أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رفقة رعد - في الطريق إلى شارع المتنبي















المزيد.....

في الطريق إلى شارع المتنبي


رفقة رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 21:42
المحور: كتابات ساخرة
    


في طريقي يوم الجمعة بعد ان استيقظت باكراً من منامي الثمين لاحمل نفسي على الذهاب إلى شارع المتنبي ، وجدتني اركب التاكسي وقد قال بعد ان ابدى موافقته و ركبت : من اين الطريق اليه لان رأسي قد استدار، فاخبرته وتحركنا، كنت انظر من النافذة اركز في الشوارع الفارغة والبنايات ، احفر في ذاكرتي مواطن الطلقات التي ثقبت تلك الابنية فكونت بثقوبها سجادة شيرازية يعكس نسيجها اصالة العنف وزخرفة السلم . تلك الثقوب تجاعيد الاسمنت المبكرة لم تترك هذه الآفة بيتاً الا وثقبته ، فسارت السيارة بعيداً وعبرت تقاطعات ، إلى ان وصلت إلى مبنى يحمل علمنا الأحمر التركي، لم ارى مسبقاً علمنا بهذ النظافة ، فغالباً ما كان التراب يتربى هناك و يستمتع بالرفرفة ، لكن كان هذا مختلفاً بأحمرهِ القاني وهلالهِ الوسيط ، و لم عليّ ان اهتم لوساخة العلم فيمكن ان نغفل لدولتنا هذه الهفوة حينما تكون شوارعنا كالزبد ، نعم كالزبد لا تعكر مزاج السيارات بل تواسيها بذلك الحصى الناعم والاسفلت المقاوم لتموز. لا يهمني مادامني اعبر من الاماكن المخصصة للعبور ، وما دام تقاطع الوزيرية يسير بانتظام صباحي حتى لولم يمكن هناك سيارات، فكيف اهتم بنظافة علم وجسر باب المعظم بجماله يأخذ الالباب ، روعة اسمنته و حديده تصيبني بالقشعريرة ، فكيف لشركة ان تبني هذا الصرح الرائع بهذا الوقت القياسي ، وكيف لبلدية اسطنبول ان تحمي الباعة المتجولين بسوق باب المعظم بهذا الترتيب والرزانة. لم اعد ارى بائع شاي متجول أو بسطية ملابس و حاجة 500 ، كلها ترتبت فإي نظافة ذاتية قد امتلكها امناء اسطنبول كي يدركوا ما يحتاجه الشعب من النظافة.
اي بلد يترك رموزه الاثرية في شوارعه امنة لا تُسرق ولا تطال بالتكسير والتحطيم ، تلك الرموز التاريخية لربما كانت من اشور أو بابل لا اعرف انتمائها لكنها موجودة نستمتع بها وتستمع بنا هي دليل وجودنا وانتمائنا ، هي صورة على اسطنبولنا بمصلقات تعود لوزارة الثقافة التركية موضوعة على حائط فضي لبناية مكسرة ، مسروقة بجمالها.
وهذه السيطرة التابعة للجيش الاسطنبولي هي بمكانها الصحيح ، يستثمرون الطاقات الرجولية لخدمة الهواتف النقالة و يستنزفونها في تحرك اجسامهم خدمة للأمن ، فجهاز السونار الأمني عالي التكنولوجية له حساسات جسدية يستدعي احتكاك ارضي لتفريغ الشحنات من القدم ، ليعيد استفراغها فينا ، فيأتي وجه الجندي الاسطنبولي بعد ان وقف هناك قرابة 24 ساعة و حك جسده قرابة الألف مرة مبتسم مبتهج ووسيم ، ليقل لنا شرفتوا وانستوا مدينتكم وشارعكم في باب المعظم.
عبرنا مبتسمين انا وسائق التاكسي وكلانا ينظر إلى وجه الآخر فرحاً ، وقارنت سيطرتنا باحد سيطرات بلد الجوار كيف انهم يوقفون سائق التاكسي للتفتيش والسؤال عندما يكون معه راكب امرأة بغية للتحرش ، فحمدت الله وشكرته على وضعنا وعليائنا الاخلاقي. وسارت السيارة عبر مطبات اصطناعية استوردناها من اليابان .. اسرني ذلك الطريق الرمادي المرتب و اخذني فقرائه بتفكيري بعيداً كان الفقر يتمدد على الارصفة ، يتمطى ببضائع الايتام والارامل والعجزة ، لم يكن امامي الا ان اراقب تطور هذا الرصيف إلى بضع سكاكر أو سكائر أو بالونات و مفاتيح، لم يكن لي مفر من روائح تفسخ جوانب الطريق مع اقتراب رائحة القديم ، لا هي رائحة كعك أو صنادل بل رائحة من طراز شبقياً خاص ، رائحة لقمة وبطون شارفت على الخواء ، رائحة شبع و امتلاء ، رائحة اللحم و الخبز الحجري الحار. رائحة الصباح يا وطني . لم يكن في هذا الوطن من الالوان غير الأحمر والرمادي على الرغم من تناسقهم الطبيعي و الاصح تناقضهم الصارخ فكل ما بالطبيعة متناقض لكنه جميل .. وهناك حيث التناقض تلمح بائع العصير بياع الالوان الجميلة في محل لعصير فريش في واقع فريش جداً فماذا تعمل هذه الالوان في هذا الغبار، برتقالي واصفر، احمر و رماني و شلالات العصير تجمل الواجهة ، تدعو المارة إلى العصر إلى ارتواء خفيف لرحلة طويلة يكملها الرمادي بيهم أو يأخذهم الأحمر إلى زيارة ابدية.
وهنا توقفت بذاكرتي عند جمال هذه البناية اذكر انها كانت تابعة لدائرة الاتصالات والبريد ، كنت اعلم ان هذا العقار يعود لها فقد زرتها مع خالتي يوماً قبل الاحتلال ، كان الدخول هنا من الابواب الزجاجية دخول قبيح ممزوج باصوات الناس التي تتصل وتتواصل مع الموظفين في قاعة الاستقبال . فهذا الدمار الصاروخي الجميل اليوم ليس بغريب عليّ هذه الملامح الاحشائية للأبنية ليست غريبة بل هي ملامح الكيبلات الكهربائية والحديد المتعوج ، لا اعلم من قصفها ربما طائرة الكترونية دون طيار أو ربما قصفتها ايدي الحواسم البشرية. كانت هندستها واضحة المعالم وربط جوانبها الحديدية مكشوف ، تسألت لما هي هنا على هذه الشاكلة لم تسقط أو تعمر؟ لربما كان سقوطها اهانة كباقي الاهانات التي صُفعنا بها على وجوهنا يوماً وايام قادمة ، أو لم تعمر لان لاعمارها دلالة تعكس السلطة وهذا ما حاولت الدولة ان توصله لنا لكن بطرق مختلفة.
لكن للحظة خفت وارتعبت فيما رأيت ، فهل أنا فعلاً في اسطنبول ام ان أحمر العلم كان هندياً، من اين جاءت هذه الموتوسكلات الكبيرة حاملة للبشر ، الحاجة اخترعتها لكن في الهند وليس في تركيا. هل يرضى اردوغان ان يركب مواطنيه هذه الموتوسكلات ؟ كيف يقبل ان ينحني رأس التركي إلى ان يصل إلى المكان الذي يريد مكسور الظهر هكذا أو متسخ ؟ هل يرضى ان يركب هو وسيلة النقل هذه ، وان كان العمل فيها ليس عيباً أو حرام لكن هي غير امنة. لم تكن العربات متعبة اكثر من راكبيها وقد وجدت ارواحهم اعتلى جسدياً الحزن عليها، وجوههم اغتربت عن الحياة وباتت متعالية الألم ، فكانت نتيجتهم الوحيدة تأطئت الرأس تعباً ، اجساد بالية احتكت بالكثير حتى وصلت هنا وها هي اليوم تحتك بالمزيد . سرعة هذه الموتوسكلات مخيفة وخفتها وهي تحمل اعداد من البشر مرعبة كمن يحمل بيديه باقة من اضواء الفلورسنت ويركض ، تنظر إليه في اي لحظة سيقع و يتطاير كل الزجاج. واستمر الطريق وبدأ سائق التاكسي يتنحنح كي يسأل هل ادخل في هذا الشارع ، فقلت له نعم هو ذا مبتسمة اجبته، حينها استدار، واذا بمعروف الرصافي يقابلني بحجمه و طوله من بعيد ، وخلف كل هذه الصور جاءت الحقيقة جاءت تناديني انك هنا ما زلتِ ، هي لحظة سخرت مني امام معروف الرصافي ، يقف في احد شوارع بغداد القديمة يرتكز على عمود كبير تلتف من حولهِ السيارات بعد ان كانت قاعدته مكب لنفايات المدينة ، معروف الرصافي عرفوه يوماً ما للعالم بتمثال نسي صانعيه عند صب الجبس ان يرسم ازرار سترته فترك معروف بلا ازرار معلق يلقي شعره ، اي ازرار تغلق بها صدرك يا معروف وهل عرف فمك يوماً الازرار لربما كان قصد النحات ان يترك لنا هذه الرسالة : ان لا قفل ومفتاح لفم معروف كما هو حال جاكيتته الرصينة، فصاحت فيروز بي من خلف مسجل التاكسي بغدااااااااااااااااااااد والشعراء والصور ذهب الزمان وضوعه العطر .. اي قدر هذا جمع عقلي وافكاري مع لسان فيروز ، هذا الامتزاج بين الصوت والصورة الذي يكشف عن روعة بغداد حينما كان يُشعر لها الرصافي و يغني لها العصفور ، فاستوضحت الرؤية وذهب غواش افكاري ، غواش اسطنبول ونيودلهي امام جمال بغداد..
واخيراً نزلت وانتهت رحلتي لتبدأ رحلة لقائي بالمتنبي ، رحلة جديدة اسير بها واتحاشى اغلب السائرين. إلى ان اصل إليه فأدرك اين أنا..



#رفقة_رعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدم في دقائقهِ الاولى
- الضياع بين اربع جدران
- نوايا السلاميات
- السلم وحتمية الانصياع للدولة عند اسبينوزا
- بعد صوت الباب
- ذاكرة بطعم الخبز
- خارج اطار مشروع السلام الدائم
- ذاكرة بطعم التمر
- أمنية فخارية
- ما زال هناك ثلج
- حمراءُ الشَعر
- حكاية لحظة
- أهداء الى كل نساء الثورة
- لما أنا بنية العينين
- السلام وضمان الطبيعة له عند الفيلسوف كانط
- رمالُ أنا
- أمنيات رجل
- صحوة صوت
- الموقف الأسطوري من طبيعة الحرب:
- قديسة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رفقة رعد - في الطريق إلى شارع المتنبي