أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الأستاذ عبد الجواد سيّد(أديباً)














المزيد.....

الأستاذ عبد الجواد سيّد(أديباً)


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 5344 - 2016 / 11 / 15 - 00:58
المحور: الادب والفن
    


مِن بين قراءاتي الأدبيّة الغير قليلة، الّتي تحوي بين دفّتَيْها ألوانَ َطيفِِ، تبدأ من الخاطرة وصولاً إلى الرّواية، فإنّ نصّ (شواطئ الستّينات، مقتطف من السيرة الذّاتيّة) للأستاذ الكبير(عبد الجواد سيّد)، المنشور على موقع الحوار المتمدّن، قد َطبَعَني بِمَيسِمِه، على الرّغم من أنّ مزاجي الأدبيّ، يميل بِرُجوحٍ لا لبسَ فيه، إلى النصوص الأدبيّة ذات اللّغة الشعريّة الثرّة، إلّا أنّ نصّ الأستاذ(عبد الجواد سيّد) جعلني أعيش لحظاتٍ منَ النّشوةِ الفريدة، و الوَجْد العالي، رَغمَ توفُّرِه على نصيبٍ مُحتَشِمٍ من شاعريّة اللّغة.
لقد قرأتُ نصّ أستاذنا المشار إليه، مرّاتٍ و مرّات، لأستشفَّ سرَّ تأثيره فيّ ، فوصَلتُ بعد طول نظَرٍ، إلى أنّ الوصفة السّحريّة، التي اعتمدها في صياغة نصّه، و الّتي اِستَعَاضَ بها عن شاعريّة اللغة، تتمَثَّلُ في شاعريّة الوصف، وَ رَوعِةِ الحَكْي، لقد أطلق أستاذنا الحَبْل على الغارِب للطفلِ الحالِم بداخلِه، فما كان من(عبد الجواد سيّد)الكَهل إلّا أن دَوَّنَ ما أملاه عليه وَحيُ الطفولة. كانت تأتيني و أنا أتَمطَّقُ حروفَ و معاني نصَّ السيرة الذّاتيّة هذا، فتنةُ الإسكندريّة، محمولَةً على صوتِ المبدع(محمد الحلو) و هو يغنّي جينيريك مسلسل(زيزينيا) من كلمات الشاعر المصري الأصيل(أحمد فؤاد نجم)، و هو يقول(إسكندراني عاِشق أغاني جيعان يِغَنِّي، شبعان يِغَنِّي)، زيزينيا، إسكندريّة النّصف الأوّل للقرن العشرين، التاريخ، أسامة أنور عكاشة، ذكّرني بكلّ هذا، حتّى و إن كان يتحدّث عن إسكندريّة الستّينات. جعلني أرى الإسكندريّة بِعَينِ الحاوي، مدينة تسكن هوى أبنائها و عاشقيها، مدينةٌ يحملها أبناؤها بداخلهم ذكرياتٍ و حنيناً، لا تسرقهما السّنون مهما طالت، و المسافات مهما بَعُدَت.
لم أجد عملاً أدبيّاً أَقِيسُ عليه التُّحفَةَ الفنيّة المسمّاة(شواطئ الستّينات) سوى رائعة(بيدرو بارامو) للأديب المكسيكيّ الطليعيّ، مُلهِم (خوسيه أيولا) و (جابرييل غارسيا ماركيز)، و الأب الروحي للواقعيّة السحريّة(خوان رولفو)، الّذي دفعه لكتابتها زيارته لقريته بعد طول غياب، فما أحكَمَ جملة محمّد البساطي(لو لم أخرج منَ القرية لَمَا كَتَبتُ عنها).
رواية(بيدرو بارامو) حين تُحدّث(دونيا إيدوفيخيس) (خوان بيرثيادو) عن(ميغيل بارامو) قاتل أخ الأب(رينتيرا) و عن عودَةِ حصانه بعد مصرعه، فتسمع صهيلَهُ أثناء حديثه، فيجيبها(خوان بيرثيادو)(لا أفهم ما تقولين! بل حتّى أنّي لم أسمَع جَلَبَةَ أيّ حصان!)، لكنّني أنا (وليد الأسطل) قد سمعت جيّداً أمواج شاطئ الإسكندريّة، و سبحتُ مع شبابها المغامرين، و جلستُ آكل السمك الذي طهَتهُ(أمّ بسيوني). إذا كانت رواية(بيدرو بارامو) تنتمي إلى الواقعية السحريّة، فإنّ(شواطئ الستينات) تنتمي إلى (سحر الذكريات). إنّه لدليل على تدنّي الذّوق، عندما يضرِب المنتسبون إلى الثقافة صَفحاً عن قراءة مثل هذه النّصوص، لكن لا بأس، فالتاريخ حافلٌ بروائع دُفِنَت تحت رُكامِ الإهمال، ثمّ ثأرت الأجيال القادمة لها و لأصحابها، كما أشرتُ إلى هذا في قصيدتي(إدراكٌ مُتأَخِّر). أعمال (بيتهوفن) العظيم، قبّة فلك الموسيقى، لم يُلتفت إليها و لا إلى صاحبها، الذي اتُّهِمَ بالجنون، و الذي لم يجد أحداً يشهدُ له بفضله، إلّا صديقه (هومل) في دقائق حياته الأخيرة، على سرير أهلِ بيتٍ آووه شفقةً بحاله( أَلَمْ أَكُن عظيماً في حياتي يا هومل؟ بلى لقد كُنتَ عظيماً يا سيّدي).
لم أُورِد جُملاً من(شواطئ الستّينات)، لأنّني وجدتُ أنّ الأستاذ(عبد الجواد سيّد) قد ركّبَ نصّهُ، كما تُرَكَّب الأُحجِيَة، التي لا معنى لقطعها و هي منفصلة، لذا أدعو إلى قراءتها كلّها، فهي كتلة واحدة، أو كجسدٍ متجانس، يكمن جماله في التناسق القائم بين أعضائه.
هذا هو تقييمي لنص الأستاذ (عبد الجواد سيّد)(شواطئ الستّينات)، المثال التوضيحي الأمثل لتعريف(ابن المقفّع) للبلاغة(هي التي إن سمعها الجاهل، ظنَّ أنّهُ يُمكِنُهُ أن يأتيَ بمثلها). النصّ ليس طويلاً مملّاً، و لا قصيراً مُخلّاً، و هذا هو العهد بالأستاذ عبد الجواد، فهو يمنحني دائماً الشعور، أنّه يقيس كلماته، و جمله بالمسطرة، و هذا دليلٌ على أنّ سرّ الإبداع، لا يكمن في طول النصّ، أو في تراكم النصوص، و إنّما في نوعيّتها، ف(العقّاد) و ما أدراك ما العقّاد، كان يرى أنّ بيت(الشريف الرّضي) أفضل من رواية كاملة( و تَلَفَّتَت عيني، فَمُذ خَفِيَت عنها الطلول تَلَفَّتَ القلبُ)(المصدر كتاب الدكتور محمود السّمرة، محمّد مندور(1907 1965) شيخ النقّاد في الأدب الحديث).
قصارى القول، يا من تدّعون عشق الحرف، و يا مَن تريدون تعلُّم الكتابة، أضع بين أيديكم نصّ(شواطئ الستّينات) خاصّة، و باقي أجزاء السيرة الذّاتيّة، للأستاذ(عبد الجواد سيّد) بشكلٍٍ عامّ، و أقول لكم ما قاله(ألفارو موتيس) عندما قدّم أوّلَ نسخة من رواية(بيدرو بارامو) إلى (ماركيز)(خُذْ لكي تتعَلَّم).



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جونكور 2016، انتصار الموهبة
- موريس ماترلينك(العميان)
- الأدب و صناعة التغيير
- إيمانويل روبليس(الإيمان بالإنسان)
- إنّني لا أتّفق و إيّاك مسيو فيليب
- السيّد إبراهيم و زهور القرآن
- لِأَنّهُ ماذا ينتَفِعُ الإنسان لَوْ رَبِحَ العَالَم و خَسِرَ ...
- حكاية البرونكس
- أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)
- جسور مقاطعة ماديسون
- الشّموع
- نَدَى كفِّك
- لماذا نكتب الشعر؟
- سينما باراديزو
- الأَوْلَى بِقَلبِك
- لا رجوع
- العَصَا السِّحرِيَّة
- لا يُرِي النَّاسَ وَجهَه
- أين الحقيقة؟
- مَنْ أَكُون؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الأستاذ عبد الجواد سيّد(أديباً)