أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفقة رعد - الضياع بين اربع جدران














المزيد.....

الضياع بين اربع جدران


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4148 - 2013 / 7 / 9 - 21:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما تتحول الجدران من ترسانه للحماية إلى صندوق، عندما يتحول المنزل من بيت إلى مآوى للطاقات البشرية، أو عندما تنقلب الحياة من مجموعة آمال إلى اختزال ذاتي، يبدأ السؤال بطرح نفسه ما الغاية من المنزل؟
صحيح ان للمنزل اهميته في توفير الاستقرار والامان لكن اهميته الكبرى تتمثل فيما يمثله للأنثى من خصوصية، الذي ترتكن إليه المرأة بحياتها كأنه هو الحياة، في الوقت الذي لا يتعدى ان يكون للرجل مكان يملكه ليستريح فيه ضمن العالم الواقعي، ذلك العالم الذي يبدأ بالانحسار بالنسبة للمرأة ليتحدد بأربع جدران وفناء خلفي.
المنزل ليس بقعه تجمع زوجين أو عائلة بل هو حيز وجودي تجد النساء فيه مملكتهن الجبرية، عندما تُسير حياتهن نحو هدف واحد وغاية واحدة تكمن بدايتها ونهايتها عند بداية و نهاية المنزل، ليس لسبب بايولوجي أو جنساني لكن السبب المجتمعي هو من خلق ذلك، وخلف ذلك الأرث الثقافي الذي جعل من المرأة ضيقة الافق، ويأخذ هذا الضيق منبعه من غايتها الاولى والأخيرة إلا هي الزواج والاطفال.
على الرغم من ان المنزل مهم في ما يوفره من معيشة مريحة اذا توفرت فيه اغلب متطلبات الحياة الرئيسية لكن ذلك لا يلغي ان تكون المعيشة على حساب التعايش، فكل ما تحتاجه المعيشة هو التجانس أو الهارمونيا والقبول ، لكن التعايش اسمى من المعيشة حينما تحتاج مزاولة الحياة من خلاله إلى ترابط الذوات مع بعضها كلاً حسب كينونتها المتحققة في الوجود، في ذلك الوقت سيكون التعايش بلغ مراحله العليا فيصبح المنزل مكان لضمهِ، والقصد الوحيد له هو مزاولة الفعل المنتج خارج اطار المنزل، فعل بمغزى وهدف.
ربما يعود السبب احياناً إلى خلل في الهوية الانثوية أو ربما مصابة بالانعدام لان ذاتها منبوذة قابعة تحت ظل الهيمنة الذكورية التي اسست للمرأة تأسيس تابع لا يملك ما يمثله غير الرمزية الذكورية ، بالوقت الذي يجد الرجل نفسه هو الاصل والمرأة هي الفرع، مما حدى بالمرأة ان تتخذ جاهدة بعض الطرق لتأكيد هويتها، واهم طرقها واكثرها اختزالاً هي عنايتها بمنزلها فنراها تهتم بإدق التفاصيل والتي لا ينتبه إليها احياناً الرجال، تهتم بزينة البيت، بالاثاث، بالطعام، نراها تتلذذ بنتاجها المنزلي من نظافة وترتيب، فتغدو في حالة من النشوة بعد ان تنهي اعمالها المنزلية فتأخذ بالمراقبة والبحث عن اي تشويش يؤثر على لذتها الجامحة لجمال المنزل، التأكيد على هذا النوع من الوجود هو رد فعل طبيعي على وجودها المنقوص والذي يتستر خلف ساعات طويلة من الرتابة والملل، والحاضر الابدي بروتينه أو بين السعي للتميز عن اخرياتها بأواني المطبخ أو شراشف موائد الطعام والسعي لأن يكون ترتيبها موافق للأتكيت العام، وهذا ما نبهت إليه (سيمون دي بوفوار) حينما اعتبرت اهتمام المرأة بزينة البيت تعبير عن شخصيتها وتعبير عن قيمتها الاجتماعية وحقيقتها الصميمية في استحواذها على بيتها وعملها فيه كنشاط لا يؤكد فرديتها ولا ينتشلها من جمودها.
ذلك النوع من الايديولوجيا الثقافية المتوارثة نجد لها حواضن تساعدها في الاستمرارية، فالعادات والتقاليد حاضن، والتربية حاضن، و عالم الوسائل والاتصالات حاضن اكبر، عندما تهيء السينما والمسرح والتلفزيون إلى هكذا ايديولوجيا، توجه خطاباً مباشر للمتلقي بموضع المرأة الراهن و اهمية الاستبقاء عليه كما هو، فنشاهد احد الافلام الكارتونية والذي يحكي عن تلبس بيت من البيوت لروح امرأة كانت تنوي الزواج فيه، لولا سقوطها في حفرة اثناء تشييد المنزل وموتها فيها، فأصبح البيت يأكل ويبلع كل ما يتقرب منه. يعود تشبث المرأة أو روحها بالمنزل إلى رغبتها القوية بالزواج وتكوين عائلة، كونها امرأة قبيحة ولطالما تعرضت إلى الكثير من الاستهزاء والتنكيل بها، حيث يكشف الفلم عن ذلك الارتباط المخيف بين المرأة ومنزلها اعتماداً على فكرة ان العالم هو غابة تحوي كائنات متوحشة ولا يوجد غير المنزل مكاناً امناً للمرأة تحتمي فيه، ويصبح الرجل هو في مكانه الصحيح داخل العالم، اما المرأة خارجه أو داخل داخله إلى حد التخفي.
كل ذلك خلق من عالم اغلب النساء عالم ذو زاوية واحدة، عالم لا يتحرك فيه الزمن إلا لذات الاسباب، لذلك نجدها تتحين الفرص لخلق عوالم صغيرة داخل هذا العالم، ويصبح لكل جزء من المنزل خصوصيته التي تستمتع به المرأة بخلاف الرجل، حينها تبدأ بالتحول إلى كائن بيتوتي عسير عليه الخروج أو الطموح خارج اطار المنزل، وتصبح الحياة شيئاً فشيئاً حياة تعيشها من خلال الزوج أو الاطفال فتذوب كينونتها فيهم وتعيش حلمهم في الوقت الذي يجب ان تعيش حلمها هي أو الاصح حياتها هي، وتسير الحياة وسط هذه المنطلقات البسيطة والمستعارة.
ان عملية حفظ الادوار وتولي المهام بتراتبية واحدة على مختلف العصور يشكل استتراتيجية مجتمعية لا يمكن تبديلها إلا بواسطة الرفض والسعي إلى خلق انماط مجتمعية جديدة تفتح الافاق وتجعل من الادوار الأسرية واحدة، وبالتالي يتحقق التعايش والمعيشة على السواء خلف الجدران فلا تختزل ذات على حساب اخرى، وهذا الاختزال هو بحد ذاته انعدام الهوية الذي ينمو في المنزل اذا ما بُنيت جدارنه على اساس الحبس، والاهم تقبل المرأة للحبس وتكيفها معه كأنه الواقع المفروض والذي يجب عيشه كما هو، فتفقد كل عناصر وجودها البشري ويغدو ما يقلقها ليس نتاجها الفكري والثقافي بل نتاجها الغذائي و الجسدي.



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوايا السلاميات
- السلم وحتمية الانصياع للدولة عند اسبينوزا
- بعد صوت الباب
- ذاكرة بطعم الخبز
- خارج اطار مشروع السلام الدائم
- ذاكرة بطعم التمر
- أمنية فخارية
- ما زال هناك ثلج
- حمراءُ الشَعر
- حكاية لحظة
- أهداء الى كل نساء الثورة
- لما أنا بنية العينين
- السلام وضمان الطبيعة له عند الفيلسوف كانط
- رمالُ أنا
- أمنيات رجل
- صحوة صوت
- الموقف الأسطوري من طبيعة الحرب:
- قديسة
- ثمرةُ غير صالحة لأكل


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفقة رعد - الضياع بين اربع جدران