أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - صورة الرئيس














المزيد.....

صورة الرئيس


تيماء حسن ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 5382 - 2016 / 12 / 25 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


تدندن والدتي لحناً لعبد الوهاب: "أحبه مهما أشوف منه" تغمز لي بطرف عينها و تبتسم!
كنت قد قررت ركوب قطار المساءِ باكراً، اخترت بعزمٍ و بدقة لا متناهية عربة النوم! دعوتُ الكثير من الندماء إلى أحلامي حتى الكوابيس! يبدو أن الأرق كان النديم الوحيد الذي قَبِلَ الدعوة...

تعلقت بطرف ذاكرتي كمن يتعلق بطرف ثوب والدته... كان لترتيبي الثاني في العائلة امتياز وحيد، "للأسف لم يدم لمدة طويلة!" كل الامتيازات عادة يأخذها الولد الأكبر ابتداءً بحمل بالاسم و انتهاءً بالأحذية والملابس الجديدة...

والدتي في مشاويرها القصيرة، التي غالباً ما كانت مشياً على الأقدام بين الحارة الغربية و الشرقية من تلك الضيعة المنسية في جوى قلبي، كانت تطلب من أختي الكبيرة أن تمشي وهي متعلقة بطرف ثوبها تذكرها كل بضع خطوات ألا تترك الثوب القائد للمسيرة! أما أنا فقد تربعت حضن والدتي بكل ألقه، كانت تحملني كمن يحمل قدره بين راحتيه بسعادةٍ و تمشي... كنتُ اتربع العرش، كنتُ سيدته! و هل يضاهي فرحٌ ما فرحَ أن تنظر لمن يكبرك في كل شيءٍ من الأعلى!؟ هي لذة لا توازيها لذة، هي لحظة انتصار حقيقية...
ولأن الفرح كما العادة لا يدوم طويلاً! يظهر كائن جديدٌ في العائلة، آخر سيقاسمك كل شيءٍ، يسرق الاهتمام والرعاية ومعه يضيع الحضن الحلم!
كأن الحياة تلقنك درسها الأول: لا تفرح غالباً بالصعود، إنما تأهب كثيراً للهبوط... تهبط عن عرشك كما هبط أدم من فردوسه المشتهى دون أن تتذوق طعم حتى تفاحةٍ واحدة! تهبط هبوطاً مدوياً لا لتتعلق بطرف ثوب والدتك وإنما طرف ثوب أختك الكبرى دون أن تنسى أمك وصاياها بضرورة التشبث الجيد والانصياع لأوامر الثوب القائد الأعلى...

كنتُ في السنة الخامسة من عمري، زارنا أحد اساتذة اللغة العربية، كان بعثياً عتيداً، وقتها لم أكن أفهم حتى معنى كلمة بعث! دخل الصالون كديكٍ روميٍ يتبختر في موسم غير مواسم أعياد الميلاد... سألت والدي أمام الرجل: لماذا يستخدم الناس عند مناداته، اسم أختي الكبرى وليس اسمي!؟ داعبني بابتسامة وقال: لأنها أشطر منك، كانت الأسرع ووصلت قبلك إلينا، لم ينسَ يومها أن يوجه سهماً تربوياً قاتلاً " كما أنها أشطر منك بالرياضيات"...
تدخل الضيف بالحديث و كأنه بحدسه البعثي قرأ عدم قناعتي بالجواب! قال: ما رأيك يا عمو أن أسألك سؤالاً، فنرى فعلاً أنت شاطرة أم لا، فالجواب يحتاج لكثير من الحساب!؟
أشرت برأسي موافقة بطيبة خاطر الأطفال... كان سؤاله: إذا كان رئيس الجمهورية، رجل عظيم و يحبه الجميع حتى أنتم!!! لماذا لا تعلقون صورة كبيرة للسيد الرئيس في صالونكم الكبير!؟
ابنة الخمس سنوات أجابت بمكر ثعلب يلهو على عتبة كتابه، وبكثير من مخزون حقد امرأة سينضج على مهلٍ! يقول والدي: العظماء لا نعلق صورهم على الجدران، نحفرها في قلوبنا، هناك فقط مكانها الحقيقي!
دُهشَ الرجلُ و دُهشَ أكثر والدي... ابتسم الرجلُ الذي فهمت بعد سنوات سبب زيارته فأنا أيضاً لم أكن أفهم معنى كلمة "مخابرات"! تغيرت فصول السنة كما تتغير اللوائح الداخلية للأحزاب... و استاذ اللغة العربية، البعثي العتيد، كان كلما التقى بوالدي يقول له: سلامات أبو تيماء...




#تيماء_حسن_ديوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتِ طالق
- مذكرات أم تنتظر-2-
- مذكرات أم تنتظر-1-
- فضاءات حدقة
- أسئلةٌ مُرْهَقَة
- أنا والهُوَ
- قيثارة أوفنبورغ
- ذكرى فاطمة المرنيسي
- على عتبة قطار آخن
- موت غير مفاجئ
- ربيع غد
- شبق
- خيانة
- تفجيرات على حدود الروح
- طنين ذكرى
- في ظلال النبي أبراهام
- ما أجمل أن تنقلب الأدوار!


المزيد.....




- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - صورة الرئيس