أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - اللّاإنتماء بَرَكَةٌ و لَعْنَة!














المزيد.....

اللّاإنتماء بَرَكَةٌ و لَعْنَة!


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


(يوسف الفخري) و (خليل الكافر)، هما شخصيّتان لِقِصَّتَين من قصص(جبران خليل جبران) أحدُ الوجوه اللّبنانيّة الجميلة. (خليل الكافر) متمَرِّد على فساد رجال الكنيسة، (خليل الكافر) هي الشخصيّة الّتي لها حصّة الأسد من عنوان المجموعة القصيّة(الأرواح المتمرّدة)، فقد حمل على عاتقه مسؤوليّة فضح من خانوا تعاليم يسوع، فَيُرمَى بالكُفر، فتتحاماهُ القريةُ كُلُّهَا و يُفْرَدُ إفرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ. و أمّا (يوسف الفخري)، بطل قصّة (العاصفة)(االمجموعة القصصيّة العواصف) فهو رَجُلٌ مُكتَهِل، قد اعتَزَلَ الحياة، ليقيمَ في صومعةٍ مُطلِّةٍ على وادي قاديشا في شمال لبنان. (يوسف الفخري) المُجَافِي للمدينة(وجَدتُ المدينة شجرَةً مسنََّةً هائلة، جذورها تغوص عميقاً في الأرض، و أغصانها تعلو فوق الغيوم، أمّا ثمارها فَوَيلٌ و شقاء، و قد حاوَل بعض المصلحين إصلاحها، فماتوا مقهورين). و إلى جانبِ هذا فإنّّه قد خَبِرَ النّاس، فوجَدَهُم عَلِيلِين، يرفضون العلاج( وَ لَيتَ عَلِيلَ الدّهور يكتَفِي بِمُلَازَمَةِ فراشَهُ القذِر، لكنّه يُبرِزُ يدَهُ من تحت اللّحاف، لِِيخنُقَ الطبيب الذي يُرِيدُ علاجَه، حتّى إذا قَتَلَه، قال لقد كان رجُلاً عظيماً).
كما اعتَرَفَ لنا(نجيب محفوظ) أنّه(أحمد عبد الجواد)، و قبله(فلوبير) عندما قال، أنّه(إيما) بطلة روايته(مدام بوفاري) أعظم رواية في تاريخ الأدب الفرنسي، فعلينا أن نعلم أنّ (يوسف الفخري) فيه الكثير من (جبران)، أمّا (خليل الكافر) فهو (جبران) الفِعلِي.
لقد أطلقَ(كولن ولسون) عن (يوسف الفخري) و (خليل الكافر) و أَضْرَابِهِمَا، لقب(اللّامنتمي) الّذي هو عنوان كتابه الرّائد، الّذي عَدَّهُ أحدُ النقّاد، أعظم كتاب في التحليل صَدَرَ في أوربا منذ كتاب(سقوط الغرب)ل(شبنجلر). وجدَ (كولن ولسون) في وَصف(هنري باربوس) لِبَطَل روايته(الجحيم)، أصحَّ تشخيصٍ لِسَبَب معاناة اللّامنتتمي(يرى أكثر و أعمق ممّا يجِب). يضرب لنا (كولن ولسون) في كتابه هذا، أمثلةً عن لامنتمين، لا ينتسبون إلى عوالِم الرّوايات و القصص، و إنّما ينتسبون إلى الحياة نفسها، فيعتبر(فان كوخ) و (ت.ي.لورنس) و(نجنسكي) لا مُنتَمِين. ثمّ يُعَرِّف لنا اللّامنتمي(إنّ اللّامنتمي ليس مجنوناً، إنّه فقط أكثر حساسيّة من أولئك الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول).
بناءاً على كلّ ما تقدّم، أُبِيحُ لنفسي أن أسحبَ حُكْمَ اللّاإنتماء، على(هنري ميللر) فاضح نفاق المجتمع الأمريكي، و على(جاك لندن) الّذي تشهد روايته(مارتن إيدن) على ما أزعمُه، و هي رواية يعتبرها النقّاد، سيرة ذاتيّة غير معلَنَة.
لا يكون الإنسان لامنتمياً خَالِصاً في عُرفِي، إلّا إذا تَشَبَّعَ بما يُسَمِّيه(خورخي لويس بورخيس) في إحدى قصائده، طعام الأبطال العتيد(الإنكسارات، الغمّ، سوء الطّالع).
إنّ الماضي و الذكريات في حياة اللّامنتمي، لا تتراجع إلى الظلّ كما يحدث مع غالبيّة النّاس، و لكنّها حاضرةٌ عنده بقوّة. لا أريد أن أُلْتَبَسَ، فَيُفهم من كلامي أنّ اللّامنتمي مقيمٌ بين أشباح الذكريات، و إنّما ما قَصَدتُه أنّه شخصٌ مَشَّاءٌ بين زَمَنَين، مثل(بيريرا) و (تريستانو) بطلا الكاتب الإيطالي(أنطونيو تابوكي) المفتون بأعظم شعراء البرتغال(فرناندو بيسوا)، في روايتيه(بيريرا يدّعي) و (تريستانو يحتضر)، يقول(بيريرا)(لا أعلم بأيّ عالَمٍ أعيش)،(بيريرا) يتّجه بالكلام إلى صورةِ زوجته، إنّه يعيش ذكراها بكلّ جوارحه، لكنّه في الوقت ذاته، يؤدّي مسؤوليّته حيال وطنه، كصحفي و مثقّف. لقد وجدت كثيرين يععلّقون على رواية(بيريرا يدّعي)، أنّها رواية متشابكة، تفلت من كلّ التأويلات و المفاهيم. لكنّني لم أَرَ فيها أبداً ما رَأَوه، يُمكنني ضغط فكرتها الرّئيسة، أو تيمتها كما يحلو لغالبيّة المتأدّبين القول، في مدى مسؤولية المثقّف تجاه التاريخ. الشاهد الّذي أردت الإشارة إليه، أنّه رغم نفسيّة (بيريرا) الحسّاسة، فإنّها لم تمنعه من إعلان بُغضِه الشديد، للحكم المُطلَق، حُكم الدّكتاتور(سالازار)، و بما أنّ الشيء بالشيء يُذكَر، أراد (تابوكي) بروايته هذه أن يدقّ ناقوس الخطر، محَذِّراً من تجاوزات رئيس الوزراء الإيطالي(بيرلسكوني). أمّا رواية(تريستانو يحتضر) فهي أيضاً تتّحد مع(بيريرا ييدّعي) في تعريتها لأحوال رجال السياسة في إيطاليا. (تريستانو) يواجه وحدتَه هو اللّامنتمي، و موته بأن يمارس عمل الحكواتي، مبيِّناً لنا أنّ الكلمة، مهما كانت غير مُلتَفَتٍ إليها اليوم، إلّا أنّه مُقَدَّرٌ لها العيش و البقاء.
اللّامنتمون هم أشخاص، يمتلكون أفكاراً و رؤىً، لا تفهمها جموع الرِّعَاع و الدّهماء. إنّ قَدَرَ اللّامنتمين أن يعيشوا مُطارَدِين، إنّ أوطانهم هي أفكارهم على الحقيقة، لهذا إذا رأيت لامُنتَمياً قد غادر وطنه البيولوجي، فَاِعلَمْ أنّه لا يبحثُ عن السلامة لنفسه، و إنّما فَرَّ باحثاً عن وطَنٍ يحمله بين جنبَيه.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الجماهير، الوعي، و الثورة
- الأستاذ عبد الجواد سيّد(أديباً)
- جونكور 2016، انتصار الموهبة
- موريس ماترلينك(العميان)
- الأدب و صناعة التغيير
- إيمانويل روبليس(الإيمان بالإنسان)
- إنّني لا أتّفق و إيّاك مسيو فيليب
- السيّد إبراهيم و زهور القرآن
- لِأَنّهُ ماذا ينتَفِعُ الإنسان لَوْ رَبِحَ العَالَم و خَسِرَ ...
- حكاية البرونكس
- أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)
- جسور مقاطعة ماديسون
- الشّموع
- نَدَى كفِّك
- لماذا نكتب الشعر؟
- سينما باراديزو
- الأَوْلَى بِقَلبِك
- لا رجوع
- العَصَا السِّحرِيَّة
- لا يُرِي النَّاسَ وَجهَه


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - اللّاإنتماء بَرَكَةٌ و لَعْنَة!