أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - ألمسني حتى أراك / التمويل الذاتي في رواية محمود عبد الوهاب( سيرة بحجم الكف)















المزيد.....

ألمسني حتى أراك / التمويل الذاتي في رواية محمود عبد الوهاب( سيرة بحجم الكف)


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 5302 - 2016 / 10 / 2 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


ألمسني حتى أراك ..
التمويل الذاتي في رواية محمود عبد الوهاب (سيرة بحجم الكف )
الورقة المشاركة في جلسة أتحاد ادباء البصرة / 1/ 10/ 2016
مقداد مسعود
أقصد بالتمويل الذاتي ، ان المؤلف يستعمل نصوصا سبق وان انتجها بشكل مستقل ،أعني قصة (سيرة)
التي أصبحت صالحة للنشر في كانون الأول 1993، وكذلك يستعمل وحدات سردية من روايته
(رغوة السحاب )....في حين كانت نية المؤلف قبل ذلك معقودة على تضمين شخصيات مجموعته (رائحة الشتاء)..لكن بعد إطلاعه على رواية أرنستو ساباتو (ملاك الجحيم) تدارك الامر ،بسبب حساسيته المرهفة ..والسبب ان ساباتو سبقه ، واستعاد شخصيات رواية سابقة له واستعملها في (ملاك الجحيم)..كما أكد لي في حواري الصحفي معه *
(*)
(لم تكن الدهشة وحدها هي التي استفزتني ،إن ماتفجر في داخلي هو الحزن العميق الذي يحمل في أطيافه عودة الميّت /20)..هذه هي الخلية السردية الموقوتة في الرواية ، أعني هذا التعليق من السارد المشارك وهذه الصورة ستعيد القارىء الى قصة (سيرة) للمؤلف ،هذا أولاً ، ثانيا نحن أمام انتقالة من جنس سردي الى جنس آخر ، اعني من القصة القصيرة الى الرواية القصيرة . وهي نقلة شخصية قام بها المؤلف نفسه محمود عبد الوهاب وهنا اختلاف النقلة عن نقلة الخيميائي ، حيث التقط الروائي البرازيلي كوبلو حكاية عربية من ألف ليلة وليلة ونقلها من جنس الحكاية الى جنس الرواية القصيرة والاختلاف الآخر هو ان رواية مؤلف الخيمائي ، تنتسب لجنس الرواية القصيرة فقط ..أما رواية (سيرة بحجم الكف ) فهي رواية تستفيد من سيرة محمود عبد الوهاب وتزيحها حسب غوايات السرد الآيل صوب المخيال الروائي ، فنحن لانقرأ رواية سيرية ، بل رواية تستقطر الوقائعي بجرعات مشروطة فنياً..
(*)
السارد، يقدم لنا سردا ميدانيا للمدينة من خلال تداخل أسواقها ..(كانت الممرات كالأقبية على أرضيّة هشّة وممتدة في متاهة تتدرج كثافة عتمتها كلما أبتعدت عن مدخل المكان حيث الهواء يثقل ُ وضوءٌ شحيح متعرّج يتسرّب من سلّم يقع في مؤخرة المنعطف يبعث ثقوبا من الضوء تلتمع مثل ماء في ظلمة 9- 10) (في نهاية السوق كان شريط ضيّق من ضوء الشمس يستطيل ويتوهج ليضع حدّا ً فاصلاً بين سوق الكتب والشارع الآخر الذي يقاطعه يتراءى لمن في داخله مثل واجهة زجاجية مضاءة 12)
(*)
ويقدم المهندس خطاطة خلية هندسة لسرد مستقبلي للسوق ذاته (ثم وضع على الطاولة خارطة السوق العصرية المصممة على الورق الشفّاف وبدأ يشرح لي التعديل الذي أجراه مكتبنا الهندسي بناءً على مقترحاتنا : مداخل السوق الأربعة أصبحت، كما ترى على الخريطة متقابلة بعد ان كانت منحرفة إلى حد ما، والفراغات داخل السوق أصبحت أكثر اتساعاً وذات مسحة جمالية ، والمحلات المطلة على الشارع أصبح عددها أقل مما كان 13-14 )
(*)
الأم تسرد بأصابعها ..
(قاطعتها، لكنها أشارت بكفّها أن أسكت / 23) (ضغطت علي يدي ، استسلمت ُ لها. ظلت تتحس يدي بقشرة راحة كفها24) ..(كان كلام أمي متقطعاً ، لكنها كانت تعوضّه باللمس وحركة أصابعها على كفي 25)..
الأم تسرد بعينيها
(حدجت أمي سلمى بقصد . تفحصتها : / 24) مؤثرية سرد الأم على إبنها السارد ..(تطلعت ُ إلى سلمى ، إلى ركبتيها البارزتين من تحت تنورتها القطنية القصيرة .أول مرة أشعر تجاهها بشعور مختلف كأن أمي بإيماءتها قد انتزعت ألفة العلاقة التي كانت بيننا ، سلمى وأنا ، ضمّت سلمى ركبتيها أكثر وبدت مرتبكة 25)...وهذا يعني أن العين (لاتبصر فقط ،لكنها تفسر ماترى 136/ رغوة السحاب )
(*)
الليل كسارد
أستوقفني الليل عند شيخنا محمود عبد الوهاب ، وتناولت هذا الليل في كتابي النقدي (الإذن العصية واللسان المقطوع ) تتبعته في قصصه وفي روايته (رغوة السحاب ) وأعتبرت ُ الليل (شخصية رئيسة فاعلة لها قابليتها على نمو الحدث / 81) كما أن الليل (وحدة سردية ذات دلالة منفتحة لحدث قادم مسكوت عنه 86) ..والليل في (سيرة بحجم الكف ) فتيت أسود يشتغل بإتجاهين : يوقظ الجواني / ويوسق الأشياء كلها ..(الليل يوقظ الذكريات ، يهبط مثل ذرات الغبار في لامبالاة مستفزة ،يهبط من كل مكان ، من أشجار الحدائق الموحشة ، من سقوف المنازل المستسلمة للرقاد ، من أجنحة الطيور المذعورة العائدة إلى أعشاشها ، من كل مكان 29) ..والليل ليلان : الليل البراني / العام وهناك الليل الخاص بالسارد ..(دخل الليل غرفتي ، ولم يعد هناك مجال لرؤية الأشياء ، مشجب الملابس ذي المقبض البرونزي ، مكتبتي الصغيرة ، طاولة الكتابة ، الكرسي المنزاح جانباً، كل شي بدأ يلتبس هنا .أشعلت المصباح ، تكشفت معالم الغرفة وحافات الأشياء حالما لمس الضوء سطوحها . 29)..
(*)
الكتب
(جئت ُ إلى سوق الكتب القديمة لأن صديقاً ذا دراية بالكتب وشغف بقراءتها واقتنائها قال لي إن الكتاب الذي تبحث عنه لن تجده إلاّ في تلك السوق 7)
(حب الاستطلاع يتغلب عليّ دائما عند شراء أيّ كتاب ، تتراءى لي صفحاته عالماً مجهولاً أرغب في أرتياده لحظة اقتنائه . غالباً ماكنت أقلّب صفحاته وأنا في الطريق ، تتملكني لذة غامضة في التعرف على مافيه، لاأستطيع مقاومة هذه الرغبة . أتلمس الكتاب ،غلافه المصقول وأوراقه ذات الوخز في حافاتها الحادة ، والكلمات المطبوعة بعناية ، والفراغات المنتظمة بين السطور، بإبهامي أدفع أوراقه في حركة ضاغطة ، تتابع إثرها حركة الأوراق في دورة ساحرة 19)..
(*)
في (الصورة تروي حكايتها) وهي الوحدة السردية الثانية، يلتقط من قصته (سيرة ) الأسطر الخمسة الاولى ،ويثبتها في نهاية ص29- وبداية ص30 من روايته سيرة بحجم الكف . لكن الصورة لاتروي حكايتها مباشرة لنا، بل ثمة رابط اتصالي بين السارد المشارك في الرواية وبين اشخاص الصورة وأولهم أحمد شقيق السارد/ المؤلف ، هنا سيتم تبادل مواقع سرد العين :(إنه يطل من الصورة كما لو كان يريد أن يخرج منها، نظراته تقيّدني .لماذا لايرفع عينيه عني ..؟ لست أنا الرائي للصورة بل أنا الذات المرئية .تسمّرت ُ في مكاني خشية أن يناديني إذا ما ابتعدت .30)
(*)
الصورة والمرآة
يقول السارد (لاتعرض الصورة ماهو موجود فيها دائما ،قد تعرض ماهو خارج عنها30)
*هنا تتجسد في فاعلية الصورة في الإرسال
*الصورة لاتعرض ماهو خارج عنها ، إلاّ...عبر قوة الذاكرة التذكارية ،فالمصاب بأحدى أنواع النسيان ،قد يتذكر الأشخاص الذين معه في الصورة فقط وربما لايتذكر تفاصيلهم، أما صاحب الذاكرة الحية، فالصورة ستفتح شاشة عرض سينمية في ذاكرتة، لتلك اللحظة وما قبل وبعد اللحظة ذاتها..
*إذن للصورة وظيفة القوة الدافعة لحراثة الماضي وتخصيب تربته تذكارياً
*لكن الصورة تعرض ماهو موجود فيها أيضا، بالنسبة لمن يمتلك عينا تبصر ولاتفسر ماترى ..
وذلك الفوتوغراف ،كان قاسيا يحذف حامل الكاميرا ..
المرآة والصورة تقتسمان الفاعلية نفسها ..(أين كان يقف أخي ، كأنه ينتشر في المرآة وخارجها / 93- رغوة السحاب ) وهكذا الصورة الفوتو غرافية :(لاتعرض الصورة ماهو موجود فيها ،قد تعرض ماهو خارج عنها30) ..ومايجري في ص30 من سيرة بحجم الكف ، سنجده في رواية (رغوة السحاب ) أيضا ..(93) والمرآة وحلاقة ذقن الأب المثبّت في في رواية سيرة ، مدوّن ايضا في الرواية الاولى للمؤلف (رغوة السحاب )
(*)
في قصة سيرة ،يكون السرد مختزلا هكذا (حدث ذلك في صباح أحد الأيام بعد سنين من تاريخ الصورة .فجأة وهو يصب الماء على وجهه من حنفية المغسلة تحت السلّم مرتبكاَ وبحركة آلية تقدمت اليه . لاأدري كيف استسلمتُ لمصيره من دون ضجة .تناولت ذراعه وسرنا معاً ، أنا أمامه وهو منقاد إليّ بانكسار متخذاً في مشيته هيئة من ألف عماه من سنين 42)..
أما في رواية (سيرة بحجم الكف ) فثمة تفصيل محذوف من النص القصصي ،ومثبّت في الرواية
(تحت السلّم ناداني مرتبكاً : تعال ..؟
تقدمت ُ إليه ..
كانت يداه تتلمسان سطح المغسلة البارد ، وتتعثران بالحنفية والجدار والصابونة
- قلت لك تعال
- أنا وراءك
بامتعاض قال :
- مازلت َ عنيداً
تهدّج صوته واتكأ بمرفقيه على حافتي المغسلة ضاغطاً بكفّيه على جانبي وجهه في صمت ،كنت خلال ذلك أسمع صوت الهواء وهو يتسرب من شقوق الباب .
- ألمسني حتى أراك .
اقتربت منه، وضعت ُ كفي على كتفه . شعرت بحرارة تشتعل في قماشة بجامته .
سألته : مابك..؟ ماذا ترى..؟
- كيف تريدني أن أصف لك أشياء لاأراها..؟
- كيف ..؟
- إنك لاتصدق .أين ذهبت تلك الألوان من عينيّ..؟ /32)..
*محمود عبد الوهاب / سيرة بحجم الكف / اصدارات اتحاد الأدباء والكتّاب في البصرة / ط1/ 2015
*حواري مع محمود عبد الوهاب / صحيفة طريق الشعب /5- تشرين الأول - 2005



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرد السيراميك
- من أحلام الرماد ..إلى ثيابها ماء. الشاعرة سلامة الصالحي
- المكتبة الأهلية ..و(صدى صرخة) للقاص محمد خضير
- الشاعر منذر خضير.. يتوارى عن المنزل والغابة
- بوكوفسكي
- لا أثر للحمام في الصنوبر. إبراهيم البهرزي في روايته ( لا أبط ...
- تمهيد قراءة. السرد التشكيلي في المملكة السوداء / للتشكيلي وا ...
- نص المراهطة
- إنتهاك الفضاء الشخصي. (شتائم مجانية) للشاعرة مريم العطار
- أخت الأنا ميسلون هادي في ..(سعيدة هانم)
- ميسلون هادي...(حلم وردي فاتح اللون)
- عبد الكريم العبيدي : من برحي وآس
- آمالي الجواهري
- بلبل عراقي وجمال الغيطاني
- عطلة رسمية للغرف المكيّفة
- الزعيم الركن عبد الكريم قاسم
- حقائق مرعبة
- النص وخلاصة السيرة الذاتية لإنتاج النص (عين الهر) للروائية ش ...
- بضوء الشموع نكتب العراق
- الرواية كيف تفكّر....(عرائس الصوف) للروائية ميس خالد العثمان


المزيد.....




- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - ألمسني حتى أراك / التمويل الذاتي في رواية محمود عبد الوهاب( سيرة بحجم الكف)