أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - سيرغي يسينين Sergey Esenin كمنجة روسيا الحزينة















المزيد.....

سيرغي يسينين Sergey Esenin كمنجة روسيا الحزينة


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 07:16
المحور: الادب والفن
    


وداعـاً ، يا صديقي ، وداعاً ،
حبيبي ، أنتَ في صدري .
إن الفـراق المـرتـقـب
يعـِـــد بلقــــاء فيمــا بعد .

وداعاً ، صديقي ، بلا كلام و لا سلام ،
لا تحزن و لا تقطب حاجبيك ،-
ليس جديداً أن نموت في هذه الدنيا ،
و أن نعيش ، بالطبع ، ليس جديداً أكثر .

في مثل هذا اليوم ، في 27 كانون الأول من عام 1925 راح صدى هذه الكلمات المؤثرة يتردد في جميع أنحاء روسيا .. لقد كانت آخر كلمات كتبها الشاعر الروسي الوسيم و صاحب القصائد المفعمة بالروح الروسية ، الممتلئة برائحة القرية الروسية و الغنية باللوحات الخلابة للسهوب و الغابات .. الشاعر الرقيق سيرغي يسينين .
لقد كان سيرغي يسينين أكثر الشعراء " روسيةً " حسب تعبير يفغيني يفتوشينكو . إذ ليس هناك شاعراً آخر خرجت قصائده من حفيف أشجار البتولا ، من النقر الخفيف لقطرات المطر على سطوح القش لأكواخ الفلاحين ، من صهيل الخيول في السهوب المغطاة بالضباب عند الصباح ، من تأرجح الأقاحي ، و من الأغاني عند سياج القرية . إن أشعار يسينين كما لو أنها لم تكتب بالقلم ، بل تبدو و كأنها خرجت من تنفس الطبيعة الروسية ذاتها .
لقد كانت حياته مليئة بالحنين ، بالعشق ، و بالخيبات ... استقبل الثورة البلشفية بإيجاب ، و لكن ببرودة و على طريقته ، بحيث أنه ظلَّ متمسكاً بكل ما هو روسي . و بالرغم من النجاح الهائل الذي حققه ، و الحظوة الكبيرة التي نالها – فقد بقي يحن إلى الروح الروسية الغنية بالجمال و بالبساطة ، التي طالما تغنى بهما في أشعاره .. و لم تستطع روحه مقاومة الكآبة العميقة التي هبطت عليه ، مما اضطره إلى أن يضع حداً لمعاناته ... لينتحر حسب الرواية الرسمية .. و لكن يوجد من يعارض هذه النظرية .. وهذا محور ما يتحدث عنه معرض الصور الفوتوغرافية " حياتي الطائشة ... " ، الذي افتتح في موسكو و المكرس ليوبيل الشاعر – مرور 110 سنوات على ولادته ... و تظهر في المعرض صور الشاعر يسينين محاطاً بأصدقائه الأدباء : اناتولي مارينهوف ، زينائيدا رايخ ، آيسيدورا دونكان ، فسيفولد مايرهولد .. و غيرهم . كما ضم المعرض لقطات من المسلسل التلفزيوني " يسينين " ، الذي بدأ عرضه في 31 / 10 / 2005 و يشارك في تمثيل الأدوار الرئيسية فيه نجوم السينما الأمريكية شون يانغ و هاري بيوزي و ذلك إلى جانب كوكبة من الممثلين المعروفين في روسيا : كونستانتين هابينسكي ، غوشا كوتسينكو ، اندريه رودينسكي .. و غيرهم . و يعتمد الفيلم على كتاب الكاتب فيتالي بيزروكوف " سيرغي يسينين " ، الذي صدر بالتزامن مع يوبيل الشاعر .. و فيه يبرهن المؤلف أن يسينين لم ينتحر ، و إنما قُتِل ... و اللافت للنظر هو أن هذه الفرضية تلقى قبولاً في أوساط الرأي العام الروسي أكثر مما تلقاه فرضية الانتحار الشائعة و التي كانت قد وردت في الأدبيات التاريخية الرسمية .
هذا و تجد الفرضية القائلة بقتل الشاعر دعماً من قبل ممثلي مختلف الأوساط الفنية و السياسية .. فقد صرح رئيس مجلس الاتحاد سيرغي ميرونوف : " ... أن هناك غموضاً كبيراً لا زال يلف موت الشاعر يسينين ، و لذلك من العدل أن يطرح موضوع إعادة التحقيق ... " .
أما المحقق في فرع الأمن الجنائي في موسكو إدوارد خليستالوف فقد قام و بمبادرة شخصية و على مسؤوليته الخاصة بإجراء تحقيق حول نفس القضية ... و أمضى آخر سنوات عمره في سبيل الكشف عن الحقيقة .. و قد اعتمد الكاتب بيزروكوف في كتابه المذكور على نتائج تحقيقات خليستالوف إياه .
و للعلم ، كان الشاعر سيرغي يسينين قد وجد في الغرفة رقم خمسة من فندق " أنغليتير " ( انترناسيونال في حينه ) و ذلك في 28 كانون الأول من عام 1925 .. و بعد أن تم خلع الباب وجدوا جثة الشاعر معلقة بحبل إلى أنبوب التصريف الصحي تحت السقف مباشرة .. و كانت توجد على الطاولة ورقة كتبت فيها تلك الكلمات ، التي وردت في بداية هذه المقالة .
و يُعتقد أن الكلمات موجهة إلى الشاعر الشاب فلاديمير آيرليخ ، الذي كان أول شخص يدخل الغرفة . و قد أكد آيرليخ أن يسينين كتب كلماته الأخيرة بالدم .. و بالمناسبة ، لقد تمت المحافظة على الورقة الأصلية ، و لكن أحداً ما أحاط الكلمات بدائرة مما يجعل رؤية اللون الأصلي للأسطر مستحيلاً .
لم يُجرَ في حينه أي تحقيق ، بل اكتفت سلطات المدينة بالضبط ، الذي رفعه الشرطي المناوب في الحي نيكولاي غوربوف .
و السؤال هو : من كانت له مصلحة في موت يسينين ؟
كان يسينين يتجنب دائماً الخوض في السياسة ، و قد كانت حياته ملتهبة كما الكحول المشتعل على الثلج . و حسب وجهة نظر معارضي الفرضية الرسمية ، فقد تم التخلص من يسينين بسبب آرائه المعادية للسلطة السوفييتية و بسبب مواقفه القومية .
جاء في ضبط الشرطة : " في دائرة الفرع الثاني للشرطة ، في فندق " انترناسيونال " ، انتحر عن طريق الشنق المواطن ديسينين سيرغي ، 30 سنة . تم نقل جثته إلى مشفى البروفيسور نيتشاييف " .
حتى أنهم قاموا بتحريف كنيته ! فكتبوا ديسينين و ليس يسينين .
هكذا انتهت مسيرة شاعر صاحب قلب مرهف و روح معذبة و رقيقة حدّ اللامعقول ، كما هي رحبة و خلابة سهوب روسيا و غاباتها و كما هي رقيقة نسمة ربيعية تعبر فوق الأرصفة و أشجار الصفصاف في مساء ساحر و لكنه كئيب ..

إنه المساء .
على الخبيز يلمع الندى .
متكئاًً إلى صفصافة ،
أقف على قارعة الطريق .

ضوء غامر ينبعث من القمر
و ينسكب على سطحنا مباشرة ،
و في مكان ما في البعيد
اسمع غناء عندليب .

راحةُ بال ٍ و دفء ،
كما لو قرب الموقد في الشتاء .
و أشجار البتولا تنتصب
كشمعات كبيرة .

و بعيداً وراء النهر ،
خلف حدود الغابة ، يُرى
حارسٌ وسنان
و هو يضج بعصاه الميتة !

*********

في القفقاس

" بارناس " الروسي منذ القدم
يتوق لبلدان غريبة ،
لكن أنت فقط ، قفقاس ، الأكثر –
من اشتهر بضباب كله أسرار .
هنا بوشكين ، في نار الشهوة ،
نظم من روحه المقهورة :
" لا تغن ِ ، أيتها الجميلة ، بحضوري
أغاني جورجيا الحزينة " .

ليرمنتوف ، وهو يعالج الكرب ،
قصَّ علينا عن أظامات ،
كيف أنه لقاء حصانه كازبيتش
أعطى الأختَ بدلاً من الذهب .

لأجل الحزن في عينيه و المرارة
هو جدير بغليان الأنهار الصفراء ،
إنه ، كشاعر و كضابط ،
أسكتته رصاصة من صديق .
......
......

و الآن إلى رحابك أتيت
أنا ، و لا أعرف الأسباب :
هل لأبكي قبور الأهل
أم بحثاً عن ساعتي الأخيرة .

لا فرق عندي ! فأنا مفعم
بذكراهم ، و قد رحلوا عظاماً .
لقد بلسم آلامهم ضجيج
وديانـ(ك) و أنهار( ك ) الموحشة .

هربوا من الأعداء إلى هنا
و من أصدقائهم هربوا ،
فقط ليسمعوا وقع الخطى
و أن يروا من قمم الجبال
الآماد البعيدة .
......
......
......

سامحني ، يا قفقاس ، لأنني
ذكرتهم لك من غير قصد ،
اجعلْ كي تسيل أشعاري
الروسية كعصير الزعرور .

لكي ، إذا عدتُ إلى موسكو
من جديد ، أستطيع بقصيدة
رائعة أن أنسى الكرب الزائد
و دون أن أتصادق إلى الأبد
مع الآلهة .

و لكي أكرر في ساعة الوداع
أمراً واحداً في بلادي :
" لا تغن ِ ، أيتها الجميلة ، بحضوري
أغاني جورجيا الحزينة " .



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مواطن سوري إلى الأكثرية النيابية في لبنان
- بؤس الإعلام الشمولي
- الحوار المتمدن ما بين الواقع و الطموح
- أفكار تستحق البوح
- Osip Mandelshtam - قبر مجهول في معسكر اعتقال
- من القصائد الأخيرة لرسول حمزاتوف( بمناسبة الذكرى الثانية لرح ...
- ليرمنتوف : الشاعر – النبي
- - ضريح لينين في موسكو : صنم من - لحم و دم
- نشيد الخلود
- سحر الشرق في الأدب الروسي - ايفان بونين في الأراضي المقدسة
- من مظاهر ... العهرلمة - نعم العهرلمة و ليس العولمة
- من هموم المعارضة السورية : مشاركة هادئة في موضوع ساخن
- شجرة الماس العتيقة ! أو هل ينتصر الغباء ؟
- تفجيرات لندن : حلقة في - حرب باردة جديدة - ؟
- الرواية التاريخية و العولمة
- فارس آخر يترجل : الشيوعي الشهيد جورج حاوي - وداعاً
- عذراً ، لقمان ديركي : نحن أيضا سوريون
- موضوع الوحدة عند تشيخوف
- الحسن يُظهر ضدَه الحسن : عن حوار الطرشان في بلاد العربان
- من الشعر الروسي المعاصر


المزيد.....




- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم إستنبولي - سيرغي يسينين Sergey Esenin كمنجة روسيا الحزينة