أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الرواية كيف تفكّر....(عرائس الصوف) للروائية ميس خالد العثمان















المزيد.....

الرواية كيف تفكّر....(عرائس الصوف) للروائية ميس خالد العثمان


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 5213 - 2016 / 7 / 4 - 16:51
المحور: الادب والفن
    



الرواية كيف تفكّر.....(عرائس الصوف ) للروائية ميس خالد العثمان

فكر اللغة الروائي ..في (عرائس الصوف ) يتحرك بدقة لاعب شطرنج ماهر جدا .القارىء النوعي بصيغة رسيل يقابله في رقعة الشطرنج،رواية لاتدعك تغادرها وحين تنتهي منها لاتغلق النسخة الضوئية من الرواية ...تعاود لملمة التفاصيل بإغماضة عينيك ثم تعود ثانية لقراءة الرواية ، في الإعادة تقرأ فصول الرواية كأنك تأمل لوحة زيتية ، وهو تأمل مشروط بمسافة وسطى ، أي لا تقترب كأنك تلتصق باللوحة ،ولاتبعد بحيث تتشتت التفاصيل ،بشهادة الفنان أوجين ديلاكرو

(*)
الدقة في إنضاج المعنى لاعلاقة لها بجهامة الرياضيات بل بوعي المؤلفة بآليات إنتاج الرواية القصيرة ، بمهاراتها في الأسلوب: رشاقة تصنيع الشخوص ، ضبط إيقاع سيرورة الرواية،تكثيف الإشتغال على مهيمنة الرواية ، وأشهد أن براعة السرد يتجسد في إيقاع الإسلوب مما يجعلني كقارىء ،أمام (حضور مزدوج ،قائم بالكتابة في الكتابة وقائم بالكتابة خارج الكتابة ،حيث العالم الذي تتوالد عنه الكتابة دالا لتحتج عليه مدلولا..)
(*)
هذا الجنس من الروايات يشترط الإقتصاد الأسلوبي .وبسيرورة تلتقط لحظة ً وتطوف حولها ، ولاتلتفت لماضي الشخصيات ، إلاّ إلتفاتات وامضة ، وهكذا يتحصن النص من الترهل ويتقدم مأخوذا برشاقته جاذبا القارىء إلى نزهات في بستان السرد ،بكل هذه العدة وبخبرتها السردية : نسجت الروائية ميس خالد العثمان من صوف لحظة تاريخية، حكاية عشق غير مصابة بالتصحر ، هي لحظة بصيغة جزيرة ، فالقارىء لايعرف الهوية الجغرافيّة للفضاء الروائي ولايعرف أيضا روزنامة الرواية أعني بأي فترة تجري الأحداث ، وحسنا فعلت المؤلفة ، فقد قشرت نصها بيديها ومنحتنا اللب اللذيذ للرواية ، وهي تغترف روايتها من لحظة زمكانية ، لادخل لها بالرفاهية المصنّعة حديثا ، لحظة سطوحها من مرونة الطين..وبشهادة مروانه إبنة الشيخ حابس ..(بعد كل ظهيرة في سنوات مراهقتنا ، كنا نتقافز على سطح بيتنا الطيني العتيق بحرارة الطقس اللاهبة أوبرودة الشتاء ،نسرق بنظراتنا ملمحا لأطياف أبناء عمومتنا في البيت الكبير 10) يومها لا أبنية تحجب القمر ، ولا مكيفات تشفطهم عنه ..إذن على مستوى وعي الجندر ، نكون إزاء خطوة عذراء ..(لإكتشاف الهوية المائزة المضمرة في الكتابة الأنثوية ) ومؤنث الرواية ، متوفر خارج النص وداخل النص ، خارج النص : ثريا النص هي (عرائس الصوف )..والمقتبس الشعري ، للشاعرة والناقدة سعدية مفرح ، والإهداء لإنثى تمت بصلة قرابة للمؤلفة ، وداخل النص : غزارة الأنوثة : دليلة / مروانه / عوجة / غزوى / شاهة ..وأم مروانة .. وهناك الضحية شريفة إبنة سهراب
(*)
زمن الرواية هو زمن البراءة الأولى ..، وحده الزواج من ورط دليلة عبء كينونة باهظة ،وبشهادة دليلة ..(ماكنتُ حتى تزوجت / 92) فالزواج هنا كالهبوط الأول على الأرض: (ندم ٌ عاصف ٌ في الضمير ..) أي خيط ندم طويل في الكلمات التالية لدليلة (ليتنا نعود، نمارس جنونا استعجلناه، لنكبر، ماكنا نعرف مايخبىء لنا القدر من ألم 92)..كأن الرواية في صفحاتها الأخيرة تفكك شفرتها من خلال فطنة دليلة ونبرتها الحوارية مع مروانة ، وبالتفكيك تمنح قارئا ،إلتبس عليه القصد : مصباحا يدويا ،لمعاودة النزهة في الفضاء الروائي ، العشق وحدة مقياس للزمن الشخصي بشهادة مروانة ،وهي تحدثنا عن (نذر) إبن عمها الشيخ (مصيوب )..(لم يخطر ببالي أني كبرت ُ إلاّ حين سمعت ُ أريدكِ 19)
(*)
لاسلطة سوى القبيلة ، وهذه المفردة المونثة (القبيلة ) خداّعة فهي لاتعني سوى منطق الذكورة المطلق ،وحين تتمرد امرأة على نسق الفحولة ..(حينما يقسو الرجل على المرأة ،تبحث عن خلاصها ولاتفكر بماسيكون 98) كما فعلت (شاهة ) خالة مروانة ، حين أضرمت النار بزوجها وهربت .ومنطق الرجولة ، أدرك أن نارالأنثى ضد الرجولة كلها ، وألغى السؤال عن الأسباب ، وكذلك فعل سهراب حين قتل إبنته ، لأنها رفضت الزواج من قريب لها !! ..وعلى مستوى تعلق دليلة ومروانة في الرجل نفسه ،وبشهادة مروانه ..(أترانا أحببنا تلك المداعبة الحميمة رغم براءتها ؟ أم أسعدنا فتح قناة من التواصل مع أبناء عمومتنا ،إذا منعتنا عنهم الحياة 10) مجتمع رجولي منغلق ، هو المتهم وحده بما جرى بين مروانة ودليلة وبشهادة الثانية ..(كان طبيعيا أن نتعلق بتلك ،، الدمية ،، التي تهدينا الفرح اللذيذ ، وكان يجب أن أفهم أن ذاك التعلق سيقودنا إلى طرق مسدودة بخراب 95).
(*)
.مجتمع رجولي ملتبس وبشهادة مروانة (فرحلات أبي حابس حدث غير واضح المعالم غير مسموح لأي كان تجاوز الحدود والتلميح لمعرفة أكثر مما يتاح 20) وهناك تضاد الداخل/ الخارج في منطق الفحولة فالصلابة حين يقشرّها الليل نراها هشة (الشيخ مصيوب الذي كان رغم صلابته يبقى الليل بطوله يتضرع إلى خالقه كي يهبه الولد ، ليكمل مشيخته فلا تعيبه الأعراب 17) أما إبنه نذر الذي كان يتغامز مع أبنتيّ عمه حابس ، سيكون غير ذلك حين يلمحهما في مكان آخر ..وبشهادة مروانة (الغريب أن ،، نذر ،، ماكان يرمقنا بنظراته تلك لو تصادفنا في الحي نلعب مع الفتيات 11) وحين يهم بها وقد صارت أختها دليلة حليلته ، تخبرنا مروانة ..(وددت ُ لو أصرخ بإذنها بأن ،، نذر ،، لايستحقها ..)
(*)
الشيخة غزوى ، لم تتلبسها المشيخة إلاّ حين إنجبت للشيخ مصيوب (نذر) الولد الوحيد جاء حيا وعاش وتزوج لينجب (ورد)..والفضاء الروائي منغلق على القبيلة ..والإنتباذ عنها مشروط بالسرية ، كما هو الحال مع مروانة ، أو الشيخ حابس والدها ..(كم من الشكوك حطّت على بيتنا لنكون ولسنوات بعيدين عن بيت عمي كبير وجهاء النزلة وكم من الحكايات لفقّت ضدنا لنعيش ملثمين خوف أفتضاح ذلك السر ؟/ 98)
(*)
أهمية هذه الرواية أنها بفنية عالية الجودة قدمت قراءة روائية لحقبة ذكورية مطلقة ومن خلال هذا التراسل المرآوي بين الإجتماعي والروائي : إنبجس النص القرين أعني رواية عرائس الصوف ، فلايمكن الكتابة عن فترة مجتمعية آفلة بدون الإلمام بمكوناتها ،وهذا الإلمام يعتبر من المواد الخام الضرورية جدا في إنتاج النص ، وهذه الخامات لم تبرز على سطح النص ،بل غاصت في أعماقه ..لو كان مجتمع الرواية أكثر إنفتاحا ، لما أصبح (نذر)الرجل الوحيد بالنسبة للفتاتين : مروانة ودليلة ولو كان الشيخ حابس مقيما في بيته ، لما جرى للبنتين ماجرى ، لكن شيخ حابس كان يضمد جرحه النرجسي الشهرياري بغموضات سفر متكرر، ولم يمكث سياجا لبستان إبنته ..المسكوت عنه في الرواية وهبته المؤلفة لفطنة فعل القراءة .كلاهما على خطأ عظيم : الشيخ حابس المنشغل بجرحه والعم سهراب ، عامل في مزرعة ،نذر، فقد تغلب الشك الشهرياري لديه على يقينه وذبح إبنته فصارت وظيفته :الرئيسة في الرواية ، إنتاج الافعال الاستباقية لمروانة ، ليطهر روحه من جرمه الأكبر ..
(*)
لاتوجد روزنامة تحدد بالضبط تاريخية زمن احداث الرواية ، ولاتوجد خارطة لمكان الرواية سوى (جبل الكوم)، وحين نبحث في شبكة العنكبوت ، سنجد في فلسطين وتحديداً في الخليل رقعة جغرافية لها اسم (جبل الكوم ).. كذلك لاوجود للسلطة السياسية ولا للسلطة الدينية أو مايمثلها في مجتمع الرواية المكتفي بذاته ..كل ذلك يقع في حقل المحذوف من النص ، وبعض الأحداث تعالج حكائيا وليس روائيا ، في الحكايات يكون الإختزال كبيرا ولامكان للتفسير ، لم تتناول الرواية مؤثرية تحول مروانة من فتاة إلى امرأة وفي الظلام !! لم تبح مروانة بذلك لأي أحد ، ولم تحاور مروانة نفسها في الحدث ،ولم تعلن قلقها في مجتمع قبائلي يباهل بشرفه وشراسة دفاعه عن شرف القبيلة ، في الوقت نفسه كانت دليلة تكرر وجيز سردها لليلة زفافها إلى مروانة ..(في ليلتنا الأولى مزّق ثوبي الأبيض ،ربما ما استطاع الانتظار حتى أخلعه 24)..
---------------------------------------------------------------------------------
*ميس خالد العثمان / عرائس الصوف/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت / ط1/ 2007
*فيليب دوفور/ فكر اللغة الروائي/ ترجمة هدى مقنّص /المنظمة العربية للترجمة / بيروت /ط1/ 2011
*بول آرون وألان فيالا/ سوسيولوجيا الأدب / ترجمة د.محمد علي مقلد / مراجعة : د.حسن الطالب/ دار الكتاب الجديد المتحدة / ط1/ 2013 / ص93- النص القرين



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة سردية منتخبة...(بغداد ..مالبورو) للروائي نجم والي
- جنائن بابل
- WhatsApp
- الشاعرة فاطمة ناعوت ..في (أسمي ليس صعبا)
- السميك من براقع الكلفة / صبري هاشم في روايته / خليج الفيل
- ثلاث شمعات : مسح ضوئي
- السيبليات : سماء وزمن نفسي..
- قالب ثلج
- الرواية كمكان آيدلوجي ...(السوريون الأعداء ) للروائي فواز حد ...
- قطط كامو
- المكان بتحولات اللقطة ..في (ثُؤلول ) للروائية ميس خالد العثم ...
- كل شيء ..في لاشيء
- تمثال العامل في أم البروم : عبد الرضا بتّور ..
- جسر الكرخ
- عمّال بناء
- قراءة الرجولة في ( أحلام ممنوعة ) للروائية نور عبد المجيد
- الناقد جورج طرابيشي
- اشتباك النّقائض ../ (شيطان في نيو قرطاج ) للروائية رجاء نعمة ...
- الخياط ناهض والبحتري
- الروائي اسماعيل فهد اسماعيل/ يفتت السارد العليم ..


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الرواية كيف تفكّر....(عرائس الصوف) للروائية ميس خالد العثمان