أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفقة رعد - قدسية -الخليفة- داخل المؤسسة الإرهابية














المزيد.....

قدسية -الخليفة- داخل المؤسسة الإرهابية


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 02:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقف العالمُ متحيراً أمام سبب اتباع العناصر المنتمية إلى داعش لأوامر وتوجيهاتٍ تكاد لا تُعقل. فكيف يمكن لإنسان أن يقتل الأبرياء ويفجر الأسواق ويغتصب النساء ويحرق الأسرى وهو يشعر أنه يؤدي عملاً يفرضه عليه الدين؟ ولمَ يطيع الأشخاص الذين يُصدرون مثل هذه الأوامر؟

والجواب على هذا السؤال يكمن في ضرورة فهم مبدأ "قدسية الخليفة"، فهزيمة هذا التنظيم، تقضي بوجوب فهم الدافع العميق الذي أدى بالكثير من الشباب إلى هذه الطاعة العمياء رغم وضوح عدم إنسانية ووحشية هذه الأفعال.

لقد استثمر قادة داعش جزئية القدسية المفترضة للخليفة ووظيفته في الإسلام لجذب الكثير من الدواعش والداعشيات وضمان طاعتهم العمياء، وخصوصاً الانغماسيين والانتحاريين. فهؤلاء مقتنعون أنهم لن يدخلوا الجنة بالجهاد بنفسه ووحده فقط ولكن بطاعة الخليفة، فهو سر سعادتهم كما يتصورون، وهو المنقذ لهم من شر الدنيا والسائر بهم نحو خير الآخرة، الحارس للدين، مطبق حكم الله في الأرض!

ولكن في البداية ينبغي فهم فكرة القدسية. فالمقدس: هو الكامن خارج حدود الطبيعة، هو الشيء غير العادي، هو مركز الكون والمسيطر على كل جزئياته، هو صاحب القدرة والقرار. وإسقاط هذه القدسية على الخليفة يجعل منه سلطاناً بلا حدود، وممثلاً للخالق على الأرض. ولعل هذا ما يشرح قول الخليفة العباسي المنصور عن نفسه "أنا سلطان الله في أرضه".

يعتقد المنتمون إلى التنظيم الإرهابي أن قداسة الخليفة لديهم لا تأتي فقط من دوره السياسي والعسكري ضمن المجموعة، بل من دوره الديني في الأساس وبعدها تتجسد الوظائف الأخرى. يُعرّف ابن خلدون الخلافة على أنها "حملُ الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الآخروية والدنيوية الراجعة إليها"، أي أن دور الخليفة ليس دوراً عادياً يخص إدارة الدولة المحلية سياسياً، لأن الخليفة ليس سياسياً فحسب.

ويرى الكاتب هشام الهاشمي في كتابه "عالم داعش"، أن القيادات في داعش لا يسمعون لأحد من حولهم من التنظيمات والفصائل الأخرى، أو إلى العلماء الذين يسعون للإصلاح، وهذا الانغلاق على الأنا وعدم القبول من الآخر، جعلت من أشخاص مثل قائد داعش، البغدادي، يتوهمون أنهم على حق وكل ما سوى أمرهم هو باطل. فكبر وهمه يوماً بعد يوم، لذلك يتخيل أن الحقيقة مرتبطة به وأن منزلته قد ارتفعت ليصبح كل جزء من مدينته مقدساً، وكل مشروع خاص به مخطط مقدس. وكون الداعشي يتبع الخليفة فهو يتبع القداسة ذاتها النائمة فيه كونه جزءاً من الكل، فهو جندي المقدس، والجيش هو جيش المقدس.

وعند نقاش هذه الحقائق يجب عدم إغفال أهمية الدين في تشكيل العقول. يقول الفيلسوف والمؤرخ الروماني المختص بشؤون الأديان مرسيا إلياد "صحيح أن أغلب الأوضاع التي يضطلع بها الإنسان المتدين في المجتمعات البدائية والحضارات القديمة قد تم تجاوزها منذ زمن طويل، ولكنها لم تختفِ دون أن تترك آثارها. لقد أسهمت في صنعنا بما نحن عليه اليوم، إنها تشكل إذن جزءاً من تاريخنا الخاص"، ذلك التاريخ الذي يحمل كل معاني التدين الأسطوري أو الكتابي.

لذلك، نجد كل أفعالنا مهما كانت لا دينية تتجه لا شعورياً نحو الدين، فما بالك لو كان الفاعل متدين ويستخدم الدين للتعبير عن غضبه وهويته ووجوده الخاطئ ضمن هذا العالم. هذا هو الإرهابي الذي يريد الرفع من شأن نفسه إلى حد القداسة عبر قداسة الخليفة داخل المؤسسة الإرهابية.

لقد وجد الكثير من الشباب الفاقدين لأي رمز في حياتهم اليومية، وبعد حياة مهمشة وبشكل مفاجئ، أنفسهم جزءاً من مركزية الكون الذي حققه لهم، كما يعتقدون، الدِّين وكل الشريعة المرتبطة به، بمعنى أن خيال الشاب صوّر له أنه وضع يديه أخيراً على حقيقة العالم الذي سيقع تحت قبضته، بدوره الجهادي وبخليفته. يقول مرسيا "الإنسان المتدين يعتقد دائماً بوجود حقيقة مطلقة: المقدس، الذي يصعد هذا العالم، ولكن يظهر فيه نفسه، ومن هذا الواقع يقدسه ويجعله حقيقياً".

ولنزع فتيل هذه الأزمة وهزيمة تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، ينبغي التركيز على أن مفهوم الخلافة والخليفة يحمل الكثير من الإشكالات الفقهية والتاريخية إلى يومنا هذا. فقد نبه الشيخ الأزهري علي عبدالرازق، إلى أن لقب "خليفة رسول الله" هو أحد الأخطاء التي تسربت إلى عامة المسلمين، وتخيلوا أن الخلافة مركز ديني ونيابة عن الرسول (ص). وهذا ما استغله السلاطين فروّجوا لهذا الخطأ بين الناس لحماية سلطانهم بالدين، حماية لعروشهم من الخارجين عليهم، حتى أفهموا العامة أن طاعة الأئمة من طاعة الله، وعصيانهم من عصيان الله، حتى دخل مفهوم الخلافة ضمن الدراسات الدينية والإلهيات وخرج من مكانه السياسي، لتنحصر السياسة نفسها في الدين ويتبرمج عقل الفرد نحو زاوية تفسح المجال للقداسة بأن تتجسد بكل قوتها.

طبيعي إذن، بعد هذا التجسيد وهذا التقديس لذات الخليفة الداعشي من قبل مناصريه، أن يُطاع بهذه الكيفية التي رأيناها وأن تتحقق مكانته ووجوده بالقوة وبالفعل، وهذا ليس شيئاً غريباً تاريخياً لكن من الغريب أن نراه في راهننا اليوم.



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيلاري كلينتون رئيسة دولة أم امرأة؟
- الموصل و غرابة الحدث
- سر صغير بيني و بين زها حديد
- ذاكرة بطعم الجنون
- ذاكرة بطعم الكتب
- أحلام يقظة شعوب الحرب
- عيد اكيتو واسراري للآلهة
- سبايا داعش نساء خارج الارض
- نازحة
- ذاكرة بطعم الالعاب
- صوت طفل الحرب
- الكلام النسوي ( حل لمشكلة العدم )
- نساء العراق بين فكي داعش والحروب
- ذاكرة بطعم العشب
- في الطريق إلى شارع المتنبي
- العدم في دقائقهِ الاولى
- الضياع بين اربع جدران
- نوايا السلاميات
- السلم وحتمية الانصياع للدولة عند اسبينوزا
- بعد صوت الباب


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفقة رعد - قدسية -الخليفة- داخل المؤسسة الإرهابية