها بجوار السماء، تتعلق أعيننا بها، ودعواتنا تلهث ألا يحرمنا الله من هكذا شعور، وألا يحرمنا من والدينا، وأن يرضي عنا من نحب من معلمينا، وألا تحرمني معلمتي من كلمات التشجيع والحنو التي كانت كل أمانينا، وأن ننتصر في مبارياتنا التي نجريها.
واليوم وقد كبرنا وكبرت همومنا، وتعلمنا في قاعات الدرس أن تلك السحب طالها التلوث، وامتلأت بكل مخلفات البشر الذين سطروا كل صنوف القسوة حتي على الطبيعة التي خلقت مسخرة لخدمتهم، وجعل حياتهم هانئة.
كبرنا وعلمنا أن تلك الأمطار تجلب معها بعض الخسائر؛ لأنها أصبحت قاسية كقسوة قلوبنا، فمعها تزهق الأرواح، وتدمر الطرقات، وتقتلع البيوت من جذورها، حتي الحيوان لم يسلم من قسوتها.
كبرنا وعلمنا أن لنا أخوة قد افترشوا الأرض، والتحفوا السماء، وعيونهم الحزينة المملوءة بالعجز، المفعمة بالقهر، شاخصة إلى السماء، تناجي تلك السحب أن ترحمها، وتتنمني عليها أن تبتعد قليلا، وتفرغ حمولتها على جبال قريبة، أو تنزلها صاعقة فوق رؤوس من قذوفهم في العراء، من أبعدوهم خارج ديارهم، من انتزعوهم من منازلهم، من حطموا تلك المدفأة المختبئة في ردهة المنزل، من سلبوا منهم الأمن والأمان.
نعم يا سحابتي المحملة بتلك الزخات القاسية حنانيكي فقد خارت قوانا، لم نعد نتحمل تلك العطايا القاسية التي تخترق الأجساد، وتضيف لنا من الآلام ما لا تتحمله الجبال، حنانيكي فقد غابت أمي التي كانت تضمني إلى صدرها خشية أن يصيبني البرد، وسرعان ما تبدل ملابسي، وتجفف رأسي، وتعطيني من الحلوى ما يهدئ من رجفة قلبي، حنانيكي سحابتي فأبي الذي كان ينادي لا تتمادي، تمهل قليلا، لا تتعب نفسك يا بني، قد رحل هو أيضا على أيدي تلك القلوب القاسية التي أبت إلا أن تغتال كل مصدر قوتي في الكون، حنانيكي يا سحابتي القاسية، فلم يعد هناك معلم أتمني رضاه فقد مات يوم قذفت مدرستي على رأسه، حنانيكي فمعلمتي التي كنت أتمني نظرة رضا من عنينيها قد اختفت خلف الركام، حنانيكي فأنا لم أعد أنا، فاليوم لم تعد دعواتي أن أكون طيارا، أو أتزوج من حبيبتي التي ألعب معها في فسحة مدرستي الابتدائية، لم تعد دعوتي أن أحصل مع مدرستي على كأس أوائل الطلاب، لم تعد تلك هي الأماني، أصبحت دعوتي أن أعيش. فقط أعيش. حتي لو استسلمت لتلك الصرخات المدوية التي تصاحب ما تحملين من زخات، فلم يعد لي حيلة إلا الصبر، لأنني وحيد، فقد رحل الجميع، وتركوني أنا وأنتي فحنانيكي.



#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتدق الأجراس طلقني شكرًا
- العزف علي أطلال حلب
- ناسك في محراب العيون
- بانا العابد رسالة في جدار الإنسانية
- قهر الاختبارات
- التعليم المجتمعي من رحم التجربة
- أفيخاي أدرعي وميلاد الرسول!!!
- وطنك فقط من يروي عطشك
- حكايات الكلبة أناستازيا؟!
- كلاسيكو الأرض أزمة هوية
- قلم شريف
- حلب الشهباء التي أحببت
- إسرائيل تحترق وماذا بعد ؟!!
- ما وراء مباراة مصر وغانا
- المرضى لا يعرفون
- شد السيفون ولا تخجل
- مفتون أصابته دعوة سعد
- اسم الآلة
- للاحتكار وجوه أخرى
- للشعب إعلام يلهيه


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - حنانيك أيها المطر