أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تابع دور المجلات الثقافية قبل يوليو1952















المزيد.....


تابع دور المجلات الثقافية قبل يوليو1952


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5302 - 2016 / 10 / 2 - 23:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تواصل المد الثقافى التنويرى بإصدار العديد من الصحف والمجلات ، التى رحـّـب أصحابها أو رؤساء تحريرها بالمثقفين الليبراليين، من أجل تدعيم قواعد الدولة المصرية الحديثة، وكان من بين تلك المجلات مجلة (الكاتب المصرى) وكان رئيس تحريرها عميد الثقافة المصرية د. طه حسين. وصدر العدد الأول فى أكتوبر 1945 وآخر عدد صدر فى مايو 1948. وكتب د. على شلش ((وقبل أنْ يصدر العدد الأول من مجلة الكاتب المصرى ، كانت الشائعات قد سبقته ، حول صلة المجلة بالصهيونية)) ورغم الهجوم القاسى على طه حسين انطلقتْ المجلة ، فكانت الموضوعات المنشورة فيها أبلغ رد على هذا الإتهام . ففى العدد 13 (أكتوبر 46 ) نشرتْ المجلة عرضًا لكتاب ( قضية فلسطين ) تأليف نجيب صدقة والعرض كتبه محمد سعيد العريان الذى قال (( ليت كل صهيونى فى إنجلترا وفى أمريكا يتاح له أنْ يقرأ كتاب قضية فلسطين ليعرف أى باطل يستمسك . وليت كل عربى فى المشرق وفى المغرب يقرؤه كذلك ليعرف عن أى حق يدافع)) وفى الأعداد 12 ، 13 ، 18 ، 28 نشرتْ المجلة فى بابها الثابت (شهرية السياسة الدولية) أنباء تطورات القضية الفلسطينية فى المحافل الدولية. وكان يكتب هذا الباب د. محمود عزمى الذى حرص على تقديم عرض موضوعى تحليلى للقضايا . فهو يتناول القضية الفلسطينية من خلال تصريحات البريطانيين حول التقسيم واعتزامهم دعوة العرب إلى لندن للتشاور))
ويخلص د. على شلش من هذه النماذج إلى أنّ رئيس تحرير مجلة الكاتب المصرى وكتابها لم يتجاهلوا القضية الفلسطينية. ولم يسكتوا عن الإشارة – على الأقل – إلى خطر الصهيونية ، بهدوء ودون صراخ ، الأمر الذى أتاح للمجلات الأسبوعية التفوق مثل مجلة ( الفجر الجديد ) التى موّلها اليهود المصريون . ودرجتْ على مساندة القضية الفلسطينية ، ونشر بيانات استنكار للصهيونية من يهود العراق على سبيل المثال ( أنظر مقدمة المجلد الأول من الأعمال الكاملة لمجلة الكاتب المصرى – وهى المقدمة التى كتبها د. عبدالعزيز شرف واستشهد فيها بما كتبه د. على شلش – من ص 25 – 30 – الناشر هيئة الكتاب المصرية – عام 1998 )
بعد هذا الاستهلال الذى رأيتُ أهميته كى يقف القارىء على حقيقة الموقف بعد الإشاعات التى حاولتْ تشويه البـُـعد الوطنى والإنسانى فى شخصية طه حسين ، أعرض بعض النماذج من الموضوعات التى نشرتها المجلة ، والتى ساهمتْ فى تعظيم التوجه التنويرى المصرى .
فى العدد الأول تحت عنوان (برنامج) والذى كتبه طه حسين، ورد ما يلى ((يـُـقال إنّ الشعب المصرى أول من كتب بالقلم ، وإتخذ الحروف رمزًا للكلام . وقد إتخذتْ هذه الدار من الكاتب المصرى القديم اسمًا لها وشعارًا . وإتخذتْ هذه المجلة التى تـُـصدرها هذه الدار من الكاتب المصرى القديم اسمًا وشعارًا أيضًا . وهذه المجلة تستمد برنامجها وخطتها وسيرتها من تاريخ مصر القديم والحديث. ومن المهمة التى نهضت بها مصر منذ ( أنْ ) شاركتْ فى الحضارة الإنسانية العامة. وستأخذ هذه المجلة نفسها بقانونين لن تحيد عنهما مهما تكن الظروف : أحدهما الشدة على نفسها وعلى كتابها وقرائها فيما تنشر وما تنقل من الفصول. والقانون الثانى هو الحرية الواسعة الكاملة السمحة فيما تنشر وفيما تختار من آثار القدماء والمحدثين. ومن آثار الشرقيين والغربيين. لا تنظر فى ذلك إلاّ إلى الفن الخالص وإلى قيم الثقافة العليا ))
فى عدد نوفمبر 1945 مقال للأستاذ سلامة موسى بعنوان (ذكريات أول وجدانى الذهنى) وفيه كتب ((بين سنة 1907 وسنة 1910 ظهرتْ قوة جديدة فى مصر لها أثر آخر فى توجيهى النفسى. وكانت هذه القوة : أحمد لطفى السيد الذى دافع عن البديهية الواضحة ، وهى أنّ مصر يجب أنْ يملكها المصريون ، دون الأتراك ودون الإنجليز. كان لطفى السيد وعبدالعزيز فهمى وقاسم أمين جيلا جديدًا فى مصر بعد الأفغانى ومحمد عبده. وكان هذا الجيل ( الجديد ) أكثر جرأة. ولذلك نجد أنّ قاسم أمين يدعو إلى سفور المرأة وإلغاء الإعراب فى اللغة. ولطفى السيد يدعو إلى العامية. وعبدالعزيز فهمى يدعو إلى الخط اللاتينى. ولطفى السيد جعل من المستطاع لى، بوصفى غير مسلم ، أنْ أكون وطنيًا فى مصر))
وفى نفس العدد فى باب (من كتب الشرق والغرب) عـَـرَضَ محمد كمال أبو على كتـــــــاب ( اليابان فوق ربوع آسيا ) للصحافى الأمريكى وليم هنرى الذى قضى عاميْن متنقلا فى أنحاء اليابان والصين. وفى هذا العرض نقرأ (( ليس فى اليابان طاغية تتركــّـز فى يده سلطات الدولة على النحو النازى أو الفاشستى أو السوفيتى ، حيث يحكم الدكتاتور من فوق حزبه الواحد المتحكم . أما فى اليابان فلا يوجد قائد أو سياسى بعينه حائز لسلطان الدكتاتور. ولا يقضى النظام بسياسة إيجابية تفرض أفكارًا بذاتها أو مذهبًا بعينه ، فبينما لا تـُـطيق الحكومة الدكتاتورية أبسط ألوان النقد ، تندفع الصحف اليابانية فى التهجم على الوزارة الحاكمة ، تقربًا من الرأى العام واستمالة له. كما أنه لا توجد صحيفة بعينها تعد لسانــًـا لأية وزارة من الوزارات . فالصحافة حرة فى التعبير .. إلخ))
وفى عدد ديسمبر 1945 كتب سلامة موسى مقالا عن ( جورج واشنطن والديموقراطية الأمريكية ) وفيه ذكر أنه من المبادىء الواردة فى الدستور الأمريكى صيانة حريات الشعب ومنها أنه (( لا يجوز للبرلمان ( الكونجرس ) أنْ يسن قانونــًـا لاحتضان دين معين أو لمنع الممارسة الحرة لأى دين آخر))
وفى نفس العدد مقال (مصر حلقة الإتصال الثقافى بين الشرق والغرب) للكاتب سليمان حزين. وفى عدد يناير 1946 فصل من رواية (المعذبون فى الأرض) ل طه حسين. وفى نفس العدد نشرتْ المجلة نص المحاضرة التى ألقاها محمد صلاح الدين (الذى شغل منصب وزير الخارجية) فى مؤتمر التعليم الذى انعقد فى الجمعية الجغرافية. وبعد أنْ شرح العلاقة بين السياسة والتعليم قال : ((علــّـموا الطلبة حب الوطن والتضحية فى سبيله. وإغرسوا فيهم روح التضافر القومى والتكافل الأخوى ليكونوا بردًا وسلامًا على اخوانهم فى الوطنية ونارًا حامية على المغتصبين. ولا تخشوا أنْ يقال أقحموا السياسة فى التعليم . فالسياسة المنكرة فى معاهد العلم هى سياسة الحزبية والتفريق . أما دعوة الاخاء والوطنية ، فما أجدر أنْ تكون عندنا كما هى عند غيرنا ، أول الأسس فى سياسة التعليم ))
فى عدد فبراير 1946 مقال (وحدة وادى النيل ومقوماتها الجغرافية والتاريخية) للأستاذ سليمان حزين ، فى عشر صفحات من القطع الكبير. وفى هذا العدد نصادف اسم الناقد (سيد قطب) الذى تحوّل بعد يوليو 1952 إلى أصولى يدعو إلى تكفير المجتمع المصرى الحديث . كتب سيد قطب عن ( أغانى شيراز ) فى مقال من عشر صفحات من القطع الكبير. وهو عندما يذكر ما كتبه حافظ الشيرازى عن الخمر (( لقد انقضى الصيام وأقبل العيد / وارتفعتْ القلوب بالابتهال والضراعة / وإحمرّتْ الخمر فى حانوتها / فأطلب الكأس بما تملك من قـــــــــــدرة واستطاعة )) فإنّ سيد قطب يُـذكــّـر القارىء ( فى الهامش ) ببيت شوقى الشهير : ((رمضان ولىّ هاتها يا ساقى / مشتاقة تسعى إلى مشتاق)) وسيد قطب فى بداية المقال نصّ على أنه عاش أيامًا جميلة مع ( حافظ الشيرازى ) رغم أنه لا يعرف اللغة الفارسية ، معتمدًا على ترجمة د. أمين إبراهيم الشواربى . وكتب سيد قطب عن حافظ الشيرازى ((هو فى هذه الدنيا الجميلة مشغول بسبحاته ولحظاته ، عن مواصفات المجتمع وزحمة الأطماع ومعترك الحياة . إنه مستهترٌ فى عشقه الصوفى أو الغزلى . نشوان بخمره الإلهية أو النواسية. وليقل من شاء كيف شاء . فهو خير عند نفسه وعند الله من المرائين المنافقين ومن الوعّاظ الثقلاء ))
وفى نفس العدد يصل تواضع طه حسين إلى درجة أنّ يتولى بنفسه عرض مقال أعجبه للكاتب عبداللطيف شرارة بعنوان (كيف نحارب الطائفية) نشره فى مجلة ( الأديب ) قال فيه : ((إنّ التوفيق بين الدين والفلسفة محاولة عقيمة. وقد قام بها ابن سينا منذ قرون فانتهى به الأمر إلى اعتباره زنديقــًا من قِبل رجال الدين ، قصير النظر من قِبل الفلاسفة. وهذا كل ما ربحه من تجربته . كما أنّ التوفيق بين دين ودين انتهى على يد الكثيرين فى أوروبا وفى الشرق إلى مآسٍ ردّد التاريخ صداها ))
فى عدد مايو 1946 كتب طه حسين مقالا بعنوان (ثورتان) الأولى قادها سبارتاكوس فى إيطاليا ، والثانية هى ثورة الزنج التى قادها عبدالله بن محمد المعروف بصاحب الزنج . وفى عدد أكتوبر 47 كتب طه حسين مقالا بعنوان (فى الأدب الأمريكى – ريتشارد رايت) فى 20 صفحة من القطع الكبير. وكتب سليمان حزين مقالا بعنوان (الهند بين الوحدة والتقسيم) وفى نفس العدد نشرتْ المجلة مقالا عن الروائى الإسبانى العظيم سرفانتس بقلم (هنرى برلين) ترجمة (ز.ى. ع ) وفى الهامش أنّ هذا المقال كــُـتب خصيصًا لمجلة الكاتب المصرى . والمقال من 14 صفحة من القطع الكبير. وبدايته تعريف بشخصية سرفانتس . ثم عرض وتحليل لرائعتـــه (دون كيخوت) وفى نفس العدد أيضًا مقال بعنوان (النفس الأندلسية فى كتابات سرفانتس) بقلم حسين مؤنس. وفى نفس العدد مقال بعنوان (دارون والتفكير الجديد) بقلم سلامة موسى. والمقال تعريف بحياة دارون فى طفولته وصباه. و إشارة إلى كتابه ( أصل الأنواع ) الذى غيّر الكثير من المفاهيم الثابتة عن أصل نشأة الإنسان . وفى هذا المقال فإنّ سلامة موسى ، يستهله بكلمات قالها والد دارون ، عندما رأى ابنه مشغولا باستمرار بمراقبة الحيوانات والحشرات ، فقال له (( أنت لا تعنى إلاّ بالصيد والكلاب . وإمساك الجرزان ( = الفئران ) وسوف تكون عارًا على نفسك وعلى عائلتك )) ولكن دارون لم يتأثر بكلام أبيه وواصل أبحاثه حتى صار عالمًا كبيرًا .
فى عدد نوفمبر 47 مقال ل طه حسين بعنوان ( فى الأدب الفرنسى – جان بول سارتر والسينما ) ومقال بعنوان ( كليو باترا من أعف نساء عصرها ) بقلم عالم المصريات الكبيـــــــر ( سليم حسن ) وفى نفس العدد مقال عن الفن التشكيلى بعنوان ( الأزمة الراهنة للفن ) بقلم (هيلد زالوشر ) وترجمه عن الفرنسية ( مصطفى كامل فودة )
وفى عدد ديسمبر 47 مقال بعنوان (كيف نشأت المدنية الحديثة) بقلم سليمان حزين . وفى عدد يناير 48 كتب سليمان حزين مقالا بعنوان (نشأة الزراعة وأثرها فى تاريخ الحضارة) وبعد أنْ مهّد الحديث عن الزراعة بنشأتها الأولى فى مصر، وأنّ هذه النشأة هى التى وفــّـرتْ الاستقرار، وأنّ الاستقرار هو الذى صنع الحضارة ، كتب (( إنّ الذى يتهدّده الجوع لا يمكن أنْ يكون له فكر مُـثمر أو روح مستقر. بل إنّ الحياة الفكرية ذاتها لايمكن أنْ تنشأ أو تنمو إلاّ إذا توافرتْ للإنسان الطمأنينة والأمان)) وعن فضل الزراعة على المجتمعات البشرية، كتب ((وأثر آخر من آثار نشأة الزراعة ، لاسيما النوع الراقى منها ، أنّ الحياة المستقرة قد استلزمتْ قيام عدد آخر من الحرف والصناعات والعلوم المكملة للزراعة ))
وفى عدد يوليو 1947 كتب سلامة موسى مقالا بعنوان (فلسفة للحياة وديانة للضمير) ذكر فيه أنّ الفكر الدينى عنده انتقل أو تطوّر من التسليم بالغيبيات إلى الإيمان بالقيمة الاجتماعية للدين أو الفلسفة وإلى تربية الضمير، حتى تتغلب – فى اللغة السيكولوجية – الذات العليا على الذاتيـّـتيْن الاجتماعية والحيوانية، أى تتغلب القيم البشرية على القيم الاجتماعية والمادية. ثم تطرق إلى رجال الثورة الفرنسية الذين ((اشتطوا وألغوا الديانة المسيحية، وأسّسوا ما أسموه (ديانة العقل) والإنسان العادى حين يقرأ تاريخهم ويصفهم بالوصف المألوف يقول إنهم (كفرة) ولكننا عندما نتأمل سلوكهم نجد أنهم كانوا مسوقين بروح دينى، بل أكثر من هذا بعقائد دينية .. ولستُ أشك فى أننى حين انكببتُ على دراسة الفراعنة، إنما كنتُ أنبعث بروح دينى قومى وقد عرفتُ حوالى عام 1935 المرحوم كامل غبريال باشا ، وكان يدرس اللغة القبطية واللغة المصرية القديمة ، وحاول أنْ يحملنى على درسهما ، ولكن سنى المتقدمة حالتْ دون ذلك . وقد نهضتْ هذه اللغة فى بعض الأوساط القبطية ، ولكنها لم تبلغ المكانة التى بلغتها اللغة العبرية بين اليهود ، أى أنْ تصير لغة التخاطب والتفاهم بل والتأليف . فإنّ اليهود الصهيونيين قد انقلبوا إلى عبرانيين ، وأحبوا لغتهم التى كانتْ قد انقرضتْ حتى فى أيام المسيح .. وما زلتُ أذكر الأثر السيكولوجى فى صديقى كامل غبريال باشا ، فإنه لتعلقه بلغة (المصريين القدماء) صدّ عن المسيحية باعتبارها ديانة أجنبية ، طردتْ الديانة المصرية القومية. وكان كثيرًا ما يعقد المقارنات بين عقائد الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل) وبين عقائد (المصريين القدماء) كى يُـقنعنى بأفضلية الثانية على الأولى من حيث الأخلاق السامية والقيم البشرية العالية))
هذا عرض مختصر لنماذج من المادة التى كانت تـُـنشر فى مجلة الكاتب المصرى . ولعلّ هذا العرض الموجز أنْ يُشجّع الجيل الجديد من المصريين أنْ يحاولوا الإطلاع على أعداد هذه المجلة. كما لا يفوتنى أنْ أذكر أنه فى نهاية كل عدد بعض الأبواب الثابتة مثل : شهرية الفلسفة، شهرية المسرح ، شهرية السينما ، من وراء البحار، من كتب الشرق والغرب ، ظهر حديثــًـا ، فى مجلات الشرق ، فى مجلات الغرب .
000

كما أدّتْ الصحافة المصرية (قبل يوليو1952) دورًا مهمًا فى تحديث المجتمع المصرى . وعلى سبيل المثال فإنّ الإنتاج الفكرى لرائد التنوير الكبير ( أحمد لطفى السيد ) كان فى معظمه عبارة عن مقالات صحفية . وفى هذا السياق ذكر د. عزت قرنى فى كتابه (تاريخ الفكر السياسى والاجتماعى فى مصر الحديثة – 1834 – 1914) الصادر عن هيئة الكتاب المصرية– سلسلة تاريخ المصريين – العدد رقم 251 ، أنّ لطفى السيد لم يؤلف من الكتب المعروفة غير كتابه عن سيرته الذاتية (قصة حياتى) وأنّ إنتاجه الفكرى الذى يعتمد عليه الباحثون، هو تجميع لمقالاته التى كان ينشرها فى جريدته المسائية (الجريدة) التى صدرتْ عام 1907. وأنّ أهم مقالاته نــُـشرتْ فى ثلاثة مجلدات : المنتخبات ج1 سنة 1937 والثانى سنة 45 (صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية فى مصر سنة 46) وكذلك أعيد نشر عدد من مقالاته فى ( تأملات فى الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع سنة 46) و(مبادىء فى السياسة والأدب والاجتماع ) كتاب الهلال المصرى – أغسطس 1963 (نقلا عن د. عزت قرنى – ص 624 ، 695 )
قبل ثورة برمهات/ مارس 1919 بخمس سنوات اهتمتْ صحيفة الأهرام بنشر أخبار (جمعية تحرير المرأة برفع الحجاب) وفى يوم 24 فبراير 1915 نشرتْ الأهرام سلسلة مقالات للقارىء حسن الشريف بعنوان (من آدم إلى حواء الجديدة – رسائل مفتوحة إلى السيدة المصرية) فتفاعلتْ معه إحدى القارئات. ونشرتْ لها الأهرام سلسلة مقالات بعنوان ثابت (من حواء إلى آدم الجديد) بدأتها يوم 10 مارس 1915، ومن بين ما كتبت (( التربية هى أساس الأخلاق ونموذج الطهارة. أرونى فتاة مهذبة أُصرّح لكم ألاّ تُـقـيّدوها بهذا الحجاب. يُعجبنى بنت الريف الفطرية بردائها البسيط ووجهها الصبوح وهى تُحيى عارفيها . إنى أصرح جهارًا بأنّ هذا الحجاب كان واسطة لارتكاب موبيقات تميد من هولها الأرض وتهتز لذكرها السماء)) وهذا المقال شجّــع ( آدم ) فدعا النساء فى مقاله الرابع إلى خلع الحجاب فورًا . وطالب بأنْ تطول فترة الخطوبة ليمتحن كل من الخطيبيْن حقيقة مشاعره تجاه الآخر. وفى مقاله الخامس ردّ على المحافظين الذين ينصحون ((بمحاربة الرذيلة ويهاجمون دعاة السفور. وتعجّب من الذين يطلبون أنْ نربى المرأة على مبادىء الحرية، ثم لا نحترم حريتها . وأنْ نـُـعلمها العفاف ، بينما لا نعتقد فى عفافها. وكان المحافظون يـُـروّجون لمقولة أنّ بديل الحجاب هو السفور على النمط الأوروبى ، فكتــب (( إنّ البديل هو السفور على نمط فلاحات القرى . ولا أظن أنّ هناك من يدّعى أنّ الفساد منتشر فى القرى ونساؤها سافرات ، انتشاره فى المدن ونساؤها محجبات . وإذا كان الإسلام قد أمر بالحجاب ، فإنما أمر به فى القرون الوسطى . ونحن اليوم فى القرن العشرين . ويجب أنْ نـُـراعى أحوال الزمان والمكان فى تطبيق أحكام الشرائع والقوانين))
هذا التلاحم بين الشابيْن على صفحات الأهرام جعل (حواء الجديدة) تصف ( آدم ) بأنـــــه ((الكاتب الديموقراطى الحر الذى رأيته يخوض عباب موضوعنا الخطير وكأنه ميرابو (سياسى وثائر فرنسى وكان صوته أول صيحة فى الثورة الفرنسية) يقف فوق رابية الحرية ويصيح إلــى الأمام)) وندّدتْ بالذين كانوا يُروّجون لمقولة أنّ مصر ليست أوروبا ، فكتبتْ ((سلوا إسماعيل باشا فى قبره يُنبئكم أنّ مصر قطعة من أوروبا . وسلوا أغا خان فى كتابه (المرأة فى الإسلام) يُجيبكم : عاشتْ المسلمات 600 سنة من التاريخ الهجرى سافرات الوجوه . كفى عبودية 734 سنة . كفى رقــًـا سبعة قرون ( لمزيد من التفاصيل أنظر : د. يونان لبيب رزق – المرأة المصرية بين التطور والتحرر – هيئة الكتاب المصرية – مكتبة الأسرة – عام 2002 – من ص 128 – 134 )
فهل هى مصادفة أنْ يكون هذان الشابان إمتدادًا للجيل السابق عليهما ، من أمثال أحمد لطفى السيد وقاسم أمين إلخ ؟ وهل هى مصادفة أنه بعد أنْ نشرتْ الأهرام هذا الحوار الحضارى بين هذيْن الشابيْن ، بست سنوات ، عندما كانت السيدة صفية زوجة سعد زغلول فى استقباله عند عودته من منفاه عام 1921، وبعد أنْ هنــّـأته على سلامة الوصول قالت له (( ألم يحن الوقت لكى أنزع البرقع الأبيض ؟ )) فردّ سعد عليها ((هذه ثورة . إرفعى حجابك )) وخلعته وأطلــّـتْ على الجماهير التى احتشدتْ لاستقبال سعد . ووقفت لأول مرة بوجه سافر مكشوف . وإذا بنساء مصر يتشجّعنَ ويرفعنه بعدها ( لمزيد من التفاصيل أنظر : الحركة النسائية فى مصر بين 19 و 1952 – د. آمال السبكى – هيئة الكتاب المصرية عام 1986 ص 142 ) وبعد ذكر هذه الأمثلة القليلة ، هل يمكن إنكار دور الصحافة فى تعميق الوعى؟
وتفتح صحيفة الأهرام صفحاتها لكاتبات أمثال منيرة ثابت للدفاع عن حق المرأة السياسى فى الانتخاب والترشيح لمجلس الأمة ( أهرام 27 / 4 / 1949 ، 29 / 5 / 1949 ) وكذلك تكتب درية شفيق فى نفس الموضوع ، فتكتب مقالا بعنوان ( حق المرأة فى منصب القضاء ) أهــــرام 26 / 7 / 1950 وكتب عزيز عزت ( باشا ) عن تمثيل المرأة فى البرلمان (أهــــــــــــــــــرام 17 / 3/ 1949 وكتب عبده حسن الزيات عن حقوق المرأة السياسية (أهرام 18 / 4 / 1949) وكتب محمد العشماوى باشا مقالا بعنوان ( المرأة فى الميدان السياسى - أهرام 8 / 8 / 1949 ) ويدافع محمد زكى عبدالقادر عن تعليم الفتيات . وأنّ سُـنن التطور تشير إلى أنه لافرق بين المرأة والرجل. مقال بعنوان (مسألة تطور) أهرام 2ديسمبر 1945.
وتكتب عطيات محمود جاد مقالا بعنوان ( همسة فى أذن الفتاة المصرية ) فى جريدة اللواء الجديد 9 / 1 / 1946 طالبت فيه المرأة بأنْ ((تخلع رداء الكسل وتــُـقبل على أوجه النشاط المختلفة التى تـُـناسبها . وتعرف كيف تستفيد منها فتفيد المجتمع وتكون عضوًا عاملا فى بناء المجتمع)) وتكتب عايدة نصرالله فى صحيفة ( الملايين ) أنّ أكبر خطر يـُـهدّد الحركة النسائية هو انعدام الوعى وميوعة الهدف . وأنّ ((الحق الذى تـُـطالب به أية جماعة نسائية مكافحة لا يمكن أنْ يتجزّأ ، وإلاّ تحوّل إلى سلعة يمكن أنْ تـُـمنح ويشترى بها وأد الحركة النسائية أو إضعافها على الأقل . وطرحتْ سؤالا عن حق المرأة المصرية فى العمل وتأدية الضرائب والحقوق السياسية التى يقررها الدستور والدفاع عن حقوقها المهضومة داخل البرلمان كزميلها الرجل دون مساواة (جريدة الملايين – عمود بعنوان " نصف الشعب " عايدة نصرالله 1 / 7 / 51 ، 2/9/1951) وقد لا يعرف الكثير من الجيل الجديد أنّ جريدة ( الملايين ) كانت ماركسية الإتجاه . وصدرتْ فى 22 إبريل 1951 واستمرّتْ فى الصدور أسبوعيًا حتى 26 ديسمبر 1951 وكان رئيس تحريرها وصاحبها أحمد صادق عزام ( لمزيد من التفاصيل أنظر : د. نجوى حسين خليل – المجتمع المصرى قبل الثورة فى الصحافة المصرية : 1945 – 1952 – هيئة الكتاب المصرية – عام 1993 )
000
وفى ظل مناخ النهضة والتمهيد ل (عصرنة المجتمع والدولة) لم يكن غريبًا أنْ ينشأ الإهتمام بصحافة الأطفال فى مصر. فنجد صحيفة للأطفال باسم (روضة المدارس المصرية) التى أصدرها رفاعة الطهطاوى فى 18/4/1870. ثم صدر العدد الأول من مجلة (السميرالصغير) يوم 21/10/1897. وكان صاحب امتيازها أعضاء جمعية التأليف العلمية. وكانت تنشر تراجم عن حياة بعض المشاهبر أمثال : إبراهيم أدهم، على مبارك، إسحاق نيوتن، باستور وغيرهم من العلماء. كما اهتمتْ بنشرالعلوم التطبيقية. وفى باب القصة كان يتم توجيه الأطفال إلى الاعتماد على النفس ((والتشبه بما قام به الجدود فى مصر القديمة ونشأة الحضارة المصرية من أعمال مجيدة. وفى عام1924 صدرتْ مجلة (النونو) وهى أول مجلة تستخدم الألوان فى معظم صفحاتها . وأصدرحسين شفيق المصرى مجلة (الأطفال) المصوّرة عام1929. وأصدرمحمد صادق عبد الرحمن عام1934 مجلة (بابا صادق) وكان يقدم برنامجـًـا فى الإذاعة بنفس الاسم. وفى عام1936 أصدر أحمد عطية مجلة (الأطفال) ثم أصدرمجلة ثانية عام 1937 باسم (ولدى) وفى فبراير1937 أصدرتْ السيدة اجلال حافظ مجلة (السنباد) ورأس تحريرها الكاتب محمد عودة. وفى عام46 أصدرتْ درية شفيق ملحقــًـا لمجلتها (بنت النيل) للأطفال باسم (الكتكوت) وفى أكتوبر48 صدرتْ مجلة (بابا شارو) ورأس تحريرها محمد محمود شعبان الإذاعى المعروف. وفى عام1951 أصدرتْ شركة الشمرلى مجلة (على بابا) وفى العام نفسه أصدرتْ دائرة المعارف مجلة (سندباد) برئاسة الكاتب محمد سعيد العريان (لمزيد من التفاصيل عن صحافة الأطفال- انظر: صحافة الأطفال فى الوطن العربى- تأليف سعيد الغباشى- عالم الكتب- عام 2001)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ساهمت المجلات الثقافية فى النهضة المصرية
- دورالمرأة المصرية الثقافى قبل يوليو1952
- كيف حطمت المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (3)
- كيف حطمت المرأة المصرية قيود العصورالوسطى؟ (2)
- كيف تخلّصتْ المرأة المصرية من قبضة العصورالوسطى؟
- لماذا كان المفكرون المصريون أهم من السياسيين؟
- المناخ الثقافى قبل يوليو1952
- كيف كانت مقاومة الأصولية الإسلامية ؟
- العلم والفكر ودورهما فى نشأة النهضة المصرية
- الملاحم اليونانية وهل أفادت البشرية
- التشابهات داخل شُعب الديانة العبرية
- الأنظمة الاستبدادية والمرجعية الدينية والمآسى البشرية
- بداية النهضة المصرية
- ما مغزى أن يكون رئيس الوزراء أحد اللواءات؟
- لماذا يتجاهل المستشرقون والإسلاميون (المعجزات) المصرية؟
- الصراع النفسى داخل الضابط (المثقف)
- أليس نظام الكفيل عبودية عصرية ؟
- هل دوافع المستشرقين المدافعين عن الإسلام بريئة؟
- الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء
- أردوغان يطالب باسترداد الأهرام


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تابع دور المجلات الثقافية قبل يوليو1952